في مواجهة الظلم والاستبداد ( 3 )
القوات الخاصة الصهيونية (المتسادا) تستهدف كراسي الأسرى المقعدين! [ 28/06/2010 - 07:40 ص ] الوزير السابق وصفي قبها
ما أن تنتهي سلطات الاحتلال من اقتراف جريمة بحق الشعب الفلسطيني حتى تبدأ بالتخطيط لارتكاب جريمة أخرى، فبالأمس كان جنود الوحدات الخاصة ( النخبة ) ترتعد فرائصهم ويبكون خوفاُ وهم يقتحمون أسطول الحرية ( سفينة مرمرة )، فأطلقوا النار بشكل عشوائي وهستيري وهم يعلمون أن المتضامنين على متن السفينة، شخصيات اعتبارية وسياسية وبرلمانية لها حضورها الاجتماعي ومواقفها الإنسانية من خلال الوقوف إلى جانب المظلومين .. شخصيات من أقطار عربية وإسلامية وأخرى دولية عديدة لا تحمل السلاح بل تحمل المساعدات الإنسانية لأطفال وأهالي غزة المحاصرة، وتحمل الكاميرا والقلم لتوثيق آثار العدوان الهمجي على القطاع والآثار الكارثية التي طالت كافة مناحي حياة الغزيين نتيجة الحصار المفروض ، فكانت المجزرة البشعة، وكان القتل بدم بارد وعن سبق إصرار وترصد.
وبعد أن أهينت هذه الوحدة وتمرغ أنفها، دفع قادة الصهاينة بقوات النخبة في القوات الخاصة الصهيونية المسماة ( المتسادا ) لارتكاب جريمة جديدة لعلهم يستعيدون هيبة مفقودة، ويحققون نصراً وهمياً، فكانت هذه المرة ساحة الجريمة ليست ككل الساحات .. ساحة تضم ثمانية وثلاثين أسيراً فلسطينياً من ذوي الأمراض المزمنة والأعضاء المبتورة، والأجساد المشلولة، هذه هي عنترية الصهاينة يبحثون عن هدف سهل لتحقيق إنجاز جديد يُستعاد من خلاله هيبة مفقودة ومعنويات محطمة، وبقايا كرامة مبعثرة، فكان هدف قواتهم الخاصة كراسي الأسرى المقعدين في مشفى سجن الرملة، حيث تمَّ اقتحام غرف الأسرى المرضى مع صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 22/6/2010 بشكل عنيف ووحشي ينم عن عقلية الاحتلال الإجرامية وتعكس نفسياتهم المريضة وممارساتهم بصورها السادية حيث يتلذذون بعذابات من اجتمعت عليهم آلام الجسد إلى آلام القيد، هذه هي عقلية الصهاينة التي لا تفرق بين كبير وصغير أو مريض وصحيح ، حتى أنها لا تفرق بين إنسان وجماد، فالاحتلال الصهيوني يستهدف كل ما هو فلسطيني من إنسان وشجر وحجر.
لقد اقتحِم المراش ( مشفى سجن الرملة ) بقوات مدججة بجميع أنواع الأسلحة والعتاد فقامت بتحطيم كراسي المقعدين وقلبت أغراض المرضى رأساً على عقب وخلطت أغراضهم بعضها على بعض، والحجة البحث والتفتيش عن أمور وأغراض ممنوعة، ولا أدري ما هي هذه الأغراض الممنوعة التي بحوزة الأسرى الذين يعانون إصابات وأوضاعاً صحية صعبة، فلا أدري على سبيل المثال ماذا بحوزة الأسير محمد أبو لبدة الذي لا يستطيع القيام بأي حركة وهو بمثابة كتلة من اللحم على سرير المرض، أو الأسير زهير لبادة " أبو رشيد " الذي لا يقوى على الحركة ويعاني من الفشل الكلوي ويغسل الكلى ثلاث مرات في الأسبوع أو الأسير أحمد النجار الذي يعاني من مرض سرطان الحنجرة أو الأسير منصور موقدي الذي لا يستطيع الحركة إلا من خلال كرسي خاص للمقعدين أو ناهض الأقرع المبتورة رجله وغيرهم من الكتل اللحمية المكدسة في علب إسمنتية وهي التي أقرب إلى المخازن أو المستودعات منها إلى غرف مرضى ، فهذه هي حالات وأوضاع من استأسدت عليهم وحدة النخبة في جيش الاحتلال الصهيوني، سجن وقيد .. فراق الأهل والحرمان .. مرض سرطان أو قلب، وأعضاء مبتورة أو شلل يزيد السجن قسوة والجسد ألماً.
في هذا المكان الذي يدعى زوراً وبهتاناً مشفى سجن الرملة ( المراش )، المكان الذي يُفترض أن يكون أكثر إنسانية وأكثر رحمة في العالم، حيث يجب أن تحترم فيه إنسانية الإنسان ويتلقى المريض فيه علاجاته المناسبة في الوقت المناسب، قد أصبح اليوم في زمن الظلم والعربدة لدى الاحتلال الصهيوني مسرحاً من المسارح التي تُقترف عليها الجرائم الصهيونية البشعة والمتكررة، التي اعتاد الأسرى الفلسطينيين على مواجهتها بصدورهم العارية وأمراضهم
المزمنة، وبأجسادهم المشلولة التي تحطمت عليها قضبان السجن، ولم تستطع آلة البطش والقمع الصهيونية أن تنال من إرادتهم أو تهز معنوياتهم أو تُحطم صمودهم.
ولم تكتف مصلحة السجون بارتكاب تلك الجريمة وممارسة الهمجية بأبشع صورها اللاإنسانية واللاأخلاقية، فقامت بمعاقبة القسم أيضاً من خلال فرض الغرامات المالية الباهظة وإغلاق ومنع الأسرى المرضى من الخروج من غرفهم سواء إلى الفورة لرؤية الشمس وتنسم الهواء أو إلى غرفة الأكل، الأمر الذي فاقم من سوء الوضع وزاد من المعاناة، وفي ظل هذا الظلم والاستبداد تبرز أسئلة كثيرة وكبيرة، ألا يكفي لهذا العالم انحيازه لجانب الصهاينة المحتلين، ومتى يتوقفون عن الكيل بمكيالين ؟؟؟!!! ألا تكفي هذه النظرة العوراء لما يسمى بالأمم المتحدة، وأين مؤسساتها الحقوقية ومجالسها الإنسانية ومفوضيها الساميين ؟؟؟ !!! ألا يكفي للأمة العربية وقادتها هذا السبات العميق ؟؟؟ !!! حتى متى يستمر الصمت على جرائم الاحتلال ؟ ألا تحرك هذه الجريمة بحق الأجساد المشلولة وتبعث الضمائر الميتة !!!!
فإلى كافة المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية .. إلى مؤسسات الدفاع عن حقوق الإنسان ... إلى المؤسسات الأممية ... إلى الجهات الفلسطينية ذات العلاقة ... إلى المؤسسات الإعلامية ، أين أقلامكم وعدساتكم للدفاع عن حقوق الأسرى وللتسجيل والتوثيق والتثبيت لذاكرة الأجيال والتاريخ ... إلى فصائل العمل الوطني، أين فعلكم ؟!.. إلى أبناء الشعب الفلسطيني العظيم ... إلى الشعوب العربية والإسلامية .. إلى أحرار العالم .. الأسرى الفلسطينيون ينتظرون منكم تحركاً فاعلاً، ينتظرون موقفاً صلباً.. الأسرى المرضى يستصرخون ضمائركم .. ها هم الصهاينة يقترفون الجرائم الإرهابية والوحشية بلا خجل، فأين الغيورون على دماء الأطفال والنساء وأعمار الأسيرات والأسرى التي تطحنها رحى سجون الاحتلال، لقد آن الأوان للتصدى لجرائم الاحتلال وكل مظاهر الظلم والاستبداد ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال وحدة وطنية شاملة تتضافر فيها وتتكامل كل الجهود المخلصة والخيِّرة، فهل تلامس صرخة واستغاثة الأسرى المرضى في مشفى سجن الرملة مسامع الجميع.؟!