عرض مشاركة واحدة
  #107  
قديم 08-02-2010, 09:28 PM
 
*الجزء الثامن والعشرون*
(هل ستنجح فكرته؟)



(ماذا افعل؟.. اخبريني بالله عليك؟..)
تطلعت فرح بغرابة الى هشام.. وقالت: ماذا تفعل في ماذا؟..
قال بحدة: انت تعلمين كل شيء.. فلا تتغابي الآن..
قالت بدهشة: اخبرك ماذا تفعل لتجعل وعد تبادلك المشاعر؟ ..هل نحن من يصنع هذه المشاعر تجاه شخص ما يا هشام؟ ..هل المشاعر بيدها هي؟..
تطلع اليه بضيق ومن ثم قال: لا.. ولكني اظن ان من الممكن ان تبادلني المشاعر يوما ما..في السابق كنت اشعر بها قريبة مني.. اما الآن.. فأنا اشعر ان هناك ما يفصل بيني وبينها..
عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: ماذا تعني بالضبط؟..
قال وهو يشعر بضيق يكتم على انفاسه: لست اعلم.. ولكن ربما كانت تحب شابا ما..
اتسعت عينا فرح وقالت: لا مستحيل.. لوكان الامر كذلك لاخبرتني انا على الاقل..
قال وهو يلوح بكفه بضيق: هل تظنين انها ستخبرك بأمر خاص بها كهذا؟..
قالت فرح باستنكار: ولم لا؟.. - لانها تشعر بأن امرا كهذا خاص بها وحدها ولا يحق لأحد ان يعلمه.. وان مجرد اخباره للغير سيسبب لها الكثير من الاحراج.. ولديك خير دليل على ذلك..انا الذي اقف امامك.. منذ متى وانا احبها.. هل علم احد فيكم بالامر.. وانت بنفسك لم تعلمي بهذا الامر الا قبل اسبوعين فحسب.. صمتت فرح قليلا وهي تفكر ومن ثم قالت: حسنا لنفترض هذا..وما الحل برأيك الآن؟..منذ فترة وهي لا تفكر بك الا كأخ لها.. تظن انك بعد ان اعترفت لها بمشاعرك ستبادلك اياها.. قال هشام بعصبية: وماذا بي انا؟.. قالت فرح وهي تزفر بحدة: هشام انتما مختلفان في كل شيء .. اهتماماتك تختلف عن اهتماماتها.. تفكيرك يختلف عن تفكيرها..صدقني لو حدث وان ارتبطتما ..ارتباطكما هذا سيفشل.. واردفت وهي تقول بصوت هادئ: اتعلم ماهو خطأك؟.. انك لم تنظر في حياتك الى فتاة سوى وعد..ووعد فقط.. لهذا اتجهت مشاعرك اليها فقط..ولم تفكر في حياتك في فتاة سواها.. انك حتى لم تمنح لنفسك فرصة بهذا.. - كيف تريدين ان افكر في فتاة اخرى وقلبي تسكنه وعد.. قالت بنفاذ صبر: هشام لو علمت ان ابنة خالتي تحبك.. هل ستبادلها المشاعر وتقبل بها زوجة لك؟.. قال هشام باستنكار: تلك المدللة ..مستحيل.. - اذا لا تحلل لنفسك ما تحرمه على غيرك.. فهم ما تعني ولكنه قال باصرار: وعد تحبني استطيع ان اقسم على هذا وهذا هو الفرق في الموضوع.. - كأخ لها فقط.. لا تنسى.. نهض بغتة من فوق المقعد الذي يجلس عليه ومن ثم قال: لن اعدم الوسيلة.. وسأتصرف بنفسي.. قالت فرح بقلق: ماذا ستفعل؟.. قال بصرامة: لن انتظر حتى ارى احدهم قد اخذها مني.. وعد لي فقط.. قالت فرح وقلقها يتضاعف: هشام لا تكن مجنونا.. - لا تقلقي لم افقد عقلي بعد..ولكن علي ان اتخذ خطوة ما الى الامام ولا انتظر لأراها تزف الى غيري يوما ما.. - ما الذي تفكر فيه بالضبط؟.. قال هشام بغموض: ستعرفين كل شيء في حينه.. وتسلل القلق والتوتر الى قلب فرح وهي تفكر فيما قد يفعله هشام.. لتكون وعد له وليست لسواه.. ********
لم تتوقف الدموع من الانذراف من عيني ليلى ولو للحظة.. وهي تصطنع النوم على فراشها.. ووسادتها قد اكتفت بدموعها.. ولكن عينيها لم تكتف بعد.. وجرحها لا يزال ينزف.. وهي تتذكر ما فعله عماد معها..وانه كان يخدعها طوال الوقت لا اكثر..انها تحبه.. واذا جرحنا من نحب.. يكون جرحه الاكثر ايلاما وعمقا.. ولا يلتئم الا عندما ننسى من نحب.. وكيف تنسى عماد؟.. عماد الذي بات بحكم زوجها الآن.. وهذا يعني انها له.. ولكن من حقها ان تطلب لاانفصال.. وتنهي الخطوبة.. اجل من حقها.. والا لماذا وضع الناس فترة للخطوبة.. اليس لكي يعترف كلا الطرفين على الآخر و... الانفصال؟؟.. هذا آخر ما تفكر فيه.. انها تحبه.. كيف تتركه .. لا تستطيع .. ستنتزع روحها من جسدها لو انفصلا..وعماد ماذا عنه؟..هل يحبها؟.. آخر كلماته التي قالها لها في لقائهما الأخير تثبت لها ذلك..اذا لم خدعها؟.. لم؟.. كانت قد تركت هاتفها على الوضع الصامت حتى لا تجيب على أي مكالملت من أي احد.. وخصوصا عماد.. لا تستطيع ان تتحدث اليه بعد كل ما حدث.. لا تستطيع ..والتفتت الى حيث هاتفها الذي لم تتوقف الاضاءة عن شاشته منذ ساعة..بالتأكيد هو عماد.. والا من يصر على الاتصال بها كل هذه الفترة.. ومن جانب آخر..شعر عماد بالعصبية والغضب وهو يرى انها ترفض الرد على أي من مكالماته.. او رسائله القصيرة.. لو تفهم فقط.. لو تفهم..لما فعلت بي ذلك.. كيف يمكنها ان تفهم دون ان تمنحني فرصة للحديث او الدفاع عن نفسي.. فسرت الامر كما تشاء.. ولم تقبل ان تستمع لما سأقول حتى ..تبا .. تبا.. ليتني اخبرتها بالحقيقة منذ البداية..ولكني كنت اخشى ان افقدها.. يا الهي.. ماذا افعل الآن؟.. شعر بالضيق يكتم على صدره.. واتصل هذه المرة بصديقه عمر..وقال هذا الاخير عندما اجاب على اتصاله: اهلا عماد..من الغريب ان تتصل بي في وقت كهذا من المساء.. قال عماد بجدية: ارغب بالتحدث اليك.. قال عمر بحيرة: عن ماذا بالضبط؟.. قال عماد في سرعة: ستعلم بكل شيء ان التقينا.. - حسنا..اين؟.. - مطعم العاصمة.. هل يناسبك؟.. قال عمر مبتسما: بالتأكيد يناسبني..ولكن اخبرني لم دائما تدعوني على هذا المطعم؟.. قال عماد مداعبا بابتسامة شاحبة:لانه الارخص ثمنا.. والآن الى اللقاء.. اراك هناك.. قال عمر بهدوء: يبدوا ان الامر مهم جدا..اشعر بانك متضايق جدا من امر ما.. صمت عماد ولم يعلق فقال عمر: حسنا يا عماد.. اراك هناك.. الى اللقاء.. اغلق عماد هاتفه..وانطلق في سرعة مغادرا المنزل..لينطلق بسيارته بعدها وهو يشعر بالضيق والالم يعصر قلبه..وهو يخشى ان لا تفهم ليلى موقفه ابدا.. نعود الى ليلى.. التي اعتدلت في جلستها اخيرا وهي متأكدة ان النوم آخر ما تفكر فيه.. ونظرت لا اراديا بعينيها المغرورقتان بالدموع الى ذلك الهاتف ..الذي توقفت شاشته عن الاضاءة ..وقررت اخيرا ان ترى من الذي كان يتصل بها.. مسحت دموعها بانامل مرتجفة..والتقطت هاتفها لترى ان 30 مكالمة لم يتم الرد عليها.. 25 منها من عماد.. اما الباقي فهي اما من معارفها او من صديقاتها.. وهمست بصوت مرتجف متحدثة الى نفسها : ما الذي تريده مني الآن؟.. بعد ان خدعتني ..بعد ان كذبت علي واوهمتني بشيء يخالف حقيقتك.. لم اتصور يوما ان اخدع .. ومن من؟..من احب شخص الى قلبي..لقد مزقت احلامي التي رسمتها يا عماد..حطمتها دون ان تنتبه ان ما فعلته قد مزقني وحطمني انا قبل ان يمس تلك الاحلام.. ضمت رجليها الى صدرها وطوقتها بذراعيها.. وهي تواصل بكائها بألم وحرقة ..ودموعها لا تتوقف عن السيل على وجنتيها... *********
دلف طارق الى القسم في سرعة وقال بابتسامة عريضة: لدي لكم خبر رائع.. لن يسمعه الا من يدفع اكثر.. والتفت الى أحمد ليقول بابتسامة: هه .. كم تدفع؟.. قال احمد مصطنعلا التفكير: هل تكفي خمس قطع نقدية؟.. قال طارق بسخرية: يا لك من كريم.. وقال وهو يلتفت الى نادية: وماذا عنك يا استاذة؟.. كم تدفعين؟.. ابتسمت قائلة: عشر قطع.. فكر قليلا ومن ثم قال: دعونا نرى الصحفية الاخيرة الموجودة هنا.. ربما تدفع الاكثر.. واردف وهو يلتفت الى وعد: كم تدفعين لتعلمي بهذا الخبر.. قالت وهي تهز كتفيها بلا اهتمام مصطنع: لا شيء.. قال طارق مبتسما: هل انت متأكدة؟.. خبر كهذا يساوي مليون قطع نقدية.. شعرت بالفضول وقالت:اريد ان اعلم ماذا هناك اولا.. ثم اقرر كم ادفع لخبرك هذا.. غمز بعينه وقال: اظن ان الخبر سيعجبك كثيرا.. قالها ومن ثم فرد صحيفة امامها على الصفحة الاولى.. وقال وهو يتطلع لها: هه.. ما رأيك؟..هل يستحق ام لا؟.. تطلعت الى الجريدة بغير تصديق .. ورفعت عينيها الى طارق بذهول وقالت باضطراب: هل ما اراه بالصفحة الاولى هو تقريري حقا؟؟.. اومأ برأسه وقال: اجل.. تقريرك انت يا وعد..لقد فعلتها واثبت للجميع انك صحفية ماهرة ورائعة.. قال كلمته الاخيرة بحنان فقالت وعد ودموع الفرحة تكاد تقفز من عينيها: هذا يعني...اني.. اني... واردفت وهي تهتف بانفعال وفرحة: هذا يعني اني قد اصبحت صحفية بينكم اخيرا.. اخيرا..هل تصدقون؟.. انا الآن صحفية مثلكم.. شعر طارق بالفرحة تتسلل الى قلبه.. وهو يراها سعيدة الى هذه الدرجة .. سعادتها ذكرته بسعادة الطفل الصغير عندما يحصل على ما يريد.. وابتسم بحب وهو يتطلع لها.. وسمع وعد تقول في تلك اللحظة: اتعلم؟.. خبرا كهذا يستحق ما يفوق المليون قطعة نقدية.. ابتسم طارق وقال: فليكن.. هلمي.. امنحيني المبلغ.. قالت مبتسمة: لسوء الحظ .. لست املك ربع هذا المبلغ حتى.. قال مبتسما بحنان وهو يهمس لها قائلا بصوت لا يسمعه سواها: لا تهمني كنوز العالم كله.. مادمت ارى هذه الابتسامة تزين شفتيك وتضئ وجهك.. ارتجف قلب وعد بين ضلوعها.. وشعرت بالحرارة تغزو جسدها.. وسيطر عليها الارتباك بالرغم منها من كلماته ..وتسائل واحد خطر بذهنها..ترى ماذا يعني بما قال؟.. وقالت متهربة من الموضوع: اخيرا اعترف رئيس التحرير بأن ما اقوم به جيد ويستحق النشر.. قال احمد بابتسامة: صدقيني لو لم يفعل لوقفنا له كلنا بالمرصاد.. واردف وهو يتطلع الى طارق بخبث: اليس كذلك يا طارق؟.. تطلع البه طارق وقد فهم ما يقصد وقال متعمدا البرود وهو يجلس خلف مكتبه: هذا يتوقف عليك انت.. فأنت الوحيد الذي ستخشى الوقوف في وجه رئيس التحرير.. تطلع اليه احمد باستنكار ومن ثم قال: انا يا طارق؟.. ضحكت وعد بمرح .. والتفت لها طارق وقال مبتسما: ما رأيك يا وعد اليس ما اقوله صحيحا؟.. تطلع لها احمد وقال وهو يرفع حاجبيه: بالتأكيد لا.. اليس كذلك يا وعد ؟.. تطلع له طارق بضيق.. فقال احمد وهو يتنحنح: اعني يا آنسة وعد.. ظهر شبح ابتسامة على شفتي وعد وقد لاحظت نظرات طارق المتضايقة..اهذا ما ضايقه؟.. ان احمد قد قام بندائي بأسمي مجردا ؟.. اليس هو اول من بدأ يناديني بهذه الصورة؟ .. قلم يبدوا رافضا لفكرة ان يناديني سواه باسمي مجردا من ايه القاب؟ ..وقالت بعد وهلة من الصمت وهي تضع سبابتها اسفل ذقنها: في الحقيقة انا صحفية وواجبي ان اقف مع الحق..لهذا فأنا اقول ان الجميع هنا سيقفون معي ويساعدوني لو احتجت يوما لمساعدتهم.. ابتسم احمد وقال: جيد.. لقد اتخذت موقفا محايدا وارضتي جميع الاطراف.. قالت بابتسامة واسعة: وهذا هو عملي.. صمتت للحظات ومن ثم قالت بتردد: كيف حال ذراعك الآن يا استاذ طارق؟.. قال بابتسامة: بخير.. دعك من هذا الامر ولا تفكري فيه كثيرا.. انه مجرد جرح بسيط لا اكثر.. قالت وعد وهي تزدرد لعابها: ولكن بسببي لن تتمكن من الكتابة بشكل جيد الا بعد فترة من الوقت.. قال طارق وهو يرفع حاجبيه: من قال هذا؟.. قالت وعد وهي تشعر بتأنيب الضمير: ذراعك اليمنى لا تزال مصابة كيف ستتمكن من تحريكها وهي كذلك؟ ..وحتى لو حاولت سيكون الامر صعبا عليك.. قال احمد مبتسما: من هذه الناحية لا تقلقي.. التفتت الى احمد وقالت: ماذا تعني؟.. ولما لم يجبها عادت لتلتفت الى طارق وقالت: ما الامر؟.. لست افهم شيئا.. قال طارق وهو يلوح بيده اليسرى الممسكة بالقلم: كل هذا الوقت ولم تعلمي بعد اني اقوم بالكتابة باستخدام بيدي اليسرى.. قالت بدهشة: احقا؟..لم انتبه من قبل.. قال طارق بهدوء:في العادة الناس يستخدمون ذراعهم اليمنى للهجوم واليسرى للدفاع.. اما في حالتي فقد فعلت العكس.. لان ذراعي اليسرى هي الاكثر استخداما لدي.. ولهذا ترين اني قد حميت صدري باستخدام ذراعي اليمنى لا اليسرى.. قالت وعد وهي تومئ برأسها: لقد فهمت الآن..حتى عندما كنت تقود السيارة كان يبدوا شيئا عاديا لديك وانت تقودها بذراعك اليسرى.. قال بهدوء: لاني معتاد على ذلك..وعلى استخدام ذراعي اليسرى في القيادة دائما.. ران الصمت على المكان بعد عبارته الاخيرة..وقد عاد الجميع لممارسة اعمالهم.. وسمعوا بعد فترة من الوقت طرقا على الباب.. وقال من يقف عنده: الاستاذ طارق المدير يطلب رؤيتك.. زفر طارق بحدة.. ومن ثم نهض من مكانه مغادرا القسم.. وعينا وعد تتبعه.... ******** جلس عماد خلف مكتبه وهو يتذكر حديثه بالامس مع عمر بالمطعم بعد ان شرح له ما حدث بينه وبين ليلى..وظل عمر صامتا لفترة من الوقت.. قبل ان يقول: سأكون صريحا معك يا عماد..انت المخطأ في كل ما حدث.. قال عماد وهو يحاول ان يبرر لعمر ما فعله: ولكني كنت احاول ان اقرب العلاقة بيني وبينها بهذه الطريقة.. فكما اخبرتك.. كانت دائما تتهرب مني لمجرد اني المدير.. ماذا ستفعل اذا لو علمت اني صاحب الشركة.. قال عمر وهو يهز رأسه: هذا ليس مبررا.. ان لم تكن ستعلم بهذا الامر سابقا فستعلمه فيما بعد وكان عليك ان تدرك هذا..فبداية علاقتكما كانت يجب ان تقوم على الصدق والثقة المتبادلة.. لا ان تخدعها في هويتك..اتعلم ماذا فعلت الآن؟.. لقد فقدت ثقتها بك.. باتت تراك انسان مخادع وربما لم يحبها يوما.. قال عماد وهو يكور قبضته بانفعال: اقسم بأني قد احببت ليلى بكل مشاعري.. اقسم بأنها الفتاة التي اتمناها زوجة لي.. اقسم بأني قد بت مهووسا بهذه الفتاة.. وان فراقي لها ولو للحظات يجعلني اتلهف للقاءها.. اقسم على ذلك.. قال عمر بهدوء: لا داعي لهذا الانفعال.. انت تستطيع ان تصلح الامور وتجعلها تفهم وجهة نظرك بالامر.. قال عماد باستغراب: ماذا تعني بالضبط؟..اخبرتك انها ترفض الاستماع لي وحتى اتصالاتي ترفض الاجابة عليها.. قال عمر وهو يهز كتفيه: لها الحق في ذلك ولو كنت مكانها لقطعت علاقتي بك نهائيا.. قال عماد بحدة: اردتك ان تخفف عني لا ان تزيد الطين بلة.. قال عمر بتأنيب: هذه هي الحقيقة.. ام ان كلمة الحق تجرحك.. قال عماد وهو يضرب الطاولة بقبضته: ارجوك لم اعد احتمل اللوم.. اريد حلا لهذا الامر.. ابتسم عمر وقال: دائما انا من يحل مشاكلك العاطفية.. قال عماد مبتسما بشحوب: وهل لي من صديق سواك؟.. قال عمر وهو يهز رأسه بابتسام: لمصلحتك فقط..حسنا استمع الي سأخبرك بطريقة ربما تستطيع بها اصلاح ما حدث بينكما.. قال عماد بلهفة: وما هي؟.. قال عمر وهو يفكر: اخبرني اولا ماذا ستعطيني بالمقابل.. - يالك من شخص مادي.. الا يكفيك ان تساعد صديقك؟.. قال عمر بابتسامة: لا ابدا.. فالمرة الاولى كانت بدون مقابل.. تطلع له عماد باستخفاف وقال: ايكفيك لكمة في معدتك؟.. - لا شكرا لك.. قال عماد بحنق: قل ما عندك يا عمر.. فلست في مزاج يسمح لي بالمزاح.. قال عمر بهدوء: حسنا استمع الي.. انت صاحب الشركة ومديرها اليس كذلك؟.. قال عماد بضيق: ماهذا السؤال السخيف؟.. - دعني اكمل .. اعني انك المدير بالشركة.. الآمر الناهي.. وهي موظفة لديك .. قال عماد باستغراب: حسنا اعلم ذلك.. وبعد؟.. تطلع له عمر بصمت وفي عيناه بريق مكر..فقال عماد وقد فهم ما يعنيه اخيرا: لقد فهمت .. ولكن هل تتوقع ان تستمع الي في النهاية؟.. قال عمر مبتسما: اظن ذلك.. قال عماد بابتسامة: اشكرك كثيرا يا عمر.. لا اعلم ماذا كنت سأفعل بدونك.. قال عمر مداعبا: انا في الخدمة دائما وخاصة للمشاكل العاطفية.. تنهد عماد بعمق بعد ان استرجع ما حدث معه بالامس وهو يفكر.. ترى استنجح فكرة عمر وتعود الى العلاقة كما كانت بينه وبين ليلى..ليس بيده سوى المحاولة.. لقد حاول كثيرا الاتصال بها ولكنها ترفض حتى الاجابة عليه..انها ترفض ان تمنحه حتى فرصة ليدافع بها عن نفسه.. وضغط على زر الاتصال بين مكتبه ومكتب سكرتيرته وقال: اطلبي من موظفة الحسابات ليلى بالقدوم الى مكتبي واحضار ملفات ميزانية الشركة لهذا العام.. اجابته السكرتيرة قائلة: امرك يا سيد عماد.. اتأمر بأي شيء آخر.. - لا شكرا.. قالها وانهى الاتصال بينه وبين السكرتيرة.. واسند رأسه بتعب الى مسند المقعد.. لم يحظى في الليلة الماضية سوى بساعة واحدة ارتاح فيها.. طوال الوقت كان يفكر بما آلت اليه علاقته بليلى بعد تلك العلاقة الجميلة التي كانت تجمعهما..ليلى الآن تظن بأنه مخادع ..كاذب..حتى حبه لها تظن انه كذبة ..ماذا يستطيع ان يفعل ليصلح علاقته بها.. لا شيء سوى الحل الذي عرضه عليه عمر.. ومن جانب آخر.. ليلى التي كانت تحاول ان تنغمس بالعمل لتبعد نفسها وعقلها عن التفكير بعماد.. تحاول ان تفعل أي شيء .. حتى لا يتسلل الى ذهنها ويسيطر عليه.. كانت تشعر بالقهر وتكاد دموعها تقفز من عينيها في اية لحظة ..ولكنها قاومت هذا الاحساس حتى لا ينتبه لها احد و... (ليلى.. ماذا بك؟..) صوت زميلتها جعلها تفيق من انغماسها بالعمل..ورفعت رأسها قائلة بتعب: ماذا هناك؟.. ليلى ايضا لم تستطع النوم الليلة الماضية الا من نصف ساعة او ربما اقل..واجابتها زميلتها قائلة: ماذا بك؟.. انا اناديك منذ فترة.. قالت ليلى وهي تتنهد: لم انتبه لك معذرة.. قالت زميلتها مبتسمة: بل انت في عالم آخر تماما.. لم تجبها ليلى وظلت صامتة..لا تعلم بم تعلق.. تخبرها انها في عالم من الآلام والمرارة والعذاب..تخبرها بان لشخص الذي احبته وارتبطت به قد خدعها.. انطلق رنين هاتف المكتب بالمكان فجأة ليقطع ذلك الصمت الذي غلف المكان لعدة دقائق.. فأجابت عليه احدى الموظفات هناك قائلة: الو.. قسم الحسابات معك.. واردفت وهي تستمع الى الطرف الآخر باهتمام: حسنا..ستأتي في الحال..الى اللقاء.. اغلقت الهاتف وتطلعت الى ليلى قائلة: المدير يطلب الملفات المتعلقة بميزانية الشركة لهذا العام.. خذيها اليه يا ليلى.. زفرت ليلى بتعب وقالت: حسنا سآخذها اليه في.... بترت عبارتها وكأنها استوعبت هذا الامر لتوها.. تأخذ الملفات لمن؟.. للمدير؟..الذي هو عماد خطيبها.. تذهب اليه وتتحدث اليه.. وبهذا ستضطر لمواجهته.. لا ليست لديها القدرة على مواجهته الآن..يجب ان ترفض.. ان... وقالت وهي تهز رأسها نفيا: معذرة ولكني اشعر بالتعب ..فلتذهب أي موظفة اخرى بدلاً مني.. قالت زميلتها بهدوء: انه يطلبك بالاسم.. اتسعت عينا ليلى باستنكار ودهشة وقالت بانفعال: ماذا؟؟.. وكأنها تنبهت الى انفعالها.. فخفضت صوتها قائلة: اعني لا استطيع الذهاب.. انا اشعر بالتعب و... قاطعتها زميلتها قائلة: ولكني اخبرته انك قادمة..ثم لماذا ترفضين الذهاب اليه؟.. هل هو الخجل يا ترى؟.. ام انكما متشاجران؟؟.. انتفضت ليلى اثر عبارة زميلتها الاخيرة وقالت نافية: كلا ابدا لا هذا ولا ذاك.. - اذا لم ترفضين ال... جاء دور ليلى لتقاطعها قائلة: لانني متعبة لا غير.. ولكن لاثبت لك انه لا شيء مما قلته صحيح.. سآخذها اليه الآن.. قالتها والتقطت عدد من الملفات وهي تمثل اللامبالاة.. مع ان دقات قلبها تنبض بعنف شديد.. وارتباكها قد سيطر على كيانها كله .. حتى ان اناملها بدأت بالارتجاف ..وازدردت لعابها بصعوبة في محاولة منها للسيطرة على توترها .. وسارت بخطوات بطيئة بعض الشي مغادرة القسم..حاولت السيطرة على ارتباكها وهي تبعد خصلات شعرها خلف اذنها..وحاولت قدر الامكان الابطاء من حركتها.. وكأنها لن تصل الى مكتب عماد لو فعلت ذلك.. ووجدت نفسها أخيرا في مكتب سكرتيرته الخاصة التي قالت لها: هل من مساعدة اقدمها لك يا آنسة؟.. قالت ليلى بارتباك وهي تزيح خصلات شعرها خلف اذنها مرة اخرى بتوتر: انا ليلى .. موظفة الحسابات.. وقد.. احضرت الملفات..كما... تنهدت وهي تحاول تمالك نفسها لتكمل .. ولكن السكرتيرة قالت في سرعة: يمكنك الدخول يا آنسة.. لقد طلب مني السيد عماد ادخالك على الفور.. ازدردت ليلى لعابها.. انه يتعمد ذلك.. يتعمد اللقاء بها..هذا اللقاء الذي تتحاشاه.. طلبها بالاسم.. والآن يتعجل دخولها اليه.. وقالت متحدثة الى السكرتيرة: الا يمكنك ان تعطيه الملفات بدلا مني؟.. فلدي من العمل الكثير.. قالت السكرتيرة باعتذار: معذرة يا آنسة.. لقد طلب ان تسلميه الملفات بنفسك.. وليس أي موظفة سواك.. وهاهي ذي نقطة ثالثة تثبت لها الامر.. وعقدت حاجبيها بغتة وقالت متحدثة الى نفسها مصطنعة التحدي والقوة: (ومم اخشى؟.. سأمنحه الملفات وأخرج.. كأي موظفة اخرى.. ماذا يستطيع ان يفعل بي حتى اخشى لقاءه.. لاشيء.. ثم انني مرتبطة به..اجل سأدخل ليس هناك ما اخشاه.. لست بالجبانة ابدا..) وتوجهت الى حيث باب مكتبه لتطرق الباب وبدون ان تسمع حتى صوته يدعوها للدخول دلفت الى الداخل.. بخطوات حاولت قدر المستطاع ان تكون هادئة.... ***********