الْوُضُوءِ: تعريفه في اللغة : بِضَمِّ الْوَاوِ : فِعْلُ الْمُتَوَضِّئِ مِنْ الْوَضَاءَةِ ، وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالْحُسْنُ ؛ لِأَنَّهُ يُنَظِّفُ الْمُتَوَضِّئَ وَيُحَسِّنُهُ ، وَبِفَتْحِهَا : اسْمٌ لِمَا يُتَوَضَّأُ بِهِ . شرعا : اسْتِعْمَالُ مَاءٍ طَهُورٍ مُبَاحٍ فِي الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ : الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ . فقيوده : 1 – أن يكون ماء . 2 – أن يكون طهورا . 3 – أن يكون مباحا . 4 – أن يكون في الأعضاء الأربعة . الحكمة من كون الوضوء مختصا بالأعضاء الأربعة : وَاخْتُصَّتْ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ بِهِ ؛ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ مَا يَتَحَرَّكُ مِنْ الْبَدَنِ لِلْمُخَالَفَةِ . وَرُتِّبَ غَسْلُهَا عَلَى تَرْتِيبِ سُرْعَةِ حَرَكَتِهَا فِي الْمُخَالَفَةِ ، تَنْبِيهًا بِغَسْلِهَا ظَاهِرًا عَلَى تَطْهِيرِهَا بَاطِنًا . ثُمَّ أَرْشَدَ بَعْدَهَا إلَى تَجْدِيدِ الْإِيمَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ . واجباته : وَتَجِبُ التَّسْمِيَةُ أَيْ : قَوْلُ " بِسْمِ اللَّهِ " فِي الْوُضُوءِ . لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - مَرْفُوعًا { لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ . صفة التسمية : وَصِفَتُهَا " بِسْمِ اللَّهِ " ( وَتَسْقُطُ سَهْوًا ) نَصًّا .- ( أي : نصّ عليها الإمام أحمد – رحمه الله تعالى - ) . لِحَدِيثِ { عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ } . و إنْ ذَكَرَهَا ،أَيْ : التَّسْمِيَةَ ؟ ( فِي بَعْضِهِ ) أَيْ : الْوُضُوءِ مَنْ نَسِيَهَا فِي أَوَّلِهِ أتى بِهَا حِينَ ذَكَرَهَا ، وَيَبْنِي عَلَى وُضُوئِهِ ، قَطَعَ بِهِ الحجّاوي فِي : ( الْإِقْنَاعِ ) . وَتَكْفِي إشَارَةُ أَخْرَسَ وَنَحْوِهِ كَمُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ ( بِهَا ) أَيْ : بِالتَّسْمِيَةِ بِرَأْسِهِ ، أَوْ طَرْفِهِ أَوْ أُصْبُعِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ . فروض الوضوء : ستة : أَحَدُهَا : ( غَسْلُ الْوَجْهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } ( وَمِنْهُ ) أَيْ : الْوَجْهِ ( فَمٌ وَأَنْفٌ ) لِدُخُولِهِمَا فِي حَدِّهِ . الثَّانِي: ( غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ } وَكَلِمَةُ " إلَى " تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى " مَعَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ } وَفِعْلُهُ أَيْضًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُهُ . وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا تَوَضَّأَ أَدَارَ الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ } . الثَّالِثُ : ( مَسْحُ الرَّأْسِ كُلِّهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ } وَالْبَاءُ فِيهِ لِلْإِلْصَاقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ : امْسَحُوا رُءُوسَكُمْ . وَمِنْهُ ) أَيْ : الرَّأْسِ ( الْأُذُنَانِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ مَرْفُوعًا { الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ } ، فَيَجِبُ مَسْحُهُمَا . فتمسح الأذنان داخلهما ، والبياض الذي بين الشعر والأذنين . الرَّابِعُ : ( غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ } . الْخَامِسُ : ( التَّرْتِيبُ ) بَيْنَ الْأَعْضَاءِ . كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ مَمْسُوحًا- أي : الرأس - بَيْنَ مَغْسُولَيْنِ - أي : اليدين والرجلين - ، وَهَذَا قَرِينَةُ إرَادَةِ التَّرْتِيبِ . وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَتِّبًا وَقَالَ : { هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ } أَيْ بِمِثْلِهِ . السَّادِسُ : ( الْمُوَالَاةُ ) لِحَدِيثِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي ، وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد ، وَزَادَ " وَالصَّلَاةُ " . وَلَوْ لَمْ تَجِبْ الْمُوَالَاةُ لَأَمَرَهُ بِغَسْلِ اللُّمْعَةِ فَقَطْ . وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْحَدَثُ . فَاشْتُرِطَتْ لَهَا الْمُوَالَاةُ كَالصَّلَاةِ وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ إلَّا مُتَوَالِيًا . ضابط الْمُوَالَاةُ : ( أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ مَا ) أَيْ : الْعُضْوُ ( قَبْلَهُ ) أَوْ بَقِيَّةُ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ أَوَّلُهُ ( بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ أَوْ قَدْرَهُ ) أَيْ : قَدْرَ الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ ( مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ : غَيْرِ الْمُعْتَدِلِ ، بِأَنْ كَانَ حَارًّا أَوْ بَارِدًا .
__________________ |