07-20-2010, 07:47 PM
|
|
*الجزء الحادي عشر*
(من سينتصر في حرب الأعصاب هذه؟)
تحدث عماد الذي كان يجلس بالمكتب الى عمر عبر الهاتف وقال: حسنا يا عمر لقد فهمت..سآتي لأخذك بعد انتهاء موعد العمل ولكن لا تفعل مثل المرة السابقة وتطلب مني المجيء قبل ساعة من انتهاء عملك..
قال عمر بابتسامة: لا تقلق لن افعل..
- فليكن إذاً أراك بخير..إلى اللقاء..
وما إن أغلق الهاتف حتى تنهد وهو يسند رأسه الى مسند المقعد..تلك الفتاة ليلى..لا تكاد تفارق ذهنه..كلما خلى بنفسه قليلا او شرد ظهرت صورتها امام عينيه..وسمع صوتها يرن في اذنيه..لها تأثير غريب عليه ..على الرغم من انه لم يرها الا صدفة..ولا يعرفها جيدا..يا ترى هل هذا هو الحب؟..
قطع سكونه صوت طرقات على باب المكتب..فقال وهو يعتدل في جلسته: ادخل..
دلفت السكرتيرة الى المكتب وقالت وهي تقدم له عدد من الملفات: هذه عدد من الطلبات للوظيفة الجديدة..
قال عماد بهدوء: حسنا..يمكنك الانصراف..
وما ان غادرت السكرتيرة المكتب حتى تصفح الملفات التي بين يديه باهتمام..تقريبا جميع من قدموا للوظيفة مناسبون لها..نظرا لمطابقتهم لمواصفات الوظيفة..ولكن عليه اولا ان يلتقي بهم ويحدد من بينهم من....
اتسعت عينا عماد بغتة وهو يتطلع الى الملف الأخير..ازدرد لعابه في توتر وهو يتطلع الى صورة مقدم الطلب او مقدمة الطلب على وجه التحديد..يا الهي أي صدف غريبة وعجيبة تجمعنا..انها ليلى إحدى مقدمين الطلب لهذه الوظيفة..يا لعجائب القدر!!..
تطلع الى ملفها باهتمام وهو يقرأ كل ما احتواه بدقة..التهم سطور الملف وهو يتمنى ان تكون هي احدى الموظفات بالشركة..فهذا سيسمح له ان يراها يوميا و...
هل حقا هو يتلهف الى رؤيتها الى هذه الدرجة؟..ولكن لحظة.. عليه ان يقابل جميع مقدمي الطلب للوظيفة حتى يكون عادلا بقبول الموظف فربما يكون هناك من هو افضل منها في الخبرة او الصفات للوظيفة..
ضغط على زر الاتصال الذي بينه وبين مكتب السكرتيرة وقال:فلتحضري الى المكتب للحظة يا آنسة؟..
قالت السكرتيرة عبر جهاز الاتصال: حاضر..
طرقت السكرتيرة باب المكتب قبل ان تدلف الى داخل المكتب وتتقدم من عماد الذي سلمها أربع ملفات وقال بهدوء: اتصلي بهؤلاء من اجل المقابلة الشخصية للوظيفة..
استلمت السكرتيرة منه الملفات وقالت: هل تأمرني بشيء آخر يا سيدي؟..
- كلا يمكنك الانصراف..
وما ان غادرت السكرتيرة حتى عاد عماد ليغرق في بحر الأحلام...
************
ما إن دلفت وعد إلى القسم في ذلك اليوم حتى قالت: صباح الخير جميعا..أين صحيفة اليوم؟..
ابتسم احمد وقال وهو يلوح لها بالصحيفة: هاهي.. وموضوعك مع طارق بالصفحة الأولى بكل تأكيد..
اختطفت الجريدة في سرعة وهي تتطلع الى الصورتين التي تم اختيارهما للحادث..والتقرير الذي كان مشتركا بينها وبين الأستاذ طارق..وقالت مبتسمة بسعادة: اشعر بالفخر لأنني أرى موضوعا كتبته بالصفحة الاولى..
والتفتت لترى طارق الذي كان يتطلع الى ذات الموضوع بالصحيفة وقالت بابتسامة: ما رأيك يا أستاذ طارق؟..انه أمر رائع أليس كذلك؟..
رفع طارق اليها عينيه وقال: وما الرائع بالأمر؟..انت تعملين بقسم الصفحة الرئيسية ولابد ان ينشر موضوعك بالصفحة الاولى..
تلاشت ابتسامتها من على شفتيها..وتحولت سعادتها التي كانت تشعر بها منذ لحظة إلى حنق..وقررت في هذه المرة أن لا تصمت على ما يفعله فقالت: اعلم انني اعمل بالصفحة الرئيسية لم انس ذلك بعد..ولكني شعرت بالسعادة لنشر الموضوع..معذرة ان كنت قد طلبت رأيك منذ البداية..
شعر احمد بتوتر الجو بينهما فقال محاولا تغيير دفة الحديث: من التقط هذه الصور؟..تبدوا جيدة جدا..
التفتت له وعد وقالت: لقد التقطت الأولى..اما الأستاذ فقد التقط الأخرى..
- أتعلمين كلاهما جيد..انت موهوبة يا آنسة وعد..
قالت وعد بابتسامة باهتة: أشكرك..
قالتها وجلست خلف مكتبها..لن تهتم لأمره بعد الآن..لن تهتم لما يقوله ستتجاهله تماما..كما يفعل هو معها..ان حاول ان يستخف بها ستدافع عن نفسها ولن تصمت..لقد ملت ما يفعله..عليها ان تنتصر في حرب الأعصاب هذه..فبدلا من ان يستفزها ستستفزه هي..وإذا حاول الاستخفاف بها ستفعل المثل..
التقطت إحدى الأوراق وأمسكت بالقلم لتخط عليه فكرة لموضوع جالت بذهنها..وبينما هي كذلك ومنشغلة بالكتابة سمعت صوت رنين هاتفها المحمول ..ولتغيظ طارق قررت الإجابة عليه في القسم متعمدة استفزازه..وقالت ما ان سمعت اجابة الطرف الآخر: اهلا فرح كيف حالك؟..
قالت فرح مبتسمة: بخير وأنت؟..
- على ما يرام..
قالت فرح مباشرة: بصراحة أود الحديث إليك..متى تنتهين من عملك؟..
- الساعة الثانية..
- حسنا ما رأيك ان يأتي هشام لأخذنا جميعا لنجلس في مكان هادئ..كالمطعم مثلا..
ابتسمت وعد وقالت: هشام مرة أخرى الا يكفيك شجار تلك المرة تريدين ان لا نتحدث ابدا..
قالت فرح بابتسامة باهتة: اسمعي ..لا تهتمي لعصبيته ولا تقابليها بالمثل..وعندها لن تتشاجرا..
قالت وعد وهي ترفع حاجبيها: اجل.. اتركه اذا ليسخر مني كيفما يشاء واصمت..
- وعد أرجوك..من اجلي..
- حسنا..من أجلك فقط..
قالت فرح بابتسامة واسعة: أشكرك..نلتقي على الساعة الثانية..إلى اللقاء..
قالت وعد بهدوء: الى اللقاء..
قالتها وأغلقت الهاتف..ولم تلبث ان التفتت الى طارق وتطلعت اليه بنظرة تحدي قبل ان تكمل كتابة موضوعها..وبالنسبة لطارق فقد أثارت نظرتها استغرابه وعلم ان ما يفعله معها هو خاطئ الى ابعد الحدود..وعليه إصلاح ما افسد..
**********
زفرت ليلى بحرارة وهي تجلس على أحد المقاعد المواجهة لمكتب السكرتيرة..لقد قدمت لتقديم طلب الوظيفة وهي تتمنى ان يتم قبولها..ولكن يبدوا ان فرصتها قد تراجعت فهاهم ثلاثة غيرها وربما يكونون افضل منها قد قدموا للوظيفة نفسها..
والتفتت للسكرتيرة لتسألها للمرة الثانية: متى سيحين دوري للمقابلة..؟
قالت السكرتيرة بهدوء: بعد الآنسة التي دخلت منذ قليل..
شعرت ليلى بالتوتر لم يبق شيء إذاً..ستدخل للمدير بعد قليل..وأكثر ما يخيفها ان تفشل فيها..التقطت نفسا عميقا وهي تحاول تمالك نفسها وإخفاء توترها..وسمعت صوت السكرتيرة تقول بصوت هادئ وهي تشير نحو باب مكتب المدير: دورك يا آنسة ليلى..
ازدردت ليلى لعابها وهي تنهض من على المقعد لتتوجه الى باب المكتب وتطرقه عدة طرقات قبل ان تدلف الى الداخل..وسارت بخطوات هادئة حتى المكتب وقالت بهدوء: صباح الخي...
لم تتمكن ليلى من اتمام جملتها..فقد اتسعت عيناها بدهشة وهي تتطلع الى الشخص الجالس خلف مكتب المدير وسمعته يقول بهدوء: صباح النور..تفضلي..
تمتمت ليلى بدهشة: مستحيل..اي صدف هذه؟..
قال مبتسما: اجلسي اولا وبعدها نتحدث..
جلست على المقعد والدهشة لا تكاد تفارقها..انها المرة الرابعة التي تلتقي به..وبالصدفة ايضا..لقد جاءت لتقديم اوراقها هنا دون ان تعلم ان كان يعمل موظفا هنا ام لا..وهو..هل قام بالموافقة على عمل لقاء معه من اجل الوظيفة لانه يعرفها والتقى بها مرارا ام لخبرتها و...
(ماذا تريدين ان تشربي؟)
قاطعها صوت عماد من افكارها فقالت وهي تلتفت له: لا اريد..شكرا لك..
- سأطلب عصير ليمون لتهدئي أعصابك قليلا..فتبدين متوترة..
قالها وضغط على زر الاتصال قائلا: احضري كأس عصير ليمون..
أجابته السكرتيرة قائلة: حاضر..
اغلق عماد جهاز الاتصال وقال: انا ايضا دُهشت عندما وجدت ملف طلب الوظيفة الخاص بك..
قالت ليلى متسائلة: وهل قمت بالموافقة على عمل لقاء معي لانك تعرفني من قبل ام....
قاطعها قائلا: قد أساعدك لأني أعرفك ولكن ابدا لن أقوم بالموافقة على عمل لقاء معك اذا كنت لا تصلحين للوظيفة..بمعنى أدق أنا لا أجامل أحدا او أقوم بعمل الوساطة لهم..
قالت بابتسامة متوترة: ولكن امر غريب فعلا ان تجمعني كل هذه الصدف بك..
قال عماد مبتسما: ربما هذا ما يريده لنا قدرنا ان نلتقي دائما..حتى وان كان عن طريق المصادفة..
همت بأن تقول شيء ما..لكن طرق الباب جعلها تتراجع عن ذلك..ووجدت السكرتيرة تتقدم منها وتضع كأس العصير على الطاولة الصغيرة المواجهة لها..ومن ثم تقول لعماد: هل تأمر بشيء آخر يا سيدي؟..
اجابها عماد: كلا شكرا لك..
اومأت السكرتيرة برأسها ومن ثم غادرت المكتب ..فالتقطت ليلى كأس العصير لترتشف منه قليلا ثم تعيده الى مكانه..فقال عماد متسائلا: هل ابدأ الآن بطرح الأسألة؟..
أومأت ليلى برأسها ..فقال عماد متسائلاً: لماذا تقدمت لطلب هذه الوظيفة؟..
صمتت ليلى للحظات ومن ثم قالت: بصراحة لقد وجدت ان هذه الوظيفة تناسب ميولي وخبراتي..وكذلك وجدت ان الصفات المطلوبة في مقدم الطلب موجودة لدي.. والراتب الذي تقدمه الشركة جيد جدا كذلك..
- حسنا وما الخبرات المتوافرة لديك؟..
أجابته ليلى بهدوء..واستمر اللقاء الشخصي حوالي نصف الساعة وبعدها قال عماد منهيا اللقاء: حسنا يا آنسة ليلى سعدت بالحديث معك..وأتمنى ان تكون الوظيفة من نصيبك..احضري بالغد للامتحان النظري..
قالت ليلى مبتسمة: وأنا كذلك أتمنى المثل..عن اذنك..
قالتها ونهضت من مقعدها ..فقال هو: سنتصل بك بعد الامتحان النظري لتعلمي ان تم قبولك ام لا..
أومأت برأسها وهي تبتسم ابتسامتها الجذابة..قبل ان تغادر مكتب عماد بخطوات هادئة..وهي لا تعلم الى الآن ان عماد هو ابن صاحب الشركة..
وبالنسبة لعماد فقد شعر بسعادة غريبة تسري في جسده ..يشعر ان هذه الفتاة قد باتت مسيطرة على كيانه..انها تحتلف عن أي فتاة شاهدها من قبل .. وقال بابتسامة حالمة وهو يتحدث الى نفسه: (يا لها من فتاة..رائعة)..
**********
استراحة لمدة نصف ساعة فقط يحصل عليها الصحفيين بالصحيفة بعد ثلاث ساعات من العمل المتواصل..وفي ذلك القسم الخاص بالصفحة الرئيسية قال احمد وهو يزفر بحدة: وأخيرا..يا الهي لقد ظننت ان فترة الاستراحة لن تأتي ابدا..
والتفت الى وعد ليقول: ألم تقولي انك ترغبين في مبادلتي ..حسنا انا موافق الآن..
ابتسمت وعد وقالت: حسنا ولكن ماذا عن...
قاطعها قائلا: لا تقولي انك قد تراجعت عن ما قلته..
ضحكت وعد وقالت: كلا ابدا..ولكن ماذا عن عدم خبرتي الكافية..اظن انني سأفسد كل عملك..
قال أحمد مبتسما: لا يهم..اخبريني أتريدني ان احضر شيء لك معي سأذهب الى كافتيريا الصحيفة بعد قليل؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها نفيا: سأذهب بنفسي..
قالتها ونهضت من خلف مكتبها..ونهض أحمد بدوره ليغادر القسم قبلها..وسارت هي خلفه مغادرة القسم ولتسير في الممرات و...
(آنسة وعد..)
التفتت وعد الى طارق ناطق العبارة السابقة وقالت بعدم اهتمام: ماذا؟..
قال طارق بجدية: ارغب في التحدث اليك..
قالت وهي تلتفت عنه: فيما بعد..
قال بحزم: بل الآن..
التفتت له مرة اخرى وقالت وهي ترفع حاجبيها باستخفاف: وهل سترغمني على هذا؟..
قال طارق بهدوء: لقد كنت افكر بتأجيل الأمر حتى يحين موعد انتهاء العمل..ولكني فهمت من محادثتك الهاتفية انك ستغادرين في ذلك الوقت..
صمتت وعد للحظات ومن ثم قالت: حسنا..وبشأن ماذا ترغب في الحديث إلي؟..
- لقد سألتيني بالأمس لماذا انا شخص بارد المشاعر..واليوم انا مستعد لإجابة سؤالك هذا..
تطلعت اليه وعد بشك وقالت: ستجيبني بهذه البساطة..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ربما لا تعلمين انك تذكريني بشخص عزيز على نفسي..ولهذا فكرت طويلا قبل أن أقرر إخبارك بالأمر والإجابة على سؤالك..
قالت وعد بابتسامة: حسنا موافقة..ولكن من دون ان تتسبب في إحراجي..
قال طارق بابتسامة شاحبة: لن افعل..أعدك بذلك..
قالت وعد بهدوء: وأنا يكفيني وعدك هذا..
اتسعت ابتسامة طارق وقال: اذا فلنذهب الى مكان نستطيع الحديث فيه..
أومأت وعد برأسها ايجابيا وهي تتبع طارق إلى الكافتيريا ..حيث قد قرر أخيرا ان يكشف ن جزء مما يخفيه خلف قناع البرود هذا..
ترى أي أمور يخفي؟..وهل ستؤثر هذه الأمور على علاقته بوعد؟؟...
********** |