عرض مشاركة واحدة
  #98  
قديم 08-02-2010, 09:10 AM
 
*الجزء السادس والعشرين*
(هل ستعلم؟)


قال ضابط الشرطة بحزم وهو يتحدث الى طارق: اخبرني يا سيد .. ما الذي حدث؟.. ولماذا حاول هذا الشاب اذيتك؟..
قال طارق بهدوء: انا صحفي من جريدة الشرق قد جئت مع زميلتي لتصوير حدث احتراق المبنى.. ولكن هذا الشاب الوقح تعرض لزميلتي من قبل وتعرض لها اليوم ايضا.. وقد حاول مهاجمتي بالضرب ولكنه لم يستطع .. لهذا لم يجد امامه سوى ان يهاجمني بسلاحه وانا اعزل وهو يظن اني لن استطيع الدفاع عن نفسي في هذه الحالة..
سأله الضابط قائلا: ولم حاول ان مهاجمتك بالضرب منذ البداية؟..
اسرع ذلك الشاب يقول: لانه قد قام بمهاجمتي بالضرب اولا..
اتسعت عينا وعد وقالت بحدة: يالك من كاذب..
التفت الضابط الى الشاب وقال: اصمت انت.. اذا سألتك أجب .. اتفهم..
والتفت الى طارق ليكرر سؤاله قائلا: اخبرني لم حاول مهاجمتك بالضرب في البداية؟..
قال طارق وهو يزفر بحدة: لاني حاولت الدفاع عن زميلتي..
عقد الضابط حاجبيه وقال: ولم تدافع عنها؟.. مالذي حاول هذا الشاب فعله؟..
اسرعت وعد تقول: هل تسمح لي بالاجابة انا يا سيدي؟..
التفت لها الضابط وقال: تحدثي..
قالت وعد وهي تزدرد لعابها: لقد تعرض هذا الشاب لي قبل فترة ولكني اوقفته عند حده.. وقد كان زميلي في المرة السابقة معي ايضا.. وقد تصدى له ايضا.. ولما كنت هذه المرة وحدي وقد كان زميلي بعيدا عني.. قرر ان يثأر لنفسه.. وان ينتقم مني .. فتعرض لي وتجرأ على تهديدي والامسك بذراعي.. مما دفعني لصفعه على وقاحته هذه ..ورأى زميلي هذا وقرر الدفاع عني.. ولكن هذا الوقح قرر مهاجمته وضربه ..وعندما رأى ان زميلي خصما قويا له.. قرر استعمال الخنجر ومهاجمة زميلي به.. مما ادى الى اصابة ذراعه كما ترى يا سيدي ..
صمت الضابط مفكرا ومن ثم قال وهو يلتفت الى الشاب: والآن اخبرني انت.. لم حاولت التعرض للفتاة في الحالتين؟.. ولم حاولت مهاجمة هذا الصحفي بالضرب واصبت ذراعه بجرح عميق بخنجرك؟..
قال الشاب مصطنعا اللامبالاة: كل ما قيل كان كذبا وافتراءا علي.. لقد حاول هذا الصحفي اذيتي فدافعت عن نفسي بواسطة سلاحي..
قال الضابط بصرامة: تدافع عن نفسك بواسطة سلاحك وهو اعزل!..
قال الشاب وهو يهز كتفيه: ما باليد حيلة فقد كانت بنيته الجسدية تتيح له التفوق علي ..
قال الضابط بنفاذ صبر: ولم حاول اذيتك من الاساس كما تقول؟..
قال الشاب بمكر: لاني تحدثت الى زميلته قليلا ويبدوا انه يغار عليها الى درجة الجنون مما دفعه الى ضربي بغتة..
قال طارق بقسوة: تبا لك.. من اين تجلب كل اكاذيبك تلك؟..
والتفت الى الشرطي ليقول: سيدي تستطيع التحقق من الامر من زميلتي او من أي شخص رأى ما حصل بالطريق.. هذا الشاب قد حاول التعرض لزميلتي من قبل وصمت عنه.. لكن في هذه المرة تعدى على حدوده وامسك بذراعها امامي .. لهذا اوقفته عند حده بكلماتي.. ولكنه ثار وحاول التهجم علي بالضرب ولما تصديت له استخدم سلاحه.. وذراعي خير دليل لصدق ما اقول..
قال الضابط وهو يلتفت للشاب: هه.. ما رأيك؟..
قال الشاب وهو يلوح بيده: انه يكذب..
قالت وعد بغضب: بل انت من يختلق الاكاذيب طوال الوقت..
قال طارق متحدثا الى الضابط بنفاذ صبر: والآن ماذا يا سيدي؟..
قال الضابط وهو يزفر بحدة: لست اعلم من منكم الذي يقول الحقيقة.. ولكن في الوقت الراهن .. ستوقعان كلاكما تعهدا على عدم التعرض للآخر.. واذا عثرنا على الدليل الذي يدين أي منكما .. فسنرسل في طلبكما لنكمل الاجراءات القانونية..
ظهرت نظرة ماكرة في عيني ذلك الشاب .. وتمتمت وعد قائلة بحنق: يا له من ماكر خبيث..
ربت طارق على كتفها بهدوء ومن ثم قال: اذهبي لتجلسي وترتاحي قليلا ريثما ننهي هذه الاجراءات..
التفتت له وقالت بابتسامة شاحبة: سأظل معك..
قال طارق بابتسامة حانية : لن اتأخر.. اعدك بهذا..
وتحدث طارق الى الضابط قليلا ليسمح لوعد بانتظاره في الخارج... فسمح له الضابط بذلك بعد ان وقعت على اقوالها.. وتنهدت بحرارة وهي تلقي على طارق نظرة اخيرة قبل ان تغادر مكتب الضابط لتجلس على احد المقاعد بالخارج..
شعرت بالتعب.. بالضعف.. بأنها فتاة قبل كل شيء.. وتحتاج لمن يقف الى جوارها.. الى رجل تستمد منه الامان والقوة.. الى رجل تعتمد عليه .. يدافع عنها ولا يسمح لشخص بأن يلمس شعرة من رأسها.. شعرت بأنها اخطأت عندما اصرت منذ البداية على الذهاب وحدها .. وكان يجب عليها ان تقبل بعرض طارق.. ولكن ما حدث اليوم كان مجرد مصادفة.. فقد كاد يومها ان ينتهي بسلام لولا ما حدث..
لقد اقحمت طارق في مشاكل لا علاقة له بها.. ادخلته الى مركز الشرطة وربما يدخله لاول مرة بسببها..ماذا تفعل الآن؟.. هل هذا هو جزاء الاحسان.. لقد ساعدها مرارا ووقف الى جانبها.. شجعها.. ونصحها.. دافع عنها.. فهل جزاءه في النهاية اصابة في ذراعه.. واقرار يوقع عليه بعدم التعرض لذاك الشاب الحقير؟..
ولكن.. هناك اشياء لم تفكر فيها.. طارق.. كيف وصل اليها؟.. وكيف عرف العنوان؟.. هل تبعها؟.. لا لو كان كذلك لرأته منذ البداية.. ربما حصل على العنوان من رئيس التحرير بشكل ما وانطلق الى حيث هي.. لكن .. لماذا؟.. لماذا جاء؟.. هل كان يشعر بأنها في خطر؟ .. لا غير معقول.. اذا لماذا؟..
( وعد.. هيا سنغادر)
رفعت رأسها اليه لترى علامات التعب واضحة على ملامحه.. فقالت معتذرة: آسفة لكل ما عرضتك له من مشاكل بسببي..
وضع سبابته على شفته وقال: لا اريد سماع هذا الكلام.. انت زميلة عزيزة.. والدفاع عنك واجب علي..
تطلعت الى ذراعه وقالت بقلق وقالت: كيف حال ذراعك الآن؟..
قال بابتسامة: بخير.. بفضل اسعافاتك..
بادلته الابتسامة.. فقال هو: هيا لنغادر الآن..
قالها وهو ينتظرها ان تتحرك.. فسارت الى جواره وهما يغادران مركز الشرطة.. وما ان استقر بهما المقام في السيارة .. حتى قال طارق وهو يدير المحرك: سوف ننطلق الى الصحيفة.. لتسلمي تقريرك الى رئيس التحرير..
قالت باستنكار: ماذا تقول؟.. سنذهب الى المشفى اولا لنسعف ذراعك..
- دعك من ذراعي.. ستكون بخير..
- لا.. ثم ان تقريري قد وضعته بسيارتي عند ذلك المبنى..فالنذهب اولا الى المشفى لتعالج ذراعك ومن ثم يمكننا الذهاب الى الصحيفة..
قال طارق بتفكير: ولكننا قد تأخرنا كثيرا واخشى ان لا يقبل بتقريرك بعد ذلك..
هزت رأسها وقالت: لا يهم.. ما يهمني هي ذراعك الآن..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ما رأيك ان انزلك بجوار سيارتك واكمل انا طريقي الى المشفى؟..
قالت وعد في سرعة: لا.. انت بالكاد تقود بذراع واحدة ..وتحتاج لمن يقود عوضا عنك ان احتجت لذلك..ثم ان الطريق الى المبنى يبعد مسافة طويلة نوعا ما عن هنا..
قال طارق بابتسامة: حسنا فهمت يا ايتها الزميلة العنيدة..
عقدت وعد ذراعيها امام صدرها ومن ثم قالت: جيد يا ايها الجليد المتحرك..
اتسعت ابتسماته وقال: لم اعد جليدا بعد اليوم.. لقد بات يتلاشى شيئا فشيئا..
التفتت له وقالت مبتسمة: ولم؟..
قال وهو يختلس النظرات اليها: الم اخبرك بأن صحفية عنيدة قد دخلت حياتي فجأة لتقلبها رأسا على عقب؟..
الجم الارتباك لسانها لبضع لحظات .. ومن ثم قالت مغيرة دفة الحديث: لم تخبرني.. كيف وصلت الى حيث كنت انا؟..
ادرك محاولتها في تغيير الموضوع.. وقال مجيبا: الم تتصلي بي؟..
قالت بدهشة : انا فعلت؟..لا ابدا لم....
بترت عبارتها.. وعقدت حاجبيها وهي تتذكر.. ومن ثم قالت بغتة: اجل.. لقد اتصلت لاخبرك ان كل شيء سار على ما يرام.. ولكني انهيت المحادثة في سرعة قبل ان تجيب على الهاتف..
قال طارق بهدوء:وانا شعرت بالقلق من هذه المكالمة وراودني شعور بأنك تحتاجين الي مما دفعني الى طلب العنوان من رئيس التحرير لآتي اليك..
- ومنحك العنوان بهذه البساطة؟..
قال طارق بابتسامة: مطلقا احتاج الامر الى حَبّك الموضوع واعداد قصة متقنة وبالكاد انطلت عليه..
قالت وعد بابتسامة: اعرفه.. داهية.. لا ينطلي عليه شيء ابدا..
ضحك طارق وقال: معك حق في هذا. .
وتوقف طارق الى جوار المشفى في تلك اللحظة ليقول: هاقد وصلنا الى المشفى.. خذي سيارتي وعودي بها و....
قاطعته في سرعة: لن اتحرك من مكاني قبل ان اطمأن عليك..
قال طارق وهو يهز رأسه: عنيدة..
قالت وهي تلتفت له: مغرور..
شعر بالدهشة والتفت لها قائلا: انا ؟..
اومأت برأسها بمرح وقالت: اجل انت..
رفع حاجبيه وقال بسخرية: يبدوا وانك ستجبريني على توصيلك الى الصحيفة الآن..لتعلمي من هو المغرور فعلا..
اسرعت تقول بتوتر: لا ..لا اريد العودة.. انت لست مغرورا ابدا..
قال مبتسما: جيد.. جيد..هكذا هي الفتاة المطيعة..
تطلعت اليه بحنق.. ولكن ابتسامته لا تلبث ان تجبرها على الابتسام ..فقالت مكابرة: لا تصدق كل ما يقال لك..
ضحك طارق مرة اخرى.. وهبط برفقتها .. ووعد تحمل بقلبها القلق الكبير على ذراع طارق المصابة...
**********
دعونا نترك طارق ووعد ونتوجه الى تلك الشركة الصغيرة التي غادر الموظفين فيها مكاتبهم اعلانا عن انتهاء موعد العمل.. وهم يشعرون بالراحة لانتهاء وقت العمل الشاق.. وبداية وقت الراحة الذي سيقضونه مع اسرهم.. او مع اصدقائهم..
وابتسمت تلك الموظفة بسعادة وهي تصافح احدى الموظفات وتقول: اراك بخير غدا..الى اللقاء..
غمزت الموظفة لها قائلة: سلمي لنا على المدير يا ليلى..لا تنسي..
قالت بارتباك مشوب بالخجل: لا تخشي شيئا لن انسى..
لوحت لها زميلتها بكفها قبل ان تغادر مبنى الشركة.. والتقطت ليلى نفسا عميقا قبل ان تغادر مبنى الشركة بدورها وهي تسير بخطوات هادئة بعض الشيء وشاردة .. والتقطت مفتاح سيارتها لتفتحها و...
(الى اين؟..)
انتفضت اثر الصوت الذي سمعته فجأة والتفت بحدة الى مصدر الصوت ومن ثم قالت وهي تزفر بقوة: ارعبتني يا عماد.. لا تفاجئني هكذا وانا شاردة الذهن..والا سأصاب بسكتة قلبية..
قال مبتسما: لا اظن..
قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: ولم لا تظن؟..
قال مبتسما وهو يشير لها: لان بقلبك يسكن شاب يدعى عماد.. لن يسمح لأي شيء بأن يصيبك..
قالت مازحة: سأرفع من ايجار المساكن بقلبي لعله يغادره..
مال نحوها وقال بهمس: لن يتحرك من مكانه شبرا واحدا.. ولو وصلت الايجارات الى الملايين..
قالت مبتسمة وهي تتطلع الى عينيه العميقتين: اعرفه.. يبذر امواله على كل شيء..
قال وهو يغمز بعينه: كل شيءيصبح رخيصا لاجل الحصول على مكان بقلبك..
ارتبكت ليلى وتوردت وجنتاها خجلا.. فاطرقت برأسها وهي تحاول السيطرة على خجلها هذا.. فقال عماد متسائلا بغتة: هل قمت بشراء فستان لحفل الخطبة؟..
هزت رأسها نفيا ومن ثم قالت: لا ليس بعد..
قال مبتسما: جيد..
قالت بحيرة: ولم جيد؟..
جذبها من معصمها لتسير معه.. فقالت هي بغرابة: عماد ما الامر؟..
توقف امام سيارته ومن ثم قال: تفضلي الى الداخل.. فسنذهب الى مكان ما..
- واين هذا المكان؟..
قال مبتسما: لا أسألة حتى نصل..
قالت بابتسامة ساخرة: وماذا تفيد الاسألة بعد ان نصل؟..
ضحك وقال: لست اعلم.. المهم انها مفاجأة..
دلفت الى المقعد المجاور له.. واحتل هو مقعد القيادة.. لينطلق بالسيارة..وقالت والفضول وصل منها مبلغه: اخبرني الي اين نحن ذاهبان؟..
قال بابتسامة ماكرة: اذا وصلنا سأخبرك..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها: شكرا لك ففي تلك الفترة لدي عينان لأتعرف المكان بنفسي..
قال مبتسما: اذا انتظري لتعرفي المكان بنفسك..
قالت بعد وهلة من الصمت: سنذهب الى احد المطاعم .. اليس كذلك؟..
قال وهو يبتسم: لا ليس كذلك..
قالت بتفكير: اذا الى احد المجمعات او الحدائق.. او الاسواق..
قال وهو يختلس النظر لها: ولا هذا ايضا..
قالت بفضول: عماد اخبرني.. مللت الانتظار.. والفضول يكاد يقتلني..
- رويدك لم يبقى شيء ونصل..
التفتت عنه وقالت: سأنتظر ولكن لخمس دقائق فحسب..
غمز بعينه وقال: تكفيني حتى ولو اضطررت للقفز على السيارات..
ابتسمت بهدوء.. فقال هو بعد فترة من الصمت: ها قد وصلنا.. ولكن المشكلة هي كيف بامكاني العثور على موقف لسيارتي..
والتفت لها ليقول بلهجة ذات مغزى: ام تفضلين ان اسرع بالوقوف بأحد المواقف قبل ان تسبقني اليها احدى السيارات..
ارتفع حاجباها بدهشة ..وهي لم تستوعب ما قاله بعد.. والتفتت لتتطلع الى حيث هم.. وما ان شاهدت المكان .. حتى ارتسمت الابتسامة على ثغرها وقالت مداعبة: افضل ان تسبقك الى الموقف احدى السيارت بكل تأكيد..
قال بمرح: اجل كالمرة السابقة الذي ظللت لربع ساعة ابحث عن موقف للسيارات بعد ان تنازلت عن موقف السيارة لك..
قالت بعناد: لم يكن يخصك .. بل يخصني انا..
قال مبتسما بسخرية: بلى اعلم ذلك.. ولهذا فقد جئت بعد ان عثرت انا على الموقف وكدت ان ادخل سيارتي به..
قالت مبتسمة: هل سنتشاجر الآن؟..اخبرني لم جئت بي الى هنا؟..
غمز بعينه وقال: المتجر الذي التقينا به لاول مرة.. ما رأيك به وبالفساتين التي يقوم ببيعها؟..
قالت وهي غير مدركة القصد من سؤاله: فساتينه رائعة جدا ولكن اغلبها غالي الثمن و....
بترت عبارتها والتفتت له بحدة لتقول: هل تعني اني سأشتري فستان الخطبة من هذا المتجر ؟... ومعك؟..
- اجل هذا ما اقصده..
قالت بارتباك: ولكن .. ولكني ارغب بالشراء لوحدي.. لاني ...
قاطعها قائلا: وما رأيك ان قلت اني اود ان اختار الفستان معك؟..
توردت وجنتاها واطرقت برأسها فقال مبتسما: هيا اريد ان ارى ذوقك وما ستقومين باختياره..
ازدردت لعابها وقالت متهربة من الموضوع: لنأجل هذا الى يوم آخر.. فأنا اشعر بالتعب..
قال عماد بخبث: لم تحزري..
ادركت ان محاولاتها فاشلة لا محالة ففتحت باب السيارة لتغادرها وغادر عماد بدوره.. وقال وهما يتوجهان الى حيث المتجر: لا تفكري بالسعر اتسمعين.. ما يهمني هو ان تختاري ما ترينه الاجمل والافضل بالنسبة لك..
قالت وهي تمط شفتيها: ها قد بدأنا سنتشاجر من اولها..
ابتسم ابتسامة واسعة وقال: ولم الشجار؟..
قالت وهي تهز كتفيها: لاني من المستحيل ان اشتري فستانا حتى لو اعجبني اذا كان ثمنه مرتفع..
قال في سرعة: لا تفكري بالنقود.. لدي مبلغ مممتاز قد قمت بتجميعه سابقا..
قالت بنظرة تأنيب: لا تبعثر نقودك هنا وهناك.. فقد تحتاجها ذات يوم ..
قال بحب: وهل لدي اغلى منك لأمنحها كنوز العالم كله؟..
توردت وجنتاها وقالت مسيطرة على خجلها: ولو ..هذا لا يمنحني الحق في تبذير اموالك التي جمعتها لسنين طوال..
دلفا الى المتجر في تلك اللحظة وقال بهمس بعض الشيء: كلماتك هذه وحدها تثبت لي انك لا تفكرين الا في مصلحتي.. فلا داعي لأن ترفضي طلبي..وتقبلي بشراء فستان لك الآن..
قالت بابتسامة: لقد وصلنا على اية حال ولا مجال للتراجع..
ابتسم بدوره وقال وهو يغمز بعينه له: هيا ارني ذوقك..
قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: اتظن الامر بهذه السهولة؟.. عليك الانتظار لاربع ساعات على الاقل حتى اجد الفستان الذي يناسبني.. والى ساعة أخرى لأرى قياسه.. هذا ان اعجبني شيء.. وان لم نخرج من هنا خاليا اليدين..
اتسعت ابتسامته وقال بمكر: لا تحاولي.. لن اتراجع.. وسأبقى معك ولو استدعى الامر ان نظل الى منتصف الليل..
هزت كتفيها وقالت بلامبالاة مصطنعة: هذا شأنك..
واردفت وهي تلتفت له: ولكن لا تتبعني في كل حركة .. فلن استطيع الاختيار بشكل جيد هكذا..
غمز بعينه وقال بابتسامة: لن افعل..
قالت وهي تطلع له بحنق: هذا يعني انك ستفعل العكس تماما .. اليس كذلك؟..
لوح بكفه وقال مصطنعا: ابدا.. ابدا.. سأقف هنا ولن اتحرك..
تطلعت له بنظرة سريعة ومن ثم قالت: سنرى..
وتوجهت لتختار احد الفساتين من المجموعات العديدة المعلقة المختلفة الالوان والاشكال.. شعرت بالحيرة وهي تطلع الى كل ما حولها.. كل تصميم يبدوا فريدا بنوعه.. اخذت تقارن بين الالوان والتصماميم المختلفة.. في حين ابتسم عماد بمكر وهو يهم بأن يتبعها...ولكن رأى باب المتجر يفتح في تلك اللحظة.. فالتفت بحركة عفوية لينظر الى القادم.. ثم التفت عنه ليكمل طريقه.. ولكن صوت القادم جعله يتجمد بمكانه دون ان يخطو خطوة واحدة.. سمع ذلك الرجل الذي يبدوا في الأربعينيات من عمره يقول وهو يقترب منه: كيف حالك يا عماد.. وكيف حال والدك؟..
قال عماد بتوتر على الرغم منه: بخير.. كيف حالك انت يا عماه؟..
اشار الرجل الى فتاة تقف بالقرب من المكان وقال : هذه ابنتي .. وهي من اصرت على القدوم الى هنا لشراء فستان من هنا..
اقتربت الفتاة من المكان وقالت: ابي.. لقد وجدت ف...
بترت عبارتها عندما لاحظت وجود عماد .. واقتربت من المكان بهدوء.. وفي اللحظة ذاتها انتبهت ليلى ان عماد يقف في مكان ما من المتجر وهو يتحدث مع رجل وفتاة.. عقدت حاجبيها واتجهت نحوه.. وشعر عماد بخطواتها التي تقترب.. فالتفت لها وابتسم بقلق.. ووقفت هي الى جواره وهي تتطلع الى الرجل والفتاة.. فقال عماد وهو يزدرد لعابه ويتطلع الى ليلى: اعرفك يا عماه.. ليلى خطيبتي..
قال الرجل مبتسما: هل قمت بالخطبة دون ان تدعونا؟..
اسرع عماد يقول: لا ابدا.. حفل الخطبة الاسبوع القادم.. وستكون اول المدعوين يا عم..ولكننا قد عقدنا قراننا بالامس فحسب..
قال الرجل بابتسامة واسعة: مبارك يا عماد .. الف مبارك..
ابتسم عماد وقال: اشكرك يا عماه..
التفت الرجل للفتاة الواقفة الى جواره: هذا هو عماد الذي حدثتك عنه طويلا..ابن اعز اصدقائي..
قالت الفتاة بهدوء متسائلة: ابن صاحب شركة الزجاج؟..
قال وهو يومئ برأسه: بلى هو.. وهو يعمل بكل اخلاص وكأنه احد الموظفين وليس ابن صاحب الشركة وان الشركة هي ملك له و....
توقف الزمن لدى ليلى ولم تعد تسمع المزيد مما قيل او سيقال ..عقارب الساعة تجمدت بعد الذي سمعته.. وصدمتها بالحقيقة الجمت لسانها وجمدت نظراتها وهي غير قادرة على فعل شيء سوى التطلع اليه بصدمة وجمود وذهول.. وهي غير مصدقة تقريبا لما سمعت.. ومن جانب آخر كان عماد يتطلع لها باضطراب وهو في انتظار ردة فعلها مما سمعته..والقلق والتوتر قد بلغ منه مبلغه...
**********