عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 07-20-2010, 12:21 PM
 
*الجزء السابع*
(أريد أن أعلم..من أنت؟)

أوقف هشام سيارته بجانب مبنى الصحيفة وقال: لا تفرحي كثيرا.. فلن آخذ إجازة من عملي كل يوم حتى أخرجك معي في نزهة ما..
قالت وعد بسخرية: كل هذا لأنني قلت لك أنني سعيدة اليوم..وما يدريك انني سعيدة لخروجي معك..ألا يحتمل أن ما أسعدني هو شيء حصل معي بالصحيفة..ثم من قال انني كنت أفكر بالخروج معك من الأساس..أنت من دعوتني..
التفت لها وقال مبتسما: لتمضية الوقت لا أكثر..
ابتسمت وقالت: حسنا لذا..أراك بخير ..إلى اللقاء..
قالتها وفتحت باب السيارة..فأسرع هشام يهتف بها قائلا: وعد..
التفتت له بحيرة فقال بابتسامة حانية: اهتمي بنفسك..
قالت وهي ترفع حاجبيها: ألا تغير هذه الجملة ابدا؟..أسمعها منك في اليوم الواحد أكثر من ثلاث مرات..
قال بسخرية: قبل الطعام أم بعده..؟
أخرجت له لسانها وقالت: سخيف..
تابعها بنظراته وهي تغادر سيارته وتتوجه نحو المبنى..وقال هامسا: لو تعلمين فقط كم أحبك..وكم أتمنى أن أرى نظرة حب في عينيك لأجلي..
وتنهد وهو ينطلق بالسيارة مبتعدا عن المكان..وعلى الطرف الآخر..كانت وعد قد وصلت في هذه اللحظة إلى القسم الذي تعمل به..وما ان دلفت حتى قال أحمد مازحا: أهذا الشاب الوسيم هو ابن عمك حقا؟..
قالت مبتسمة: هل أحضر لك بطاقته الشخصية لتتأكد؟..
قال مبتسما: كلا..وإنما اعني انه ابن عمك فقط؟..
اتسعت ابتسامتها وقالت:وأنا ابنة عمه ايضا..
ضحك أحمد بمرح وقال: أحقا؟..يا للمصادفة..
ضحكاتهم..وحديثهم المرح..جعلت طارق يترك ما بين يديه للحظات ..ويتطلع اليهم..والى الفتاة التي اقتحمت هذا المكتب لتضفي جو من المرح عليه بعد أن كان هادئا وساكنا منذ دقيقة وحسب..
وسمع وعد تقول في تلك اللحظة: أستاذ أحمد..ألديك جريدة اليوم؟..سأمضي الوقت بقراءة شيء ما..أفضل من الشرود أو كتابة مواضيع لا معنى لها..
التقط أحمد الصحيفة من فوق مكتبه وقال: بلى لدي.. ويمكنك الحصول على واحدة ان أردت..
أخذت الصحيفة منه وقالت: لا داعي..فلا أريد قراءة شيء مهم..سأقرأها وأعيدها إليك..
- ويمكنك أخذها إن أردت..
- كلا شكرا لك..
وبدأت بقراءة الصفحة الأولى..أول ما فكرت به وهي تتطلع الى هذه الصفحة ان ترى المواضيع التي يكتبها طارق..تريد أن ترى طريقة كتاباته..أهي باردة مثله؟..أم إنها ذات أسلوب خاص..
جذبها ذلك العنوان والذي أشار إلى موضوع يتعلق بمن التقت هي وطارق به بالأمس..العنوان كان غريبا قليلا..ولكنه بكل تأكيد يمكن أن يجذب القارئ المهتم بمثل هذه الأمور.."نحو الأفضل"..هذا هو العنوان الذي اختاره طارق للموضوع المتعلق بالمقابلة مع المدير العام لتلك الشركة الفخمة..
اختطفت الكلمات في لهفة..أسلوبه لا يبدوا باردا أبدا..على العكس منه يبدوا سلساً وبسيطاً ولا تعتريه أي تعقيدات..وحتى طريقة طرحه للموضوع تبدوا منظمة ومميزة..
وواصلت قراءتها للموضوع..وبغتة..تعلقت عيناها بأحد السطور..وأعادت قراءته لتتأكد منه وان قراءتها للسطر لم تكن خاطئة أو غير صحيحة..انه سؤالها..سؤالها الذي طرحته على المدير العام..ها هي ذي ترى إجابته في الموضوع..بعد أن اعاد طارق صياغته..هل اهتم بسؤالها حقا؟..هل كان سؤالها جيدا وفي محله؟..أنها لا تذكر غير نظرات الاستنكار التي رأتها في عينيه بعد أن قامت بطرح السؤال..وتذكر أيضا لهجته التي تدل عن الانزعاج عندما سألها عند المواقف عن كيفية طرح مثل هذا السؤال الجريء..ظنت إن الأمر سيمضي ولن يضع لسؤالها أي اهتمام..لكن هاهي ذي ترى إجابة المدير العام عليها في الموضوع..
يا ترى هل هو سؤالي الذي ربما يكون جيدا قد دفعه لوضع إجابته بالموضوع..أم انه قد وضعه هكذا دون اهتمام؟..لا أظن.. فهو لن يضع كلمة واحدة في احد مواضيعه دون اهتمام..إنها تذكر ما قاله أحمد بأن طارق هو الصحفي الأكفأ بالصحيفة..فكيف له أن يضع كلمة أو جملة في الموضوع غير مهتم لوجودها فيه..
والتفتت الى طارق وقالت بشرود وهي تتحدث الى نفسها: (أريد أن أعلم..أريد أن أفهم..ما معنى تصرفاتك؟..ومن أنت؟)..
*********
انشغل عماد بقراءة احد الملفات والتوقيع عليه ..وانتزعه صوت رنين هاتفه المحمول من اندماجه في العمل..فتنهد والتقطه من جيب سترته قبل أن يتطلع إلى رقم الهاتف الذي أخذ يضيء على شاشته..وقال بابتسامة وهو يجيبه: أهلا (عمر)..كيف حالك؟..
(عمر صديق عماد منذ ايام الجامعة..شاب طيب وذا أخلاق عالية..وافترقا بعد تخرجهما حيث عمل عماد بشركة والده وعمل عمر بأحد البنوك التجارية)..
قال عمر بابتسامة: بخير..وأنت..ماذا عنك؟..
- في أحسن الأحوال..
قال عمر وابتسامته تتسع: في الحقيقة لقد اتصلت بك..قاصدا منك خدمة..
قال عماد بهدوء: اطلب ما تشاء يا عمر..ولا تخجل..
قال عمر وهو يحاول انتقاء كلماته: بالأمس فقط تعطلت سيارتي..واضطررت ان آتي هذا الصباح مع أحد الزملاء الى البنك.ولكنه للأسف لديه عمل لوقت إضافي وسيستمر لساعتين إضافتين...
قال عماد مازحاً: حسنا وماذا في هذا.. انتظره..انها ساعتين لا أكثر..
قال عمر بضيق: أتمزح يا عماد؟..إن كنت تستطيع إيصالي إلى المنزل فتعال إلى البنك..أظنك تعرف العنوان..
- بلى اعرف..ولكن ماذا إذا لم أكن أستطيع إيصالك؟..
قال عمر بغيظ: ابقى في مكتبك إذا..ولا تتحرك..
ضحك عماد بهدوء وقال: أنا قادم يا عمر..أهم شيء راحتك عندنا..
قال عمر بتعالي مصطنع: وأسرع من فضلك..
- أظن إنني سأبقى في المكتب أفضل لي...
أسرع عمر يقول: إنني امزح.. حذار إن لا تأتي..
قال عماد وهو ينهض من خلف مكتبه: مسافة الطريق وأكون عندك..مع السلامة..
قال عمر مبتسما: أشكرك..إلى اللقاء..
وغادر عماد مكتبه ليقول متحدثا إلى السكرتيرة: أي اتصالات تأتي على المكتب..اعتذري بالنيابة عني..وان كانت هامة اطلبي منهم الاتصال على هاتفي المحمول..
أومأت السكرتيرة برأسها ايجابيا..فواصل طريقه مغادرا مبنى الشركة..ومنطلقا بسيارته متوجها الى البنك..وما ان وصل حتى أوقف سيارته واتصل بصديقه عمر حتى يطلب منه الخروج..
ضغط رقم هاتف عمر وانتظر سماع رده..وما ان أجاب هذا الأخير حتى قال عماد: أنا بأحد مواقف البنك الآن..انتظرك..
قال عمر بهدوء: أيمكنك الدخول للدقائق؟..فقد اتأخر قليلا..فلم أتوقع أن تصل بهذه السرعة..
قال عماد وهو يدس أصابعه بين خصلات شعره: أكاد لا أفهمك..ما دمت لم تنهي أعمالك فلم قمت بالإتصال بي..
قال عمر بابتسامة: توقعت ان انهيها ريثما تصل..ولكنك جئت في وقت قصير..كم كانت سرعة السيارة وأنت قادم؟..
قال عماد بسخرية: عشرون..
ضحك عمر وقال: حقا..لم أكن اعلم ان شركتك مجاورة للبنك الذي أعمل به..
قال عماد بجدية: أخبرني الآن كيف أدخل الى البنك؟..
قال عمر وهو يهز كتفيه: كما يدخل البقية..ادخل الى البنك وسأكون بانتظارك..
قال عماد بضجر: فليكن..ولكن لا تتصل بي مرة أخرى قبل أن تنهي أعمالك..فلا أحب الانتظار لفترات طويلة..
قال عمر بمرح: حسنا..المعذرة..لن أعيدها مرة أخرى..الى اللقاء..
أغلق عماد الهاتف وهبط من السيارة ليتوجه إلى البنك..دلف من البوابة الالكترونية عابرا إلى داخل البنك..وهناك سار بخطوات هادئة وهو يلمح المكان الذي يسير فيه..كان يحتوي على مقاعد..نباتات للزينة..ركن صغير نسبياً للاستقبال..وبعض المكاتب الذي يفصلها عن الخارج نافذة من زجاج تحتوي على فجوة صغيرة تكفي لتسليم المال..أو استلامه..
(عماد..من هنا..)
لمح عمر وهو يلوح له بيده من مسافة بسيطة..فابتسم وهو يقترب منه ويصافحه قائلا: ألا نراك يا عمر إلا في الظروف الطارئة؟..
قال عمر مبتسما: مرحبا بك أولا..وثانيا..أنت الذي لم تعد تتصل..
رفع عماد حاجبيه وقال: أنا أم أنت الدائم الانشغال..
ضحك عمر وقال: تعال معي الآن..قبل أن نتشاجر..
سار عماد بجواره تقريبا الى ان وقفا أمام باب في زاوية من زوايا الممر..فأخرج عمر بطاقته الخاصة وفتح به الباب..فابتسم عماد وقال: من الجيد انني عرفت انك تملك بطاقة كهذه..حتى أستعيرها منك ان احتجُت للمال..
قال عمر بسخرية: بلى سأفعل..ان كنت ترغب في موتي..
قال عماد بسخرية: لن يقتلوك..مجرد فصل من العمل لا أكثر..
- وثلاث شهور في السجن..
- ستمضي سريعا..لا تقلق..
قال عمر وهو يلتفت له بضيق: هل لك أن تصمت ريثما أقوم بإنجاز أعمالي؟..
قالها عمر وتوجه ليجلس على مقعد مواجه لذلك المكتب الذي يواجهه تلك النافذة الزجاجية ذات الفجوة..فسأله عماد وهو يقترب منه ويجلس على مقعد مجاور له: كيف عملك هنا؟..
قال عماد وهو يسرع بقراءة أحد الأوراق: جيد..لا بأس به..
- ما رأيك بالعمل معي ..بالشركة..
- لا أريد أن أكون تحت أمرتك..
ضحك عماد وقال: لم؟..أتخشى أن أكلفك بعمل إضافي..
ابتسم عمر وقال: كلا..ولكن دعني اعمل هنا افضل لي..ولك..
قال عماد بجدية: أظن ان العمل سيؤثر على صداقتنا يا عمر..تكون مخطئ ان فكرت هكذا..
قال عمر بهدوء: عملي جيد وليس به ما يرهق..أفضل العمل هنا وببنك..من العمل في شركة..
قال عماد وهو يزفر بحرارة: كما تشاء..ولكن في أي وقت تغير رأيك فيه..اتصل بي..
أومأ عمر برأسه ايجابيا وواصل العمل..وبعدعشر دقائق من الانتظار..قال عمر أخيرا:ها قد انتهيت.. سأذهب لوضع هذه الورقة بالملف ..وأعود لنغادر..
قالها ونهض من خلف مكتبه ليتوجه نحو الأدراج التي بنهاية المكتب..تاركا عماد جالسا على المقعد المجاور لمقعده..
( من فضلك يا سيد؟..)
التفت عماد إلى مصدر الصوت نحو النافذة الزجاجية..وقال بهدوء: هل من شيء؟..
وما ان قالها حتى اعترت الدهشة ملامحه ..وتطلع الى تلك الفتاة الواقفة امامه..وهذه الأخيرة لم تكن بافضل حالا منه..فقد اتسعت عيناها وهي تقول بدهشة: هذا أنت..!!
كانت من تقف أمامه..تلك الفتاة التي رآها في ذلك المتجر..وقد تحدثت معه بشأن أن يبيعها الفستان..بالتأكيد لم تنسوها بعد..
وقبل أن يجيبها عماد قالت بعصبية: إذا أنت تعمل هنا..لكن هذا لا يهمني..أريد أن افهم يا سيد ما سبب هذه الفواتير الخاطئة ..لقد قمت بالسحب قبل اسبوع من الجهاز الآلي مئة قطعة نقدية..والآن عندما قمت بالسحب خمسون فحسب..شاهدت ان حسابي ينقصه مائتي قطعة نقدية..أريد أن افهم سبب مثل هذه الأخطاء..ومثل هذا الإهمال من الموظفين..
كان عماد يستمع إليها وشبح ابتسامة ترتسم على شفتيه..وقال عندما أنهت حديثها وابتسامته تكاد ترتسم على شفتيه: إنهم لا يهملون في عملهم..ربما يكون هناك خلل في الجهاز..
قالت بحدة: هذا ليس ذنبي..إن استمر الأمر على هذه الحال فسأجد رصيدي بعد شهر قد أصبح صفرا..
قال عماد بهدوء: حسنا سيرون مشكلتك..اهدئي انت فقط..
قالت بحدة أكبر: لن أتحرك قبل ان تتصرف وتجد لي حلا..ألست موظفا هنا؟..
ارتسمت ابتسامة على شفتيه والتفت الى الوراء ليقول: عمر..هناك عميلة لديها مشكلة وترغب بالمساعدة..
سألته وهي تعقد حاجبيها: ما الأمر؟..لماذا لا تقوم انت بالمساعدة؟..ألست تعمل هنا؟..
أجابها عمر الذي جاء لتوه وقال: كلا يا آنسة..انه صديقي ولا يعمل هنا..والآن ما هي مشكلتك؟..
أحست الفتاة بإحراج كبير وخصوصا للطريقة التي تحدثت بها مع عماد..وعلى الرغم من انه لا يعمل بالبنك..إلا انه لم يحاول إحراجها..على العكس ظل صامتا..انه يشعرها بالذنب وبتأنيب الضمير خصوصا مع هدوءه هذا الذي يواجه به تصرفاتها المندفعة..
تحدثت إلى عمر بهدوء على عكس عصبيتها السابقة..ولا تلبث بين الفينة والأخرى إلا ان تختلس النظرات الى عماد..يا ترى ماهو رأيه بي الآن...وخصوصا بعد أن رآني بجميع حالاتي العصبية والمندفعة..في كل مرة أراه لابد وأن يحدث شيء ما..لم؟.. اريد ان افهم..
وصمتت بغتة وهي ترى عماد ينهض من مقعده ويقول متحدثا الى عمر: سأغادر الآن..اذا انهيت اعمالك اتبعني الى السيارة..
قال عمر في سرعة: حسنا..
والتفت الى الفتاة ليقول: أكملي يا آنسة..
تابعت عيناها عماد وهو يغادر المكتب وقالت بكلمات سريعة: هذا ما حدث يا سيد..هناك خطأ بالفواتير..وكلما حاولت سحب مبلغ ما..ارى رصيدي قد انخفض..
قال عمر وهو يتطلع الى الفواتير: سأرى المشكلة..من فضلك هلا مررت بالغد؟..لأن دوام العمل قد انتهى الآن..ومعذرة فعلي أن اغادر..
- لا بأس..
قالتها وأسرعت عيناها تتطلعان باتجاه بوابة الخروج لترى ان كان عماد قد غادر ام لا..عليها على الأقل ان تعتذر منه لأسلوبها الفظ معه..
أخذت عيناها تبحثان عنه..وأخيرا شاهدته وهو يهم بالخروج من البوابة..اسرعت بخطواتها متجهة اليه ونادته قائلة ولم يعد يفصلها عنه غير ثلاثة امتار: من فضلك يا سيد؟..
استغرب عماد ندائها له..والتفت لها وقال بحيرة: ما الأمر؟..
توقفت ومن ثم قالت بقليل من الارتباك: كنت أود ان اعتذر منك..
قال عماد وهو يرفع حاجبيه: ولم؟..ما حدث معك أمر طبيعي..يمكن ان يحدث مع أي شخص آخر..ولست منزعجا ابدا مما حدث..ثم انها أموالك ومن حقك ان تخشي عليها..
قالت بابتسامة مرتبكة: لقد كنت شهما معي دائما..ولم يكن علي أبدا ان أبدي مثل هذه العصبية والغضب وانا اتحدث اليك..أنا آسفة..لم أكن أعلم بأنك لست موظفا هنا..
ابتسم عماد وقال: لا داعي للاعتذار..لم يحدث شيء أبدا..وبصراحة انا سعيد لأنني التقيت بك مرة أخرى..
قالت بإحراج: ولقاء حاد جدا..
صمت وهو يتطلع اليها..هاهي ذي نظراتها الشمسية ترفع بها خصلات شعرها البني..تبدوا جميلة ورائعة و...
وجد نفسه يسألها قائلا: حسنا ما دمنا قد التقينا الآن..وحدث بيننا سوء تفاهم لا معنى له..هل تسمحين لي ان أسألك عن اسمك؟..
حنت رأسها قليلا وقالت: (ليلى)..والآن هل تسمح لي بأن اسألك السؤال نفسه؟..
ليلى..ليلى..لقد كان يبحث عن أسماء كثيرة تناسبها..لكن ابدا لم يخطر هذا الاسم في ذهنه..
واجابها قائلا وهو يمد يده مصافحا: عماد..وتشرفت بمعرفتك يا آنسة ليلى..
قالت وهي تصافحه: بل انا من لي الشرف يا سيد عماد..
وأردفت بابتسامة: الى اللقاء الآن..وأظن ان الصدف لن تدعنا وشأننا وسنلتقي مرة أخرى..
قال عماد بدهشة: وما يدريك؟..
اتسعت ابتسامتها وقالت: مجرد حدس..
قالتها ومضت في طريقها مغادرة المكان..في حين قال عماد بصوت هامس وهو يراها تتوجه نحو سيارتها: اتمنى هذا..
وبغتة شعر بكف توضع على كتفه وصوت صاحبها يقول: هيا بنا الآن يا عماد..
اومأ عماد برأسه وهو يتوجه نحو سيارته..وتفكيره بات مقتصرا على تلك الفتاة التي فارقها منذ دقائق..
************
يوم جديد لوعد بالعمل كسابقه..وهاهي ذي نراها
تزفر بملل وهي تراقب كل من حولها منشغلين بالعمل وكعادتها هي ..ليس لديها ما يشغلها سوى الورق والأقلام..ماذا تكتب؟..لا شيء مهم يطرأ في ذهنها في هذه اللحظة..أمسكت بالقلم وكتبت أول ما جال بذهنها..
" برودك يغيظني..
تجاهلك يثير حيرتي..
أخبرني اي شخص هو أنت..
لا ..بل من أنت؟..
لم اشعر بكل هذا الاهتمام؟..
وأنت لا ترفع رأسك وتنظر الى الأمام..
إلي..
انظر إلي..
حقاً أريد أن أراك..
أريد أن اعلم أي شخص هو أنت..
برود وصمت..
ام اهتمام خلف قناع من ثلج؟..
أحقا تشعر كباقي البشر..
أم بت صلبا كالصخر..
بالله عليك كرهت هذا الصمت..
تحدث واخبرني...من أنت؟.."
ابتسمت بسخرية بعد أن انتهت..أي سخافات كتبتها وهي تفكر بذلك الجليد الجالس إلى جوارها..كيف تفكر به..وهو إلى الآن لم يجب حتى على تحيتها..يا للتفاهة..
أمسكت بالورقة..وطوتها بقبضتها بقوة.. قبل ان ترميها بأحد أدراج مكتبها بإهمال..يا للسخف..كيف لي ان أفكر بشخص كهذا..هل انتهى جميع من بالعالم حتى أفكر بمن أحرجني يوما أمام الجميع..
وقالت وهي تلتفت الى أحمد: من فضلك يا أستاذ أحمد..هلا أعطيتني الصحيفة؟..
التقط أحمد الصحيفة من على مكتبه وسلمها لها قائلا بابتسامة: تفضلي..
التقطتها منه وقالت بابتسامة واسعة: اشكرك..
وتطلعت الى الصفحة الأولى..تريد أن ترى ما يكتب..أيضا!!.. تريدين أن تقرأي له يا وعد ..كلا لن أهتم..
وبلامبالاة..تصفحت الجريدة..وهي تقرأها لتمضية الوقت ليس الا..وتوقفت عيناها أمام أحد العناوين بها..كان موضوع بالصفحة ما قبل الأخيرة..وهو يحتل أحد زوايا الصفحة..عنوان ذلك الموضوع كان..(في عقل كل منا..طفل)...
************


أتمني أن ينال إعجابكم ها البارت