ولعل سائل يسأل ... إذا كان الحال كذلك فلماذا الصورة سيئة إلى هذا الحد داخل الدول والأقطار والمجتمعات الإسلامية؟؟؟؟ وهنا أجيب... إن جمال الصورة أو قبحها ليس مرده إلى جانب منها فقط.، بل يرجع إلى كل مشاهدها خاصة وإن كان الجانب الذى ينظر إليه من خلال عيون البعض إنما هو بعض خيط أو خط بلون معين متعلق ومرتبط بخطوط ومتشابك مع خيوط أخرى بألوان متعددة .، فالإحتقان الطائفى هو جزء أوجانب أو بعض خيط وخط من حالة إحتقان عام يعيشها المجتمع بأسره فى ظل حالة من الإستبداد السياسى والفساد الأخلاقى والإدارى والإقتصادى يتردى فيها النظام والحكومة من خلال توارث مفاهيم وقيم لاترقى لما تتطلبه الحياة الحياة المدنية الديموقراطية السليمة .، والتى ليس منبعها أو مجريها تعاليم الدين وومفردات الأخلاق السامية ومفاهيم القيم المثلى له التى أبدا لا تجيز ولا تحض على كل هذا الإستبداد والفساد حتى ولو التحفت بأى عباءة وتدثرت بأى أيدلوجية فكرية ثقافية وسياسية لأى جماعة حتى ولو كانت متشددة .،ومرد ذلك ثلاثة أمور:- أولهما..أن هذه الجماعات لاتحكم ولا تملك القدرة على التأثير مطلقا فى المجتمع .، اللهم إلا فيما يزعم البعض من ترهات وأباطيل وأمور غير ذات جدوى كأعمال السحر والشعوذة.، أو أفعال صبيانية طائشة يبالغ فيها أحيانا كثيرة من أجل علة وغاية لتبرير تمديد حالة الطوارىء.، أو ترهيب الناس من الحكم الإسلامى تحت زعم الخوف منه بما يعرف بفوبيا الدولة الدينية والتى تضاد مفهوم الدولة المدنية فى زعم كل خائف ومرجف فى الدولة ، وفى يقين ولسان حال كل فاسد مستبد يرتع ويخوض ويلعب فى ظل دولة شرطية وبوليسية تضاد بالفعل واليقين مفهوم الدولة المدنية!!!.. وثانيهما:- أن الحزب الحاكم والحكومة فى ظل هذا النظام الفاسد والمستبد يتحجج ويفند منطق تلك الجماعات فى نقدها ومعارضتها للحكم بأنه غير إسلامى أنه يتخذ الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع وهذا ليس فى مواد الدستور فحسب بل فى لائحة الحزب الوطنى ذاته.، والأنكى والغريب أنه يرفض تكوين أى حزب على أساس دينى ومرجعية فقهية!!!.. وثالثهما:- أن الفقه والفكر الإسلامى بالفهم الصحيح والذى يعد أساسا للحل ليس حكرا على أى جماعة أيا كانت .، واختلاف الآراء وتعدد الرويات ووجهات الآيات التى تحملها معانيها والأحاديث بمتونها واسنادها وشرحها المتعدد الفهم والفكر مع رحابة وسعة كل إختلاف من خلال الصحيح المنقول من قول الله والرسول وليس بما تستحسنه العقول عبر القرون والأزمان فى ظل حكم إسلامى رشيد ... بمقتضى إيمان حقيقى بصحيح الإسلام وليس مجرد إفلاس نظم وحكومات لم تجد غير الإلتجاء والإحتماء بالشرع فى وجه كل معارض أو منتقد لها .، كحال البعض من النماذج الحالية والسابقة الفاسدة والمستبدة .، لهو خير مثال ودليل وبرهان على مدنية الدولة الإسلامية منذ حكم الرسول صلى الله عليه وسلم والذى حدث على عهده وفى حضرته الإختلاف والإجتهاد فى النص بفهم ورؤى وفقه متعدد ومع ذلك أجاز الجميع .، بل ونزل أحيانا أخر فى تطبيق للشورى المفقودة والموءودة فى أيامنا هذه.، والتى أمره بها رب العالمين (وأمرهم شورى بينهم ) على رأى الغالبية .، وترك الأمر مرات عديدة لأهل الخبرة والإختصاص وليس أهل الثقة والحظوة .، وأوكلهم إلى ذلك "أنتم أعلم بشئون دنياكم" "وأهل مكة أدرى بشعابها" وسار على ذلك السلف الصالح فى ظل الخلافة الإسلامية الرشيدة !!! المهم وحتى لاأطيل أو أخرج عن مضمون الكلام أعود وأقول أن تجميل الصورة لايكون بإقتطاع جانب أو الإمساك بخيط أو خط بلون معين .، ومحاولة النظر إليه منفردا ومحاولة تقويمه وتعديله بل يجب أن تكون كل الجوانب منظورة .، ونقطة البداية تكون بالأساس محور الإهتمام مع تصحيح الخلفية أو المرجعية وفق رأى الأغلبية الحقيقية من خلال الصناديق وليس أغلبية المماليك !!! بمعنى موجز "القضاء على الإستبداد والفساد بتعديل الدستور والقانون بما يضمن التعددية الحزبية الحقيقية وضمانة كل فرد أن يحصل على حقه فى المباشرة السياسية .، وتتحقق العدالة والمساواة الإجتماعية فى حرية وديموقراطية حقيقية .، وهذه هى المرجعية الإسلامية(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وتكون المواطنة بمفهومها الصحيح " لايكونن أحدكم إمعة يقول إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت .، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس تحسنوا، وإن أساءوا فلا تسيئوا" .، وساعتها لن يكون هناك أى إحتقان لاطائفى ولا مجتمعى "!!!
ولما كان العدل مفقودا ...ساد الظلم ...وعمّ البلاء، وطمّ الفساد ، وطال الإحتقان جموع الشعب الذى يئن من هذا كله فى ظل إهمال وعجز وإحتكار ثلة منفردة بمقاليد الأمور فى كل مناحى الحياة .، فكان الإستغباء وليس الغباء "لأنى أبرىء الشعب كله بما فيه هذه الثلة منه"مسيطرا على كل الأفعال .، وذلك لأن الجميع يعى ما فيه ويعلم مايريده .، ويغلب عليه الظن فى فلاحه ونجاحه فى أى عرض وسرد يمكن به أن يمرر أو يبرر أى فعل يحدث منه .، وأى شىء يريده.، غير أن ذلك كله مرهون أيضا بأحد أمور ثلاث ...الأول... العلم....الثانى...المعرفة....الثالث ...الوقفة...وتلك هى تراتب الملكات البشرية التى يمكن بها إحداث أى تغيير وإصلاح يرتحى بحق وعن حق بالإرادة والعزيمة المطلوبة ..ولذا نجد جانب الأنظمة والحكومات يأبى أن تتم هذه الملكات للشعوب ويصارع فى سبيل ذلك بكل ما أوتى من قوة وبطش وقهر وكبت .، اللهم إلا فى حدود دنيا لاتمكن أى فرد أو مجموعة وحتى حزب أو حركة من القيام بأى شىء .، وحتى يعلن للآخر ويثبت لنفسه وشيطانه أنه لم يقصر .، والغريب بل والمؤسف أننا نجد جانب الشعوب بداية من نخبه المثقفة والواعية والتى تتجرع كأس الأنانية والفرقة والتشرزم حتى الثمالة أفراد وجماعات وأحزاب وحركات .. والتى تعلن فى كل يوم أنها مهمومة وفاهمة وواعية وتعلم ما تريد وما ينبغى ..وهى للحق كذلك غير أنها وإن كانت صريحة فى إعلانها ذلك لكنها ليست صادقة فيه.، اللهم إلا بما يحقق لكل فرد أو جماعة وحزب وحركة مكسبا يجعلها ويجعله فى المقدمة وعلى رأس الأمر كله أو على أقل تقدير ينسب لها وله وحدها ووحده دون الآخرون الفضل فى ذلك...وانتهاءا بالغالبية العازفة عن أى مشاركة سياسية لاتقوم بما يجب أن تقوم به لتحقيق وامتلاك تلك الملكات الثلاث ..اللهم إلا فى حدود دنيا أيضا تمكن البعض منهم على اللحاق بركب السلطة والنظام حينا.، وحينا آخر تمكنهم من الحصول على مكاسب مادية وشخصية تحقق لهم الرضا والحياة المستقرة فى عيشة طبقية وأحيانا طائفية" أحلام وأمانى زائفة".، أو على أقل تقدير يكون فى جانب المعارضة المستأنس المرضى عنه وليس المغضوب عليه!!! وعلى ذلك لم يبقى أى أمل إلا فى قضاء عادل مستقل يقضى بالحق وعلماء دين مستنيرين بنور الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ينيرون الطريق بالصحيح المنقول وليس ما تستحسنه العقول .، وإعلام حر ونزيه وشريف ..لا يرث أى غباء ولا يتعرض للأمر بإستغباء ... يعرض الأمر ويسرده ليس بحيادية شيمفونية ، ولكن بحيادية موضوعية .، ومهنية محترف بعقل مهموم وقلب واع يحترق شوقا لتكوين اللحمة الوطنية طبقا لمعايير القيم السامية والأخلاق العليا المستمدة من الدين لتستقيم الأفكار والرؤى التى تتوافق وصالح الوطن والمصلحة العامة للشعب ..بعيدا عن أى حسابات ولا مواءمات ولا أيدلوجيات مستوردة ..ويكون مقصده وجود السلطان" الحكم والنظام" العادل...ولا يبقى لى إلا أن أكرر تلك المقولة.. (((إن الله يزع بالسلطان العادل مالا يزع بالقرآن....ومن أمن العقاب أساء الأدب))) وخلاصة القول... إن مفهوم الدولة المدنية المتنازع عليه من قبل "العولمة" كفكر مستنير من قبل شتاتالشيوعيين وجماعة العلمانيين من جهة ..ومن قبل "عالمية الإسلام" كفكر دينى رشيد منقبل شتات المتشددين وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى ...يواجه مصيرا محتوما" وهوالفشل" فى طريقه المسدود ليس فقط بسبب إعتزاز كل فريق بما يرى وادعاءاته الكاذبة ... بأنه يملك وحده الحق والصواب....، بل لأن الفريقان والجهتان يتصارعان على السيرفى هذا الطريق وهو يتيهون ضلالا وحيرة فى ظلمات الإستبداد السياسى والفساد الأخلاقىوالإقتصادى للحكومات والأنظمة الحالية .،!! والأنكى والغريب بأن كل منهما يستأسد على الآخر من خلال تحليلاتموتورة وانتقادات مبتورة تفتقد لأبسط المعايير الموضوعية .، والحيادية.، وأيضاالمهنية.، سواءا العلمية أو الأخلاقية .، بل ويستقوى كل فريق منهم على الآخرإستعداءا حينا واستجداءا حينا آخر من خلال تلك الأنظمة والحكومات المستبدة والفاسدة.، والتى تعيشهم فى دول بوليسية أو ملكية فى ظل قانون الطوارىء أو ولاية الفقيه وتفسد كل ممارسة ديموقراطيةبالبلطجة والتزوير حينا وبالرشاوى السياسية حينا آخر ترغيبا وترهيبا .،!!! ولم يبقى لنا كعامة الشعوب إلا أن نقول للنخبة المثقفة والشتات والجماعات وأيضا الأنظمة والحكومات هناوهناك وفى كل فريق "حسبنا الله ونعم الوكيل"! إعدل ......الصورة تطلع حلوة....!!!! **** |