" تسلل (عرفة) إلى داخل قصر ال(الجبلاوى) حاملاً معه بعض من علمه ليتأكد أنه مازال الجبلاوى حياً مع كثرة الأساطير حول موته وعدم ظهوره وفقده للأبناء وإنقطاع نسله وإنعدام تواصله مع الحارة ،ولكن قتله لخادم الجبلاوى الأمين عن طريق الخطأ تسبب فى إصابة الجبلاوى بأزمة قلبية توفى على إثرها بعدما لم يُصدق أنه قد أتى زمان يستطيع فيه أحد أهل الحارة أن يخترق عزبته أو قصره ."
رمزية فاجرة تلك التى أتى عليها "نجيب محفوظ" فى روايته الأشهر "أولاد حارتنا" لم أصدق أبداً قبل قرائتى أنه يستطيع أن يصل إلى هذا المدى من التوغل فى اللامسموح بالنسبة لى على الأقل، وكان هذا بالطبع آخر أحداث الرواية .. فما المقصود هنا ؛المقصود وبتلخيص شديد أن الجبلاوى يرمز إلى الله عز وجلَّ و(عرفة) كما يظهر من الإسم يرمُز إلى العلم والتقدم والحضارة التى تتشكك فى وجود الله وترغب بالتيقن من أصل الكون حتى أنهم أحياناً يقولون أن نجيب محفوظ كان يقصد (نيتشه) والذى تشتهر عبارته (بعد إعدام الله أنا جاهز لحكم العالم) !! المهم أن عرفة العلم إستطاع قتل (الجبلاوى) الله، والإنتهاء من تحكمه فى عقول أهل الحارة(وهى رمز للدنيا بأهلها) ويصبح (الجبلاوى) وأبنائه (أنبيائه) ذكرى وحكايات متوارثه وأقوال حكيمة تتردد على الألسنة وقتما يحتاج إليها أهل الحارة !!
وهذا حقيقة مايريده العلمانيين ولا يرتضون سواه ... قتل الله ، قتل الله فى قلوب المسلمين وحتى قتل الله فى قلوب غير المسلمين ، قتله فى قلوب كل من يؤمن بوجود إله وتيقينهم جميعاً أن الحل فى العقل والعلم وأن ربما يكون الله قد نسى أهل الأرض وانشغل عنهم (تبت أفكارهم) وأن الشرائع والأوامر والنواهى كانت لأزمان وانقضت والرسل قد أتموا رسالاتهم وانتهوا وكلماتهم وأفكارهم ومانادوا به لم يعد باقياً للآن وأن مايصلح الآن للنهضة ليس بالضرورة سببها فى أوقاتهم ، لأن الأزمان متغيرة والأوضاع متجددة وكل عصر له مايناسبه ، ونحن الآن فى عصر العقل والعلم والنهضة ، _ووالله مانبغى نهضة بعيدة عن شرع الله وإن كانت النهضة ستكون بعيدة عن الدين وثوابته فما نريدها _ بل نلقى الله ورسوله كما نحن ، فلم يأمرنا الله أن نبحث عن النهضة بأن نخالف أوامره ، بل ونلغى وجوده ونكتفى بعقولنا القاصرة مدعين بأن نتاج تلك العقول لمعرفتها بواقعنا الآن أفضل من تفاصيل فى الكتب والقرآن والسنة لعدم مخالطتها للواقع . ولذلك يستطيع أى قارىء دينى صادق ومدرك للواقع ويحمل من المعرفة القليل أن يقول بأن كل علمانى (مُلحد) لأن من ينادى بفصل الدين عن الدولة وإلغاء حدود الله وإقصاءها عن التداول والأخذ ،ليس أبداً بمسلم كامل الأركان بل هو عليل أو ربما لم يفهم ما يريده بالضبط ويردد بعض كلمات جوفاء قرأها أو سمعها فى جلسة مثقفين ولم يدرك أنه بهذا ضمنياً يريد فعل مافعله (عرفة نجيب محفوظ) وقاله (فريدريك نيتشه) ، قتل الله ....!!!
وذلك ممثلاً فى تقييد دينه فى أرضه ونسوا أن قول الله فوق أقوالهم وأفعالهم منذ ألف وأربعمائة عام .(وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ)
وعلى الله قصد السبيل.