الموضوع: انا العبد
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-20-2007, 10:05 PM
 
انا العبد

قصيدة أنا العبد
قصيدة رائعة لابن عبدالقوي
ــ


أنا العبـد الـذي كسـب الذنوبـا * وصـدتـه الأمانـي أن يتـوبـا

أنا العبــد الــذي أضحـى حزيناً * علــى زلاتــه قلـقاً كـئيـبــا

أنا العبـد الـذي سطـرت عليـه * صحائف لم يخـف فيهـا الرقيبـا

أنا العبد المسـيء عصيـت سـراً * فمالـي الآن لا أبـدي النحيـبـا

أنا العبد المفـرط ضـاع عمـري * فلـم أرع الشبيـبـة والمشيـبـا

أنـا العبـد الغريـق بلـج بحـرٍ * أصيـح لربمـا ألـقـى مجيـبـا

أنا العبـد السقيـم مـن الخطايـا * وقـد أقبلـت ألتمـس الطبيـبـا

أنا العبـد المخلـف عـن أنـاسٍ * حووا من كـل معـروفٍ نصيبـا

أنا العبد الشريـر ظلمـت نفسـي * وقـد وافيـت بابـكـم منيـبـا

أنا العبـد الحقيـر مـددت كفـي * إليكـم فادفعـوا عنـي الخطوبـا

أنا الغـدار كـم عاهـدت عهـدا * ً وكنت علـى الوفـى بـه كذوبـا

أنا المهجور هل لـي مـن شفيـعٍ * يكلم فـي الوصـال لـي الحبيبـا

أنا المضطر أرجـو منـك عفـواً * ومن يرجو رضـاك فلـن يخيبـا

أنا المقطوع فارحمنـي وصلنـي * ويسر منـك لـي فرجـاً قريبـا

فوا أسفـي علـى عمـرٍ تقضـى * ولـم أكسـب بـه إلا الذنـوبـا

وأحـذر أن يعاجلـنـي مـمـاتٌ * يحيـر لهـول مصرعـه اللبيبـا

ويـا حـزنـاه مــن نـشـري * ليـومٍ يجعـل الـولـدان شيـبـا

تفطـرت السمـاء بـه ومـارت * وأصبحـت الجبـال بـه كثيـبـا

إذا مـا قمـت حيرانـاً ظمـيـا * حسيـر الطـرف عريانـاً سليبـا

ويا خجـلاه مـن قبـح اكتسابـي * إذا ما أبـدت الصحـف العيوبـا

وذلـة موقـفٍ لحسـاب عــدلٍ * أكون بـه علـى نفسـي حسيبـا

ويـا حـذراه مـن نـار تلظـى * إذا زفـرت فأقلـعـت القلـوبـا

تكـاد إذا بـدت تنشـق غيـظـاً * على مـن كـان معتديـاً مريبـا

فيا من مدّ فـي كسـب الخطايـا * خطـاه أمـا بـدا لـك أن تتوبـا

ألا فاقلـع وتـب واجتهـد فإنـا * رأينـا كـل مجتـهـدٍ مصيـبـا

وأقبِل صادقاً في العـزم واقصـد * جنابـاً ناضـراً عطـراً رحيبـا

وكـن للصالحيـن أخـاً وخــلاً * وكـن فـي هـذه الدنيـا غريبـا

وكن عـن كـل فاحشـةٍ جبانـاً * وكن فـي الخيـر مقدامـاً نجيبـا

ولاحـظ زينـة الدنيـا ببغـضٍ * تكن عبـداً إلـى المولـى حبيبـا

فمـن يخبـر زخارفهـا يجدهـا * مخـادعـةً لطالبـهـا حلـوبـا

وغض عن المحارم منـك طرفـاً * طموحـاً يفتـن الرجـل الأريبـا

فخائنـة العيـن كأسـد غــاب * إذا مـا أهملـت وثبـت وثـوبـا

ومن يغضض فضول الطرف عنها * يجـد فـي قلبـه روحـاً وطيبـا

ولا تطلـق لسانـك فـي كــلامٍ * يجـر عليـك أحقـاداً وحـوبـا

ولا يبـرح لسانـك كـل وقـتٍ * بـذكـر الله ريّـانـاً رطـيـبـا

وصل إذا الدجى أرخـى سـدولاً * ولا تكـن للظّـلام بـه هيـوبـا

تجـد أجـرأ إذا أدخلـت قـبـراً * فقـدت بـه المعاشـر والنسيـبـا

وصم مهما استطعت تجـده ريـاً * إذا مـا قمـت ظمآنـاً سغيـبـا

وكـن متصدقـاً سـراُ وجـهـراً * ولا تبخل وكـن سمحـاً وهوبـا

تجـد مـا قدمتـه يـداك ظــلاً * عليك إذا اشتكى النـاس الكروبـا

وكـن حسـن الخلائـق ذا حيـاء * طليق الوجـه لا شكسـاً قطوبـا

فيا مولاي جـد بالعفـو وارحـم * عبيداً لـم يـزل يشكـي الذنوبـا

وسامح هفوتـي وأجـب دعائـي * فإنـك لـم تـزل أبـداً مجيـبـا