عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 07-17-2010, 01:00 PM
 
* الجزء الرابع*
(شجار..أم مجرد سوءتفاهم؟)
زفر هشام بضجرشديد وهو يحرك أصابعه بعصبية على المقود..بعد أن أوقف سيارته في احد المواقف الخاصةبمبنى الصحيفة..
وقال بسخط وهو يتحدث إلى فرح الجالسة إلى جواره: اتصلي بهاواخبريها بان هناك حمقى ينتظرونها بمواقف الصحيفة منذ نصف ساعة..
قالت فرح وهيتفتح عينيها المغمضتين من الملل: عبثا أحاول..لقد اتصلت بها خمس مرات ولا تجيب.. ربما قد وضعت هاتفها على الوضع الصامت..
قال هشام بعصبية: وأنا الأحمق الذي أخذتإجازة ساعة قبل انتهاء العمل بناء على تعليماتك..
قالت وهي تتطلع من نافذةالسيارة: صدقني.. انا متأكدة من إن موعد العمل قد انتهى منذ ربع ساعة لا اعلم لم قدتأخرت..
وأشارت بسبابتها الى الخارج وكأنها تؤكد صدق ما تقول: انظر بنفسك.. لمتبقى سوى اربع او خمس سيارات فقط بالموقف..
قال بسخرية لا تتناسب مع الموقف: وربما بقية الموظفين يذهبون بسيارات الأجرة او حتى الحافلات العامة..
وأردف وهويبتسم بسخرية لنفسه: أنا الأحمق في النهاية عندما استمع الى كلام الفتيات..
- ستصل بعد قليل..انتظر قليلا..
- اذا حان البعد قليل هذا فلتخبريني..انا الآنمتعب وجائع وسوف أعود الى المنزل..لن استمع الى كلام أي فتاة مرة أخرى والا كنتأبلها..
قالت وهي تعقد ساعديها أمام صدرها: تسخر منا..أليس كذلك؟..لكنك فيالنهاية لن تلبث ان تقع في حب احد منا..وتتمنى لو تستطيع ان تقدم لها كل ما تتمناهو...
صمتت فرح بغتة لأنها أدركت فداحة ما قالته خصوصا مع الألم الذي ظهر على وجههشام..كيف تقول هذا وهي الأعلم بحبه الذي لا يلقى أي تجاوب من وعد..
وتنهد هشاموقال في تلك اللحظة وهو يتطلع الى مرآة سيارته الجانبية: وأخيرا حضرتالأميرة..
وأسرعت فرح بالتطلع من النافذة لترى وعد تتقدم باتجاه سيارتهابهدوء..فأسرعت بالخروج من سيارة هشام ونادتها قائلة: وعد..
التفتت لها وعد وقالتبغرابة وهي ترفع حاجبيها: فرح ..ما الذي جاء بك الى هنا؟..
قالت فرح بحيرة: ألميخبرك هشام؟..
عقدت وعد حاجبيها في محاولة للتذكر وقالت: يخبرني ماذا؟..
خرجهشام من السيارة بنفاذ صبر وقال: الم اتصل بك بالأمس وأخبرتك باني انا وفرح سوف نمرلأخذك والذهاب الى احد المتاجر..
قالت وعد بغتة: بلى لقد تذكرت الآن ..
قالهشام بحدة: فليكن هيا بنا اذا فقد مللت الانتظار كل هذا الوقت..
قالت وعد وهيتهز كتفيها بلا مبالاة: ولم انت غاضب هكذا لم اطلب منك المجيء ..انت من جاءلوحده..
قال هشام بعصبية: معك حق.. انا المخطأ..
قالها وهو يصعد سيارته وفرحتراقبه بدهشة فصاحت هذه الأخيرة قائلة: هشام ..ماذا ستفعل؟..
قال هشام بصوتمرتفع متحدثا الى وعد وهو يشعل المحرك: وأوصلي فرح في طريقك..
قالها وانطلقبالسيارة من فوره فقالت فرح بدهشة واستنكار: انه مجنون.. لاشك في هذا..كيف يتركنيهنا؟..
قالت وعد مبتسمة وهي تصعد الى سيارتها: اصعدي الى سيارتي الآن.. قبل انامضي في طريقي ولا تجدين من يوصلك بعدها..
قالت فرح وهي تجلس في المقعد المجاورلوعد: أتعرفين..كل ما حدث كان بسببك..
قالت وعد بابتسامة: أنت الآن معي فلاتسيئي الي.. فلا يوجد سواي ليوصلك إلى المنزل.. بعد ان تركك شقيقك ورحل دون ان يهتملأمرك..
قالت فرح وهي تعقد حاجبيها: لست أمزح يا وعد.. لقد ترك عمله قبل ساعةوأخذني من المنزل لننتظرك هنا..فكما تعلمين عمله ينتهي بعدك بساعةكاملة..
وأردفت وهي تمط شفتيها: ومكثنا ننتظر هنا لنصف ساعة.. حتى جئت إليناو..
قاطعتها وعد بملل: وشقيقك العزيز قام بصب غضبه على رأسي أنا..
قالت فرحبحدة: لأننا كنا ننتظرك منذ فترة وأنت لم تقدري هذا بل قابلتينا بعدم اهتمام وكأننا ....
قالت وعد بملل: أرجوك كفى يا فرح..لم انتهي من هشام حتى تظهري انت ليالآن..
قالت فرح بحنق: هشام لا يستحق ما تفعلينه معه يا وعد..
قالت وعدباستنكار: وما الذي فعلته به؟..
- تتجاهلينه..لا تأبهين لما يفعل..لا تقدرينمشاعره و...
صمتت فرح وتنهدت وهي تشيح بوجهها..فقالت وعد باستنكار شديد: أناأتجاهله؟.. انه يتصل بي أحيانا حتى عندما أكون نائمة.. ولكن إكراماً له لا أحرجه.. شقيقك هذا- عن اذنك - مجنون..لن يكف على مراقبة تحركاتي والاتصال بي كل لحظة ليعلماين انا..
قالت فرح وهي تتنهد: لن تقدري مشاعره ابدا...
- وماذا افعل له حتىاقدر مشاعره.. و....
بترت وعد عبارتها وقالت باستغراب: عن أي مشاعر تتحدثين.. هلاصابتك عدوى الجنون من هشام..
قالت فرح وهي تتنهد بسخرية مريرة: ربما اكونكذلك..لا تهتمي لما قلته..
صحيح ان فرح طلبت من وعد ان لا تهتم للامر.. ولكن هذاكان اشبه بالحافز لهذه الأخيرة..فقد عقدت حاجبيها وهي تطيل التفكير بالأمر طوالقيادتها.. وتمتمت لنفسها قائلة : ( ما الذي تعنيه فرح بكلامها؟..عن أي مشاعرتتحدث؟..اتعني ما تقول حقا؟..ام انه مجرد توقع من توقعاتها؟..لو كان ما تقوله صحيحف...يا الهي لا اتمنى ان يكون حرفا مما قالته صحيحا والا سأكون في مشكلة.. هشاميحمل لي مشاعر في قلبه..انها الطامة الكبرى ولا شك..كلا هذا غير صحيح ان فرح بدأتتهذي او ربما تتخيل اشياء في غير محلها..أليس كذلك يا فرح..أليس كذلك؟)
لم تنتبهوعد الى نقسها وهي تنطق بشكل مسموع: أليس كذلك يا فرح؟..
تطلعت اليها فرح وقالت: تحدثيني؟؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها: كلا..دعك مني فقد اقتربنا منمنزلك..
قالت فرح بهدوء: خذيني معك الى منزل عمي لا اريد ان اعود الآن الى منزليفلا بد ان هشام لا يزال غاضبا..وسأكون افضل شخص ..يفرغ غضبه فيه..
قالت وعدبمرح: فليحاول فقط وانا سأجعله يندم لو صرخ في وجهك فقط..
قالت فرح مبتسمة: وماالذي يمكنك فعله؟..أتذكرين قبل ان تدخلي الجامعة.. طلبت منه أن يأخذك الى هذهالأخيرة حتى تلتحقي بها..ولكنه نسي الامر وبسبب ذلك لم تتمكني من التسجيل في تلكالجامعة التي كنت ترغبين بالالتحاق بها...فغضبت وثرت وفي النهاية هدأت...امام شقيقيلن يمكنك أن تفعلي شيء..
قالت وعد بابتسامة: أتصدقين شقيقك هذا لديه وسيلة غريبةفي الإقناع.. على الرغم من اني كنت في ذروة غضبي.. ولم يكن لدي أي ذرة صبر او هدوءحتى استمع الى احد..ولكنه تمكن من ان يهدأ غضبي ويجعلني انسى الأمربالمرة..
قالت فرح بلهفة: ماذا قال لك يومها؟..
صمتت وعد في تفكير ومن ثمقالت وهي تهز كتفيها: لا اذكر جيدا.. ولكنه جعلني اقتنع ان الامر مسلمبه..
وأردفت في هدوء:ها قد وصلنا..هيا فلتذهبي الى المنزل ..وان حاول هشام اذيتكاخبريني.. انا له دائما بالمرصاد..
قالت فرح بمرح: سنرى من منكما سينتصر فيالنهاية..
واردفت وهي تفتح باب السيارة: أشكرك على توصيلي.. الىاللقاء..
اوقفتها وعد قائلة بابتسامة: والاجرة؟؟قالت فرح وهي تغمز بعينها: تحصلين عليها نهاية الشهر..مع السلامة..
قالتها وهبطت من السيارة..وبالرغم منهاأحست وعد وهي تبتعد عن منزل عمها- والد هشام- بشعور غريب يتملكها اثر كلمات فرحلها..شعور كان اقرب الى الخوف.. منه إلى الاستنكار..
*************
انشغلهشام بأخذ القياسات على المخطط الموجود أمامه لمبنى ما..ولم ينتبه إلى فرح التيطرقت باب غرفته ومن ثم لم تلبث ان فتحت الباب بعد أن يأست من أن يجيبها هشام وقالتبحيرة: هشام هل أنت نائم؟..
قال مبتسما: اجل..
تقدمت منه وقالت بضيق: أليسلديك وقت لتجلس معي قليلا .. دائما منشغل بعملك هذا..
قال في هدوء: مع الأسف لميتم توظيفي في شركتك الخاصة حتى أتذمر من كثرة العمل..
عقدت حاجبيها وقالت: لاتسخر مني..ثم ما أدراك من أن تكون لدي شركة خاصة في المستقبل..
قال بسخرية: هلبدأت تخططين للزواج من صاحب الشركة التي اعمل بها؟..
غمزت بعينها وقالت: ما رأيكفي عماد.. والده لديه شركة..صحيح ليست بالكبيرة.. ولكن في ذات الوقت تسمىشركة..وستصبح لي في المستقبل..
شعر هشام بالضيق.. ربما عندما علم بأن عماد افضلمنه ماديا.. وانه زوج مناسب لكل فتاة.. وازداد ضيقه وهو يتذكر ابتسامة وعد الواسعةلعماد في ذلك اليوم..
وأيقظته فرح من شروده وقالت وهي تتطلع الى المخطط الذييقوم بتعديله: مبنى جميل.. هل هو من تصميمك؟..
قال بغرور: بالتأكيد من تصميمي.. لم يكن كذلك حتى قمت أنا بإضافة تلك المناطق فيه..
قالت مبتسمة: أيهابالتحديد..
أشار إلى المخطط وقال: تلك النافذة التي تحتل عدة زوايا.. بالإضافةإلى هذا الباب الذي يمكن فتحه من الجانبين..وذلك الجدار المنخفض الذي يفصل غرفة عنأخرى..
قالت وهي تتطلع إليه: أفكارك ممتازة..
قال مبتسما: اعلم..
قالتمتسائلة: هل لي بسؤال؟؟قال وهو يمسك بتلك المسطرة الطويلة نوعا ما..ويعد بعضالقياسات على احد النوافذ: اجل.. ولكن بسرعة..
قالت بتردد: أتذكر عندما طلبت منكوعد إيصالها إلى الجامعة قبل عدة سنوات..وغاب الأمر عن ذهنك واضطرت وعد بعدها إلىالتسجيل في جامعة أخرى بسبب هذا الأمر..
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي هشاموقال: بالتأكيد اذكر..كيف لا وقد ملأت وعد الدنيا صراخا بسبب غلطتي التي لا تغتفركما تقول..
مالت نحوه فرح وقالت: ماذا قلت لها حتى هدأت بعد ذلكواقتنعت..
عقد حاجبيه وقال وهو يترك ما بيده: ماذا قُلت لها؟؟أومأت فرحبرأسها..صمت هشام في تفكير.. وقال بعد وهلة من الصمت: اذكر يومها إني طلبت منها اننتحدث بهدوء وبعيدا عن الآخرين ووافقت بعد جهد..
اومأت فرح برأسها وقالت مبتسمة: وبعد..
- وقلت لها ان ما حدث لم تكن غلطتي او غلطة أي شخص آخر..لذا ...
بترعبارته وهو يتذكر كلماته جيدا ومن ثم قال وكأنه يتحدث الى وعد: لا تنظري إلى الوراءيا وعد.. الماضي ولى وذهب.. والحاضر هو الموجود لي ولك وللجميع..وأمامك سيكونالمستقبل الذي تحلمين به..ربما ما حدث كان لصالحك وان تلك الجامعة لم تكن بذلكالمستوى..
ضحكت فرح وقالت: لم اعهدك فيلسوفا الى هذه الدرجة.. المهم بم أجابتكوعد؟..
- أتذكر انها قالت بعصبية (المستقبل الذي احلم به كان في تلك الجامعة.. وبسببك أنت خسرت حلمي بالالتحاق بها)..
ضحكت فرح وقالت: دائما وعد هكذا.. عنيدةمن الصعب إقناعها..
وأردفت باهتمام: وبعد.. ماذا قلت لها حتى اقتنعت؟..
قالهشام وهو يشرد إلى تلك اللحظة: نحن لن نستطيع تغيير الماضي مهما فعلنا.. لا نستطيعأن نعود إلى الوراء ولو للحظة..اسمعيني يا وعد قد أكون أخطأت عندما لم اتذكر هذاالأمر.. ولكن في النهاية أتمنى أن هذا قد حدث لخير لك..
قالت فرح بلهفة: وماذاحدث بعد ذلك..
قال هشام مبتسما وهو يهز كتفيه: ابدا لا شيء تطلعت الي مترددة ومنثم لم تلبث أن اقتنعت بوجهة نظري وانه لا ذنب لي في ما حصل.. وانه ربما كان ما حصللصالحها..وغادرت المكان..
قالت فرح وهي تغمز بعينها: لست سهلا أبدا.. اظنكتستطيع إقناع أي شخص بكل ما تريده..
قال بسخرية: اجل وخصوصا أنت عندما اقوللك..اخرجي خارجا لان لدي من العمل الكثير وقد صدعت راسي بوعد هذه..
قالت بملل: أنا صدعت رأسك بوعد..أم أنت الذي لا تصدق أن تجد أي فرصة لديك حتى تتحدث فيها إلىوعد على الهاتف..
قال هشام بسخرية لاذعة: أرجوك..كفي عن حديثك هذا والا احتجتالى النوم في مستشفى الأمراض العقلية..
عقدت حاجبيها وقالت بضيق: فليكن يا هشامسنرى من منا على حق في النهاية أنا أم أنت..
قالتها وخرجت خارج الغرفة وهي تغلقالباب في قوة.. فتنهد هشام وقال: أنت يا فرح.. أنت..
**************
غرقت وعدفي تفكير عميق وهي تفكر في كل كلمة قالتها لها فرح..ترى أكانت تقول هذا وهي تقصدمشاعره تجاهها كأبنة عم ام ك...؟صمتت وهي غير قادرة على استيعاب أي شيء..انكان هشام الآن يسبب لها الجنون باتصالاته المستمرة وبملاحقاته..وبسخريته المستمرة.. ماذا ستفعل ان اكتشفت انه يحبها!!.. سيزداد ما يفعله اضعاقا او ربما يتقدملخطبتها..وهي لا تريد هذا لان مشاعرها تجاهه لا تتعدى مشاعر أخت لأخيها..
ولكنلحظة لو حقا يحبها لتقدم لخطبتها منذ فترة..فهي كما تعلم قد حصل على وظيفته واستقرتعلى احواله منذ ثلاث سنوات..فما الذي منعه من خطبتها.. وهي ليست بالفتاة الصغيرةابدا...
لم تكن وعد تعلم ان هشام رافض لأن يتقدم ويخطبها وذلك بسبب تجاهلها لهبالإضافة الى انه قد قرر ان لا يتقدم لها حتى تبادله هي المشاعر.. الذي أصبح واثقاانها من طرفه فقط...
أقنعت وعد نفسها بذلك التفكير الذي وصلت اليه وان مشاعرهشام لها كمشاعرها له..وتذكرت ما فعلته ظهر اليوم .. وأحست بالعطف والشفقة تجاههشام.. وخصوصا وانه يبدوا غاضب منها فلم يتصل بها طوال اليوم..
ووجدت نفسها تضغطرقم هشام وتتصل به..وانتظرت رده وسمعته يقول ببرود بعد فترة من الرنين : نعم؟..
قالت وعد مبتسمة: أتعلم ببرودك هذا..تذكرني بشخص ما..
قال متجاهلاعبارتها: ماذا تريدين الآن.. تحدثي بسرعة فأنا مشغول..
قالت بسخرية: رويدك ياأخي..لا تتعب نفسك كثيرا..
- اشكر لك نصيحتك والآن ..ماذا تريدين؟قالتبابتسامة: السؤال عنك..
- انا بخير.. أي شيء آخر؟..
قالت بضيق: كل هذا البرودواللامبالاة لاني قلت اني لم اطلب منك المجئ.. ماذا ستفعل لو اني طردتك منالمكان؟..
قال ببرود متعمد: كنت سأجرك من شعرك الى السيارة..
قالت بسخرية: أتعلم.. أحيانا أكاد أصدقك..
قال بضيق: وعد ماذا تريدين الآن.. اخبريني انامشغول وقد اجلت معظم وقتي في هذا الحديث معك..
قالت وهي تمط شفتيها: لقد استغربتعدم اتصالك طوال اليوم..لاني اعلم انك لن تلبث ان تتصل بي بين لحظة واخرى .. واتصلتبك لأرى....
قاطعها قائلا: عملي هو ما منعني من الاتصال..
قالت وعد بحنق: إلىاللقاء الآن.. فلا أريد ان أضيع عليك لحظاتك الثمينة..
قالتها واغلقت الهاتف فيغضب وأردفت بحدة: أنا المخطأة ..لماذا اتصلت به.. انه لا يستحق ان يسأل عنه احد اوحتى يكترث لأمره.. ثم قد تخلصت أخيرا من ازعاجاته الدائمة لي.. ولن يقلق احدهم نوميبعد الآن..
وعلى الطرف الآخر أحس هشام بكلماته الباردة والغير مبالية التي تحدثبها الى وعد.. يعلم انه قد زاد من الجرعة هذه المرة حتى ان وعد اغلقت الهاتف دون انتنتظر سماع رده..وقال متحدثا الى نفسه: ( كان ينبغي ان افعل هذا يا وعد.. حتى تشعريانك بحق أصبحت تتجاهليني.. وتلتفتي إلى هذا الأحمق الذي وقع في حبك..والذي أصبحت كلشيء له في هذا العالم)...
**********
أسرع عماد يهبط درجات السلم وهو يتطلعإلى ساعته بين الفينة والأخرى.. وقال على عجل وهو يستعد للخروج: أماه أنا مغادرالآن.. أتحتاجين إلى شيء..
قالت والدته وهي تتطلع إليه: اجل انتظر لحظة..ارغب فيالحديث إليك..
قال وهو يراقب ساعته للمرة الخامسة: بسرعة يا أماه..فقد تأخرت عنالعمل نحو ربع ساعة..
قالت له والدته ببرود وهي تحثه على الاقتراب حيثما تجلس: لا أظن أن أحدا يستطيع ان يقول كلمة واحدة عنك او عن تأخيرك..فأنت ابن صاحبالشركة..
قال بهدوء وهو يجلس على مقعد مجاور لها: كوني ابن صاحب الشركة لايدعوني إلى الإهمال في العمل..او ان لا أكون دقيقا في مواعيد العمل كبقيةالموظفين..أليس كذلك؟..
قالت والدته بضيق: دعك من العمل قليلا وفكر فينفسك..
قال عماد بملل وضجر كبيرين: هل سنعود الى هذا الموضوع من جديد.. أخبرتكيا أماه أني لا أفكر بالزواج في الوقت الحاضر..
- متى إذا؟..
- أماه..أنا لمابلغ الأربعين بعد حتى تلحي علي كل هذا الإلحاح..لا أزال في التاسعة والعشرينو...
قاطعته والدته وقالت بحدة: وستمضي الأيام دون ان تشعر بها.. وبعدها سيكونقطار الزواج فد فاتك..
قال عماد مازحا: سأستقل طائرة إذا.. أظن إنها الأسرع.. اليس كذلك؟..
قالت والدته بضجر: حديث لا معنى له أو تهرب من الموضوع.. هذا مااجنيه منك كلما فتحت موضوع الزواج معك..
قال مبتسما وهو ينهض: دعي الأمر ليإذا.. وأنت أول من سأخبرها لو إنني فكرت بالزواج من إحداهن..
قالها وغادرالمنزل.. لينطلق بسيارته..وسيل جارف من الأسئلة تحوم برأسه.. وأفكار كثيرة عن عدمميله لأي فتاة حتى هذه اللحظة...
**********
سارت وعد بخطوات هادئة الى ذلكالقسم.. وما ان دلفت الى الداخل حتى شعرت باستغراب..اذ ان المكان خال من أيموظف..لا يوجد احد بالمكتب..أين ذهب الجميع؟..
وقالت متحدثة بصوت خفيض: هل جئتمبكرة الى هذه الدرجة..ام ان اليوم هو يوم اجازة رسمية ولا اعلم..
( كلا..ليستإجازة مع اننا جميعا كنا نتمنى ذلك..)
التفت وعد الى صاحبة الصوت ولم تكن سوىالسيدة نادية..فسألتها وعد على الفور: اين ذهب الجميع؟..
قالت نادية وهي تهزكتفيها: الأستاذ أحمد لديه تحقيق صحفي..والاستاذ طارق عند المدير..
قالت وعدبحيرة: لديه تحقيق؟؟..إذا من الذي سيقوم بتدريبي هذا اليوم..
قالت ناديةبلامبالاة: ليس الأمر مهم إلى هذه الدرجة.. ما دمت قد تدربت على الأمور الأساسيةوالأولية في العمل..
قالت وعد وهي تزفر بحرارة: ومتى سيعود الأستاذأحمد؟..
قالت نادية وهي تجلس خلف مكتبها: ربما اليوم..او ربما غدا..
صمتت وعددون ان تعلق على عبارة نادية وتوجهت نحو مكتبها لتجلس خلف مكتبها..وأسندت ذقنها الىكفها بملل..ماذا يمكنها ان تفعل الآن.. في الايام الماضية.. كانت تشغل اغلب وقتهافي تدريباتها مع احمد..والآن ماذا ستفعل؟..
وقالت بعد تردد: أستاذة نادية..ماذاافعل الآن؟..
قالت نادية وهي ترفع رأسها لوعد بهدوء: يمكنك فعل ما تشائين.. مادمت لا تزالين تحت التمرين.. ولم يسند اليك أي عمل حتى الآن..
واردفت وهي تبتسم: يمكنك قراءة المجلات.. او الجرائد..او كتابة موضوع ما..
وضعت وعد سبابتها أسفلذقنها كعادتها عند التفكير ثم ما لبثت ان قالت بابتسامة باهتة: فليكن..
التقطتإحدى الأوراق وفتحت غطاء قلمها الجاف..وبدأت بالكتابة.. أي شيء كان بذهنها حتى وانلم يكن بالمستوى المطلوب..
" في عقل كل منا..طفل..
هل شعرت يوما بالشوقلطفولتك؟..هل كنت تتمنى لو تعود الى تلك المرحلة؟..هل كنت تتمنى مشاركة الأطفالمرحهم؟..لا احد منا يستطيع انكار انه قد مر ولو لمرة واحدة باشتياق لعالم الطفولةالغامض..حيث الطفولة لها مفرداتها الخاصة التي يفهمها بعضهم البعض..
في عقل كلمنا يحيا طفل.. يتمنى اللعب.. المشاكسة.. الصراخ.. يتمنى ان يتحرر من التعقيداتالتي يفرضه عليه عالمه..عالم الكبار.........."
واستمرت في الكتابة والتفكير.. والوقت يسير ببطء شديد....
************
صمت تام غلف مكتب المدير.. الذي يجلسفيه هذا الاخير مع طارق..وانتظر تعليق من ما قاله له قبل قليل..وقال طارق بعدتفكير: وماذا عن أحمد؟..
قال المدير بهدوء: لديه تحقيق صحفي هام لهذا اليوم..ثمحتى وان لم يكن لديه..كنت سأختارك انت لهذا الامر..
قال طارق بهدوء: لا اعتقدانني سأستطيع تدبر الامر.. فكما تعلم انها المرة الاولى التي اذهب بها مع شخص ما فيتحقيق صحفي..
قال المدير في اهتمام: انك الأكفأ هنا... واعتقد انك ستكون خيرمثال وقدوة للصحفية الجديدة..ثم انك ستقوم بممارسة عملك كالمعتاد..وهي ستكتفيبالمراقبة.. وتعلم كيفية التصرف في كل تحقيق ترسل فيه في المستقبللوحدها..
واردف قائلا: ما رأيك؟..
صمت طارق للحظات.. ثم قال ببرود: لابأس..مع إني لا أظن إنني أصلح لهذا الأمر..
- حسنا مادمنا قد اتفقنا.. يمكنك مغادرة المكان..ومباشرة عملك..ولا تنسى اصطحاب الآنسة وعد معك..
نهض طارق من مكانه..وعلامات البرود لا تبرح وجهه..واتجه نحو القسم الذي يعمل به.. دون أن يعلم كيف سيتصرف مع الموقف الذي وضعبه....
*************