هو مخزن الرجولة الذى تلجأ إليه على مر السنين.
هو الرجل الذى تستمد منه ماتُكمل به نواقصك فى كل مراحل حياتك .
هو الإنسان الذى تبدأ فى صياغة مفردات رجولتك على أساس أفعاله وحركاته واستجاباته وعصبيته أو هدوءه، غلظته أو رحمته ، جلسته ، ضحكته وسكونه .
هو الإنسان الذى تبدأ حياتك بتشرب حركاته وتقليدها فى معنى لا يشير إلا أنك لاترى غيره يصلح لأن يكون رجلاً بكل معانى الكلمة . وتمر الأيام ويكبر الفرد منا وتبدأ نظرته للأب تتغير فى مرحلة المراهقة ، يبدأ يشعر أنه ربما يكون هناك رجال أفضل بكثير من ذلك الرجل المُسمى بالأب ويحدث إختلال كبير فى علاقة الإبن بالأب وذلك يرجع إلى فترة المراهقة والتى يبدأ المراهق فيها بالتعرف إلى آخرين أكبر سناً وكُثُر كالمدرسين والمدربين مثلاً ، يبدأ فى الشعور بأن هناك رجالاً آخرين ربما يكونوا أكثر حكمة وأكثر معرفة من الأب ؛ الرجل الوحيد الأسمى فى المرحلة السابقة !!
وربما تبدأ العلاقة فى هذه المرحلة بالإضطراب نوعاً ما وربما يطول هذا الإضطراب نوعياً ولكن مع نضوج الإبن وتجاوزه تلك المحنة العقلية يبدأ فى معرفة الحقيقة أن كل إنسان فى تعامله مع الآخرين يكون مميزاً بشكل كامل فى مجال ما فعندما تتعامل مع مدرب وخبير فى لعبة التنس مثلاً لايعنى ذلك أن الأب يكون جاهلاً وتعتبره غير صالح لأن يكون مثالاً لنقص خبرته باللعبة ، لأن نفس هذا الخبير بالتنس مثلاً إن سألته عن حجم الحوت مثلاً ، ربما سيقول لك إسأل عالم فى الأحياء !! إن هذا ليس مجالى !!
ولذلك يجب على المراهق معرفة أن نقص معرفة والده فى مجال معين لاتعنى بالضرورة أن هذا نقص فى الشخصية ويحتاج إلى إكمالها ، لأن هذا طبيعة بشرية غير قابلة للتطبيق على المستوى الإنسانى وأقصد بها قاعدة تمام المعرفة ومثلها مثل تمام القوة وتمام المستوى الإجتماعى وكل مايجابهه المراهق وربما لايجده فى الأب والوالد .
ولكن ماأن يصبح ذلك الإبن فى مرحلة النضوج العقلى الفعلية والتى أعتقد انها لاتتحقق إلا ببداية العمل الفعلية والإندماج فى الحياة بتفاعلاتها وصعوبتها ومن ثم مرحلة تكوين الأسرة وإدراك ماذا تعنى كلمة المسئولية وماذا يعنى ضغط الحياة على الإنسان وتأثير ذلك على أعصابه يومياً فى علاقاته بالبشر ومنهم عائلته / ساعتها يبدأ الولد يدرك ويتفهم ويشعر بكمية الصدق الذهلة التى كانت تملأ تصرفات الوالد ومدى التعب والإرهاق وصلف الحياة الذى تحملهم الوالد جميعاً بدون الإعتذار يوماً او تجنب مسئوليته عما يحدث داخل بيته وأسرته ، يبدأ الإبن ويستمر إلى الممات فى الإقتناع أن أفضل من كان ليكون والده وأبوه هو هذا الرجل وليس سواه ويقتنع المرء أبداً ودائماً بأنه هو شخصياً ونفسياً غير مؤهل لأن يكون فى رجولة ذلك الرجل الإنسان وأنه مهما فعل وفعل لن يصبح يوماً نصف أو ثلث أو حتى ربع ذلك البشرى المناضل ، يدرك الإبن ساعتها القيمة الحقيقية لذلك الرجل والمخلوق السامى الذى جُبِل على حب أولاده وأطفاله وبدون إنتظار لأى مردود منهم إن كان فى المشاعر أو حتى مادياً نستطيع حينها كلنا أن نتفهم كيف أن حب الآباء هو الحب الحقيقى ، الحب الذى لايحتاج مقابل ليستمر ، هكذا مجرد حب للحب وفقط .
فهل ياترى نفهم ونقدر قيمة ذلك الإنسان الذى نسكن فى بيته ونأكل من كده وتعبه وتنبنى لحومنا وعظامنا بإذن الله من جسده أولاً ومن ثم من فناء أيامه وعمره علينا ؟؟؟ هل ياترى نستطيع تقدير ذلك الرجل الذى لايتقبل معظمنا منه النصيحة هذه الأيام !!؟ بل تواجه بالتذمر والنقد الواضح والصريح !!
وكنت أحب أن أسأل سؤال .. هل ياترى وجه أحدكم إخوانى الأفاضل قبلة إلى يد أبيكم يوماً ؟؟؟ لا أعلم لمَ يكون من السهل علينا فى غالب الأمر تقبيل يد أمهاتنا ولكن نشعر بأن تقبيل يد الأب يكون فيها تحرُّج بالغ وربما عدم استطاعة وتوقف حتى وإن إتخذنا القرار على تقبيل تلك اليد التى تستحق كل الخير ..
أطلبها منكم دعوة هاهنا إخوانى ترك جملة لأبائكم ومن ثم إعطائهم التقدير الذى يستحقونه.