عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-17-2010, 11:38 AM
 
«الله الذي رفع السماوات بغير عمدٍ ترونها» (الرعد – 2)

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين



- قال سبحانه وتعالى: «الله الذي رفع السماوات بغير عمدٍ ترونها» (الرعد – 2) لا أشك ان تفهم العربي المؤمن الذي قرأ الآية لكلمات الآية وتركيبها يستطيع ان يدرك أن الحديث في الآية يتناول شيئين، أولهما السماوات المرفوعة، وثانيهما العمد التي لا نراها، ومفرد كلمة (العمد) هو عماد، أيّ الركن القوي الذي تقوم عليه العمارة أو يقوم عليه البيت، وهذا العماد هو الذي تسمى به الناس او سموا به ابناءهم ابتغاء القوة وابتغاء التماسك.
ولكن امرنا هنا ليس لبحث العمد والعماد، بل لنقارن بين قول مفتي الديار المصرية السابق الشيخ حسنين مخلوف وقول المفسر الجليل ابن كثير، قال ابن كثير: السماء على الأرض مثل القبة يعني بلا عمد، وهي مرفوعة بغير عمد كما ترونها، وهذا هو الأكمل في القدرة، وأما الشيخ حسنين فيقول: رفع السماوات مرئية لكم بدون دعائم تدعمها، والجملة (ترونها) حال من الجملة: رفع السماوات، كيف رفعها: مرئية، ذلك ما ذكره المفسر ابن كثير والمفتي الشيخ حسنين مخلوف.
يكاد يكون التركيب في هذه العبارة معجزاً، ولكنني لا اتجرأ أن أقول مثل ذلك، لأن الإعجاز يأتي للسورة كاملة، ولكن أقول إن هذه الصياغة مذهلة جداً، وتستطيع أن تقرأ رأي الثلاثة من الصحابة والتابعين في هذه الآية على وجه أدق وأقرب من العالمين السابقين، ولكن الوجوه كلها تصب في أوجه الآية، إن أُخذت كمجموعة صح القول، وان أخذت منفردة صح القول.
قال ابن عباس، ومجاهد والحسن: هذه السماوات لها عمد، ولكن ما صفة هذه العمد؟ إنها عمد لا تُرى، فتكون جملة (ترونها) صفة لعمد وليس للسماوات، أي بغير عمد مرئية، وهذا يعني انهم لم ينفوا كون العمد موجودة، فالعمد هي زاوية البحث، إن العلماء الثلاثة ابن عباس ومجاهد والحسن حللوا الجملة كتركيب ولفظ، وقد خدمهم اتجاههم في تحليل الآية تركيباً ولفظاً في تقديم شيء للعمل لم ينضج في زمانهم، ولكن قولهم (ترونها) جملة صفة لكلمة (عمد) جعل رأيهم يقترب من العمد الموجودة والتي تربط النجوم بعضها ببعض من دون أن يراها الإنسان، وهي أعمدة الجاذبية التي أصبحت من بديهيات القرن التاسع عشر، وسبحان الذي خلق وجعل هذه اللغة الشريفة ناطقة بما خلق ومناسبة لمن خلق.

د. كامل جميل ولويل
رد مع اقتباس