عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 08-01-2010, 07:26 PM
 
الفصــل الرابــــــــع




في هذه اللحظه- وقبل أن تقوم بأي حركة في اتجاهه- كان "سوير" يتعرض لهجوم من مجموعة الأطفال الذين ارادوا أن يلفتوا انتباهه بأي طريقة.
وعندما جلست على سور مربض الخيول وهي تنظر بصبر أن يجد الأطفال شيئا آخر يشد انتباههم ، لكن عندما رآها "سوير" تخلص جاهدا من هذا الهجوم الذي تسبب فيه واتجه نحوها.
- اخشى أنني لم أستطع إعطائك فرصة كافية لركوب الخيل أقترح أن نعود في الأسبوع القادم عندما تبدأ دراستهم من جديد، فما قولك؟
- حسنا جدا.
امسكها من خصرها وقام بإنزالها من على السور . . نظرا إلى بعضهما بعضا لفترة قبل أن يهز "هايس" رأسه وكأنه يريد طرد فكرة سخيفة من رأسه.ذهبا ليودعا الأطفال ثم اتجها ناحية الطائرة المروحية.
قالت "بيبط ملاحظة:
- اعتقد انهم يحبونك جدا.
رد الشاب قائلا:
-انا أيضا أحبهم كثيرا، لقد عاش معظمهم حياة قذرة،وكم كنت اود أن أقضي معهم أوقاتا أطول ولكن هذا الأمر في غاية الصعوبة.
- وهل مديرك مهتم مثلك بالأطفال؟
- مديري؟ هل تقصدين "هوكر"؟ إنه ليس مديري بالرغم من أنه يعتقد ذلك أحيانا . لا استطيع أن اقول إنه مهتم بالفعل فيما يخص مزرعة "ميرث" بأي حال من الأحوال. وأظن أنه لو امتلك السلطة لكان قد اغلقها بكل بساطة، لأنها تقلل من نسبة الربح العائد على الشركة.
ردت الفتاة وهي مندهشة:
- لكنك لا تستطيع ان تتركه يفعل ذلك.
ابتسم "سوير" وهو يحك انفه بأنف "بيب" وقال:
- كنت اعلم جيدا أنك النوع المناسب لي من النساء ، ولكن لاتقلقي ، طالما كنت أنا المدير فلن تكون هناك فرصة لحدوث مثل هذا.
نظرت إليه نظرة تساؤل وقالت:
- لأنك أنت المدير؟
- نعم ، فأنا صاحب اكبر عدد من الأسهم في "ميرث" . هذه الشركة هي ابنتي.
ظهر بريق من الغضب في نظرة "بيب" وقالت بصوت حاد:
- أظن أنك تدين لي ببعض التفسيرات، يا "سوير هايس".
- هذا حقيقي ولكن ليس الآن .
بدأ محرك الطائرة في العمل ليقطع الحوار الدائر تماما، وتحركت الطائرة في السماء ببطء مع صرخات الفرح كان يطلقها الأطفال الذين كانوا يودعونهما وسط الغبار المتطاير.
كانت الشمس قد غربت خلف الأشجار عندما رافق"سوير" "بيب" إلى أن وصلت أمام باب المنزل قرب البحيرة. كانت تحس باضطراب وكأنها تنتظر شيئا ما، مع يقينها المطلق بعدم معرفة ماسوف يحدث . كان الغروب دافئا بطريقة رائعة. وكان الجو مكهربا.
ذكر الشاب نفسه في صمت قائلا:
"لايجب أن تندفع أكثر من الازم".
بالرغم من أنه كانت لديه رغبة وحيدة: البقاء معها لأطول فترة ممكنة ، لكن قد حان الوقت ليتركها ويعود إلى "هيوستن"...
- يجب علي أن اقول لك "جود نايت" الآن.
ورد وهو يخرج من أحلامه:
- عفوا؟
- لقد كنت اقول لك تصبح على خير بالإنجليزية، حتى أبدأ في دروس اللغة الإنجليزية ، هل تذكر؟
وفي حين كان "سوير" يبتسم لها ببلاهة ودون رد أضافت قائلة:
-" ثانكس الوت" من اجل هذا اليوم الرائع.
رد هو في النهاية:
- تريدين أن تقولي ، لا عليك فقد كان ذلك متعة بالنسبة لي وأرجو أن نستطيع أن نكرر مثل هذا اليوم قريبا، ولم لا يكون غدا؟
-هل انت متأكد من عدم رغبتك في العشاء ؟ أنا متأكدة من أن "نان" ستجد متعه كبيرة في اعداد شيء صغير لنا. هل تحب الاسباجتي؟
- اعشقها.
-إذن ستبقى اليس كذلك؟
- كيف تقول لم لا بالإنجليزية؟
- "واي نوت"؟
وكرر قائلا:
- إذن " واي نوت" ؟
ضحكا معا ، ثم قامت "بيب" بفتح الباب قبل أن تصيح:
- "نان" إنني هنا!
تبعها "سوير" . لم ترفع المرأة العجوز- التي كانت تقوم بطهو شيء ما- راسها وقالت في لهجه غاضبة:
- لقد تأخرت كثيرا، وكنت قد بدأت في القلق بشأنك.
اتجهت "بيب" إليها وقبلتها على خدها:
- تعلمين يا "نان" أنني اصبحت شخصا اكبر الآن ، هل تمانعين في أن يكون معنا ضيف؟
- وبدون أن ينتظر الرد ، أخذ "سوير" قطعة خبز محمر بالثوم وقام بغمسها في طبق حساء ساخن وغليظ القوام ذي رائحة زكية.
وقال بصوت يملؤه الحماس :
- سيدتي ، لا أظن أنني تذوقت حساء مثل هذا منذ أن ابتعدت عن حجر امي ، ويعلم الله متى تركت أمي العزيزة.
ردت المرأة الوقور ووجهها يحمر نتيجة هذه المجاملة.
- لاتحاول أن تجاملني أيها المتشرد الكبير، عليك فقط أن تستجمع شهيتك ، فهناك الكثير من الطعام حتى للمجاملين.
ابتسم "سوير" و "بيب" بينما كانت "نان" تحدق في الشاب.
ثم عادت تقول:
- على أي حال ، يجب عليك ان تأكل أكثر أنت ايضا ، وإلا فستجد نفسك أنحف من "بيب" . انظر اليها كأنها هيكل عظمي متحرك!
- "نان" ، إذا قمت بأكل نصف ماتحضرينه لي فلن استطيع أن امشي بل سأتدحرج بمعنى الكلمة.
- ردت المربية العجوز بستهزاء:
- هراء! حسنا فليتوقف الجميع عن الثرثرة ، فسوف نتناول العشاء بعد نصف ساعة في الشرفة. بمجرد أن اقوم بغرف الأطباق.
قال "هايس" مقترحا:
- هل تريدين أي مسـ....
- تريد ماذا؟ أنا التي تقوم بركلك إذا تجرأت وحملت منشفة أو طبقا أو حتى فتات خبز إلى المائدة. هيا اذهبا لفتح شهيتكما بنزهة معا.
استمتعا بالغروب !

دون أن يلفظا بكلمة واحدة ، وجلسا على سلم المدخل كانت الصراصير قد بدأت في الغناء وتهادت نسمة رقيقة بين أشجار السرو.
سأل "سوير " "بيب" :
- هل تودين السير فعلا؟
- في الحقيقة ، كنت اود أن استحم، إن رائحتي تشبه رائحة الخيول. إذا كنت تريد ذلك أيضا فما عليك إلا ان تستخدم الحمام الثاني الموجود بالقرب من غرفة الأصدقاء .
سألها وهو يتمتم بسخرية:
- هل تلمحين لي بأن رائحتي كريهة؟
صاحت قائلة:
- لا على الإطلاق ! بل على العكس أعترف بأنني أحبها جدا...
وبالرغم عنها اجتاح الفتاة اضطراب جديد قطع حديثهما، لم تكن تعرف مالعمل وما القول . مع أنها كانت دائما تملك الكلمة الأخيرة إلا انها كانت خائفة من جرح مشاعر"سوير" بواسطة اسلوبها المباشر.
- ماذا تحبين......؟
عضت شفتها ثم قالت:
- أحب رائحتك كثيرا.
قال "هايس" مؤكدا:
- ما نوع هذه الرائحة؟
- لا استطيع ان اقول بالضبط.
- قال:
- وانت ، إن رائحتك مثل رائحة الشمس والزهور.
- أهذا صحيح؟
- نعم.
- جزيلا، لقد كان كلاما شاعريا جدا ، وأخشى ألا أكون موهوبة في مجال الشعر.
- ولا أنا، ولكننا نستطيع ان نتعلم ذلك معا.
عندما عادت إلى غرفتها كانت "بيبط متيقنة من أنها قد تفوقت على كل قوانين الجاذبية الكونية ، كان جسدها في خفة الفراشة ، أفكارها مشوشة ، لأول مره في حياتها حدث شيء ما غير منتظر وغير متوقع . طوقت نفسها بذراعيها كأنها تريد الإحتفاظ بما يحدث بداخلها ..
دخلت إلى غرفة الاستحمام ونظرت إلى نفسها طويلا لترى إن كان هناك شيء قد تغير فيها . لا ، لقد كان "سوير" ، وكانت هي تعلم ذلك ولم يكن يبقى سوى أن تعترف بذلك، فمنذ أن التقت به لم تصبح هي نفسها، وبدا لها كل شيء تغير من حولها .

شيء رأته "بيب" بعد نزولها من غرفتها كان "سوير" وهو يتفحص صورا موضوعة داخل إطارات فوق المكتبة. وبمجرد أن سمعها أخذ واحدة من تلك الصور واتجه إليها:
- كأنك تخرجين من كتاب "اليس في بلاد العجائب". ومن يكون هذان الرجلان معك؟
ابتلعت ريقها فجأة وهي تنظر إلى الصورة التي يحملها وقالت وهي تنفجر ضاحكة:
-إنهما عماي ! كان ذلك عندما كنا في "إنجلترا" ، كان كل واحد منهما أستاذا في جامعة "لندن" لمدة عام. كانت فترة رائعة!
- هل تعلمت الإنجليزية هناك؟
- نعم، لقد كان لي استاذ رائع.
-إنهما متشابهان إلى حد بعيد. أليس كذلك ؟ من ومن؟
- إلى اليمين العم"والدو" . والأخير هو العم "إيموري" بالطبع .إنهما توءمان حقيقيان. واعترف لك أنهما لم يتغيرا كثيرا . فقط بعض السمنة الظاهره وبعض الصلع . ولكنهما طيبان جدا.
وجهت "بيب" أنفها ناحية المطبخ لتشم رائحة الخبز بالثوم والحساء البواوني، وكأنها كلب صيد.
- هل انت جائع؟ لأنني بواسطة انفي أستطيع أن أتوقع أن موعد العشاء قد حان.
حك"سوير" بطنه ورد مؤكدا كلامها:
- في الوقت المناسب ، أظن أن في إمكاني التهام"بلوسوم" نيئا مع قليل من الزبد من أجل الطعم.
صاحت ضاحكة قبل أن تمسك ذراعه:
- ياللفظاعة! هيا إذن!
لكنه احتجزها قليلا ونظر اليها ، وقال لها في رقة:
-إنني احب ضحكتك، عليكي أن تضحكي باستمرار ، ألم أقل لك هذا من قبل؟
- لا ادري ولكن وجودي معك يجعلني أضحك بسهولة.
وعندما وصلا إلى الشرفة وجدا مائدة جميلة اعدت لشخصين ، كان عليها زهرية صغيرة بها عدد من زهور الحقول وعلى جانبيها شمعتان مشتعلتان وحولهما كانت تطير فراشات ليلية كثيرة.
نظرت "بيب" إلى "نان" الواقفة بجانب المائدة وسألتها متعجبة :
- أين تريدين أن تجلسي؟
تظاهرت المرأة العجوز بالبراءة وقالت:
- إن القوت متأخر ، ولا اريد أن يفوتني مسلسلي المفضل والذي سيبدأ عرضه فورا.
اعترضت "بيب" وهي تشعر بنوع من الحرج وقالت:
- أتظنين أنك تستطيعين خداعي؟
ردت "نان" مبتسمه:
- افعلي ماتشائين واعتقدي ماتشائين ولكن قبل كل شيء استمتعا أنتما الاثنان بالعشاء وأرجو أن تقضيا ليلة سعيدة ، سوف أنزل في وقت لاحق لأنظف المكان.
وبدون أن تضيف كلمة أخرى دخلت المربية إلى المنزل تاركة "بيب" و"سوير" يبتسمان ويشعران بقليل من الحرج.
كانت الفتاة هي اول من أنفعل قائلة:
- ماهذه القصة؟ إن "نان" تكره التلفزيون.
رد "سوير" مقترحا:
- ربما ارادت ان تنظم لنا عشاء رومنسيا على ضوء القمر والشموع . أظن أنني اعجبتها.
- بالتأكيد، لأن هذا ليس اسلوبها في الحقيقة.
قال وهو يأخذ قارورة الشراب:
- اقترح أن تعطيها مكافأة . هل تشربين؟
كان الطعام لذيذ جدا . ونسيت "بيب" نفسها وقامت بقبول ثلاث أو اربع كؤوس من الشراب ، لم تكن من قبل تشرب أكثر من كأس واحدة.
بدأت تشعر بدوار وعدم اتزان ، وتداخلت اصوات الأشجار مع الكلمات التي كانت تتبادلها من حين لآخر مع"سوير"وكأنها موسيقى .
اكتشفت الفتاة أن هناك أشياء كان لابد عليها أن تدركها في وقت سابق ، ولكنها هدأت نفسها بتفكيرها أن كل سحر اللحظة يكمن في وجود هذا الشاب الذي يجلس امامها، كانت تعشق صحبته: كان يعطيها الإحساس بأنها خفيفة وآمنه لدرجة أنها كانت تريد أن تضحك وترقص ولكنها عادت لتتمتم:
- لكنني لا احسن الرقص.
رفع "سوير" نظره إليها وقال:
- معذرة؟
تنهدت بحزن وردت:
- لا أحسن الرقص.
- نستطيع أن نعالج هذه المشكلة بسهولة ، سوف اعلمك.
- حقا؟
سألها:
- قولي لي : كيف نستطيع أن نقول طبعا بالإنجليزية؟
- "اوف كورس".
ردد "سوير" :
- "اوف كورس" ، إنني مجنون رقص وأظن أنه يمكنني تعليمك، هل عندك موسيقى في مكان ما؟
ردت بكل إثارة:
- في غرفة الجلوس.
نهضت "بيب" بسرعة كبيرة ، واحست بدوار، فجلست ثانية وبدأت تضحك.
قالت وهي تضحك بهدوء:
- أظن أنني افرطت قليلا في الشراب .إنني لا اشرب عادة سوى كأس واحدة.
رد مستفهما:
- أهذا صحيح؟ لكنك شربت نصف قارورة!
- - لا، هذا مستحيل.
- أكد وهو يوجه إليها القارورة الفارغة:
- إنني اؤكد لك ذلك.
- ربما لأنني كنت عصبية بعض الشيء
- عصبية؟ ولم ذلك؟
- كان لدي رغبة جامحة في تقبيلك من جديد ألا تود ذلك؟
ابتسم بشيء من الخجل:
- بلى. كنت أفكر في ذلك أيضا.
قالت"بيب" فجأة وهي تنهض وتسير باتجاه غرفة الجلوس بخطوات غير متزنة:
- هيا نرى تلك الأسطوانات.
تبعها"سوير " وهو يفكر:
"إنها ساحرة جدا، وجذابة جدا، وهي تملك براءة وتلقائية تجعلها مثيرة جدا..."
هز رأسه ليطرد الأفكار التي تتجول بداخله وقال لنفسة محذرا إياها "يجب أن نتصرف بهدوء ورقه، لاتستخدم الطرق المفاجئة معها ، خاصة معها!"
دخل الغرفة ورأى "بيب" تنتظره وفي يديها مجموعة من الأسطوانات.
- هذه كل الأسطوانات التي نملكها ، أرجو أن تجد بينهما شيئا مناسبا.
تفحص الاسطوانات الواحدة تلو الاخرى وبدت عليه علامات الإحباط.
وقال بعد تفحصها من جديد :
- إنها كلها اسطوانات كلاسيكية ، لاشيء منها يساعدنا على الرقص .
- حقا؟
كانت المرأة في غاية الأسف.
- لاتقلقي. غدا ، سوف نذهب معا لمنزلي: لدي كل مايلزم من موسيقى لتعليمك فن الرقص.
سألت "بيب":
- ماذا يمكننا أن نفعل في أنتظار ذلك؟
- ساد صمت طويل. ثم اقترح الشاب قائلا:
- يمكننا أن نعود إلى الشرفة ونجلس لنلهو مع بعض الفراشات الليلية، هل قمت بذلك من قبل؟
- لا اظن ذلك.

خرجا ثانية وجلسا على الأرجوحه القديمة التي كانت تحدث صريرا تحت وطأة ثقلهما، وبعد أن اعتادت أعينهما على الظلام بدآ. في رؤية أنوار صغيره تتزايد شيئا فشيئا أمام أعينهما.
-إنه امر مبهراليس كذلك؟ مثل الآف من المصابيح الصينية الصغيرة.
- في الواقع إن هذه الأنوار المتقطعة ناتجة عن انبعاث كيميائي خاص، والذي تستعملة الذكور لاجتذاب الإناث للتزاوج ، وإذا ما اردنا التبسيط أكثر نقول: إنه عبارة عن غزل ، ولكن بطريقة كيميائية معقدة جدا.
لم يستطع إخفاء تذمره إلا باصطناعه نوعا من العطس. ثم قال:
- وهل يعجبهن ذلك؟
ردت "بيب" بكل حدية:
- بالتأكيد ، إن عمي "والدو" شرح لي هذا الأمر عندما كنت صغيرة كيف يمكننا عدهم ؟ بمجموعة رباعية؟ أم بعشرية؟ أنها كثيرة جدا و....
قبلها "سوير":
- و ....
قبلها من جديد
- افتحي فمك قليلا من فضلك.
أطاعته بشيء من الإرغام ولكنها تجاوبت معه في النهاية تنهدت "بيب"ِ عندما ابتعد الشاب عنها، وفجأة، سألته قائلة:
- لماذا لم تذهب قط إلى المدرسة؟
- إنها قصة طويلة ومملة.
وضعت يدها على صدر الشاب وقالت:
- لا اعتقد أن هناك شيئا يمكن أن يكون مملا معك يا "سوير"
- تردد في الإجابة، كانت الثماني عشرة سنة الأولى من حياته من الموضوعات المحرمة بالنسبة له. كان يريد أن ينساها ولا يتحدث عنها ابدا.
ولكن بغرابة شديدة، شعر بأنه مستعد وكله ثقة ليتحدث عنها مع الفتاة كانت لديه الرغبة في أن يشاركها كل شيء.
- لقد ولدت بضعف خلقي في القلب، كانه تعب قلبي .أحس بأصابع الفتاة ترتعش على صدره بينما كانت هناك نظرة قلقة تعبر في عينيها . ورد هو مطمئنا إياها:
- لا تقلقي، لقد انتهى كل شيء الآن ، ولكنني اعترف أنني ظللت أعامل معاملة المعوقين لمدة سنوات طويلة . كنت أقضي معظم الوقت في السرير بدلا من تسلق الأشجار أو اللهو مع أقراني من الأطفال ، ولهذا لم استطع الذهاب إلى المدرسة ولكن كان لدي معلمون في المنزل.
- كان ذلك رهيبا، خاصة بالنسبة لطفل مليء بالحيوية مثلك.
- كان رهيبا جدا. لدرجة أنه كان علي أن أواجه احباط أبي الذي كان يلعب لعبة "البيس بول" ضمن فئه انصاف المحترفين وكان يحب الرياضة بصفة عامة. وأيضا حدي ، "ميرث هايس". إنه هو أول من أنشأ مصنع ل"ميرث".
سألته "بيب" وهي تنظر إليه:
- التي اصبحت فيما بعد شركة "ميرث" أليس كذلك؟
- هو ذاك.
- وكيف تم شفاؤك؟
- كان الأمر في غاية البساطة ، فعند بلوغي الثامنه عشر أجريت لي عملية بواسطة أكبر جراحي القلب. وتم علاج المشكلة على مرحلتين وبثلاث حركات. وبعد ثلاثة أشهر فقط كان يمكنني أن افعل كل ماكنت محروما منه في طفولتي . هل تريدين أن تشاهدي الندبة؟ وبكل جدية قامت "بيب" بفك ازرار قميص الشاب . وضحك ممسكا بيدها وهو يصيح قائلا:
- لقد كنت امزح! ومهما يكن فإن الظلام دامس ولن تستطيعي رؤية أي شيء.
- لكن لماذا انتظرت كل هذا الوقت لتجري العملية؟
تنهد طويلا:
- بسبب والدتي ، فلقد كانت تصاب بجنون كلما تطرق أحد لهذا الموضوع . وبالتأكيد كانت هناك خطورة في العملية ولكنها تبقى صغيرة جدا بالمقارنة مع العمليات الأخرى . ومع هذا لم ترد أمي أن تناقش هذا الموضوع. وكان والدي قد مات في حادث عندما كنت في الثامنه من عمري فكانت خائفة من أن يحدث لي مكروه وكلما كان إلحاحي عليها يزداد كان رفضها أكثر شدة وتصلبا، كانت تقول: إن تكلفة العملية أكبر من إمكاناتنا المادية وإننا لانستطيع أن نسمح لأنفسنا بها.
- أنا متأكدة أنها كانت تعتقد فعل الصواب.
- لا. لقد كانت أمي مريضة الأعصاب. ومتسلطة الطباع . وهي كذلك إلى الآن. كانت تخفي علي أن جدي تطوع لدفع كافة مصاريف العملية وأمرته ألا يخبرني بذلك أبدا. ولكن عندما بلغت سن العاشرة أو الحادية عشرة وكنت قد بدأت أهتم بالجانب المالي اكتشفت أنني كنت موهوبا في عمليات البورصة وشيئا فشيئا قمت باستثمار حصيلة النقود التي كانت تمنح لي في أعياد ميلادي وأعياد الكريسماس والتي كنت أوفرها بصبر كبير، وبدأت في كسب المال . بل الكثير من المال. والواقع أنه لم يكن لدي شيء آخر أشغل به وقتي باستثناء مشاهدة التلفزيون، قراءة الكتب واختراع الألعاب . وقمت بفتح حساب توفير ووضعت فيه نقودي، وكنت من حين لآخر أعرض ألعابي على جدي الذي تولى عملية تسويقها وكان العائد منها يوضع في حسابي مباشرة . عندما بلغت الرابعة عشرة كان بإمكاني دفع تكاليف هذه العملية الغالية. ولكن أمي أصرت على الرفض وبالتالي أجلت هذا الأمر مرة أخرى. كنت اعتمد كثيرا على القدرة الإقناعيه لجدي ولكن كانت صحته قد تدهورت ثم مات قبل عيد ميلادي الخامس عشر بقليل بدون أن اكون قد تكلمت معه فعلا، ومن ثم لم يبق لي سوى حل وحيد لتخطي رفض أمي .
- أن تصبح راشدا اليس كذلك؟
- بالضبط . وفي نفس اليوم الذي بلغت فيه السن الثامنة عشرة أصبحت حياتي ملكا لي وأول إثبات على إتمام استقلاليتي كان تحديد موعد مع أفضل جراح قلب في البلاد.
انحنت "بيب" عليه وقبلته على قلبه . ثم قالت:
- ومنذ ذلك الوقت كل شيء على مايرام.
قبلها هو على جبينها ثم قال:
- تقريبا .
قالت "بيب":
-أرى أن بيننا أشياء كثيرة متشابهة، وخاصة طفولتنا الخاصة. أليس كذلك؟
- نعم.
وقال في نفسه: "اثنان من الأشخاص غير المتأقلمين"
وسألته الفتاة :
- أين أمك الآن؟
- إنها تعيش وحيدة في "فلوريدا" داخل شقه كبيرة كان والدي قد تركها لها. لابد أنها تلعب البريدج مع قريناتها من الأرامل العجائز.أظن أنها لن تسامحني أبدا بسبب أنني تحديت رغبتها ولكنني أعتقد أنها مسرورة بداخلها لأن كل شيء تم بسلام. على أي حال لم تعد هناك علاقة حقيقة تربطنا منذ زمن بعيد.
- ليتها تعلم مافاتها،إنك شخص مميز حقا، أتعلم ذلك؟
رد وهو يبتسم:
-"ثانك يو" شكرا شكرا ، جزيلا.
وقام بدفع الأرض بواسطة رجله لتتحرك الأرجوحة ذهابا وعودة بهدوء وهي تهدهدهما معا. أحس "سوير" بأن جسد "بيب" قد استرخى تماما بينما كان هو يتأمل الفراشات الليلية، حاول أن يعيدها ولكنه تراجع في آخر الأمر .
كان يفكر في القدر الذي أدخل في حياته امرأة لم يكن يأمل أبدا في لقاء واحدة مثلها ، امرأة شديدة الكمال.
همس وهو يضع فمه على شعرالفتاة النائمة:
- فليساعدني الله ، لقد وقعت في حبك حقا.


وهادا البارت الرابع ياريت يعجبكم
واجد ردود حلوة