عرض مشاركة واحدة
  #609  
قديم 05-05-2010, 05:02 PM
 
في الذكرى الثانية والستين للنكبة
العودة.. حلمٌ لن ينتهي وأملٌ في بزوغ فجر جديد
[ 05/05/2010 - 12:40 م ]



آلاف القصص والحكايات التي تروي وجع ملايين الفلسطينيين الذين هُجِّرُوا عن أرضهم قسرًا؛ هي لهم بمثابة مفتاح ثمين وضعوه في حقائبهم؛ علَّ الرياح تحملهم يومًا إليها.. قصص حكاها أصحابها بوجع الإبرة، وربما بقسوة السلاح وثمن لقمة العيش التي لم يكونوا يعرفون معنى غيرها في تلك الفترة.
رائحة الموت
الحاج محمود محمد البرعي (65 عامًا) أحد المهاجرين من بلدة دمرة بجانب قرية بيت حانون؛ يستذكر القصة التي رواها له والده بعد أن أُرغِموا على الخروج من أرضهم تحت وطأة سلاح المحتل.
قصة الحاج محمود التاريخ شاهد عليها في كل صفحاتها، خاصة أن والدته قتلت في نفس الأرض لأنها رفضت الخروج منها، فيقول: "في نفس اليوم الذي أجبرنا فيه الاحتلال على ترك أراضينا، رفضت والدتي الخروج من المنزل بعد أن أقنعها جيرانها أنهم لن يستطيعوا إخراجها من أرضها أبدًا، وعلى هذا الأساس جمعت الماعز وجلست في خيمة صغيرة رافضةً الخروج من أرضها حتى ولو قتلت فيها".
ومضى الحاج الذي كان يرتدي الكوفية الفلسطينية على رأسه: "بعد أن رحل عدد كبير من أهالي المنطقة ذهب والدي ليبحث عنها، فسأل أحد أقاربي: هل رأيتها؟ فأخبره الجميع أنهم لم يروها قط، في نفس الوقت قال له رجل يسكن في المنطقة إنه رأى شعرًا طويلاً لامرأة موجودة في بئر المياه، ولا يعرف ما مصدره، ذهب بعدها عدد من أهل القرية إلى البئر، وبعد محاولات عديدة وجودها في قعر البئر".
تهجير للأبد
وأشار الشيخ الذي ظهرت على ملامح وجهه الستينية تجاعيد رجل بلغ من العمر مئات، إلى أن عددًا كبيرًا من أهالي القرية هربوا من شدة الخوف؛ لأن معظمهم كانوا فلاحين لا يحملون السلاح، مضيفًا: "لم يكن أمام أهل المنطقة إلا أن يخرجوا بعصيِّهم الصغيرة وأمامهم قطيع الماعز خوفًا من مصيبة قد تحل بهم، خاصة أن مكر اليهود عظيم".
وزاد: "كنت أسمع من والدي عن قضايا التهجير، وأن كل من بقي في أرضه كان يُقبل اليهود على قتله مثلما قتلوا والدتي؛ فهي كانت حاملاً في الشهر التاسع، ولأنها رفضت الخروج من أرضها رموها في البئر بدون رحمة"، لافتًا إلى أنه يحمل عددًا من الأوراق الثبوتية لأرضه في قرية دمرة لحين العودة لها مرة أخرى.
وأضاف بعد أن تنهد تنهيدة طويلة كادت أن تكتم أنفاسه: "أتمنَّى أن أعود إلى منزلي مرة أخرى وإلى أرضي؛ فلو أعطوني ملايين الدنيا لن أفرط في نقطة منها.. هذا وطن غال لا يباع مطلقًا".
ويصرُّ الحاج محمود على أن يرويَ قصة والدته التي قتلت فقط لأنها رفضت الخروج من أرضها لأحفاده الصغار؛ يزرع في قلوبهم حتى الآن حب الأرض والوطن.
لا تعويض عن الأرض
قصة الحاج محمد أبو ناموس (66 عامًا) لا تختلف كثيرًا عن قصة الحاج محمود الذي هاجر هو الآخر من بلدية بئر السبع منذ كان في الخامسة من عمره لينتقل للعيش في مدينة غزة هو ووالده، ومن ثم سافر إلى مصر وبقي فيها 12 عامًا ينتظر العودة إلى أرضه مرة أخرى لكن دون أمل.
الحاج أبو يوسف -كما يناديه جيرانه- أكد أنه يمتلك جميع الوثائق الخاصة في منزله في بلدة بئر السبع حتى الآن، ويحفظ مكان منزله حتى هذه اللحظة، موضحًا أنه يعيش الآن كآلاف المهاجرين في معسكر جباليا.
وأعرب أبو يوسف في ذكرى النكبة عن أمله في أن تنتهيَ الخلافات بين الفلسطينيين ويستطيع العودة إلى أرضه مرة أخرى، قائلاً: "لن أرضى بأي تعويض عن أرضي؛ فهي بمثابة الروح؛ لا تباع ولا تُشترَى".
حلم بالعودة
أحلام بالعودة لا يزال يرددها الحاج محمود والحاج أبو يوسف على مسامع أحفادهما في كل مرة يجالسانهم فيها؛ "فلا تتخلى عن أرضك مهما طال الزمان؛ فهي العرض والسند والمال والقبيلة هي وحدها من ستفتح لك آفاقًا واسعة لطرد المحتل منها".
الحاج أبو يوسف وأبو محمود أكدا أنهما يزرعان حب الوطن والأرض في قلوب أحفادهما؛ حتى لا ينسوا في يومٍ أنهم هُجِّروا عنها بالقوة.
آلاف من الأطفال الفلسطينيين يحملون أسماءً لمدنٍ هُجِّر أهاليهم منها، ولا يعرفون سوى أسماء تلك المدن التي يحلم أجدادهم في يوم بالعودة إليها.
__________________
رد مع اقتباس