وقد روي عن أبي طيبة عن ابن بريدة مرسلًا وهذا أصح قال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في كتاب فتوح مصر: حدثنا عبد اللّه بن صالح حدّثنا الليث ابن سعد قال: سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار فعجب عمرو من ذلك وقال: أكتب في ذلك إلى أمير المؤمنين فكتب بذلك إلى عمر رضي الله عنه فكتب إليه عمر سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي لا تزدرع ولا يستنبط بها ماء. ولا ينتفع بها. فسأله فقال: إنا لنجد صفتها في الكتب أنّ فيها غراس الجنة فكتب بذلك إلى عمر رضي اللّه عنه فكتب إليه عمر إنّا لا نعلم غراس الجنة إلاّ المؤمنين فأقبر فيها من مات قبلك من المسلمين ولا تبعه بشيء. فكان أوّل من دُفن فيها رجل من المغافر يُقال له عامر فقيل عمرت. فقال المقوقس لعمرو: وما ذلك ولا على هذا عاهدتنا فقطع لهم الحدّ الذي بين المقبرة وبينهم. وعن ابن لهيعة أن المقوقس قال لعمرو: إنا لنجد في كتابنا أن ما بين هذا الجبل وحيث نزلتم ينبت فيه شجر الجنة. وروى أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس في تاريخ مصر من حديث حرملة بن عمران قال: حدّثني عمير بن أبي مدرك الخولانيّ عن سفيان بن وهب الخولاني قال: بينما نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح هذا الجبل ومعنا المقوقس فقال له عمرو: يا مقوقس ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات ولا شجر على نحو بلاد الشام فقال: لا أدري ولكن الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك ولكنه نجد تحته ما هو خير من ذلك. قال: وما هو قال ليدفنن تحته أو ليقبرنّ تحته قوم يبعثهم اللّه يوم القيامة لا حساب عليهم قال عمرو: اللهم اجعلني منهم.
فكتب بقوله إلى عمر بن الحطاب رصي الله عنه فقال: صدق فاجعلها مقبرة للمسلمين فقبر فيها ممن عُرف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة نفر عمرو بن العاص السهميّ وعبد الله بن حذاقة السهمي وعبد الله بن جزء الزبيديّ وأبو بصيرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهنيّ. ويقال ومسلمة بن مخلد الأنصاريّ انتهى. ويقال أن عامرًا هو الذي كان أوّل من دفن بالقرافة قبره الآن تحت حائط مسجد الفتح الشرقي.