عرض مشاركة واحدة
  #250  
قديم 04-26-2010, 09:13 PM
 

بقلم : عثمان جمعة ضميرية
قال الله تعالى : ]يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ*كَبُرَمَقْتاًعِندَ اللَّهِ أَنتَقُولُوامَالاتَفْعَلُونَ[[سورة الصف : 2-3] .
أخرجالإمامالطبريفيتفسيرهعنابنعباس-رضياللهعنهما-،قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لودِدنا أنَّ الله عزوجلدلَّنا
على أحبِّ الأعمال إليه فنعمل بها ، فأخبر الله تعالى نبيه ، -صلى الله عليه وسلم- أنأحبالأعمال:إيمانٌبه،لاشكفيه،وجهادُأهلمعصيته،الذينخالفوا الإيمان،ولم يُقِرّوا به . فلما نزل الجهاد ، كره ذلك ناس من المؤمنين،وشقَّعليهمأمره،فأنزلالله
سبحانهوتعالىقوله:]يَاأَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ... [[1] .
وإذاكانتالعبرةبعموماللفظلابخصوصالسبب،كماهو مقرر في علم الأصول،فإنالآيةالكريمة،تبقىأبعدمدىمنالحادثةالفرديةالتينزلت لمواجهتها،وأشللحالاتكثيرةغيرالحالةالتينزلتبسببها ،فهي تحيط بكل حالةمنالحالاتالتييقعفيهاالانفصامبينالإيمانوالحركةبهأوبينالقول والعمل، أو العلم والعمل .
والعلم لا يراد به أصلاً إلا العمل ، وكل علم لا يفيد عملاً ، ولا يتوقفعليه حفظمقاصدالشريعة،فليسفيالشرعمايدلعلىاستحسانه،والعلمالمعتبر شرعاً ، الذي مدح الله تعالى ورسوله أهله ، على الإطلاق ، هوالعلمالباعثعلى العمل،الذيلايخلِّيصاحبهجارياًمعهداهكيفماكان.بلهوالمقيدصاحبه بمقتضاه،الحامللهعلى قوانينه طوعاً أو كرهاً .
وعندئذيصيرالعلموصفاًمنالأوصافالثابتةلصاحبه،يأبىللعالمأن يخالفه؛لأنماصاركالوصفالثابتلاينصرفصاحبهإلاعلىوفقه اعتياداً
وإنتخلّففإنمايكونتخلّفهلعنادٍأوغفلة[2] .
وليس عالماً ذاك الذي لم يعمل بعلمه ، ولا يستحق وصفالتكريمهذا،فعن علي-رضي الله عنه - قال : (يا حملة العلم : اعملوا به ، فإن العالم من علم ثم عمل ، ووافق علمه عمله ، وسيكون أقوام يحملون العلم،لايجاوزتراقيهمتخالف سريرتهم علانيتهم ، ويخالف علمهم عملهم ، يقعدون حِلقاً ، يباهي بعضهمبعضاً؛ حتىإنالرجلليغضبعلىجليسهأنيجلسإلىغيرهويدعهأولئكلاتصعد أعمالهم إلىاللهعزوجل) .
وقال الحسن البصري - رحمه الله - : (العالم الذي وافق علمه عمله ، ومن خالفعلمهعمله فذلك راوية سمع شيئاً فقاله) .
وقالالثوري:(العلماءإذاعلواعملوا،فإذاعملواشُغِلوا...). وقال :(العلميهتفبالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل) [3] .
فالذين لا يعملون بعلمهم ولا يتسق سلوكهم مع عملهم ، فضلاً عن أن يكونوا من الراسخين في العلم ، وإنما همرواةأخباروحفظةأسفار،والفقه فيما رووه أمر آخر وراء هذا . أو هم ممن غلب عليهم الهوى فغطّى على قلوبهم .
وهناينبغيأنيوجّهاللوم ، والعتاب كلُ العتاب ، لمن يفعل ذلك ، وحسبك أن الله تعالىسمّىذلكالانفصامبينالقولوالعملمقتاً،بلجعلهأكبرالمقتوأشدّ البغض،فقال:]كَبُرَمَقْتاًعِندَاللَّهِأَنتَقُولُوامَالاتَفْعَلُونَ[.
وماسمَّىاللهتعالىشيئاًبهذاالاسم،ولاأطلقهعليهإلافيأمرين:
أولهما:الجدالفياللهوآياتهبغيرسلطانوعلم،فقالسبحانه:]الَذِينَ يُجَادِلُونَ فِيآيَاتِاللَّهِبِغَيْرِسُلْطَانٍأَتَاهُمْكَبُرَمَقْتاًعِندَاللَّهِوعِندَالَذِينَآمَنُوا[[غافر/35] .
وثانيهما:نكاحالرجلزوجة أبيه المتوفى عنها أو المطلقة ، كما كان يفعله الجاهليون ، فقال سبحانه وتعالى : ]ولا تَنكِحُوا مَانَكَحَآبَاؤُكُممِّنَالنِّسَاءِإلاَّمَاقَدْ سَلَفَ إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ومَقْتاً وسَاءَ سَبِيلاً [[النساء/22] .
ومنهذانعلمعظمالآفةالكبيرةوالداءالخطيرفيالانفصامبينالقولوالعمل،أوبين الإيمان والسلوك .
إنالإيمانليسمجردكلماتيديرهاالإنسانعلىلسانه ، ويتحلى بها أمام الناس ويتشدق بها في المناسبات دونأنيكونلهاأثرهافيسلوكهوواقعه،ودون أنتترجمإلىواقعحييراهالناس،فيكونهذاالواقعالعمليالظاهروالالتزام مؤشراًعلىالإيمانالصحيحوعمقهفينفس صاحبه .
يقولصاحبالظلال-رحمهاللهتعالى- :
(إن الإيمانالصحيحمتىاستقرفيالقلبظهرتآثارهفيالسلوكوالإسلام عقيدةمتحركة،لاتطيقالسلبية،فهيبمجرد تحققها في عالم الشعور ، تتحرك لتحقق مدلولها في الخارج ، ولتترجم نفسهاإلىحركةوإلىحركةفيعالمالواقع.
ومنهجالإسلامالواضعيقومعلىأساستحويلالشعورالباطنبالعقيدةوآدابها إلىحركةسلوكيةلتبقىحيةمتصلّة بالينبوع الأصيل) [4] .
والمؤمن لا يخالف قوله فعله ، وهو الذي يبدأ بنفسه أولاً فيحملهاعلىالخير والبر ، قبل أن يتوجه بهما إلىغيرهليكونبذلكالأسوة الحسنةوالقدوةالمثلىلمن
يدعوهم،وليكونلكلامهذلكالتأثيرفينفوسالسامعينالذينيدعوهم، بل إنه ليس بحاجة إلى كثير عندئذ ، فحسْبُ الناس أن ينظروا إلي واقعه وسلوكه ،ليروا فيهما الإسلام والإيمانحياًيمشيأمامهم على الأرض وليشعّبنورهعلىمنحوله،فيضيءالطريقللسالكين،وتنفتحعليهالعيونويقعفيالقلوب، فيحمل الناس بذلكعلىالتأسيوالاتباع..فهويدعوبسلوكهوواقعهقبلأنيدعوبقولهوكلامه..
ولنافيرسولالله-صلىاللهعليهوسلم-خيرأسوة،فقدكانعليهالصلاة والسلامإذاأمرالناسبأمر كان أشد الناس تمسكاً به ، وكان يحمل أهل بيته على ذلكقبل أن يدعو غيرهم .
وعنسعيدبنهشامقال:سألتعائشةأمالمؤمنين-رضياللهعنها- فقلت:أخبرينيعنخلقرسولالله-صلىاللهعليهوسلم-، فقالت : أما تقرأ القرآن ؟ قلت : بلى ،قالت:»كانخلقهالقرآن«[5] ،فمهماأمرهالقرآنبشيء امتثله، ومهما نهاه عنه تركه .
وهيإجابةدقيقة من عائشة - رضي الله عنها - وهي إجابة موجزة جامعة أيضاً،تحملفيطياتهاكلما يخطر على بال المرء من أخلاق الكمال وصفات
العظمة ، فحسبك أن يكون عليه الصلاةوالسلام ، ترجمة عملية حية لمبادئالقرآن الكريم ، فإذا أردت أن تعرف أخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم-،فانظرإلى القرآنالكريمواقرأمافيهمنآياتتحثعلىالأخلاق،وإذاأردتأنترى القرآنالكريمواقعاًعملياًفيحياةالناسفانظرإلىخلقرسولالله-صلىالله عليهوسلم-وادرس سيرته بكل وعي وعناية واهتمام وبقلب مفتوح على الخير ، وبعزيمةصادقة،تحملعلىالتأسيوالمتابعة..فكلواحدمنهمايدلعلى الآخر...
(لقد كان رسول الله-صلىاللهعليهوسلم-،أكبرقدوةللبشريةفيتاريخها الطويلوكانمربياًوهادياًبسلوكهالشخصيقبلأنيكونبالكلام الذي ينطق به سواءفيذلكالقرآنالمنزلأو حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -) [6] .
وإنها لمصيبة كبيرة ، وخسارة ما بعدها خسارة،أنيتحولالإيمانوالإسلام في سلوك أصحابه إلى كلمات ودعاوى ، لا تتجاوز الحناجر،وأنينطلقالمسلم،
يدعو غيره إلى البر والهدى والخير ، ولكنه يترك نفسهبمعزلعنذلك،ويعطيها إجازةتتمتعبها،ولايحملهاحملاًعلىأنتكونسبّاقةإلىهذهالدعوةوالعمل بمقتضاها .
ولقدنعىاللهسبحانهوتعالى،على بني إسرائيل ،وبخاصة أولئك الأحبار فيهم ، ووبَّخهمعليسلوكهم،فهميأمرونالناسبالبر، الذي هو جماع الخير ، ولكنهم ينسون أنفسهمفلايأتمرونبمايأمرونالناسبه،مععلمهمبجزاءمن قصّر في أوامر الله سبحانه وتعالى [7] ، فقال : ]وأَنتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاتَعْقِلُونَ[
[البقرة/44] .
وفيظلالهذهالآيةالكريمةيتحدثالأستاذسيد قطب - رحمه الله - عن آثارالدعوة إلى البر والمخالفةعنهفيالسلوك ، فيقول :(ومعأنهذا النص القرآني كان يواجه ابتداءً حالة واقعة من بني إسرائيل فإنهفيإيحائهللنفسالبشرية،ولرجال الدين [8] بصفة خاصة ، دائم لا يخص قوماًدونقوم،ولايعنيجيلاً دون جيل .
إن آفةرجالالدين-حينيصبحالدينحرفةوصناعةلاعقيدة حارة دافعة - أنهم يقولون بأفواههم ماليسفيقلوبهم،يأمرونبالخيرولايفعلونه ويدعونإلىالبرويهملونهويحرفونالكلامعنمواضعه،ويؤلفون النصوص القاطعةخدمةللغرضوالهوى،ويجدونفتاوىوتأويلات،قدتتفقفي ظاهرهامعظاهرالنصوص،ولكنهاتختلففيحقيقتهاعنحقيقةالدين، لتبرير أغراض وأهواء لمنيملكونالمالأوالسلطان!كماكانيفعلأحباريهود.
والدعوة إلىالبروالمخالفةعنهفيسلوكالداعينإليه،هيالآفةالتي تصيبالنفوسبالشك،لافيالدعاةوحدهم،ولكنفيالدعواتذاتها،وهيتبلبل قلوبالناسوأفكارهمأنهميسمعونقولاًجميلاً،ويشهدون فعلاً قبيحاً ، فتتملكهم الحيرة بين القول والفعل ،وتخبوفيأرواحهمالشعلةالتيتوقدهاالعقيدة،وينطفئ في قلوبهم النور الذي يشعه الإيمان ، ولا يعودون يثقون فيالدينعدمافقدواثقتهم فيرجال الدين) [9] .
وماأعظمذنبأولئكالذينيصدونعنديناللهويقفونحجرةعثرة أمامالدخولفيهوالتمسكبأحكامه؛لأنهمبسلوكهمذاكينفّرونالناسمنالدين، وتنطلقالألسنةالمتبجحةلتقول:انظرواإلىفلان..إنهيدعوناإلىشيء ويخالفناإلىغيره،ولوكانمادعوناإليهحقاًلاتبعهوتمسكبه؟فيتركون-عندئذ-الدين ، بسبب سلوكه ذاك ! !
وكم يتحملون من أوزار الذينتابعوهم في سلوكهمذاك،إذأنهمحملوهمعلى المخالفة والإثم بالإيحاءوالقدوة العملية،ولولاهمماوقعوافيذلك،فهمالذينسنَّوا
هذه السنة السيئة فكانعليهمإثمهموآثاممناتبعهمفقد:قالرسولالله-صلىالله عليهوسلم-:»منسنَّفيالإسلامسنَّةسيئةيُعملبهامنبعده،كانعليه
وزرهاووزرمنعملبهامنغيرأنينقصمنأوزارهمشيء «[10] .
وقبل أنيدعوالداعيةغيرهإلىالخيرينبغيأنيتمسكهوبه،ولنيستطيع المريض أن يعالج مرضاًمثله،وماأجملالحكمةالتيأجراهااللهتعالىعلىلسان أبيالأسودالدؤلي، عندما قال :

ياأيهاالرجلالمعلمغيره هلالنفسككانذاالتعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيمايصحبهوأنتسقيم
ابدأبنفسكفانههاعنغيها فإنانتهتعنهفأنتحكيم
لاتنهعنخلقوتأتيمثله عارعليكإذافعلتعظيم
وإذاكانلعدمالموافقةبينالقولوالعملتلكالآثار،فإنهليسغريباًأنيشدد الإسلام في عقوبة الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه،فيجعلونهوراءهمظهرياً، ينهونعنالمنكرويفعلونه،وأولئكهمعلماءالسوء وصفواالحقوالعدل بألسنتهموخالفوه إلى غيره ، فلم يعملوا به :
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:»إن أوَّل الناس يُقضى عليه يوم القيامة ... ورجلٌ تعلّم العلم وعلّمه ،
وقرأ القرآن ، فأتي به فعرَّفه نعمه ، فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟قال:تعلَّمتُ العلم وعلَّمته وقرأت فيك القرآن . قال : كذبتولكنكتعلّمتالعلمليقال:إنكعالم وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي فيالنَّار... «[11] .
وعنأسامةبنزيد-رضياللهعنهما- قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : » يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلقأقتاب
بطنه [12] فيدوربهاكمايدورالحماربالرحى،فيجتمعإليهأهلالنار،فيقولون: يافلانمالك؟ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : بلى ، كنت آمربالمعروفولاآتية ، وأنهى عن المنكر وآتيه«[13] .
ودوران هذا الحمار بأقتاب بطنه يوم القيامة ، يعيد إلى الأذهانتلكالصورة المزرية البائسةلأولئكالذينحُمّلواالتوراة،وكُلِّفواالعملبها،ولكنهملميحملوها، ونكصواعلىأعقابهم،فكانوامنالخاسرين،وأولئكهماليهود...كالحمار يحمل أثقالاً من الكتب،ليسلهمنهانصيبإلاأنيشعربثقلهاعلىطهره،وينوء بحملها :
]مَثَلُالَذِينَحُمِّلُواالتَّوْرَاةَثُمَّلَمْيَحْمِلُوهَاكَمَثَلِالحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُالقَوْمِالَذِينَكَذَّبُوابِآيَاتِاللَّهِواللَّهُلايَهْدِيالقَوْمَالظَّالِمِينَ[[الجمعة/5].
ولا يغيبَّن عن ذهنك صورةذاكالذيآتاهاللهآياته،فلميعملبماآتاهاللهمن العلم،فانسلخ منها كما تنسلخ الحَيةمنجلدهاوتتركهعلىالأرض[14] :
]واتْلُعَلَيْهِمْنَبَأَالَذِيآتَيْنَاهُآيَاتِنَافَانسَلَخَمِنْهَافَأَتْبَعَهُالشَّيْطَانُفَكَانَمِنَ الغَاوِينَ *ولَوْشِئْنَالَرَفَعْنَاهُبِهَاولَكِنَّهُأَخْلَدَإلَىالأَرْضِواتَّبَعَهَوَاهُفَمَثَلُهُكَمَثَلِالكَلْبِ إنتَحْمِلْعَلَيْهِيَلْهَثْأَوْتَتْرُكْهُيَلْهَثذَّلِكَمَثَلُالقَوْمِالَذِينَكَذَّبُوابِآيَاتِنَافَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْيَتَفَكَّرُونَ*سَاءَمَثَلاًالقَوْمُالَذِينَكَذَّبُوابِآيَاتِنَاوأَنفُسَهُمْكَانُوايَظْلِمُونَ[[الأعراف: 175 - 176 ] .
وليسهذاشأنيهودفحسب، بل إن إخوانهم من المنافقين يلتقون معهم في هذه السمة وينهلون من نفس المنهل : ]ويَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وبِالرَّسُولِ وأَطَعْنَاثُمَّيَتَوَلَّىفَرِيقٌمِّنْهُممِّنْبَعْدِذَلِكَومَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ*وإذَادُعُواإلَىاللَّهِورَسُولِهِلِيَحْكُمَبَيْنَهُمْإذَافَرِيقٌمِّنْهُممُّعْرِضُونَ[[النور47-48] .
]ويَقُولُونَطَاعَةٌفَإذَابَرَزُوامِنْعِندِكَبَيَّتَطَائِفَةٌمِّنْهُمْغَيْرَالَذِي تَقُولُ [[النساء 81 ] .
]ومِنَالنَّاسِمَنيُعْجِبُكَقَوْلُهُفِيالحَيَاةِالدُّنْيَا ويُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وهُوَأَلَدُّالخِصَامِ*وإذَاتَوَلَّىسَعَىفِيالأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ويُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ
واللَّهُلا يُحِبُّ الفَسَادَ [[ البقرة : 204 - 205 ] .
هذه صورة المنافقين ، وتلك صورة يهود ... فليحذر المؤمنون أنيقعوافيما وقعفيههؤلاءإذليسالإيمانبالتحليولابالتمني،ولكنماوقرفيالقلوب وصدّقته الأعمال ، منقالحسناًوعملغيرصالح،ردّهاللهعلىقوله،ولمنقال حسناً وعمل صالحاً ، رفعه العمل [15] ،وذلكبأناللهتعالىيقول:]إلَيْهِيَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُوالْعَمَلُالصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [[فاطر:10 ] .
وما أروع كلمة شعيب ، عليه الصلاةوالسلام ، وما أكثرهاإنصافاًعندماقال لقومه : ]ومَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إنْأُرِيدُإلاَّالإصْلاحَمَااسْتَطَعْتُ ومَاتَوْفِيقِيإلاَّ‌بِاللَّهِعَلَيْهِتَوَكَّلْتُوإلَيْهِأُنِيبُ[[ هود 88] .
وليت الدعاة ، وليت الذين نصبوا أنفسهم للعمل الإسلامي يضعونهذاالمبدأ الذيأرشدإليهشعيبعليهالصلاةوالسلامنصبأعينهم،فلايخالفونإلىما ينهونعنهليكونلكلامهمذلكالتأثيرفي نفوس المدعوين! .
وكم نجد أناساً يدعون إلى وحدة الكلمة وجمع صفوف المسلمين على الحق،وهمأنفسهمفيواقعهمدعاةفرقةوضلال؛يدعونإلىالتمسكبكتابالله وسنة نبيه-صلىالله عليه وسلم- وهم أبعد الناس عن الكتاب والسنة ، يقدمون آراءهم وآراءمنيقلدونهمويتبعونهمعلي الكتاب والسنة ، صراحة أو تأويلاً يدعون إلى الحفاظعلىالإخوةالإيمانيةوحقوقالأخوة،ولكنهميزورّونعنإخوانهمولايفون بحقوقهملمجردخلاف في الرأي أو الفهم ... يتحدثون عن وجوب التثبت في نقل الأخبارولكنهميجرونوراءالشائعاتويرمونغيرهمفظائعالتهم ، ولا يكلّفون أنفسهم الرجوعإلىمصدرصادقليتثبتوافيماينقلونه،لئلا يظلموا إخوة لهم أو يرمونهم بتهم باطلة ! يتحدثونعنتحريمالغيبةوآثارهاوضررها،ولكنهملا يتفكهونإلابأعراضالآخرينولايتندرونإلابمايتخيلونهمنسيئالخلال؛ ويتحدثون عن مفاصلة المشركين والعلمانيين والمرتدينوالملحدينولايجدونبأساً أو غضاضة في مجالستهم ومداهنتهم،بلقديرتمون في أحضانهمويؤمِّلونعندهم ويرجون ، ما لا يؤمِّلون عند الله ويرجون ... إلى غير ذلك منالمفارقاتالعجيبة الغريبة،فليحذرالمسلمونذلككلهوأشباهه،فإنهاأمراضجدخطيرة،ولها آثارهاالسيئة،فيحياةالدعوةوالدعاة،نسألاللهتعالىأنيلهمنا الصواب في القولوالعمل،(ونسألاللهالمبتدئلنابنعمةقبلاستحقاقهاالمديمهاعلينامع تقصيرنا في الإتيان على ما أوجب به من الشكر بها الجاعلنا فيخيرأمةأخرجت للناس:أنيرزقنافهماًفيكتابه،ثمسنةنبيهوقولاًوعملاًيؤدّيبهعناحقَّه ويوجب بنا نافلة مزيدة) .
وآخردعواناأنالحمدلله رب العالمين .
__________________
رد مع اقتباس