عرض مشاركة واحدة
  #139  
قديم 04-14-2010, 08:50 PM
 
14-4-2010 14:56:45
الدور التركي في الشرق الأوسط




أزراج عمر

خلال هذا الأسبوع سجلت القيادة التركية موقفين مهمين لصالح العرب، الموقف الأول يتمثل في دعوة رئيس وزراء تركيا أردوغان لإسرائيل أن توقع على برتوكول منع انتشار الأسلحة النووية. أما الموقف الثاني فيتلخص في مشروع رفع تأشيرة الدخول عن المواطنين والمواطنات الجزائريين والجزائريات الراغبين في زيارة تركيا لأغراض تجارية أو سياحية، أو إنسانية مثل العلاج أو الدراسة وهلم جرا.

بالنسبة للموقف الأول فإنه استكمال للتحرك السياسي التركي في إطار إعادة رسم علاقات تركيا مع الدولة العبرية، وذلك من أجل الضغط على هذه الأخيرة للقبول بحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، والانسحاب الإسرائيلي من مرتفعات الجولان السوري، ومزارع شبعا.

من الملاحظ أن سياسات تركيا تجاه إسرائيل قد أخذت منعطفا مغايرا وأكثر حدة وجذرية منذ عدة شهور، وخاصة أثناء ندوة المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، وذلك حين انتقد أردوغان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، بلهجة لاذعة، أمام أنظار الرأي العام الدولي. ولقد كاد هذا السجال العلني يؤدي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ورغم أن ذلك لم يتحقق فعليا، فإن العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل قد ضربت على المستوى المعنوي والنفسي تمهيدا لخلخلتها على المستويات المادية. وعلى هذا الأساس فإن الرابح هو القضية الفلسطينية وخاصة على المدى الطويل.

أما إعلان تركيا عن مشروع إلغاء تأشيرة الدخول عن الرعايا الجزائريين، بعد أن ألغت القيادة التركية هذه التأشيرة على السوريين، فأمر يدل دلالة واضحة على بداية تحقق التقارب السياسي في الفضاء التركي– العربي بما يخدم المصالح المشتركة في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياحية.

وعلى مستوى الثقافة والفنون فإن المرء يلاحظ ارتفاع وتيرة التعاون التركي– العربي وعلى وجه الخصوص في ميدان المسلسلات التلفزيونية التي سجلت تقدما إيجابيا في السنتين الأخيرتين؛ فالجمهورية السورية قد لعبت دورا مميزا في تعريب هذه المسلسلات التركية مما جعلها تلقى نجاحا جماهيريا في الفضاء العربي وذلك بسبب نجاعة وسلاسة وحلاوة اللهجة العربية الشامية.

وفي الواقع، فإن تغير سياسات تركيا تجاه العالم العربي إيجابيا معطى مهم ينبغي تكريسه، وينبغي تنمية آفاق العلاقات العربية– التركية في شتى المجالات بما في ذلك التنسيق السياسي على المستوى الدولي.

مما لا شك فيه أن الدافع الذي يحرك تركيا لا يمكن بأي حال اختزاله في رفض الاتحاد الأوروبي انضمامها إليه كما يحاجج البعض، بل إن العلاقات التاريخية والحضارية الرابطة بين تركيا وبين الدول العربية المشرقية ودول المنطقة المغاربية تتميز بالعمق والقوة تاريخيا واستراتيجيا، رغم بعض ما شابها في الماضي البعيد جراء توسع الإمبراطورية العثمانية في المشرق في شكل استعمار تقليدي. ولكن بالنسبة للمنطقة المغاربية فإن الأمر مختلف تماما حيث إن الوجود التركي– العثماني بالجزائر مثلا كان بدعوة منها للتصدي للأطماع الإسبانية– الأوروبية الاستعمارية.

إن تطوير العلاقات التركية مع الفضاء العربي المشرقي ومع المنطقة المغاربية ستكون له تداعيات إيجابية على القضايا العربية؛ فتركيا عضو في حلف الأطلسي وفي منظمة المؤتمر الإسلامي، إذ تملك بذلك الكثير من التأثير في الساحة الدولية.

ومن هنا فإن فتح مجالات الشراكة الاقتصادية والعلمية والثقافية والفنية على مستوى الفضاء التركي– العربي قادر على إحداث تغييرات في موازين القوى وفي مضامين الصراع العربي– الإسرائيلي ولصالح القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى.
__________________
رد مع اقتباس