نبوءات قرآنية
إن التعبير عما ورد في القرآن الكريم من أخبار بأشياء مستقبلية بأنه (( النبوءات )) ليس تعبيراً دقيقاً وإنما نستخدمه على سبيل المجاز، فكل ما جاء في القرآن هو حقائق كاملة سواء ما تعلق منها بالماضي أو الحاضر أو المستقبل .. إنها كلمة الله في هذا الكون وبمقتضاها كانت الأشياء وقوانينها في كل المراحل إلى إنتهاء التاريخ .
وكلما تقدم الإنسان -في الزمان- إلى الأمام تكشفت له جوانب جديدة من أسرار هذا العالم التي أخبر عنها القرآن الكريم ولم يكن الإنسان على مستوى إدراكها في الماضي.. وبعض هذه الأسرار هو أحداث كان من المستحيل التنبؤ بها - بشرياً - لانعدام المؤشرات الدالة عليها أثناء نزول القرآن الكريم .
لنسفعاً بالناصية :
قال أبو جهل : لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : (( لئن فعله لأخذته الملائكة )) . (رواه البخاري) .
وقد نزلت الآيات (( كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية )) ناصية كاذبة خاطئة )) . في أبو جهل .. والآيات تتوعده وتتهدده بأنه إن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد (( لنسفعاً بالناصية )) أي لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار - والسفع على الشئ وجذبه بشدة، والناصية مقدم شعر الرأس - والجر من الناصية دليل على المهانة لأنه لا يسحب من ناصيته إلا الحيوان .
وتخبئ الأيام تحقيقاً دنيوياً لهذا المعنى وذلك المصير.. فقد حدث أن عبدالله بن مسعود كان قد تطوع بقراءة سورة الرحمن على قريش - وكان عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - دقيق التكوين- فلما قرأ على قريش السورة جاء أبو جهل فلطم ابن مسعود وأدماه وشق أذنه، فلما رجع ابن مسعود إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) ورأى حالته.. وجد الرسول جبريل عليه السلام يبتسم فقال : ما يضحكك يا أخي يا جبريل؟ قال : ستعلم ؟ ولم يوضح أي تفصيلات .(تفسير سورة إقرأ- محمد متولي الشعراوي)
وبعد ان قطع ابن مسعود رأس أبي جهل أراد أن يحملها فشق الأذن وربطها بحبل وأخذ يجر الرأس وذهب بها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .
لقد تحقق وعد الله في الدنيا ((لنسفعنه بالناصية)) .
ولما رأى الرسول (صلى الله عليه وسلم) المشهد وجد جبريل عليه السلام فقال : يا أخي يا محمد... أذن بأذن والرأس زيادة .