عرض مشاركة واحدة
  #591  
قديم 04-13-2010, 10:06 PM
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العليم ، وأزكى صلاة و أشرف تسليم على نبينا الأمين
وبعد : فقد تقدم الكلام في باب " الوضوء " وتم ذكر ما يجب له ، وفروضه ، و في هذا الدرس نستكمل ما بقي من مسائل تتعلق بالوضوء :
شروطه ثمانية :
1- انقطاع ما يوجبه . من خارج من السبيلين أو غيره كقيء مثلا .
2- النية ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " . أَيْ لَا عَمَلَ جَائِزٌ وَلَا فَاضِلٌ إلَّا بِهَا .
3- التمييز . فلا يصح الوضوء من غير المميز .
4- الإسلام . وهو شرط لقبول جميع الأعمال .
5- العقل . لقوله صلى الله عليه وسلم : " رُفع القلم عن ثلاثة " ثم ذكر منهم " والمجنون حتى يفيق " .
6- إزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة .كنحو شمع وعجين ، لكي يحصل الإسباغ المأمور به شرعا .
7- الماء الطهور المباح . فلا يصح بنحو مغصوب .
8- الاستنجاء أو الاستجمار قبله .
تنبيه :
يُشترط فيمن حدثُه دائم ، كصاحب السلس : دخول الوقت .

( وَتُسَنُّ ) النِّيَّةُ ( عِنْدَ أَوَّلِ مَسْنُونٍ وُجِدَ قَبْلَ وَاجِبٍ ) كَغُسْلِ الْكَفَّيْنِ ، إنْ كَانَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ ، لِتَشْمَلَ النِّيَّةُ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ ، فَيُثَابَ عَلَيْهَا .
فإذا أراد أن يغسل كفيه ينوي عندها رفع الحدث .
ويجب تقديم النية على أوّل واجب ، وهو : التسمية .

صفة الوضوء :
( أَنْ يَنْوِيَ ) رَفْعَ الْحَدَثِ ،( ثُمَّ يُسَمِّي ) فَيَقُولُ : بِسْمِ اللَّهِ ،
( ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) إنْ شَاءَ مِنْ سِتٍّ وَإِنْ شَاءَ مِنْ ثَلَاثٍ _ من ست ، أي : ثلاث غرفات للفم ، وثلاث للأنف ، وثلاث ، أي : كل غرفة تكون للفم وللأنف معا - ( وَ ) كَوْنُهُمَا ( مِنْ غُرْفَةٍ ) وَاحِدَةٍ ( أَفْضَلُ ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ " أَنَّهُ تَوَضَّأَ ، فَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ وَقَالَ : هَذَا وُضُوءُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ .
وَيَشْهَدُ لِلثَّلَاثِ حَدِيثُ عَلِيٍّ أَيْضًا " أَنَّهُ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَيَشْهَدُ لِلسِّتِّ حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ { : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَوُضُوءُهُ كَانَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَلَزِمَ كَوْنُهُمَا مِنْ سِتٍّ .
( ثُمَّ ) يَغْسِلُ ( وَجْهَهُ ) ثَلَاثًا وَحَدُّهُ ( مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ
غَالِبًا ) فَلَا عِبْرَةَ ( بِالْأَفْرَعِ ) - بِالْفَاءِ - الَّذِي نَبَتَ شَعْرُهُ فِي بَعْضِ جَبْهَتِهِ ، وَلَا ( بِالْأَجْلَحِ ) الَّذِي انْحَسَرَ شَعْرُهُ عَنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ ( إلَى النَّازِلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا ، وَهُمَا عَظْمَانِ فِي أَسْفَلِ الْوَجْهِ قَدْ اكْتَنَفَاهُ .
( وَالذَّقَنُ ) مَجْمَعُ اللِّحْيَةِ ( طُولًا ) فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ ( مَعَ مُسْتَرْسَلِ ) شَعْرِ ( اللِّحْيَةِ ) بِكَسْرِ اللَّامِ طُولًا ، وَمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ عَرْضًا ( وَ ) حَدُّ الْوَجْهِ ( مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ عَرْضًا ) أَيْ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَيَدْخُلُ ) فِيهِ ( عِذَارٌ وَهُوَ شَعْرٌ نَابِتٌ عَلَى عَظْمٍ نَاتِئٍ يُسَامِتُ ) أَيْ يُحَاذِي ( صِمَاخَ ) بِكَسْرِ الصَّادِ ( الْأُذُنِ ) أَيْ خَرْقَهَا ( وَ ) يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا ( عَارِضٌ و ) وَهُوَ ( مَا تَحْتَهُ ) أَيْ الْعِذَارِ ( إلَى ذَقَنٍ ) وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَى الْخَدِّ وَاللَّحْيَيْنِ ( وَلَا يُجْزِئُ غَسْلُ ظَاهِرِ شَعْرٍ ) فِي الْوَجْهِ يَصِفُ الْبَشَرَةَ ، لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ تَحْصُلُ بِهَا الْمُوَاجَهَةُ فَوَجَبَ غُسْلُهَا كَاَلَّتِي لَا شَعْرَ فِيهَا ، وَوَجَبَ غَسْلُ الشَّعْرِ مَعَهَا ، لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَتَبِعَهَا ( إلَّا أَنْ ) يَكُونَ الشَّعْرُ كَثِيفًا ( لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ ) فَيُجْزِئُهُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ ، لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ دُونَ الْبَشَرَةِ تَحْتَهُ ، فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ ( وَيُسَنُّ تَخْلِيلُهُ ) ( ثُمَّ ) بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ يَغْسِلُ ( يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ ) ثَلَاثًا ( وَلَا يَضُرُّ وَسَخٌ يَسِيرٌ تَحْتَ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ ) كَدَاخِلِ أَنْفٍ ( يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ عَادَةً ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْوُضُوءُ مَعَهُ لَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ ، وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِهِ كُلَّ يَسِيرٍ مَنَعَ حَيْثُ كَانَ بِالْبَدَنِ ، كَدَمٍ وَعَجِينٍ وَنَحْوِهِمَا ، وَاخْتَارَهُ .
( ثُمَّ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ ) بِالْمَاءِ ، ( ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ ) لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ( ثَلَاثًا ) لِحَدِيثِ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ ( إلَى الْكَعْبَيْنِ ) أَيْ : كُلُّ رِجْلٍ تُغْسَلُ إلَى الْكَعْبَيْنِ ( وَهُمَا ) أَيْ : الْكَعْبَانِ ( الْعَظْمَاتُ النَّاتِئَانِ فِي جَانِبَيْ رِجْلِهِ ) قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : { كَانَ أَحَدُنَا يُلْصِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ فِي الصَّلَاةِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَوْ كَانَ مِشْطُ الْقَدَمِ لَمْ يَسْتَقِمْ ( وَيَجِبُ إدْخَالُهُمَا فِي الْغَسْلِ ) ( وَسُنَّ لِمَنْ فَرَغَ ) مِنْ وُضُوءٍ قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَكَذَا غُسْلٍ ( رَفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَقَوْلُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ )
لِحَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ ، فَيُبْلِغُ ، أَوْ يُسْبِغُ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ؛ إلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَزَادَ " اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد .
زَادَ فِي (الْإِقْنَاعِ) " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ " لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ( وَيُبَاحُ ) لِلْمُتَوَضِّئِ ( تَنْشِيفٌ ) لِحَدِيثِ سَلْمَانَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَلَبَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ .
فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ .
وَتَرْكُهُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ لَمَّا أَتَتْهُ بِالْمَنْدِيلِ ، بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَ : لَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتْرَكُ الْمُبَاحَ ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ قَضِيَّةُ عَيْنٍ .
__________________
رد مع اقتباس