عرض مشاركة واحدة
  #233  
قديم 04-24-2010, 05:32 PM
 
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له رب العالمين وإله المرسلين وقيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين

إخوتي وأخواتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ـ

فإمتثالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "بلغواعنيولوآية " نتدارس اليوم حديث أبي عبد الرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان رواه البخاري ومسلم‏.‏

وقد خرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة

وقوله بني الإسلام على خمس والمقصود تمثيل الإسلام بالبنيان ودعائم البنيان هذه الخمس فلا يثبت البنيان بدونها وبقية خصال الإسلام كتتمة البنيان فإذا فقد منها شيء نقص البنيان وهو قائم لا ينقض بنقض ذلك بخلاف نقص هذه الدعائم الخمس فإن الإسلام يزول بفقدها جميعا بغير إشكال، وكذلك يزول بفقد الشهادتين والمراد بالشهادتين الإيمان بالله ورسوله وقد جاء في رواية ذكرها البخاري تعليقا بني الإسلام على خمس الإيمان بالله ورسوله وذكر بقية الحديث وفي رواية لمسلم على خمس على أن توحد الله عز وجل‏.‏

وأما إقام الصلاة فقد وردت أحاديث متعددة تدل على أن من تركها فقد خرج من الإسلام‏.‏ ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة وروى مثله من حديث بريدة وثوبان وأنس وغيرهم‏.‏
وخرج محمد بن نصر المروزي من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تترك الصلاة متعمدًا فمن تركها متعمدًا فقد خرج من الملة وفي حديث معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة فجعل الصلاة كعمود الخيمة الذي لا تقوم إلا به ولا يثبت إلا به ولو سقط العمود لسقطت الخيمة ولم تثبت بدونه‏.‏

وقال عمر رضي الله عنه لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة‏.‏
وقال سعد رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه من تركها فقد كفر‏.‏
وقال عبدالله بن شقيق كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئًا تركه كفر إلا الصلاة‏.‏
وقال أبو أيوب السختياني ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه‏.‏
وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق وحكى إسحاق عليه إجماع أهل العلم‏.‏

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا قرأ ابن آدم السجدة وسجد اعتزل إبليس يبكي ويقول يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار
وقال محمد بن نصر المروزي هو قول جمهور أهل الحديث وذهب طائفة منهم إلى أن من ترك شيئًا من أركان الإسلام الخمس عمدا أنه كافر وروى ذلك عن سعيد بن جبير ونافع والحكم وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها طائفة من أصحابه وهو قول ابن حبيب من المالكية‏.‏

وخرج الدارقطني وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله الحج في كل عام قال لو قلت نعم أوجب عليكم ولو وجب عليكم ما أطقتموه ولو تركتموه لكفرتم‏.‏
واعلم أن هذه الدعائم الخمس بعضها مرتبط ببعض وقد روي أنه لا يقبل بعضها بدون بعض كما في مسند الإمام أحمد عن زياد بن نعيم الحضرمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع فرضهن الله في الإسلام فمن أتي بثلاث لم يغنين عنه شيئًا حتى يأتي بهن جميعا الصلاة والزكاة وصوم رمضان وحج البيت وهذا مرسل

ونفي القبول هنا لا يراد به نفي الصحة ولا وجوب الإعادة بتركه وإنما يراد بذلك انتفاء الرضا به ومدح عامله والثناء بذلك عليه في الملأ الأعلى والمباهاة به للملائكة فمن قام بهذه الأركان على وجهها حصل له القبول بهذا المعني ومن أتى ببعضها دون بعض لم يحصل له ذلك وإن كان لا يعاقب على ما أتى به منها عقوبة تاركه بل تبرأ به ذمته وقد يثاب عليه أيضًا ومن هاهنا يعلم أن ارتكاب بعض المحرمات التي ينقص بها الإيمان تكون مانعة من قبول بعض الطاعات ولو كان من بعض أركان الإسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يومًا وقال من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يومًا وقال أيما عبد أبق من مواليه لم تقبل له صلاة‏.‏

ولم يذكر الجهاد في حديث ابن عمر هذا مع أن الجهاد أفضل الأعمال وفي رواية إن ابن عمر قيل له فالجهاد قال الجهاد حسن ولكن هكذا حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجه الإمام أحمد وفي حديث معاذ بن جبل إن رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد وذروة سنامه أعلى شيء فيه ولكنه ليس من دعائمه وأركانه التي بني عليها وذلك لوجهين أحدهما أن الجهاد فرض كفاية عند جمهور العلماء ليس بفرض عين بخلاف هذه الأركان والثاني أن الجهاد لا يستمر فعله إلى آخر الدهر بل إذا نزل عيسى عليه السلام ولم يبق حينئذ ملة إلا ملة الإسلام فحينئذ تضع الحرب أوزارها ويستغني عن الجهاد بخلاف هذه الأركان فإنها واجبة على المؤمنين إلى أن يأتي أمر الله وهم على ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏
__________________
رد مع اقتباس