عرض مشاركة واحدة
  #158  
قديم 04-24-2010, 07:18 PM
 
صيف ساخن ينتظر تركيا ديموقراطية أردوغان لمن.. ولماذا؟

أردوغان.. يخطط لنظام رئاسي
أنقرة- حسني محلي
بدأ البرلمان التركي الأسبوع الماضي مناقشة التعديلات الدستورية التي تهدف لتغيير 29 مادة من مواد الدستور الحالي الذي صاغه جنرالات الجيش عام 1982 بعد انقلاب سبتمبر 1980.

كان البرلمان التركي قد أدخل تعديلات على 70 مادة من الدستور، من أصل 177 مادة، خلال السنوات الماضية، حدّت من دور العسكر في الحياة السياسية بشكل كبير، من خلال زيادة عدد المدنيين في مجلس الأمن القومي وجعل الأمين العام لهذا المجلس مدنيا بعد أن ظل جنرالا منذ تأسيس المجلس قبل أكثر من 70 عاما.
وأثارت الاقتراحات التي تقدم بها مؤخرا رئيس الوزراء رجب طيب لتعديل بعض مواد الدستور سلسلة من النقاشات الحادة، سياسيا وإعلاميا وشعبيا، بسبب توقيتها الزمني الذي تصادف مع الخلافات الجدية بين الحكومة وكل من الجيش وأجهزة القضاء العليا، ومنها المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء.

ضوء أخضر أميركي
لقد نجح أردوغان وأنصاره في توجيه ضربات قوية للمؤسـسة العسكرية من خلال حملة الاعتقالات التي استهدفت عددا كبيرا من جنرالات الجيش المتقاعدين والعاملين، بتهم التخطيط لانقلاب عسكري ضد الحكومة. وتحدثت معلومات صحفية عن ضوء أخضر أميركي لمثل تلك الاعتقالات كرد فعل من واشنطن على موقف الجيش في مارس 2003 حيال قرار البرلمان الذي رفض آنذاك نشر القوات الأميركية في الأراضي التركية ابان الحرب على العراق.
كما تحدثت معلومات عن نجاح أردوغان وأتباعه في كسب بعض قيادات المؤسـسة العسكرية، ومنهم رئيس الأركان الأسبق الفريق أول حلمي أوزكوك الذي رفض الرضوخ لضغوط الضباط وتنظيم انقلاب ضد الحكومة (2004/2003)، عندما كان الجنرالات يرون في حزب العدالة والتنمية خطرا على النظام العلماني القائم في البلاد منذ قيام الجمهورية الأتاتوركية عام 1923. وازداد هذا الخطر بعد سيطرة العدالة والتنمية على جميع مؤسـسات ومرافق الدولة، بما فيها أجهزة المخابرات والأمن.
في المقابل، تتهم أحزاب المعارضة أردوغان بالتخطيط للسيطرة على الدولة بالكامل وإقامة حكم دكتاتوري بعد إسكات العسكر وإقامة شبكة واسعة للتنصت على جميع المكالمات والسيطرة على أجهزة القضاء التي، في حال وافق البرلمان على التعديلات الدستورية، ستتحول الى مؤسـسات من دون صلاحيات.

صيف ساخن
وهذا ما يدفع بكثيرين للرهان على مستقبل التعديلات التي تحتاج تأييد ثلثي أعضاء البرلمان (367 صوتا)، وهو ما لا يملكه حزب العدالة والتنمية تأمينه حتى يتسنى له إحالتها الى الاستفتاء الشعبي المباشر بعد شهرين من التصويت عليها في البرلمان.
يعني ذلك أن تركيا ستستمر في أجوائها الساخنة حتى نهاية يونيو المقبل، وستسبقه من دون شك نقاشات أخرى أطلق أردوغان إشارتها قبل ثلاثة أيام عندما تحدث عن مشروعه لتغيير النظام السياسي القائم في البلاد حتى يصبح رئاسيا ولكن بعد انتخابات يوليو 2011.
وسيزيد ذلك من حدة ردود فعل المعارضة التي تتهم أردوغان بالسعي لفرض دكتاتوريته باعتبار أنه سيكون رئيسا للجمهورية، وبالتالي زعيما لحزب العدالة والتنمية في حال اختيار الصيغة الأميركية. ويرى آخرون في حديث أردوغان عن النظام الرئاسي لعبة ذكية يشغل بها الرأي العام الشعبي المتوتر بسبب التعديلات الدستورية المطروحة باعتبار أن المواطنين الأتراك يرون في بعض التعديلات محاولة جدية من حزب العدالة والتنمية للسيطرة على جهاز القضاء المستقل نسبيا، لاسيما أن الوضع الاقتصادي الصعب بدأ يثقل كاهل المواطنين الأتراك. كما أن معظم الأتراك يرفضون مشروع المصالحة مع الأكراد بحجة أنه سيستكمل بحوار مع حزب العمال الكردستاني ومن ثم إخلاء سبيل زعيم الحزب عبد الله أوجلان.
وتستغل المعارضة، خصوصا الحركة القومية والشعب الجمهوري، مثل هذه القناعات لدى الشارع التركي لتضييق الحصار على الحكومة التي تنجح في كل مرة في الخروج من المأزق. فالحكومة أوقفت الحديث بالملف الكردي ورجحت على ذلك الاستعجال في إصدار مجموعة قوانين وقرارات تدغدغ بها مشاعر المواطن، مثل توظيف 100 ألف شخص في مؤسسات الدولة وبناء مساكن رخيصة ومنح القروض لأصحاب المهن الحرة والعفو عن بعض الديون الضرائبية. وأعطت مثل هذه المواقف دائما ثمارها وهو ما يثبت شعبية الحكومة التي حصلت في انتخابات عام 2007 على %47 من مجموع أصوات الناخبين.

أردوغان الزعيم السياسي
وهذا ما يفسر أيضا شعبية أردوغان الذي يسعى من خلال هذه الشعبية لتحقيق أهدافه السياسية التي يعلن عنها تارة ويخفيها تارة أخرى، في انتظار الوقت المناسب. وفعل ذلك عندما رشح فجأة عبد الله جول رئيسا للجمهورية بعد توتر كبير مع العسكر والقوى العلمانية عام2007 بعد أن كان الجميع يتوقع له شخصيا أن يكون رئيسا للجمهورية الأتاتوركية التي غاب الحديث عنها في الشارع الشعبي الذي لم يعد يهمه سوى حياته اليومية بغياب الأيديولوجيات السياسية التقليدية وفشل أحزاب المعارضة الأساسية، كالحركة القومية والشعب الجمهوري في طرح أفكار ونظريات وبرامج عملية يتعاطى معها المواطن ويؤيدها ضد سياسات حكومة العدالة والتنمية، التي نجحت أيضا بتحركاتها الإقليمية والدولية في كسب رضا وتأييد المواطنين الأتراك الذين بدأوا يفتخرون بهذه السياسات التي تدغدغ مشاعرهم القومية وأحيانا الدينية، بصفتهم ورثة الدولة العثمانية لاسيما بعد أن أصبح أردوغان زعيما سياسيا ذا شعبية كبيرة في العالم، وفي المنطقة العربية والإسلامية على وجه الخصوص.
والمنهج الذي يميز سياسة حزب العدالة والتنمية، وبات يعرف بـ «الإسلام المعتدل»، يلقى ترحيبا وارتياحا من قبل واشنطن وجميع العواصم الأوروبية. وهذا ما يفسر الدعم الذي تقدمه تلك العواصم لأردوغان ومشاريعه وبرامجه الداخلية، التي ستضمن له البقاء في السلطة لفترات أطول كرئيس للوزراء أو رئيس للجمهورية إن كان وفقا للنظام الأميركي أو الفرنسي (وفي هذه الحالة سيعود عبد الله جول رئيسا للوزراء).
وبما أن قانون الأحزاب السياسية في تركيا يعطي لزعيم الحزب (سواء كان معارضة أو سلطة) صلاحيات بلا حدود تجعله صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في مجمل الأمور، فان ذلك يعني ان السلطة ستتحول الى سلطة الزعيم الواحد، أيا كان شكل النظام أو الدستور
.
__________________
رد مع اقتباس