الموضوع
:
~*¤ô§ô¤*~الساحر~*¤ô§ô¤*~ روايات احلام الرومانسية
عرض مشاركة واحدة
#
2
07-26-2010, 03:30 PM
ماريا سيف
الفصــــــــــــــــــل الأول
قامت "اليزابيث بارون" الملقبه بـ"بيب" والدكتورة في الفلسفة ، بغمس فرشاة في دلو الطلاء، لتبدأ بكل دقة في دهن خط أبيض طويل بطول هيكل القارب القديم.
كانت عملية الطلاء بالنسبة لهذه المرأة الشابة شيئا جديدا تماما ولكنها كانت قد استوعبت كل ماقراته عن هذا الموضوع في كثير من الكتب التي اشترتها خصيصا لذلك . وكان يوما حارا جدا على غير عادة ايام شهر إبريل ، فلم تستطع قبعتها ولانظارتها_ التي كانت على شكل قلب- ان تمنع انسياب العرق على وجهها . وكانت قد لصقت علىانفها قطعة من شريط لاصق مضاد لضربات الشمس والذي زاد من غرابة مظهرها ايضا.
انتهى الامر بـ"بيب" بالنزول من على السلم بغيه تنشيف عرقها بواسطة قميص رياضي كان مقاسه لا يناسبها ، لذلك كانت تستخدمه في الاعمال المنزلية ، تناولت جرعة من المياه الغازية وحاولت ان تنسق قليلا من شعرها الكثيف لتقرر بعد ذلك العودة إلى عملها من جديد .
لقد كان هذا احد مشاريعها التي اعلنت عنها في تقريرها الذي كان عنوانه" من أجل تنمية اجتماعية سريعة " وكانت مصرة على انهاء عملها قبل عودة ابناء جيرانها - التوءمين"ستراهان" - من المدرسة التي تقع على الجانب الاخر من البحيرة . لقد كانت تتدرب معهم على رياضة "البيس بول" كل يوم جمعه ، وكانت لديها رغبة حقيقية في تحسين أدائها لهذه اللعبة .
اندمجت "بيب" تماما في عملها لدرجة انها لم تعد تحس مايدور من حولها: لم تكن ترى سوى انسياب الفرشاة على هيكل السفينة . كما ان النسمة الدافئه التي كانت تهب بين اشجار السرو زادت من إحساسها بالراحة والعزلة .
لم تؤثر زقزقة العصافير على اوراق الأشجار ، ولا قفزات الأسماك من حين لآخر خارج الماء على تركيزها . الشيء الوحيد الذي ادركتة عن طرق اللاوعي هو صوت طائرة مروحية كانت تقترب شيئا فشيئا خلف المنزل ، بعد نهاية منطقة الأشجار ، في نفس الوقت الذي كانت تتوقف فيه قليلا لتحرك سلمها، سمعت بوضوح اصوات اقدام تتجه نحوها.
"ربما كانت"نان" اتت لتتأكد من أنني اكلت سنودتشاتي". كان هذا تفكيرها وهي تنظر إلى كيس السندوتشات الذي لم تلمسه .
ابتسمت "بيب" . من المؤكد أنها ستتعرض للعتاب من طرف هذه السيدة العجوز ، التي كانت تتعامل معها كما لو كانت جدتها وليس كمديرة لمنزلها ، كانت عباراتها من طراز:
- إنك نحيفة لدرجة تجعل الناموسه تزهد في غذائها منك.
في نفس الوقت الذي كانت المرأة الشابة تحضر فيه ردا مفحما تسكت به توبيخات "نان" ، حينما رات رجلين يخرجان من بين الأشجار الكثيفة .
قال اصغرهما سنا :
- صباح الخير
كان يرتدي بنطلون جينز، وسترة واقية من الرياح ، وزوجا من أحذية "ريبوك" ، ويضع على راسه قبعة "بيس بول " تغطي شعره الكثيف ذا اللون الاسود المحمر . لفتت نظراته المثيرة انتباه الجامعيه الشابة.
كانت عيناه الخضراوان اللامعتان مبتسمتين ولكنها حافظت على نظراتها دون ان ترمش .
لقد احست "بيب" باضطراب لم يحدث ان شعرت به من قبل. لاول مرة منذ سته وعشرين عاما من ا لحياة احست المرأة بغريزتها أنها أمام رجل .
وفي حين أنها كانت تمتلك قدرة غير عادية على التعبير ، أصبحت "بيب" فجأةغير قادرة على تعريف الشعور الذي كان ينطلق منها ولكنها ادركت نوعا من السحر، من التاجج الذي سرعان ماسيطر عليها
ابتسم لها وقال لها شيئا لكنها لم تسمعه ولم ترد عليه ،كان هناك شيء يمنعها من الكلام . كانت تحس كأنها تمثال مصنوع من الملح تم طحنه ، لم تنتبه الى قطرات الطلاء المتساقطه من الفرشاة لتستقر على حذائها الرياضي القديم.
ولكنها مالبثت ان اجابت بعد بذل مجهود غير عادي لتتمالك نفسها:
-ماذا؟
وابتسم الرجل الشاب من جديد لتظهر غمازتاه الفاتنتان وفكرت المرأة الشابه :
- اذا استمر في النظر الي بهذه الطريقه فسوف ينتهي بي الامر الى الذوبان.
تقدم الرجل الاكبر سنا خطوة ناحية "بيب"وعلى العكس من الذي تكلم معها والذي كان ظريفا وفاتنا ،كان الأخر - بالرغم من بدلته وربطة عنقه- لايشعرها من ناحيته باي ثقه .
كان يعلوها بمقدار الراس تقريبا .
رفعت راسها نحوه دون ان تنتبه بعد الى الطلاء الابيض المتساقط على حذائها الرياضي .
استدرك الرجل ذو البدله الكامله قائلا:
-إننا نبحث عن الدكتورة "لي بارون" ، وليس لدينا وقت لنضيعه . إن مدبرة المنزل قالت:إننا سوف نجدها هنا.
استجمعت "بيب" افكارها ،ووجهت انتباهها نحو الرجل الغريب الفاتن الذي كان لايزال يبتسم بشدة وهو ينظر اليها.
كان الشعور بالخجل يتملكها من جرا مفاجأتها في هذه الحالة السيئة امام رجل مثله، لم تشعر من قبل بكل هذا الاحراج ، ادركت ذلك فجأة بكل مرارة ، احمر وجهها من الخجل ولكنها استطاعت ان تكون ردا :
-انها ليست هنا لقد ذهبت الى "الدنيمرك ".
واستدرك الرجل الشاب مستفهما ومبديا ابتسامة غريبة زادت من اضطراب المراة الشابة :
-إلى "الدنمرك" ؟
وصرخ الجل ذو البدلة قائلا:
-إلى "الدنمرك"؟ تفاهة؟
وبحركة تعبر عن انزعاجه قام بإخراج ورقة من فئة الدولار الواحد ومد يده ناحية "بيب" :
- كوني فتاة ظريفة واذهبي لإحضار الدكتورة "لي بارون" ، لأننا نريدها في امر مهم ، سوف ننتظرها في بيتها .
وبدون اي كلمة اضافية استدار الرجلان وتركها مذهوله وممسكة بورقة الدولار في يدها .
تمتمت بصوت منخفض وهي ناقمه على قصر قامتها ووجهها الطفولي :
- لقد أنني مراهقة صغيره.
في الواقع انها اكتشفت انها لعبة دور المراهقه الخجول لدرجة اقنعتهما، وفي نفس الوقت الذي كانت تدس فيه ورقة الدولار في الجيب الخلفي لبنطلونها الجينز سمعت صوتا غليظا ياتي من خلف ظهرها رات "بيب" ان الشاب الجذاب عاد اليها وكانه يستمتع باضطرابها .. مما سبب لها انزعاجا .
دققت النظر اكثر في وجهه وتأكدت من انه ليس رهيبا بالصورة التي تعتقدها وبررت انجذابها نحوه على انه من اثر الجوع الذي كانت تشعر به . لكنه استمر مع ذلك في تثبيت نظره عليها . وكان هو ايضا اطول منها قليلا بالرغم من انه ليس مثيرا للانفعال مثل الشخص ذي البذله الذي كان معه منذ قليل .
وسالته "بيب" بنزعاج:
- من انتما على وجه الدقه؟
ورد و قائلا وكانت هي ترمقه بنظرة ذهول:
- لقد خرجت من تلك الحشره الطائرة ،المروحيه التي هبطت منذ قليل انا قائدها.
نزع طاقيته وقام بحركة احترام قصيرة وغريبة :
-"سوبر هايس" ، في خدمتك سيدتي ، وانتي؟
واستمر في ابتسامته المستهزئة المرسومة على ركن شفتيه.
-إنني "بيب" ال.."بيب" فقط.
- الدكتورة "لي بارون". اليس كذلك؟
وردت هي بغيظ:
-نعم ارجو منك المعذرة ، فعندي عمل يجب ان انتهي منه . إنني تعطلت بما فيه الكفاية .
وقبل ان تتحرك امسك بذراعها وقال:
-لابد لك ان تنظفي اولا هذا الطلاء الذي تساقط على قدميك.
نظرت الى اسفل وظهرت على وجهها علامة التعجب.
واستطرد"هاريس" قائلا وهو يحمل قطعة من القماش ويريد ان يمررها على الحذاء الرياضي للمرأه الشايه :
-دعيني أعتني بذلك ، هكذا ، اعتقد ان هذا سوف يفي بالغرض ، هل عندك فرشاة ثانية؟
-لماذ؟
-لكي اساعدك طبعا، حتى يكون العمل اسرع وايضا سيكون اكثر متعه إذا ما قام شخصان معا بهذا العمل .
همهمت برضا واشارت لقائد الطائره لتدله على مكان دلو طلاء كبير فارغ يحتوي على الكثير من الفرش الخاصة بالدهان. قام بإختيار احداها بانتباه بدء يدهن بهمة .
استطاع بعد عشر دقائق ان يدهن جزءا كبيرا من سطح الهيكل المراد طلاؤه .
وابتسم قائلا:
- عليكان تسرعي، لأنني سافوز عليك بهذه الطريقة وردت قائلة وهي تزيد من سرعتها في الطلاء:
- لم اكن اعلم اننا نتسابق .
رد الرجل وهو يزيد من سرعته اكثر فأكثر دون ان يضيع أي ضربة للفرشاة :
-بلى، بلى.
حاولت "بيب" مسايرة إيقاع "هايس" ولكنها فشلت في ذلك. فلقد انهت طلاء الجزء الخاص بها بعده بعشر ثوان.
صرخ هو قائلا:
-انتصرت!
-هذا ليس عدلا، لقد بدأت قبلي.
-ولكننب قمت بدهن ضعف المساحة التي قمت بها انت.وتناول علبة صودا من صندوق المثلجات وأعطاها للمرأة الشابه ، التي شربت منها جرعة طويله لتعيدها إليه مره ثانية. وقام هو بشرب مابقي منها دفعه واحده قبل ان يلقيها بحركة متقنه داخل صندوق المثلجات .ثم اخذ سندوتشين واعطاها أحدهما ، وجلسا على الارض ليتناولاهما .
سالته "بيب" في حيرة:
- ماذا يفعل هذا الرجل هنا ؟
رد وهو يلتهم سندوتشه:
-"ليونارد هوكر"؟ إنه يعمل بمؤسسة "ميرث" ،إنه يحاول ان يقنعك بقبول وظيفة ، اظن انها ستعجبك.
- لقد اخذت إجازة بدون مرتب لعدة شهور .
سألها "هايس" وهو يلتهم بشراهة سندوتشا آخر:
-لماذا؟
-إنها قصة طويلة .
اعتدل في جلسته وقال:
- لدينا كل فترة الظهيرة .
- إنني اعمل على وضع برنامج شخصي يحمل عنوان " من أجل تنمية اجتماعيه سريعه"
- هل هو جيد؟ أي نوع من البرامج هو؟
ردت وهي تتنهد:
- من اجل تنمية اجتماعيه سريعة ، إنه برنامج فرضته على نفسي لأنني اكتشفت مؤخرا أنني متخلفة اجتماعيا.
- عفوا؟
كررت الشابة كلامها بنفس الصبر الذي تستخدمه لتعليم الأخوين "ستراهان"مادة الحساب:
-أنا متخلفة اجتماعيا
قال"هايس" وهو يبتسم :
-إنني متأكد أنك تستهزئين بي.
-لا، اؤكد لك انها الحقيقة .
وبدون إخفاء سخريته منها سألها الرجل:
- وماهو السر وراء صحوة الضمير هذه؟
- لقد تم اختياري في إطار دراسة تتعلق بالنمو الاجتماعي للاطفال الموهوبين. وكانت الفرضيه ان الكثير منا يصل الى سن الرشد مصحوبا بضمور في النمو الاجتماعي. تعتبر حالتي مثالا كلاسيكيا لذلك ، لأنني متفوقه دراسيا، كان عليا دائما ان التحق باقسام كان الطلبة فيها يكبروونني في السن، ولكنني كنت اصغر من ان اشاركهم نشاطاتهم الخارجية .اما اقراني فكنت اجد انهم مضجرون ومتخلفون. ماذا كنت ستفعل لو انك وجدت نفسك مبكرا كخبير في مادة الجبر وانك تحفظ مؤلفات"شكسبير" عن ظهر قلب في الوقت الذي كان فيه اقراني غير قادرين على اجراء عملية قسمة ؟ لقد كنت منبوذه من الجميع .
استدرك قائد الطائره وهو يتمتم مع ظهور علامات الجدية على وجهه قائلا:
- إنني اسف . لم اكن اعلم ان هذا يمكن ان يحدث مع انني شخصيا كانت لدي صعوبات في طفولتي ، هل كانت طفولتك تعيسه؟
-لا،لانستطيع ان نقول ذلك، لأنني لم اكن ادرك هذه المشكلة قبل ان اقرأ الدراسة التي كانت تعنيني بعض الشيء . وعندما تولد عندي -في الحقيقة- شعور بأنني حاله ميؤوس منها .
-لكنك بالتأكيد حظيت بوالدين محبين وحانيين؟
- في الواقع لا اتذكر والدي . لقد قتلا في حادث اثثناء وجودهما في "شيلي" عندما كنت صغيره جدا .كانا يعملان هناك كمهندسي مناجم .
لقد عشت مع عمَي الذين كانا خير عوض عن والدي.
ابتسمت وواصلت حديثها :
-إن عمَي كانا غير متزوجين وكانا يسكنان في نفس المنزل، لقد كانا بالنسبة لي ولأخي كل أهلنا. عندما وصلت إليهما كنت قد تعلمت المشي منذ وقت قريب . وكانا لايعرفان طبعا اي شيء فيما يخص الاطفال ولكنهما قاما بتعيين "نان" ، التي سبق ان التقيتما بها من قبل ، لكي تعتني بي . وكانا يعملان بالتدريس في جامعة "رايس" التي كانت قريبه جدا من مسكننا ، وكنت دائما سابحة في جو دراسي وراشد ، وعندما انتبها الى موهبتي الدراسيه سمحل لي بالجلوس معهما عندما كانا يتناقشان في مواضيع الفيزياء التطبيقيه او الرياضيات ، وسرعان ماالتحقت بجامعة "رايس".
- ماالمواد التي كانا يقومان بتدريسها؟
-إنهما مازالا يعملان بالتدريس ، فاالعم "والدو"دكتور في الفزياء،والعم"إيموري" في الرياضيات.
وساد صمت بينهما لفترة وجيزه ، كانت أسماعها متجهة إلى صوت الأمواج الرقيق تصطدم بهيكل القارب.
وبالرغم من كونها غير كتومة تماما إلا ان "بيب" تعودت الا تتحدث عن حياتها كثيرا ، لقج كانت تفضل دائما الحديث عن العلم او عن حبها الأوحد: الحاسب الألي.
وكانت المرأة الشابة تملك معرفة عظيمة في كل مايتعلق بهذه الآلات وكانت قادرة على خلق اي نوع من البرامج . وكانت ايضا خبيرة للبرمجة في شركة المعلومات التي يملكها اخوها.
كما انها صممت بعض البرامج لوكالة "ناسا" ، ولوزارة التعليم، وايضا بعض الاعلاب الفضائية مع استمرارها في عمل الابحاث وإلقاء المحاضرات في جامعتها.
كانت "بيب" تعتقد دائما ان حياتها سعيدة وممتعه إلى ان قامت بقراء رسالة الدكتوراة التي قامت بها"كارول فينهويزن" ...فلقد اكتشفت وقتها المفاجأة المذهلة، وهي انها كانت تتصرف دائما كطفلة في العاشرة من عمرها.
قال"سوير":
- لقد افتقدت اشياء كثيره
- هذا بالضبط ماعتقدت انني فهمته.
- ولكن ماعلاقة ذلك برفضك للعمل؟
- إن الأمر يبدو بسيطا جدا . بعد ان اكتشفت ان شخصيتي الإجتماعيه هي تقريبا نفسها قبل سته عشر عاما من الآن ، بمعنى انها كانت غير موجودة، اردت ان اقوم بعمل ابحاث ولكنني لم اكن استطيع تعلم ما ينقصني وانا اعمل ، لأن النقائص الاجتماعية التي اعاني منها كانت اساسا خارج مجال العمل، ففكرت ان احسن طريقة استطيع بها إتمام أبحاثي هي ان اضع نفسي في قالب اجتماعي مختلف يسمح لي بالتواجد في وضع اكثر ملاءمه لحل هذه المشكلة .
قال "هايس" وهو يرفع عينيه الى السماء ثم يخفضها ثانية نحو المرأة الشابة:
- لم افهم شيئا قط مما تتكلمين عنه ، كما لا افهم ايضا ماالداعي لأخذ اجازة بدون اجر.
-لأنني قمت بعمل خطة سوف تشغل كل وقتي ولدمة طويلة، إنني اشعر بأنني متأخره في نموي الاجتماعي لدرجة تجعلني ابدأ من البداية.
- ولكن كيف يمكنك البدء؟ بدء ماذا؟ ومت قال : إنك سوف تنجحين؟
-لا توجد اية اسباب للفشل ، حتى إنني استعنت "بكارول فينهويزن"
لتطوير المشروع بالكامل ، ومثال على هذا ، أنني أنضم بانتظام إلى مجموعات من الاطفال والمراهقين من مختلف الأعمار وأحاول ان اعيش مثلهم و معهم . وخلال ثلاثة اشهر وجدت انني قد انتقلت من الطفولة إلى المراهقة ..كان "سوير هايس" يحملق في الفتاة بستغراب . وكانت الجدية التي تتحدث بها معه عن نقائصها الجتماعية تجعلها لطيفة جدا لدرجة تقترب من الجاذبية .وللحظات تملكة شعور جامح بالرغية في الإمساك بيدها .
قال لها:
- لابد انك قطعت مشوارا طويلا إلى ان وصلت إلى هنا ، ولكنني متأكد انك تستمتعين جدا بمحاولة تعويض مافاتك .
ساد صمت طويل كانت "بيب" اثناءه تبدو وكأنها تفكر . ثم رفعت راسها في اتجاه قائد الطائرة:
- طبعا . لقد انضممت إلى الكشافه ، واحاول تعلم لعبة "البيس بول" وغدا سوف تعلمني "نان" طريقة عمل الحلوى بالفانيليا.
أدار "هايس" راسه محاولا إخفاء ابتسامة عريضة ظهرت على وجهه لم يكن يريد ان تعتقد الفتاة انه يسخر منها. ولكن حدسه كان يخبره انه امام شخصية جديرة بالإهتمام .
عادت الفتاة للحديث مرة اخرى وقالت:
- كما ترى الان . إن وقتي كله مشغول بواسطة إعادة تأهيلي الإجتماعي ، واظن انك فهمت لماذا لا استطيع منذ ذلك الوقت قبول اي عمل ولمدة ثلاثة شهور قادمة . واتمنى ان يتفهم رئيسك ذلك ايضا.
- "لينارد" ليس ر ....قطعت صرخة قادمة من البحيرة كلام "سوير" . كان قارب صغير لمحرك يتجه نحوهما ، كان بداخلة طفل وطفلة صغيران يرتديان سترة الانقاذ، كان شعرهما اصفر ، وكانا يلوحان إلى "بيب" .
قالت "بيب":
- لمساعدتك إياي في إنهاء عملية الطلاء ، لكن يجا ان اتركك الآن فقد حان وقت درس "البيس بول" مع ابناء "ستراهان".
رد هو قائلا بعد ان ارتدى قبعته من جديد :
- اظن انه بإمكاني البقاء قليلا ، إنني شخصيا رام جيد
- ماذا يقصد بكلمة إقصاء؟ إنني حتى لم اضرب الكرة .
اقترب "هايس" من الفتاة وانحنى نحوها حتى كاد انفاهما يتلامسان ثم اجاب:
- بالضبط كان عليك ان تلمسيها ، كانت جيدة وقمت بإضاعتها.
- لم تكن جيدة .
- بل كانت كذلك.
- لا.
- ماعليك الا ان تسالي التؤمين او "ليونارد".
كان رجل الاعمال قد خلع سترته وربطة عنقه ويقف في مكان الواقي ، هز راسه معبرا عن قرار لا رجعة فيه.
خفضت "بيب" راسها من الإحباط ثم قالت:
- أظن انني غير موهوبة في هذه اللعبة .
طوق قائد الطائره كتفي الفتاة بذراعه وقال لها محاولا تهدئتها وهو ينظر إلى ساعته :
- لا عليك، يجب ان تتدربي اكثر فقط ، اما الآن اظن أنني و "ليونارد" يجب علينا ان نرحل إذا اردنا العودة إلى "هليوستن" قبل حلول الظلام.
كم يجب ان يعود كل من "مايك" و"ستيسي" في ميعاد العشاء . أليس كذلك؟.
تبادل كل الموجودين تحية الوداع وبمجرد وجودها بمفرها قامت "بيب" بجمع ادوات "البيس بول" ورتبتها بعناية.
تناولت عشائها بسرعه ثم قررت ان تقوم بجولة بالقرب من البحيرة بدلا من البقاء في المنزل لمشاهدة المسلسلات التلفزيونيه المخصصة للأطفال والتي كانت معتاده على متابعتها وذلك تبعا لبرنامجها .
سلكت طريقا ظيقا ادى بها إلى اكثر شواطىء البحيرو وحشة .
كانت نسمة المساء تجعلا تقشعر لكن ليس من البرد . لم تأبه إلا لسكون الطبيعة الرائع وقت الغروب . ياله من يوم غريب.. حتى هذا اليوم ، كان برنامجها يبدو ذا معنى ، فقد نجحت في اكتشاف هذا المكان الذي كانت تقضي فيه ساعات طويلة مع "مايك" و "سيسي ستراهان" وأصدقائهما من نفس السن لكي يتلقو دروسا خاصة في الرياضيات .
كانت واثقه من انها على حق ، وان خطتها تسير كما يجب . لكن زيارة "ليونارد هوكر" و "سوير هايس " ادت الى صحوت قلق مكبوت بداخلها . خاصة عندما بدات تفكر في قائد الطائرة.
كان لوجه الرجل المبتسم وعينيه الماكرتين مفعول غريب على "بيب" .
لقد اعجبتها طريقة ضحكته التلقائيه والصريحة .
تردد بداخلها فجأة سؤال جعل وجهها شاحبا وبطنها يتقلص :
- هل كان يسخر مني؟ ربما يجدني غير مهذبه؟
مرت لحظة، احست ان لديها رغبة في البكاء وارتعدت.
لم يسبق لها ابدا ان كانت على وشك الأنهيار والبكاء مثل هذا اليوم .
وجلست على جذع شجرة ميته .
- - لماذا اهتم لهذه الدرجة بما يظن عني هذا الغريب؟
لأول مرة في حياتها يتعرض ذكاؤها لتحد خارجي بالرغم من انها كانت ماهرة في جدولة وترتيب وتنظيم كل شيء إلا انها الآن ولأول مرة أمام مشكلة لا تجد لها تسمح لها بتجاوز ما ظنت انه عائق ، وقررت ان تخوض التجربة حتى النهاية . مادام انه لايوجد شيء جديد تحت الشمس فليس من المستحيل ان تجد حلولا لأي مشكلة تتعرض لها مهما كانت صعبة.
انفرجت اسارير الفتاة بابتسامة وعادت إلى المنزل وهي تركل بمرح بعض فروع السرو المتساقطه على الطريق
دخل الرجلان في مصعد ناطحة سحاب زجاجية كبيرة في حي الأعمال بمدينة "هيوستن".
وأثناء صعود المصعد إلى الطابق الخامس والعشرين من المبني الذي يحتوي على مقر شركة "ميرث"
قال "ليونارد هوكر" وهو يحدث رفيقه:
- إن تلك الفتاة غريبة الأطوار حقا، من كان يصدق أن عالمة مثلها يمكن أن تتصرف وكأنها طفلة لم تبلغ سن المراهقة بعد ؟ غنه امر يصعب علي تصديقه.
لم يجب "سوير هايس" .كان يبدو في حالة تفكير ، تائها بين افكاره.
وصلا في النهاية إلى المكتب الرئيسي ودخلا اليه ، قام "هوكر" يتناول مشروبا اما"هايس" فالقى بنفسه علىالاريكه .
وتساءل "هوكر" وهو يوجه خطابة إلى قائد الطائرة:
- هل نحتاج إليها فعلا من اجل مشروع هذا البرنامج ذي الحقيقة الوهمية ؟
رد "هايس" وهو يضع يديه على بطنه:
- إنها تعتبر الأفضل في مجالها ، وشركة" ميرث" تقوم دائما بتوظيف الأكفاء اليس كذلك ؟ وبالتالي يجيب علينا توضيفها ، المشكلة الوحيدة هي رفضها قبول اي عمل لفترة معينة .
رد "ليونارد":
- دع الامر لي انها مثل اي شخص يعرف إمكاناته وثمنة . فلتعرض عليها مكافأة إضافية وأنا متأكد من موافقتها .
- يا عم "لين" إنني اعرف جيدا سمعتك كمفاوضوهي مستحقة ولكننا هذه المرة في مواجهة شخص مختلف ، وربما وجب علينا ان نكون اكثر ذكاء . إن الاسباب التي تدفعها إلى رفض العمل خاصة جدا ، دعني اعتني بالامر .
لم يكن "سوير" يريد ان يعرف عمه مدى اعجابه الشديد بالفتاة . ولو احس "ليونارد" بما يجول بخاطر الشاب لأَنبه بشدة مدعيا انه لايقوم بعمل اي شيء بجدية . وكان هذا المر يحدث منذ زمن بعيد لدرجة ان "سوير " لم يعد يأبه بعتاب عمه على كل تصرفاته . ثم قام وتوجه إلى المكتب الضخم الذي كان يشغل الغرفة ويأخذ منه ملفا.
مد يده باللملف إلى غرفة عمه وقال له:
- اعتن انت بهذا صباح غد، يجب علي الذهاب إلى المكتبة الآن قبل ان تغلق ابوابها .
-إلى المكتبة؟
-نعم، لابد ان اطلع على النظريات الخاصة بالتنمية االإجتماعية ، هل تعلم شيئا عنها ؟
صرخ رجل الأعمال وهو ينظر بنظرة محققة:
- طبعا لا! ولكن ماهو سبب هذا الاهتمام المفاجىء بهذا الموضوع بالذات؟
ابتسم"سوير" لعمه وقال له:
- الدكتورة "بيب"
خالجت الشاب فكرة :
- لا بد أن يثق بي في النهاية كما يجب عليه أن يقبل الامر الواقع بأنني أنا المدير.
- أرجو ألاتكون هذه إحدى الاعيبك، وألا تعود ثانية إلى الختفاء في مكان ما . لاتنس ان جمعية المساهمين منتبهة جيدا لكل تحركاتك وافعالك.
قاطعه الشاب وهو يتجه نحو باب الخروج قائلا:
- اهدأ قليلا يا عم "لين" ، حاول فقط ان تثق بي، ولو من اجل التغيير.
هادا اول بارت
ابى ردودكم الحلوة اذا عجبتكم الرواية
واذا ما عجبتكم هذا معناه انى ماراح اكمل اول رواية لى فى هذا المنتدى
ماريا سيف
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ماريا سيف
البحث عن المشاركات التي كتبها ماريا سيف