قال صلى الله عليه وسلم: ( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا فيقول هل من داع فأستجيب له، هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له ) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة.
قال الشيخ الرشيد في شرح الواسطية : هذا مما تواترت فيه الأدلة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – فرواه نحو من ثمانية وعشرين نفسا من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فوائد من هذا الحديث:
1. فيه إثبات نزول الرب إلى سماء الدنيا كل ليلة كما يليق بجلاله وعظمته فنثبت النزول لله حقيقة، وأما كيفية نزوله فلا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى، كما قال الإمام مالك: الاستواء معلوم والكيف مجهول، وكذلك يقال في النزول والإتيان والمجيء وغير ذلك من الصفات الفعلية والذاتية.
2. فيه إثبات العلو لله سبحانه وتعالى فإن النزول والتنزيل والإنزال هو مجيء الشيء والإتيان به من علو إلى أسفل هذا هو المفهوم من لغة العرب قال تعالى ) وأنزلنا من السماء ماء طهورا).
3. فيه الرد على الجهمية والمعتزلة المنكرين لنزوله سبحانه وتعالى زعما منهم أن هذا مجاز من الحذف، والتقدير ينزل أمره أو رحمته وهذا باطل من وجوه عده:
أ: أن الأصل عدم الحذف.
ب: أنه قال من يدعوني فأستجيب له، فهل أمره أو رحمته تقول يدعوني هذا مما لا يعقل أن يكون القائل له غير الله فلم يكن إلا نزوله سبحانه بذاته هذا هو صريح الأدلة والمعقول.
ج: أنه حدد نزوله ثلث الليل الآخر ولو كانت رحمته أوأمره لم يحدد ذلك بثلث الليل فإن أمره ورحمته ينزلان على كل وقت.
4. فيه إثبات أفعال الله الاختيارية.
5. فيه إثبات القول لله سبحانه وتعالى.
6. فيه إثبات أن كلامه سبحانه بحرف وصوت إذ لا يعقل النداء إلا ما كان حرفا وصوتا قال الحافظ ابن رجب: ومن البدع التي أنكرها أحمد في القرآن قول من قال أن الله تكلم بغير صوت وأنكر هذا القول وبدع قائله وقد قيل إن الحارث المحاسبي إنما هجره أحمد لأجل ذلك. انتهى
7. فيه إثبات أن صفة الكلام صفة فعلية كما أنها من الصفات الذاتية أيضا.
8. فيه الرد على من زعم أن الذي ينزل ملك من الملائكة فإن الملك لا يقول: من يسألني فأعطيه فإن هؤلاء الجهمية المعطلة الذين ينفون نزوله سبحانه وينفون كلامه يقولون زعما منهم أن هذا مجاز والتقدير في قوله فيقول:أي فيأمر الملك يقول ذلك عنه كما يقال: نادى السلطان.
10. فيه الحث على الدعاء والاستغفار في الوقت المذكور.
11. فيه دليل على فضل الدعاء.
12. فيه دليل على نفع الدعاء والرد على جهلة المتصوفة القائلين بأن الدعاء لا ينفع وهو قول مردود بأدلة الكتاب والسنة مع أدلة العقل فإن المشركين كانوا يعرفون نفع الدعاء قال تعالى ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) فضلا عن غيرهم.
13. فيه أن الدعاء من أفضل الطاعات فلا يجوز صرفه لغير الله ومن دعا غير الله فهو مشرك كافر.
14. الدعاء لغة: السؤال والطلب سواء بلسان الحال أو بلسان المقال، فالدعاء ينقسم إلى قسمين: دعاء عبادة ودعاء مسألة، فالأول هو سائر الطاعات من تسبيح وتهليل وغير ذلك لأن عامل ذلك هو سائل في المعنى
والثاني: هو دعاء مسألة وهو: طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو دفع ضر.
15. إن الدعاء والاستغفار وغيرهما من أنواع العبادات يختلف بحسب الزمان والمكان.
16. إن ثلث الليل الآخر مظنة الإجابة وإن آخر الليل أفضل للدعاء وللاستغفار ويشهد له قوله تعالى: (والمستغفرين بالأسحار ) وقال: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون).
17. وفيه أن الدعاء في ذلك الوقت مجاب، وتخلف الإجابة عن بعض الداعين قد يكون بسبب إخلال ببعض شروط الدعاء.