04-22-2010, 01:34 AM
|
|
يا قدس.. أذّني بانفعال اليوم - 02:36 مساءًً الشيخ خالد مهنا – رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية
رئيس الحركة الإسلامية في أم الفحم – فلسطين المحتلة
عبر تاريخ البلدان الطويل الممتد تعرضت الكثير من المدن التاريخية والشعوب لصنوف الأذى وشتى أنواع البأس والقهر،ولكن الألم الذي تشهده القدس في الفترة الأخيرة لو قورن بالآلام التي مرت بباقي البلدان المقهورة لظلمنا الشبه والمشبه به..
ولو كانت القدس تعيش هماً واحداً لكفاها فكيف والهم والضنك ثان وعاشر ومئة؟ولعلّ من أكبر همومها شوقها إلى أحبابها المحصورين عن زيارتها،والمحرومين من نِعمة إضاءة قناديلها بأيديهم ويهطلوا الدموع لغربتها ومرارة معاناتها اليومية،ولو عاشت مدائن الكرة الأرضية ألم يوم واحد من أيام الآحاد التي تعصف بالقدس لخرجت إلى الجبال تجأر إلى الخلائق أن يرفعوا عنها الأذى والقيم،وهل هناك أذى أكبر من اللعب بأعصابها وأكبر من أن يمشي في ردهات أسواقها وساحات مسجدها أشد بني البشر حقداً على البشرية وأكثرهم غلظة وقسوة قلب،ولا يكاد يمر يوم إلا وتتعزز عزوتهم ويصلب عودهم،ويسعون بكل ما أوتوا من جاهٍ وسطوه لتطهير!! الأرض المباركة من غيرهم حتى تتحول إلى منارة!!!
وصدق الله تعالى القائل عنهم:
(ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل)
وهذا المصطلح(الأميون) في لغتهم يسمى_(جويم) أي الأغيار أو الغرباء الذين لا قيمة لهم ولا لدمائهم أو مقدساتهم أو أعراضهم أو ممتلكاتهم.
بل وكيف يقر للقدس بال وفي كل ساعة تذوق على جلدها تجذر عقيدة الإبادة من قبل أنسال نزع من قلبها كل معاني الرحمة والإنسانية ليحل محلها التلذذ بقهر وإستذلال وقمع وقتل الأغيار"الفلسطينيين"،وهو أمرُ عبر عنه الجنود الصهاينة في شهادات فاضحة على أنفسهم بأفواههم – فكيف ونحن نسمع كل يوم مئات التصريحات التي تنضح كرهاً وسماً زعافاً من أفواه حاخاماتهم وتلاميذهم الذين يتلذذون بفنون التحريش بكل عربي يمر بجانبهم.
* ولقد ورد أن أحد بواسلهم"قال ليس صحياً أن تشفق على الفلسطيني،رأيت فلسطيني في أحد شوارع مخيم جباليا،وجهت إلى رأسه البندقية بواسطة مدرسة المنظار المتطورة،أطلقت النار باتجاهه،رأيته يترنح على الأرض،إنه أحلى شعور في العالم يشبه الشعور الذي ينتابك عندما تفوز بمباراة كرة قدم...
*(بالإضافة إلى ذلك باستطاعتك قتل امرأة حتى تتوقف عن إنجاب الأطفال،وأن تقتل الطفلة الصغيرة التي ستكبر عن إنجاب الأطفال،وأن تقتل الطفلة الصغيرة التي ستكبر وستتزوج وبعد ذلك ستلد على الأقل عشرة أولاد)
***
ولقد أثلج صدر القدس المكلومة أنها استطاعت تجنير الشباب والفتيات من أمتنا ومن أنصارها في العالم المتنور بشكل تلقائي فانطلقوا متضامنين معها ومعلنين رفضهم للصمت العالمي والتخاول والهوان من بعض الأنظمة العربية،فها هي المدونات والأشعار والمقالات تملأ الشبكات العنكبوتية،بل ومواقع الفيس بوك الاجتماعي تشهد مقاومة وتضامن من نوع فريد،إذ تحولت الشبكة التي كانت مكاناً للترفيه إلى ميدان مقاومة ومساندة،وحتى المواقع الإخبارية غير العربية أعلنت فوزاُ ساحقاً لأنصار الأقصى والقدس وحائط البراق على أنصار الهيكل وكنيس الخراب وحائط المبكي!
نعم.. إن القدس اليوم لتُؤلم وتثلم وأن كل حجر فيها يئن وإنا لنكاد نسمع أنينه ولكن من قال أن هذه الأمة التي انفجرت غضباً، ستظل إلى أن تباد القدس تغني كما غنت بالأمس:
مضى يا قدس الزمن المناضل فدعينا نستريح من القلاقل والمشاكل كفاك فلا ثقيف قد تلبيولا(شيبان) أو (كعب) و (وائل)ترى أتحسين الآن أنا
إذا استصرخت أهلوك الأوائل
فإنا لو نقارن بالقدامى
فإن أبا رغال في الأفاضل
لقد مات الأوائل واستراحوا
لنحمل ما تنوء به الكواهل
فناد فلا (صلاح الدين) مصغٍ
ولا (عمر) إليك اليوم قافل
لئن حملت أياديهم سيوفاً
فقد حملت أيادينا معاول
وإن كانوا بقلقهم كثيراً
فنحن برغم كثر بنا قلاقل..
*من قال أن هذه الأمة التي توحدت لمقاتلة الصليبيين وطردهم من القدس لا تعرف إلا أن تغني:
(أيا قدساه معذرة فقد سقطت فنون الحرب من يدنا ويا غصناً من الزيتون بات الآن مجروحاً وينزف فوق مسجدنا
ويتلو سورة الإسراء يحاول أن يرى أملاً يداوي جرحه المجروح.
فيا قدساه معذرة
فما نحن بجيل النصر
ولكن نصفنا "ليلى"
ونصفنا صار كالمجنون
لهيب الشهوة الحمقاء يشعل بيننا الحرية)..
إن طال انتظار القدس أم قصر.. إن طال كسوف شمسها وخسوف قمرها أم قصر..فليس لدي ذرة ريب أن الحب سينتصر على الكره ، والكتاب على المدفع، والبناء على الهدم،بل إن نَصر الأمة معقود على جبين القدس،فكيف إذا كانت مكة ودمشق وطهران والقاهرة وعمان والدوحة وبغداد وكابول واسطنبول إلى جانبها وباقي شرفاء وأحرار العالم يرددون وإياها:
إن سجدة واحدة في ثراها المبارك أغلى لدينا من كنوز الأرض وما إحتوت عليه.. فإن قدر الكبار أن يبقوا كباراً وقدر الصغار أن يظلوا صغاراً...
أبشري يا قدس فبعد الجوع شبع،وبعد الظمأ ري،وبعد التعب راحة،وبعد السهر نوم،وبعد المرض عافية،وبعد الظلام سيأتي النور وتنقشع سحب الظُلم والقهر والعذاب والحصار..
(فعسى الله أن يأتي بالفتح أو بأمر من عنده) وليس عندي أدنى حبة خردل من الشك أن القدس ستوحد الأمة وأنها وحدها من دون سائر المدائن تملك هذا المفتاح..
وأنتم أيها المرابطون على هذه الثغرة الأهم أبشروا بصبح صادق سوف يطارد الظُلام والمستبدين على مسارب الجبال ومسارب الأودية.
أبشروا أيها المهمومون بفرج مباغت في سرعة الضوء بل أسرع منه،وهل أحد من الأنبياء والرسل نال كرامة بلوغ الأقصى بغمضة عين وإنتباهتها غير نبينا الذي أسري به على البراق إلى المسجد الأقصى... وبدوركم بشروا المشتاقين للسجود في باحات الأقصى بلطف خفي وكف حانية وادعة
إذا رأيتم الصحراء تمتد وتمتد فأعلموا أن وراءها رياضاً خضراء وارفة الظلال..
إذا رأيتم الحبل يشتد ويشتد فأعلموا أنه سوف ينقطع... مع الدمعة بسمة ومع الخوف أمن،ومع الفزع سكينة.
فلا تضيقوا ذرعاً،فمن المحال دوام ليل الظلم،وأفضل العبادة انتظار الفرج بعد الكرب،الأيام دول،والدهر متقلب،والليالي صبالى،والغيب مستور.
قمْ يا بلالْ أَذّنْ، وأَذّن ْ بانفعالْ ..
فالحربُ ما عادتْ سجالْ..
قمْ يا بلالْ واصعدْ على هاماتِنا فالقدسُ دنَّسها جنودُ الاحتلالْ..
والقدسُ يا للقدسِ في قلبي لها كلُّ ابتهالْ ..
جالَ العدوُّ بأرضها زهواً وصالْ وبنو النضير تجمعوا خلفَ التلالْ..
والناسُ جوعى يهتفونَ لكلِّ أفّاكٍ وضالْ..
والحاكمونَ شعوبَنا لا يرعوونَ عن الضلالْ ..
سلبوا الأماني جهرةً وتوحدوا ضدَ النضالْ..
باعوا البلادَ رخيصةً بيعَ السهامِ أو النبالْ..
والظالمون بغوا علينا بعدما عزَّ الرجالْ ..
أتُراهمُ وهنوا أم يا تُرى شدوا الرحالْ..
والراقصونَ على الجراحِ تعدُّهمْ مثلَ الرمالْ..
والساقطونَ على الطريقِ شعارُهمْ: هذا محالْ..
والناكسون رؤوسَهم ينأى بهمْ ذلُّ الفِعالْ..
قم يا بلالْ أذَنْ وأذّن بانفعالْ ..
فلعلهم يستيقظونَ من الخبالْ..
ولعلهمْ يسعونَ في درءِ الوبالْ ..
قمْ يا بلالْ
جُدُرُ المذلةِ سوف يطويها الزوالْ"
ولقد رُويَ أن رجلاً كان من العباد مع أهله في الصحراء في جهة البادية، وكان عابداً قانتاً منيباً ذاكراً لله، قال: فانقطعت المياه المجاورة لنا وذهبت ألتمس ماء لأهلي، فوجدت أن الغدير قد جفّ، فعدت إليهم ثم التمسنا الماء يمنة ويسرة فلم نجد ولو قطرة وأدركَنا الظمأُ، واحتاج أطفالي إلى الماء، فتذكرت رب العزة سبحانه القريب المجيب، فقمت فتيممت واستقبلت القبلة وصليت ركعتين، ثم رفعت يديّ وبكيت وسالت دموعي وسألت الله بإلحاح وتذكرت قوله: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ) قال: والله ما هو إلا أن قمت من مقامي وليس في السماء من سحاب ولا غيم، وإذا بسحابة قد توسّطت مكاني ومنزلي في الصحراء، واحتكمت على المكان ثم أنزلت ماءها، فامتلأت الغدران من حولنا وعن يميننا وعن يسارنا فشربنا واغتسلنا وتوضأنا وحمدنا الله سبحانه وتعالى، ثم ارتحلت قليلاً خلف هذا المكان، وإذا الجدب والقحط، فعلمت أن الله ساقها لي بدعائي، فحمدت الله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ )
صبراً فإن الأمر إذا ضاق إتسع،والخطوب والأزمات إن استحكمت حلقاتها فُرجت بعدما ظن الكثير من الخلق بأنها لن تفرج.
صبراً.. بعد الظمأ ماء وطل،وبعد القحط بكل أشكاله غيث وندى..
يا قدس ويا أهلها ويا شادي الرحال إليها طمعاً بالرباط كيف تيأسون وأنتم تقرأون صباح مساء"ألم نشرح لك صدرك؟" فبعد الضراء سراء وبعد عمى يعقوب جاءه الفرج في قميص يوسف عليه السلام،وفي المغتسل البارد كان شفاء مرض أيوب،وجاء السبيل فرجاً لموسى وجنوده وأنصاره من البحر الهادر.
__________________ |