07-24-2010, 12:48 PM
|
|
*الجزء السابع عشر*
(هل يمضي الوقت سريعا حقا وانا معك؟)
ما ان استقر بهما المقام في السيارة..حتى قالت وعد مبتسمة وهي تلتفت له: والآن ..أكمل..
قال طارق مبتسما وهو يشعل المحرك وينطلق بالسيارة: رويدك يا وعد..دعيني التقط انفاسي على الأقل..
ها هو ذا يناديها باسمها مجردا مرة اخرى..يبدوا انه قد اعتاد هذا الأمر..فلم يعد يهمه أن يناديها بلقب آنسة بحكم زمالتهما في العمل..انه يحدثها وكانه يعرفها منذ قنرة أو انها شخص قريب منه و...
ابعدت تلك الافكار عن رأسها وقالت: بصراحة لا املك مزيدا من الصبر..اريد أن أعلم ما حدث بعدها..
قال طارق بهدوء: حسنا دعيني اتذكر قليلا..لقد أخبرتك الى أن تغيرت حياتي مع مايا..أليس كذلك؟..
أومأت وعد برسها فقال: حسنا..سأخبرك ما حدث بعد أن طلبت مني العودة الى المجموعة..ولقد فعلت نهضت من مكاني على الفور لأسير برفقتها الى حيث باقي المجموعة ..وسمعت أحد الرفاق يهتف بابتسامة واسعة: يا اصحاب ..لقد جاء طارق..
التفت الجميع نحوي وقالت احدى الزميلات: لم لم نعد نراك يا طارق.. لقد افتقدناك كثيرا..
ابتسمت وقلت وانا اختلس نظرة الى مايا: لن تفتقدوني بعد الآن مطلقا..
قالت تلك الزميلة متسائلة باهتمام: ولم؟..
في حين قال آخر في سرعة: اتعني انك ستعود الينا أخيرا؟..
تطلع الي الجميع في لهفة منتظرين اجابتي..فقلت بابتسامة: هذا اذا كنتم ترحبون بي بينكم من جديد..
صاح عدد منهم في صوت واحد: بالتأكيد يا طارق..انت أكثر من أخ بالنسبة لنا جميعا..
قلت وانا التفت لمايا وابتسامة حانية تعلو شفتي: عليكم ان تشكروا مايا فهي من اقتعنتني بالعودة..
التفت اليها أحدهم وقال بحيرة: أحقا؟..كيف تمكنت من اقناعه؟..جميعنا تقريبا حاولنا معه دون فائدة..
قلت وانا أغمز لمايا بعيني: ربما لأن لديها طرقها الخاصة..
لمحت في تلك اللحظة ابتسامة واسعة تعلوا شفتيها ..وكم شعرت بالسعادة وأنا ألمح تلك الابتسامة على شفتيها والتي تدل على سرورها بعودتي مجددا بينهم ..وتطلعت لها لفترة قبل ان ابادلها الابتسامة..
وربما ما أثار حيرة وغرابة الزملاء في الايام التالية هو ان علاقتي بمايا قد اختلفت تماما..لم تعد تشعر بالغضب لاهتمام باقي الزملاء بي ..وانا بدوري كنت احاول ان اجعلها موضع اهتمامهم معي..بالفات النظر اليها..وانتهى الامر بأن اصبحنا اغرب ثنائي في الجامعة..فكما تعلمين شخصية كل منا تختلف عن الآخر..وعلى الرغم من ذلك استطاع كلانا ان يتوافق مع الآخر..
وكم كنت اشعر بالسعادة عندما اشاهدها تنتظرني بعد انتهاء محاضرتي..كنت اشعر باهتمامها نحوي الذي أخذ يزيد مع الأيام..الى ان شعر كلانا بحاجته الماسة تجاه الآخر.. وانه قد اصبح شخصا مهما في حياته ..وازداد هذا الشعور لاشعر بحبي نحو هذه الانسانة التي امتلكت كياني وتفكيري وقلبي..ولكن لم اكن انا اعلم بنوعية مشاعرها لي..كنت اشعر باهتمامها ..باعجابها ..وحنانها في لحظات نادرة..ولكن لم اكن اعلم ان كانت تبادلني المشاعر وقلبها ينبض لاجلي..وظل ...
قاطعته وعد بغتة وهي تحاول اخفاء رنة الضيق من صوتها قائلة: لحظة واحدة..انت تقول انك قد احببت مايا..أليس كذلك؟..وانك كنت تشعر باهتمامها الشديد نحوك..فما الذي منعك من مصارحتها بمشاعرك تلك؟..
قال طارق مجيبا: اشياء كثيرة..فأولا انا لا ازال طالبا في الجامعة..وقد خشيت لو اعترفت لها بحبي ان تتعلق بي..وبعدها يكون من الصعب على اهلها القبول بشخص مثلي كزوج لها..لهذا فظلت الصمت..لأحتمل بألم البعد وحدي على ان نحتمله سويا..
قالت وعد متسائلة: وايضا؟..ما الذي منعك من مصارحتها غير هذا الامر؟..
- لم اكن اعلم بمشاعرها نحوي كما اخبرتك ..وخشيت ان اخسر كل ما يربطني بها لو انني اعترفت لها بهذا الحب..
قالت وعد وهي تعقد ساعديها : لست معك في هذا ..فأولا من الصعب على الفتاة ان تعبر عن مشاعرها تجاه شاب ما..بينما يسهل على الشاب ذلك..فربما كانت تنتظرك ان تقوم انت بالخطوة الاولى..وثانيا دراستك ليست بمشكلة يمكنك ان تخطبها مثلا ريثما تكمل دراستك وتحصل على عمل..
ابتسم طارق وقال: كنت أفكر في هذا الأمر طويلا ..لكني لم احسم قراري وقتها..ولم اجد أحد يقدم لي النصح كما تفعلين الآن..
قالت وعد متسائلة: هل لي بسؤال آخر؟..
قال طارق بهدوء: نفضلي..
قالت وعد وهي تعقد حاجبيها بحيرة: اين هي مايا الآن؟.. وماذا حدث لها؟..واسمح لي بهذا..انا لا ارى في اصبعك أي خاتم زواج او خطوبة ..
ظل طارق صامتا لفترة من الوقت ومن ثم قال بلامح جامدة: لماذا تستعجلين الامور؟..ستعلمين بكل شيء عندما انتهي مما احكيه..
قالت وعد بهدوء: لم اقصد شيئا..ولكن انتابني الفضول لمعرفة مصير علاقتك بمايا فقط..
- حسنا..هل تريدين سماع باقي ما حدث ام اصمت؟..
استغربت وعد عصبيته وقالت وهي تمط شفتيها: اكمل..انا اسمعك..
التقط طارق نفسا عميقا وزفره بقوة قبل ان يقول: المهم ان علاقتنا انا ومايا كانت محصورة على الصداقة فقط طوال سنتين..ولم احاول ان اجعل علاقتي بها ما هو اكثر من ذلك ..ولكني كنت اشعر بأنها تشعر بي وبما احمله لها من مشاعر ..وخصوصا وانني قد اخبرتها بأنني احمل لها مشاعرخاصة في ذلك اليوم الذي قررت الانسحاب فيه من المجموعة ...
وجاء موعد اعلان النتائج من جديد..وقد نجحنا انا ومايا و جميع الزملاء كذلك بفضل الله..ويومها قلت لمايا بابتسامة واسعة: ما رأيك ان نذهب الى النادي مع باقي الزملاء؟..
قالت مبتسمة: بالتأكيد موافقة..
قلت وأنا أميل نحوها: وستفين بوعدك لي..
قالت بدهشة: أي وعد؟؟..
غمزت بعيني وقلت: تدريبك على ركوب الخيل..
قالت وهي تبتسم من جديد: الا زلت تذكر؟..
قلت وانا اتطلع اليها بنظرة حنان: وكيف لي ان انسى وعدك لي؟..
ظهر التردد قليلا في عينيها ومن ثم قالت: طارق كنت اريدان اخبرك بأمر ما..
قلت وانا اتطلع لها باهتمام وقد شعرت باهمية ما ستقوله: تفضلي..
همت بقول شيء ما..لولا ان اقترب احد الزملاء في تلك اللحظة وقال بمرح: انتما..الى متى ستظلان تتحدثان؟ ..الن نذهب الى النادي كما اتفقنا؟..
قلت وانا التفت له بابتسامة: بالتأكيد..فقط انتظرونا للحظات..
والتفت الى مايا من جديد..ولمحت خيبة أمل على ملامحها ..فقلت بعد ان شاهدت زميلنا يبتعد: تحدثي انا اسمعك..
لوحت لي بكفها وابتسمت ابتسامة مصطنة وقالت: لا داعي..فليس الامر مهما على الاطلاق..فلنذهب الى النادي مع باقي الزملاء..
تطلعت الى عينيها بنظرة شك وقلت: امتاكدة بأن ليس لديك ما تقولينه؟؟..
اسرعت تشيح بعينيها بعيدا وقالت: اجل بالتأكيد ..هيا..
لم اصدق حرفا مما قالته يومها..لقد كانت ترغب باخباري بشيء ما ..وشيء مهم ايضا ولكنها تراجعت في اللحظة الاخيرة..لم اعلم لم ..ربما كانت متخوفة من قوله لي او تخجل من ان تقوله..
وذهبنا جميعا الى النادي مرة أخرى..بعد سنتين كاملتين ..بالطبع انت تذكرين المرة الاولى الذي ذهبنا فيها جميعا الى هناك..ولكن الوضع كان مختلفا هذه المرة..لم نكن انا ومايا متشاجرين ..على الع** من يرانا لا تأتي في ذهنه سوى فكرة ان كلينا يحب الآخر ..وربما مخطوبان ايضا .. لقد أحسست باندفاع في مشاعري يومها..وانا اسير الى جوارها حيث قسم الفروسية بالنادي..وقلت وانا اتطلع لها بحب: تبدين جميلة جدا هذا اليوم..
توردت وجنتيها بخجل شديد وقالت بصوت متلعثم: اشكرك..
قلت وأنا لا ارفع عيناي عنها: اتمنى لو ان عقارب الساعة تتوقف عن الدوران لأحظى بقربك اطول فرصة ممكنة..
التفت لي وقالت بارتباك محاولة تغيير دفة الحديث: الديك فرس في قسم الفروسية هنا؟..
نظرت لها بضيق وقلت: لا ليس لدي..اخبريني هل يزعجك حديثي الى هذا الحد حتى تغلقينه كلما فتحته معك؟..
قالت في سرعة: مطلقا ولكن...
صمتت بغتة..وحاولت اكمال عبارتها لكنها عادت لتطبق شفتيها وهي تركل حجرا صغيرا بحذائها في عصبية..فقلت مستحثا اياها على الحديث: تحدثي..ولا تخشي شيئا..
تطلعت الي بنظرة غامضة..تحمل ما بين الرجاء ..والتوتر ..والخوف ..فقلت بهدوء وانا احاول ان نبتعد عن هذا الموضوع قليلا: حسنا..فلنذهب الى قسم الفروسية الآن..
رأيتها تومئ برأسها باستكانة..وتتبعني الى حيث اذهب .. ووجدت هي اننا قد وصلنا الى الاسطبل..فقالت متسائلة: كيف ستستخدم حصانا وهو ليس ملكا لك؟..فكما تقول انت لا تملك احدها..
أجبتها قائلا: هناك حصان في هذا النادي وهو ملك لأحد معارفي..
وأخذت اتلفت بحثا عن ذلك الخيل..الى ان وجدته ..كان حصانا ذا لون بني قاتم تبدوا عليه علامات الصلابة ..فقلت مبتسما وانا اشير للحصان: هذا هو..ما رأيك به؟..
تطلعت اليه للحظة ومن ثم قالت وهي تقترب من الحصان: يبدوا جيدا..اريد ان اجربه..
قلت وانا امسك بلجام الحصان وافتح باب الاسطبل لأخرجه: حسنا اسبقيني انت الى الخارج..
نفذت ما طلبته منها واسرعت تغادر بخطوات سريعة بعض الشيء..في حين اخرجت انا الحصان الى الخارج..وقلت مبتسما: هاهوذا يمكنك تجريبه..
تطلعت الي ومن ثم الى الحصان في حيرة وقالت متسائلة: وكيف امتطيه؟..
ضحكت بمرح وقلت: هذه مشكلتك..
تطلعت الي باستغراب فقلت وانا الوح بكفي بابتسامة: أنا امزح..بامكانك امتطائه باستخدام هذا الدرج..
قلتها وانا التقط السلم القصير الذي يتكون من درجتين وهو خاص بامتطاء الخيل..ووضعته بجانب الخيل وقلت: هيا جربي امتطاءه..
ازدردت لعابها وقالت: وماذا لو سقطت؟..
قلت بابتسامة حانية: لا تقلقي لن اسمح لذرة غبار بأن تؤذيك..
امتطت مايا ظهر الجواد ومن ثم قالت:...
صمت طارق عن مواصلة السرد..فقالت وعد بعصبية: لا تقل اننا وصلنا وانك ستتوقف عن السرد الآن..
التفت لها طارق وقال مبتسما: لقد وصلنا ومنذ فترة ايضا ..ولكنك لم تنتبهي الى ذلك..وانا اوقف السيارة واستمر في السرد..
قالت وعد وهي ترفع حاجبيها في دهشة غير مصدقة: احقا ما تقول؟؟..
هز طارق كتفيه وقال وهو يفتح باب السيارة: اجل.. فلن اكذب من اجل شيء تافه كهذا..
قالت وعد وكأنها قد اعتادت اسلوبه المستهزئ في الحديث فلم تعر ما قاله اهتماما وخرجت من السيارة بدورها: ان الوقت يمضي سريعا حقا كلما تحدثنا..
قال طارق بهدوء وهو يدور حول مقدمة السيارة ويسير برفقتها الى داخل الصحيفة: ربما لأن اللحظات السعيدة بالنسبة لك تمضي سريعا لانك لا تتمنين ذلك..وتتمنين ان تدوم.. بينما اللحظات الحزينة تمضي ببطء شديد لأنك لا تريدين ذلك..وتشعرين بها كالساعات..
قالت وعد بابتسامة: ربما كان ما تقوله صحيحا..وربما لاننا نحن نشعر بها كذلك..فبمجرد الشعور يتولد في عقلنا احساسا بأن ما نقضيه من وقت قد يكون اكبر او اقل على الرغم من تساوي كلا الوقتين..
التفت لها طارق وقال بابتسامة اعجاب: لاول مرة اعلم انك قد بت فيلسوفة..
- اتسمي ما قلتها انا فلسفة.. ماذا عن ما قلته انت..لا بد ان يطلق عليه اسم محاظرة علمية..
قال طارق وابتسامته تتسع: اظن ان علينا ان ننتقل للعمل في الابحاث العلمية قريبا..
ابتسمت وعد بمرح وقالت: فكرة جيدة..ولكن اخبرني اولا أي الرواتب أكبر؟..
- العمل في الابحاث العلمية بكل تأكيد..
ضحكت وعد وقالت: لولا انني امتلك شهادة في الادب..لفعلتها وانتقلت الى تلك الابحاث..
قال طارق مداعبا: ليتك تفعلينها..
قالت وعد وهي ترفع حاجبيها باستنكار: هل بدأتم تشعرون بالملل مني بهذه السرعة؟..
مال طارق نحوها وقال: وبأكثر مما تتصورين..
قالت وعد وهي تعقد ساعديها امام صدرها: الا تعرف المجاملة ابدا؟..
- بل لا اعرف الكذب..
هزت رأسها وقالت: ليكن اذا..سأرى ان انتقلت انا الى قسم آخر فقط..كيف ستجدون صحفية مثلي؟..
قال طارق بغتة وكأنه قد تذكر امر ما: صحيح لا تنسي امر ذلك الموضوع الصحفي..
قالت متسائلة: تعني عن ما يتعلق بأمر ذلك المدير العام..أليس كذلك؟..
اومأ برأسه وقال: حاولي الاسراع في اعداده واي مساعدة تحتاجينها..لا تترددي في طلبها مني..
قالت وعد وهي تضع سبابتها تحت ذقنها وتتطلع اليه بسخرية: ولكني احسب انك قد اصبحت تشعر بالملل من وجودي..
قال طارق بابتسامة هادئة: لانك بلهاء.. لا تفهمين المزاح..
اشارت الى نفسها وقالت بضيق شديد: أنا بلهاء..
اتسعت ابتسامة طارق وقال: اجل عندما لا تفهمين ما اعنيه..
والتفت مبتعدا عنها ليواصل طريقه..ووعد تتابعه بعينيها وابتسامة حالمة وسعيدة تتراقص على شفتيها..وهي تفكر في فارس احلامها الذي سيطر على كيانها ومشاعرها بشكل اذهلها هي نفسها والذي يمتلك اغرب شخصية في هذا الكون بأكمله..
*********
لنرحل قليلا عن مبنى الصحيفة ولنتجه الى ذلك المنزل..والى تلك الغرفة بالذات..الذي جلس صاحبها على طرف فراشه وهو يتطلع الى علبة ما متوسطة الحجم في يده ..ويتمتم محدثا نفسه: (لم اكن اعلم انك تكرهيني الى هذا الحد يا وعد..الى درجة حتى تمنعك من الاتصال بي بعد آخر لقاء بيننا..أنا لااريد ان ابدء الحديث حتى لا اهدر كرامتي اكثر من ذلك..كنت اتوقع ان تتصلي بي او على الاقل ترسلين رسالة قصيرة لتطمأني على احوالي..ولكن يبدوا انني قد بت لا شيء في حياتك ..لا شيء..)
وترك هشام ما بيده ليضعه على طاولة صغيرة مجاورة واردف وهو لا يزال يتحدث الى نفسه: ( لكني لن اييأس..مهما حدث او سيحدث..مهما فعلتِ..فأنت تعلمين الآن بأني احبك..واني مستعد للنضحية بأي شيء في سبيل ان تبادليني مشاعري..لن اظل مكتوف اليدين حتى يأتي احدهم ويأخذك مني امام ناظري..لن اسمح بحدوث هذا مطلقا وان كان علي التضحية بأغلى ما املك..فما دمت ترفضين الزواج بي..فلن اسمح لك بالزواج من غيري ..اتفهمين ..لن اسمح بأن تتزوجي شخصا آخر سواي ..حتى وان كان هذا غرورا او انانية مني..لكنك لا تفهمين اني احبك ولا احتمل رؤيتك مع سواي ولو للحظة..لا تفهمين)..
ودفن وجهه بين كفيه في مرارة..وهو يحاول السيطرة على مشاعره وعلى الغضب الذي اخذ يجتاحه..وشرد بعقله بعيدا وهو يحلم بعالم ملئ بالأحلام..تتحقق فيه الاماني دون أي تعب او مشقة..عالم يكون فيه هو ووعد فقط..ولا شخص آخر...
*********
تطلعت ليلى بابتسامة حانية الى مجموعة الزهور الحمراء التي اهداها اياها عماد بالأمس والتي احتلت احدى الزهريات في غرفتها..وقالت وهي تميل نحوها وتتنسم عبيرها: صباح الخير..كيف حالكم جميعا؟..
ومن ثم انتظرت قليلا وكأنها ترغب في سماع رد الزهور ..قبل ان تقول: ها نذا ذاهبة اليه..لكن اتمنى ان اراه وان لا يحدث مثل كل مرة..اذهب انا قبله او هو قبلي الى الشركة..
والتقطت احدى الزهرات لتقول بابتسامة واسعة: هه..ما رأيك؟..هل يحبني الآن كما احبه؟..
وعادت لتقول وهي تعيد الزهرة الى الزهرية من جديدوتتنهد بحرارة: هل اظن ايضا انه يحبني؟..يالي من واسعة الافق ..واحلق كثيرا في عالم الاحلام..
والتقطت حقيبتها على عجل واسرعت تغادر المنزل وتنطلق بسيارتها الى حيث الشركة..وما ان اوقفت سيارتها في احد المواقف حتى قالت بسخرية مريرة: ها قد صدق حدسي..فهاهي ذي سيارته تحتل أحد المواقف الخاصة..
وهبطت من السيارة وهي تهز كتفيها محاولة اصطناع الامبالاة واكملت سيرها الى حيث الشركة..و...
(صباح الخير يا آنسة ليلى..)
التفتت الى مصدر الصوت وقالت بابتسامة واسعة متحدثة الى صاحبه: صباح النور..هل جئت انا اليوم مبكرة ..ام انك انت من جاء متأخرا على غير عادتك يا سيد عماد؟..
قال عماد بهدوء: اولا لا تناديني بلقب سيد الا في وقت العمل.. وثانيا لا هذا ولاذاك.. فقد كنت انتظر مجيئك..
تطلعت اليه باستغراب وقالت: مجيئي انا؟؟..
قال بابتسامة واسعة: اجل وما الغريب في هذا؟..
صمتت دون ان تعلق على عبارته..وهي تشعر ببعض الاضطراب من وقوفهما معا هكذا..وشعر عماد باضطرابها فأسرع يقول: حسنا كل ما كنت اود قوله لك..هو انني اريد تعويضك ما حدث..
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت: لا تقل لي بأنك تعني ذلك اليوم الذي ذهبنا فيه الى....
قاطعها قائلا: اجل اعنيه هو..
قالت وهي تتطلع اليه: صدقني انني لم افكر في الأمر حتى ..لقد سعدت بدعوتك لي.. حتى وان كان الصمت هو حوارنا طوال الوقت..
قال عماد وهو يتطلع اليها بنظرة تحمل بعضا من الرجاء: وماذا لو طلبت منك ان تقبلي دعوة اخرى مني..هل توافقين؟..
ظلت صامتة للحظة ومن ثم قالت وهي تبتسم: بالتأكيد يا سيد عماد..وهل ستتاح لي الفرصة لأن يدعوني مدير الشركة كل يوم؟..
قال عماد وهو يبتسم بدوره: بدون سيد من فضلك.. وبدون ذكر مناصب..
قالت مداعبة: حاضر يا سيدي..
تطلع اليها للحظة واتسعت ابتسامته بشكل اكبر.. قبل ان يقول : حسنا اراك اذا بعد انتهاء فترة العمل.. اتفقنا؟..
أومأت برأسها بهدوء..ومن ثم تبعته الى داخل الشركة وهي تشعر بسعادة كبيرة..فها هو ذا عماد يثبت لها انه مهتم بها بأكثر مما كانت تتصور.... |