عمدة كفر البلاص ( 18 )
( دخل الشيخ جمعة مسرعا إلى القاعة ،
وجد عبد الجبار يفترش الأرض بجوار الحائط ،
وكزه الشيخ جمعة مناديا )
ـ واد يا عبد الجبار ، عبد الجبار ....
( يجلس عبد الجبار يفرك عينيه ،
ينظر يمينا و يسارا يحاول أن يتدارك ما يدور من حوله )
ـ نعم ؟
ـ فين حضرة العمدة يا وله ؟
ـ نعم ؟
ـ مالك يا وله ؟ بأقولك فين أبوك العمدة ؟
( ينظر عبد الجبار إلى الشيخ جمعة ، تدور بعينيه علامات الاستفهام ، و كأن الشيخ جمعة ينطق بطلاسم لا يفهمها )
ـ طيب .
( يسحب عبد الجبار الغطاء عليه و يعود متمدادا مرة أخرى متمتما )
ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، خير اللهم اجعله خير .
( يغضب الشيخ جمعة ، يوكزه وكزة قوية ، تتبعها أخرى )
ـ واد يا عبد الجبار ، قوم قامت قيامتك ياوله .
( يرد عليه عبد الجبار من تحت الغطاء )
ـ سيبني أنام الله يخليك يا شيخ جمعة .
ـ نامت عليك حيطة ، قوم رد عليا يا وله .
ـ فيه إيه بس يا شيخ جمعة ؟
ـ فين أبوك العمدة يا وله ؟
ـ أبويــــا العمــــدة نــــــــايم تعبــــــــــــــان ، هيه ارتحت ؟
ـ نايم تعبان ؟ تعبان ماله يا وله ؟
ـ الدكتور الجديد كان سهران معاه طول الليل و لسه ماشي هو وشيخ الغفر دلوقتي حالا ، سيبني أنام بقى .
ـ و الدكتور قال العمدة ماله يا وله ؟
ـ يا شيخ حرام عليك ، و الله العظيم ما نمت بقى لي يومين بحالهم ، اعتقني بقى لوجه الله .
ـ طيب ها اعتقك ، بس قولي الأول ، الدكتور قال أبوك العمدة ماله ؟
ـ قال إنه تعبــــان و لازم يرتــــــــــــــــاح ، سيبني أرتاح بقى أني كمان الله يخليك .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .
( يدخل شيخ الخفر مسرعا )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، أهلا يا شيخ الغفر .
ـ أهلا يا شيخ جمعة ، خير ؟
ـ العمدة ماله يا شيخ الغفر ؟
ـ ما فيش ، الدكتور قال انه بعافية شوية ، و لازم يرتاح .
ـ أيوة يعني يكفينا الشر عنده إيه ؟
ـ الدكتور قال انها زي ما تقول كده انتكاسه ، ربنا يقومه منها بالسلامة .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، طيب ممكن أشوفه ؟
ـ الدكتور مانع أي حد يشوفه ، ده مشاني أني بذات نفسي من عنده امبارح .
ـ استغفر الله العظيم ، طب أنا عاوز على الأقل أطمن عليه .
ـ إطمن يا شيخ جمعة ، و يا ريت تطمن أهل البلد كلهم .
ـ و ها نعمل إيه يا شيخ الغفر ؟
ـ نعمل إيه في إيه يا شيخ جمعة ؟
ـ في البلد ، مين اللي ها يشوف أحوال البلد و يراعيها ؟
ـ و اني مش مالي عينك و الا إيه يا جمعة ؟
ـ جمعة كده حاف ؟ ؟؟؟ أني قصدي يعني لازم يكون فيه عمدة يراع.....
( تحمر عينا شيخ الخفر ، فيمسك الشيخ جمعة من رقبته )
ـ بص بقى يا جدع انته ، حاكم أني ساكت لك من الصبح ، البلد دي مالهاش و لا ها يبقى لها غير عمدة واحد ، هو الراجل اللي راقد جوه ده ، و على بال ما ربنا يقومهولنا كده بالسلامة ، كل حاجة ها تمشي زي ما كان مخطط لها بالظبط ، و آني بقى اللي ها أنفذ كل اللي قال لي عليه بالحرف الواحد ، و حسك عينك تهلفط بأي كلام من كلامك الماسخ ده ، جمعة ، ما تخلينيش أوريك الوش التاني ، و إلا تحب تشوفه ؟
( ارتعد الشيخ جمعة ، تلعثم ، أول مرة يواجه فيها وحشا ثائرا بهذه الصورة ، حاول المسكين لملمة أية حروف للرد على شيخ الخفر ، و لكن تضيع محاولاته أدراج الرياح ، ينظر الشيخ جمعة إلى الأرض يحاول الهرب من هذا الشرر المتطاير من عيني شيخ الخفر )
ـ أ .. أ .. أنا .. طبعا ما أقصدش أي حاجة يا حضرة شيخ الغفر لا سمح الله ، ماهو انته الخير و البركة برضه ، و هو فيه حد في البلد يسجر يقول أيتها حاجة ؟
ـ بحسب .
ـ طب تأمرني بأيتها حاجة يا حضرة شيخ الغفر ؟
ـ ياريت في كل صلاة تدعي و تخلي الناس كلتها تدعي للعمدة إن ربنا يشفيه و يقومه بالسلامة .
( ينفض التراب عن كتف الشيخ جمعة و يقترب من أذنه يهمس )
ـ و ياريت برضه توريني همتك كده و ما تسيبش راجل أو ست أو حتى عيل في البلد إلا اما تعرفه إن العمدة فوضني في كل حاجة في البلد لغاية لما ربنا يقومه بالسلامة .
( يهرب الشيخ جمعة من وسوسته و ينطلق خارجا )
ـ طبعا يا حضرة شيخ الغفر ، ضروري طبعا ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، ( يرفع صوته ملاحقا ) ما تقطعش الجوابات .
( ينادي شيخ الخفر على عبد الجبار )
ـ عبد الجبار .
( ينتفض عبد الجبار واقفا )
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
ـ أني مش منبه عليك ما حدش يدخل هنا ؟
ـ و الله اني قافل الباب قبل ما انام يا شيخ الغفر ، بس فجأة لقيت الشيخ جمعة فوق راسي ، الظاهر البت بهانة هي اللي فتحت له واني نايم .
ـ على العموم فتح عينك ، و حسك عينك حد يخرج أو يدخل على أبويا العمدة ، زي ما قال الدكتور ، و نبه برضه على البت بهانة ، تلاتة بالله العظيم لو جيت في مرة و لقيت حد هنا لتكون سنتك سودة ،
و إلا على إيه ؟ أني ها ابعت واحد م الغفر يقف على الباب من بره ، روح خلي البت بهانة تعمل لي فنجان قهوة م البن بتاع العمدة .
ـ أمرك يا أبا العمدة ، قصدي أمرك يا حضرة شيخ الغفر ....
( يتبع )