عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-08-2010, 08:44 AM
 
لورنزانا.. نقمة الجمال..!

بقلم : طه النعمان: آخر لحظة
عونا نخرج اليوم قليلاً من أجواء السياسة الملبَّدة بغيوم الكدر والأحزان، لننظر من إحدى نوافذ المجتمع ونطل على بعض مشكلاتها. نافذة تقود ناظريك إلى حيث تختلط بهارات الطرافة والتسلية بعجائن المفارقات والمأساة الإنسانية فتنتج مزيجاً غريباً ومذاقاً مشهياً لمن يستطعمون الحياة بلا وجبات سياسية أوانشغالات فكرية.
استوقفتني في صحف السبت ثلاث قصصٍ، اثنان منهما اجتماعية والثالثة رياضية.. أولاهما عن فتاة أمريكية تعيش وتعمل في نيويورك طُردت من عملها -أي «رفدوها عديل»- لا لسبب إلا لأنها «جميلة أكثر من اللازم».. حورية لم يعتد الناس على رؤية شبيهة لها تعمل في المكاتب. ولسبب «إداري» وجد عندي قبولاً وتقديراً، فقد اكتشف أرباب العمل الذين وظًّفوا تلك الفتاة أن جمالها وأنوثتها الطاغية قد أصبحت مشكلة تشتت تركيز وانتباه زملائها الذكور وتؤثر بشكل مباشر على مستوى إنتاجهم. لاحظت الإدارة قطعاً أن هناك من يترك مكتبه ويتفرغ للحديث مع تلك الأيقونة البديعة، ومن يدلق كوب القهوة أو الشاي على ملابسه أو يتعثر فيكبه على المكتب والأوراق والأجهزة عندما يمر من أمام مكتبها، أو من يمضي جزءاً مقدَّراً من وقت العمل ساهماً ومبحلقاً في عينيها ووجهها الأخاذ وجسدها الرجراج، فتحولت الشركة إلى حالة «بهدلة وبشتنة» غير مسبوقة، فكان الحل الأولي الذي اقترحه المدير ونفَّذه هو «فرز عيشة» هذه الحورية الساحرة بتخصيص مكتب بعيد ومنعزل لها لا يرتاده عادة موظفو الشركة، ولكن ذلك الحل لم يكن كافياً لإبعاد «ديبراهلي لورنزانا» عن ملاحقة العشاق المتيمين، فهيأت لبعض أكثرهم جرأة و«كبكبة» فرصة «للخلوة غير الشرعية» للتعبير عن ولههم الذي يلامس درجة «التحرش»، مما اضطر لورنزانا بدورها للتبرم والشكوى لرؤسائها والاحتجاج على ما تتعرض له. فلم يمضِ سوى شهر واحد على تلك العزلة المفروضة إلا وجد أرباب العمل أنه لا حل سوى «الحل النهائي»، على طريقة النازي واليهود، فقرروا صرفها نهائياً من العمل. مما اضطرها إلى رفع قضية «فصل تعسفي» ضد الشركة، بحسب صحيفة «نيويورك ديلي نيوز» التي نقلت عن لورنزانا «33 سنة» قولها، في دعواها أمام المحكمة العليا، إنها مُنعت من ارتداء تنانير وبلوزات ضيقة أو حتى أحذية بكعوب عالية لأن هذه الملابس تجعل جسمها «مشتت جداً» وفناناً جداً و«يشتت» بالتالي و«يبهدل» أحوال زملائها الموظفين. لكن لورنزانا تقول إنها لم تعمد يوماً إلى ارتداء ملابس فاضحة، بالرغم من حبها للموضة، وإنها ترتدي دائماً بشكل مهني ومحترف، ولكن مهما فعلت لن تستطيع تغيير «خلقة الخالق» أو تحول دون ظهور تقاسيم جسمها، ولكن لا فائدة من كل هذا الجدل، فالجميع في انتظار قرار المحكمة العليا: الإدارة التي قررت التخلص من هذه «الفتنة» التي تمشي على قدمين، ولورنزا ومحاميتها اللتان تنتظران إنصاف العدالة، وموظفو الشركة الذين يرفعون أكفهم ضراعة لأن ينصر الله معشوقتهم الحورية لورنزانا ويعيدها لهم لتعطر أجواء الشركة، وليذهب الإنتاج والأرباح في «ستين داهية»! اعتقد أن «التوب» السوداني أو العباءة العربية هما الحل الأوفق لمشكلة لورنزانا. أما القصة الثانية، فهي قصة ذلك الشاب السعودي الذي «أكل علقة» تسير بذكرها الركبان، وأدخل إلى قسم الطوارئ بإحدى مستشفيات جدة، باكياً مستنجداً وطالباً لمداواة جراحه وإصاباته المتعددة. فقد صحا ذلك الشاب مبكراً وحاول إيقاظ زوجته لأداء صلاة الفجر، لكنها تناومت ولم تستجب، فظل يلح عليها وهي لا تستجيب. وفجأةً قفزت من سريرها وتناولت «عصاة» قريبة، ونزلت عليه ضرباً وركلاً حتى جعلته بين «الميتة والحياة» فهرع يصرخ وينزف إلى المستشفى فهرع الأطباء -كما قالت «عكاظ»- نقلاً عن شهود عيان لإنقاذ الشاب، وبدأ يحكي لهم قصته مع زوجته وأنه يعاني من آثار الضرب على ظهره ووجهه ومن جرح على شفتيه ورضوض في يده، مشيراً في الوقت ذاته أن زوجته كانت في مرات سابقة تستخدم «الحذاء» في ضربه، ولكنها لجأت هذه المرة إلى أداة أكثر فعالية وعنفاً وهي «العصاة» لمن عصا، وقطعاً ستكون هذه هي المرة الأخيرة التي «يتبرع» فيها هذا الزوج المسكين بإيقاظ تلك السيدة الشرسة لأداء الصلاة، وسيعمل «من هنا وطالع» بحكمة ترك الخلق لخالقها!أما القصة الثالثة فتتعلق بالمونديال - دورة كأس العالم في جنوب أفريقيا- فقد انتهت الفنانة الجزائرية أمل بشوشة ذات الجمال الباهر والقوام الممشوق والأناقة الأخاذة من تصوير أغنية لمؤازرة فريق بلادها -الفريق العربي الوحيد المشارك في مونديال جنوب أفريقيا. اللافت في الأغنية هو عنوانها «المستعجل» والذي حسم نتيجة الدورة باكراً وقبل أن تبدأ المباريات، والذي يقول «بطل العالم عربي»، والذي ألَّفَ كلماته فارس أسكندر ولحنه سليم سلامة وأخرجه زياد برازي، ويتم تصويره في استاد صيدا وسط أجواء رياضية مرحه، وشاركت أمل في التصوير شقيقتها نوال بشوشة. نعم.. العنوان ينطلق من مبدأ «تفاءلوا بالخير تجدوه»، ولكن في «عالم المستديرة» من الصعب إن لم يكن من المستحيل التنبؤ بنتيجة مباراة، ناهيك عن دورة كاملة لم تبدأ بعد، ولو أعمل المؤلف والمخرجون والمغنية أمل بشوشة خيالهم قليلاً لوجدوا عنواناً أكثر ملاءمة وتعبيراً عن رغبتهم في تشجيع «أسود الصحراء» الذين لا ينقصهم الحماس والاندفاع كما هو معلوم ومشهود، المشكلة التي ستواجه هذه الأغنية بهذا العنوان «المتنبئ» أنها ستموت وتشبع موتاً إذا لم يحقق الفريق الجزائري البطولة باسم العالم العربي، بل وقد يصبح مادة للتندر والسخرية.

رد مع اقتباس