إحياء ذكرى "نكبة الأرمن"
للمرة الأولى في اسطنبول
المستقبل - الاحد 25 نيسان 2010 أحيا أتراك من المدافعين عن حقوق الإنسان ومن المفكرين والفنانين، للمرة الأولى أمس في اسطنبول وأمام الملأ وبحماية الشرطة، الذكرى 95 لـ"مذابح الأرمن" بين 1915
917، متجاوزين بذلك واحدة من أشد المحرمات في بلد يرفض عبارة "الإبادة" التي يصف بها الأرمن هذه المذابح.
ووجه الرئيس الاميركي باراك اوباما أمس رسالة حيّا فيها ذكرى مذابح الارمن، ورحب بالحوار بين الاتراك والارمن حول هذا الجدل التاريخي. وتحدث اوباما في رسالته عن "أحد أفدح الجرائم البشعة في القرن العشرين"، لكنه لم يستعمل عبارة "ابادة".
ورحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان برسالة الرئيس الاميركي الذي لم يستخدم تعبير "الابادة" الذي ترفضه تركيا، وندد بالتظاهرات المعادية لتركيا التي جرت في هذه المناسبة في ارمينيا.
وقال اردوغان، كما نقلت عنه وكالة انباء الاناضول، ان "الرئيس اوباما راعى في رسالته حساسيات تركيا".
ونظم فرع اسطنبول لمنظمة "حقوق الإنسان" تجمعاً في ذكرى عمليات المداهمة التي استهدفت 220 شخصاً من المفكرين الأرمن في 24 نيسان (أبريل) 1915 والتي كانت البداية لهذه المذابح.
وتجمع نحو مئة متظاهر تحت شعار "حتى لا يتكرر ذلك أبداً" أمام مدخل محطة القطار في حيدر باشا، التي انطلق منها أول موكب ترحيل. وحمل المتظاهرون محاطين برجال الشرطة وكاميرات عديدة، صوراً بالأبيض والأسود لمنفيين أرمن لم يعد معظمهم.
ومنعت الشرطة متظاهرين مناهضين، بينهم ديبلوماسيون سابقون، يرفعون العلم التركي من الاقتراب من التظاهرة. وقد اغتالت منظمة "اسالا" الأرمنية المتطرفة 42 ديبلوماسياً في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
ونظمت تظاهرة أخرى في ساحة "تقسيم" وسط اسطنبول. ودعا مفكرون وفنانون في عريضة "كل الذين يشعرون بذلك الألم الكبير" الى التعبير عن حزنهم.
وتفادياً لإثارة الاستياء تحدث موقعو البيان عن "النكبة الكبرى" بدلاً من استعمال عبارة "الإبادة" لكن رغم ذلك كان المنظمون يخشون وقوع حوادث.
وقال الأستاذ الجامعي جنكيز اكتر "تم اتخاذ كافة الاحتياطات لكن يوجد دائماً بعض المتهورين". وأوضح أن "تركيا تحاول انتهاج سياسة ذاكرة رغم الخطاب الرسمي الرافض بشكل قاطع عبارة الإبادة". أضاف "الجن خرج من القمقم"، معتبراً أن "المحرمات التي سقطت لا تخص فقط قضية الأرمن بل مواضيع أخرى كان مسكوت عليها مثل القضية الكردية".
وفي 2005 ، تعرض الكاتب والحائز جائزة نوبل للآداب اورهان باموك الى ملاحقات قضائية لأنه قال إن "مليون أرمني
00 ألف تركي قتلوا على هذه الأرض".
وبعد ذلك بسنتين اغتيل الصحافي الأرمني هرانت دينك في اسطنبول وفتحت مشاركة الأتراك بكثافة في جنازته المجال أمام التشكيك في التاريخ الرسمي الذي يتحدث عن "مذابح متبادلة".
وفي العاصمة الأرمينية يريفان، تظاهر عشرات آلاف الأرمن للمناسبة. وتوجهت مسيرة نحو نصب تذكاري على أعلى قمة في يريفان لوضع اكليل من الزهر في ذكرى ضحايا عمليات الاضطهاد.
وتأتي هذه التظاهرات غداة إعلان أرمينيا وقف عملية التقارب التي بدأت قبل عدة أشهر مع تركيا.
وقال الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان أثناء حفل "إن اعتراف المجتمع الدولي بالإبادة أمر محتوم". أضاف "نشكر جميع الذين يدركون أهمية الوقاية من جرائم ضد الإنسانية في العديد من الدول بما فيها تركيا، وأولئك الذين يقفون الى جانبنا في هذا النضال".
وتطرق للعلاقات مع تركيا، مؤكداً أن بلاده جمدت المصادقة على اتفاقين تاريخيين لتطبيع العلاقات مع أنقرة المتهمة بوضع شروط غير مقبولة.
ويعتبر الأرمن ما تعرض له ذووهم من مطاردة ونفي من 1915 الى 1917 عملية "إبادة" سقط فيها على حد قولهم أكثر من مليون ونصف مليون قتيل. واعترفت فرنسا وكندا بوصف الإبادة. ولا تعترف تركيا إلا بمقتل ما بين 300 الى 500 ألف أرمني تقول "إنهم لم يقتلوا في حملة تصفية بل راحوا ضحية الفوضى التي سادت آخر سنوات الامبراطورية العثمانية". كذلك تقول تركيا إن القوميين الأرمن الذين انضموا الى العدو الروسي خلال الحرب العالمية الأولى قبل قرار الحكومة العثمانية ترحيل الأرمن الى سوريا، قتلوا عشرات آلاف الأتراك.