الفصل السادس من روح الحب بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. الفصل السادس .. توجهت " ندى " إلى غرفة الدكتور " رشدي " مباشرة ما إن وصلت إلى المستشفى ، وعرضت عليه الأمر ، وطلبت منه التوجيه . فكان رأيه : ألا نُحَكِّم مشاعرنا في عملنا وإلا فإننا سنتمزق إربا بين كل الحالات التي نراها في اليوم ألف مرة .. كوني أقوى من ذلك يا " ندى " . ولكنها طلبت منه التفكير في الأمر ووضعه محل اعتبار ، ووافق الدكتور " رشدي " على ذلك قائلا : طلبك محل بحث ، وسنرى ما سوف يكون فلا تقلقي يا ابنتي . فرحت " ندى " بمناداته لها " يا ابنتي " وتهللت أساريرها ، شكرته ثم انصرفت من مكتبه وهي سعيدة أنه فهم مطلبها وقدَّر شعورها . في كل يوم تمر " ندى " على " توفيق " و " بهاء " ، وتتابع عملها بكل أمانة واخلاص . مرت خمسة وأربعون يوما ولا جديد . وفي اليوم الثامن والأربعون كانت " ندى " بغرفة " توفيق " تقرأ القرآن الكريم ، واستوفقها صوت تأوه فأسرعت لترى " توفيق " واقتربت منه ، تحدثت إليه ولكنه لم يُجب ، عيناه ترمشان ، لقد استرد وعيه . أسرعت " ندى " تزف الخبر إلى دكتور " رشدي " وتطلب منه أن يأتي ليرى بنفسه ، وحضر الدكتور " رشدي " وشرع في إفاقته إلا أنهما عجزا ، وانصرف الدكتور " رشدي " موجها " ندى " لما يجب أن تفعله ومَن تستدعيه من الأطباء على علم بحالة " توفيق " في حال هو غير موجود . وتمر الأيام ولا جديد لم يصدر عن " توفيق " أي بادرة أمل في استعادة وعيه ، كما وأن " بهاء " مازالت حالته كما هي من يوم تحملت " ندى " عملها بهذا القسم . مر عشرون يوما منذ آخر مرة سمعت " ندى " تأوه " توفيق " ومن يومها لا جديد . وقد طلبت " ندى " من دكتور " رشدي " نقلها لما رأت أنه لا فائدة من وجودها بالقسم ، فوعدها أن يعيدها للقسم وبذات الدرجة وأوصاها بالصبر لأنه رأى أن لا أحد يملك ما تملكه من تأثير على المرضى وكيف أنها تستطيع التواصل معهم حتى وإن كانوا مغيبين عن الوعي ، وأكد على وعده باعادتها للقسم ولكن بعد انهاءها ما بدأته مع " توفيق " و" بهاء " . فردت عليه " ندى " : أوامرك دكتور . فقال لها : ليست أوامرا ولكنه طلب أخير . فأجابته : طلبك مجاب دكتور " رشدي " فأنت بمثابة أبا لي . فقال لها : وانت بمثابة ابنتي ، يا ابنتي . استأذنت وخرجت .... وهكذا تمر الأيام ثقيلة على " ندى " وهي مشتتة بين هنا وهناك ، تعودهم كلما سنحت لهم الفرصة ، وفي ذات الوقت تقوم بواجبها على أكمل وجه دون أن يؤثر قرارها بالعودة إلى القسم الذي نُقِلَت منه على عملها . وفي يوم .. وهي بغرفة " توفيق " كانت قد تعبت من كثرة التفكير حتى أنها أجهشت بالبكاء ، وتحدثت بصوت عالٍ ، قائلة : سيدي ، إني اتعذب هنا ، بعيدا عن مرضى ارتبطت بهم بعاطفة حميمية ، أعلم أن ذلك مخالفا لقانون عملي وكن رغما عني ، إحدى الحالات طفل صغير ثمان سنوات يتعلق بي جدا ، والأخرى مريضة نفسية ، مراهقة تبلغ من العمر خمسة عشر عاما ، حاولت الانتحار أكثر من مرة ، تعتبرني أما أو اختا كبرى لها ، وحالتها تزداد سوءا في كل يوم ، فهل أتركهما ؟؟ ، أريدك أن تساعدني ، فأنا لن أرحل من هنا إلا بتمام شفاءك وأسأل الله العظيم أن يعجله حتى أعود لمرضاي ..... وانخرطت في بكاءها وأنينها . و مر يوما على هذا الحدث ، فإذا بـ " توفيق " يستعيد وعيه ويأن من جديد ، أسرعت " ندى " إليه ، هل تأثر بكلماتها وبكاءها ؟؟ ، أيا ما كان الأمر إنه يرمش ، ويحاول تحريك يديه ، اقتربت منه " ندى " ولمست يده وهمست بصوتها العذب كعذوبة روحها : سيدي ، حمدا لله على سلامتك ، أتسمعني ؟؟ !! تأوه مرة أخرى ، دون أن يجيبها ، أسرعت " ندى " في طلب الدكتور " رشدي " ، وعندما حضر كان الأمر قد بات جليا ، لقد استعاد " توفيق " وعيه . حاول " توفيق " أن يتحدث إليهم ، إلا انه لم يستطع ، فقد غاب عن الوعي فترة ليست بالقصيرة ، والكلام ثقيلا ، تخرج الكلمات متقطعة ، إلا أن الدكتور " رشدي " حين أنتهى من الفحوصات وجد أنه في حالة جيدة . تقدمت " ندى " من " توفيق " وربتت على كتفه ونظرت إليه نظرة حانية مطمئنة وقد ارتسمت على وجهها أجمل ابتسامة يحار في وصفها الشعراء ، مما جعل السلام والطمأنينة تتسلل إلى قلب " توفيق " ، وخرج توفيق من غرفة الرعاية الفائقة وانتقل إلى غرفة عادية ليتلقى المتابعة الأخيرة للتأكد من استقرار حالته على أيدي صديقات " ندى " .. وكانت " ندى " قد طلبت من صديقاتها الممرضات العناية به ومحاولة تهوين مصابه حتى لا يعود لغيبوبته من جديد ، فقد كان حرصها على مرضاها ومتابعة حالتهم حتى وإن كانوا بقسم آخر حتى يتماثلوا للشفاء هو جل همها وتعتبر مسئوليتها في أن تفعل كل ما بوسعها من أجل خروج المريض سليم معافى بأمر الله . وبقي هذا الغريب " بهاء " الذي يرفض تماما التماثل للشفاء ، ولا يقبل أي علاج كان ، ولا حتى كلمات " ندى " التي توجهها إليه ، وهو نائما جسدا بلا حراك . إلى هنا ينتهي الفصل السادس شكرا لكل مَن يتابع تحية طيبة سحر أحمد
__________________ الذين ماتوا من أجل ألا يموتوا لهم .. عصافير الصباح مدى
إلى شهداء الحرية والكرامة في كل بقعه من أرض الوطن العربي
قلب وليد ستكونين دوما بالقلب ولن تغيبي إذا تم اكتشاف نقل موضوع دون ذكر كلمة منقول سيتم انذار صاحبه وإن كررها سيوقف قبل نقل أية معلومة دينية يُرجى التأكد من صحتها وذِكر مصدرها ويُرجى عند اضافة الآيات القرآنية ذِكر أرقامها وأسماء السور ، وتحري الصحيح في الأحاديث النبوية الشريفة جزاكم الله كل خير المنتدى أمانة في أيديكم فلنترقِ سويا بمنتدانا الغالي |