*الجزء السابع والثلاثون*
(لماذا علي ان اعاني مرتين؟)
تجمدت قدما وعد في مكانها وهي غير قادرة على الحراك.. وقد تذكرت نظرة طارق اليها التي كانت تحمل كل الغضب والالم..لم كان ينظر اليها بتلك النظرة؟.. وما معنى عبارته الاخيرة؟.. هل اخبره والدها بشيء؟.. لو كان الامر كذلك.. فان والدها يعلم سبب ما قاله طارق قبل قليل..
اخذت تبحث بعيناها عن والدها في الردهة .. لكنها لم تجد أي أثر له.. ووجدت نفسها تتوجه بخطوات متثاقلة الى غرفة المعيشة.. وفتحت الباب بهدوء شديد وقالت بصوت مرتبك وهي تطل برأسها الى الداخل: ابي .. هل انت هنا؟..
جاءها صوته هادئا اقرب الى البرود وهو يقول: اجل يا وعد.. اتريدين شيئا ما؟..
تقدمت منه وعد وقالت: ابي .. لقد غادر الاستاذ طارق وهو يبدوا..متضايقا بعض الشيء.. فلم؟.. في ماذا تحدث اليك؟.. وماذا قلت له حتى يتضايق هكذا؟..
تطلع والدها اليها بنظرة حانقة وقال:هل هو تحقيق يا وعد؟..هل ستمارسين مهنتك علي؟..
اسرعت تهز رأسها نفيا وتقول: كلا.. ابدا يا والدي.. كل ما اردت معرفته هو سبب قدوم زميلي الى هنا.. وسبب تضايقه الى هذا الحد..
صمت والدها ولم يجبها .. فأسرعت تقول: ارجوك اخبرني يا والدي.. ان كان الامر يتعلق بي..
نهض والدها من مقعده وسار بضع خطوات وقال وهو يشبك اصابع كفيه خلف ظهره: انه كذلك بالفعل..
قالت وعد برجاء: ما الامر اذا يا والدي.. ما الذي اراده الاستاذ طارق بالمجيء الى هنا؟..
التفت لها والدها بغتة وقال: طلب يدك..
تطلعت له وعد ببلاهة وكأنها لم تفهم ما قاله.. وقالت متسائلة: ماذا؟.. طلب يدي انا؟..
اومأ والدها برأسه ايجابيا..فأحست وعد بالنشوة والسعادة ..واخذ قلبها يخفق في شدة.. ولكن كل هذا تلاشى بغتة وهي تتذكر عبارة طارق لها..ووجدت نفسها تقول بصوت مرتجف وكأنها تدرك الاجابة مسبقا: وهل.. اخبرته اني..مخطوبة؟..
تطلع لها والدها لوهلة ومن ثم قال: هل اخبرك هو بهذا الامر؟..
قالت وعد وهي غير مستوعبة لكل ما يحصل: لقد كان مغادرا المنزل ويبدوا عليه الضيق.. فاستوقفته وسألته عن سبب مغادرته هكذا..وبدل ان يجيبني سألني قائلا بسبب عدم اخباره اني مخطوبة من قبل..
واردفت وهي تتطلع الى والدها وغصة مرارة تملأ حلقها: هل انت من اخبره اني مخطوبة يا والدي؟..
تنهد والدها وقال: اجل.. انا من اخبره بذلك..
ارتجف قلب وعد في قوة وقالت بصوت اقرب الى البكاء: لماذا اخبرته بذلك يا والدي؟؟..لماذا؟؟..
رأت في عيني والدها نظرة حزينة وقال: لأنك كذلك بالفعل..
اتسعت عينا وعد ووجدت نفسها تقول بانفعال:ماذا تقول يا والدي؟.. انا مخطوبة؟.. أي قول هو هذا؟..
قال والدها بهدوء: اهدئي يا وعد..لا داعي لكل هذا الانفعال .. لقد جاء عمك قبل يومين وحدثني بشأن رغبته في ان تكوني زوجة لابنه ..
جلست وعد على اقرب مقعد لها وهي تشعر ان قدماها لم تعودا قادرتان على حملها وقالت بذهول:ماذا؟.. هشام؟..
استطرد والدها قائلا: لقد كنا نراكما دائما يا وعد.. نتمنى دوما ان نراكما معا الى الابد.. ولهذا كانت رغبتنا في زواجكما تكبر مع الايام..وهشام قد لمح لأخي عدة مرات برغبته في الزواج بك..ولقد شعرت انك لن ترفضي هشام.. فمن اين ستحصلين على شاب مثله؟.. ولهذا اخبرت اخي بموافقتي على طلبه..
رفعت وعد رأسها لوالدها وقالت بذهول: دون ان تأخذ رأيي حتى يا والدي..
قال والدها بابتسامة باهتة وهو يقترب منها ويضع كفه على كتفها: وعد يا صغيرتي..اخبرتك بأننا كنا نراكما دائما معا.. ونراكما سعداء وعلى وفاق.. ورأينا انه من المناسب ان نتوج علاقتكما بالزواج..
اطرقت وعد برأسها وقالت والدموع تترقرق في عينيها: ولكن يا والدي .. علاقتي بهشام لم تتعدى الاخوة.. كنت اراه دائما كشقيق لي والا لما رأيتني اتبسط معه في الحديث على هذا النحو..ان هشام اخي.. وانا لا استطيع الزواج به ..ارجوك افهمني يا والدي.. انا ابنتك الوحيدة.. هل تقبل ان اتزوج على هذا النحو؟..
قال والدها وهو يربت على كتفها: سأحاول ان اتحدث مع اخي في هذا الامر.. لكن لا استطيع ان اعدك بشيء الآن..
تطلعت اليه وفي عينيها نظرة رجاء..ومن ثم لم يلبث والدها ان قبل جبينها وقال بحنان: اصعدي الى غرفتك الآن يا وعد.. وسأتحدث مع عمك بالامر بعد قليل.. وسأخبرك بما سيحدث بيننا ..
تطلعت وعد الى والدها للحظات.. ومن ثم لم تلبث ان وقفت بتثاقل وسارت بخطوات بطيئة وغادرت غرفة المعيشة.. وترقرقت الدموع في عينيها بغتة وهي تشعر بتلك الغصة في حلقها.. لماذا؟.. لماذا الآن؟..عندما جاء طارق لخطبتها..لم يحصل كل هذا؟.. لم لا اشعر بالسعادة التي طالما تمنيتها وبحثت عنها؟.. لم؟؟..
واسرعت تصعد درجات السلم وهي تنطلق باتجاه غرفتها.. والدموع التي كانت تترقرق في عينيها منذ دقائق.. تغلبت عليها وسالت على وجنتيها في الم وحرقة..وما ان وصلت الى الغرفة حتى اغلقت الباب خلفها في قوة.. والقت بنفسها على فراشها ودموعها لا تتوقف عن الانهمار وصوت نحيبها يصل الى مسامع من بالخارج..واخذت تقول بأنين: لماذا الآن يا ابي؟.. لماذا تحطم حلمي وهذا الحب الذي نسج بين قلبينا؟..لقد رحل طارق دون ان يفهم الامر.. ودون ان يعلم اني قد رفضت هشام من قبل..واني لم ولن احب سواه..رحل وهو يظن اني مخطوبة لشخص آخر..
لم تجد امامها من حل سوى ان تتصل بطارق وتفهمه الامر كله .. اسرعت تلتقط هاتفها وتضغط رقم هاتفه المحمول.. وانتظرت سماع اجابته بعد الرنين المتواصل.. ولكن انقطع الخط دون أي اجابة..اعادت الاتصال عدة مرات.. وفي كل مرة لا تسمع سوى انقطاع الخط ..وقالت بألم وهي تتطلع الى هاتفها: لم لا تجيب يا طارق؟.. اعلم انك تشعر بالحزن لما حصل.. ولكني اقسم لم اكن اعلم بشيء.. والا لرفضت كل ما يحصل هنا..ولم اكن لأضعك في موقف كهذا..
مسحت دموع عينيها بأناملها وشردت بتفكيرها بعيدا وهي تفكر في حل لهذا الامر.. طارق يرفض الاجابة.. ووالدها وعدها بأن يرى الامر مع عمها.. ولكن هل سيتم حل هذه المشكلة بالفعل؟..تطلعت الى ما حولها بعيون دامعة .. وتوقفت بغتة عند آلة التصوير.. وهنا عقدت حاجباها باصرار وقالت: لن يحل هذه المشكلة الا صاحب الشأن وحده..
قالتها واخذت تضغط رقم ذلك الهاتف .. منتظرة الاجابة بلهفة...
**********
التقط هشام هاتفه وقال بابتسامة واسعة: يمكنني الآن ان اتحدث مع المتسرعة غادة..
ضغط رقم هاتفها..ولكن رنين هاتفه المستمر جعله يتوقف عن هذا..ويتطلع الى الرقم الذي يضيء على شاشة هاتفه بدهشة..واجاب قائلا: اهلا وعد.. ما الذي حدث لك؟.. فأنا اعلم انك لا تتصلين بي الا عندما تحدث مصيبة ما وتر...
قاطعته وعد قائلة بعصبية: ليس وقت مزاحك الآن يا هشام.. الامر اكبر من هذا..
قال هشام بهدوء: حسنا وما الذي حدث؟..
هدأت من عصبيتها قليلا ومن ثم قالت: والدك..
عقد حاجبيه وقال بتساؤل: ماذا به؟..
ترددت قليلا ولكنها لم تلبث ان حسمت امرها وقالت: لقد طلبني لأكون زوجة لك.. وابي قد وافق..
قال هشام بدهشة: ماذا تقولين؟..أأنت واثقة؟.. والدي لم يخبرني بأي شيء عن هذا الامر ابدا..
قالت وعد بألم: لو لم أكن واثقة من هذا الامر لما اتصلت بك.. ثم ان الامر كان بين والدي ووالدك فقط.. ولهذا لم يعلم به كلانا..
ابتسم هشام وقال بسخرية ليلطف الجو قليلا: هل الزواج بي يسبب كل هذا الحزن.. لا تقلقي يا ابنة عمي العزيزة سأكون طيبا معك و...
قالت وعد بصوت باكي: هشام لم لا تفهمني.. لا احد يستطيع حل هذه المشكلة سواك.. وانت لا تأبه بي.. ولا تفعل شيء سوى السخرية مني والتفكير في نفسك..
قال هشام بهدوء: انا يا وعد؟.. فليكن سأقبلها منك لأن اعصابك متوترة.. كل ما اردته ان الطف الجو قليلا..
اطرقت برأسها في الم وقالت: اريد حلا لهذه المشكلة يا هشام.. ارجوك افعل شيئا..
صمت هشام قليلا ومن ثم قال: فليكن يا ابنة عمي العزيزة.. سأحل الموضوع بنفسي.. ولا تقلقي.. اعتبري ان الموضوع انتهى منذ هذه اللحظة..
قالت وعد بشحوب: لو استطعت ان تنهي هذا الموضوع بالفعل يا هشام.. فلن انسى معروفك هذا ابدا..
ابتسم هشام ابتسامة باهتة وقال: انظري للقدر.. انا بنفسي من يمنع زواجي بك..ولكن اتعلمين لم افعل هذا؟.. لاني احبك.. وكما تقولين انت دائما من يحب يتمنى السعادة لحبيبته ..ولهذا فأريد ان اراك سعيدة دائما حتى لو كان هذا على حسابي انا ..
قالت وعد وهي تمسح دموعها: ولكن ما الذي ستفعله؟..
قال مبتسما: هذا امر لا يخصك.. فقط دعي الامر لي.. واذهبي لتغسلي وجهك.. وكفي عن بكاءك هذا..
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي وعد وقالت: حسنا.. الى اللقاء.. وافعل كل ما بوسعك..
قال بهدوء: الى اللقاء..
اغلق هشام الهاتف ومن ثم قال وهو يبتسم بسخرية: هيا يا هشام..افعل ما تطلبه منك.. وامنع زواجك منها بنفسك..
تنهد في حرارة قبل ان يخرج من غرفته ويتوجه نحو درجات السلم .. ليهبطها الى الطابق الاول.. وهناك شاهد فرح تتطلع الى احد الافلام بالتلفاز فسألها قائلا: اين والدي؟..
قالت دون ان تلتفت له: اظن انه بالمكتب..
سار مبتعدا عنها الى حيث غرفة المكتب.. ووقف في مواجهة الباب لثواني.. ليلتقط انفاسه ومن ثم يطرق الباب بهدوء ويدلف الى الداخل..وترك والده ما كان بيده وتطلع اليه قائلا: هشام..جيد انك جئت لوحدك.. فقد كنت ارغب في ان اتحدث اليك في موضوع يخصك..
قال هشام وهو يتفدم منه ويضع كفيه على الطاولة التي يجلس خلفها والده: وانا جئت لأحدثك في الموضوع نفسه يا والدي..
عقد والده حاجبيه وقال بتساؤل: وهل تعلم انت فيم اريد ان احدثك؟..
اومأ هشام برأسه وقال: بشأن وعد..أليس كذلك؟..
ابتسم والده وقال: وما رأيك؟.. لقد كنت اريدها ان تكون مفاجأة لك..
قال هشام وهو يشيح بوجهه قليلا: ابي.. انا لا اريد الزواج بوعد..
هتف فيه والده بحدة: ماذا؟.. اكنت تلمح لي طوال تلك الفترة بأن اخطبها لك من اجل ان تقول انك لا تريدها في النهاية؟.. اكنت تتسلى فحسب يا هشام؟..
هز هشام رأسه نفيا ومن ثم قال:لا.. فقبل ان تذهب انت الى عمي.. تحدثت مع وعد بشأن رغبتي بالزواج بها.. ولكنها ..رفضت ..
- ولم ترفضك؟..اتظن انها ستجد شابا افضل منك يصلح ليكون زوجا لها؟..
تنهد هشام وقال:لا يهم ان كانت ستجد ام لا.. المهم انها صارحتني بأني لست اكثر من اخ في حياتها.. وانا لا اقبل ان اتزوج من فتاة تراني اخاها فقط..
قال والده وهو يتطلع اليه: هشام يا ولدي.. انت لم تعد صغيرا.. انت في السابعة والعشرين من عمرك.. ولديك العمل والمال والمسكن.. لا ينقصك سوى زوجة تشاركك حياتك.. وانا لم ارى افضل من وعد لك..لهذا فمهما كانت مشاعرها لك قبل الزواج..فقد تتغير بعده..
قال هشام بحزم: على العكس يا والدي.. لو تزوجت من وعد وهي لا تحمل لي الا هذه المشاعر.. فهناك نسبة ضئيلة جدا في ان تتغير مشاعرها نحوي ..اما الامر الغالب حدوثه فهو ان تبقى مشاعرها كما هي ولا تتغير ابدا..
كلمات هشام التي خرجت من بين شفتيه ادهشته هو نفسه قبل ان تدهش والده.. كيف يقول هذا؟.. وهو الذي كان يرفضه بشدة.. ودائما ما يؤكد ان المشاعر من الممكن ان تتغير بعد الزواج..هل اصبح الآن يؤمن بطريقة تفكير وعد وفرح.. وبأنهما على حق في ما قالتاه..ام انه يبحث عن أي عذر يقدمه لوالده حتى يستطيع رفض هذا الزواج؟..
واردف قائلا وهو يتطلع الى والده: ابي سوف اذهب الى عمي لأخبره بأمر رفضي لزواجي من ابنته..
اتسعت عينا والده وقال بعصبية: ماذا تقول يا هشام؟؟.. ستذهب لعمك لتخبره انك لم تعد راغبا في ابنته..هل تريد ان تحرجني وتحرج نفسك امامه؟..
لوح هشام بكفه وقال: لن يحرج احد يا والدي.. فأنا متأكد ان والد وعد سيتفهم الموضوع.. وخصوصا عندما يعلم انك لم تستشرني قبل ان تذهب لخطبة وعد لي..
عقد والده حاجبيه وقال: وماذا عن اتفاقي معه؟.. وقرارنا الذي اتخذناه.. هل ستنهيه هكذا كما يحلو لك؟..
قال هشام بهدوء: ابي سأحل هذه المشكلة بنفسي.. فهي تخصني انا ووعد فقط..ولن يتعرض أي منكما للحرج.. اعدك بهذا.. والآن عن اذنك..
قالها واستدار في سرعة مغادرا المكتب.. واسرع والده يهتف به: هشام ..توقف..انتظر..
ولكن هشام لم ينتظر بل اسرع يغادر المنزل وينطلق بسيارته متجها الى منزل عمه.. في اقصى سرعة تمكن من السير بها في الشوارع العامة...
**********
قال عماد بابتسامة وهو يتحدث الى ليلى عن طريق الهاتف: كيف حالك اليوم؟.. وهل انهيت استعدادك للحفل؟..
قالت ليلى مبتسمة: مع هذا الموعد المبكر جدا.. لا اظن اني سأنتهي ابدا..
- انتبهي فلم يبقى لك سوى يوم واحد..
دست اصابعها بين خصلات شعرها وقالت: لا داعي ان تذكرني بهذا في كل مرة اتحدث اليك فيها وتوترني على هذا النحو..
قال عماد بمكر: ولم تتوترين؟..
زفرت بحدة وقالت: لأني اولا لم انهي جميع التجهيزات.. وثانيا اخشى ان لا اظهر بشكل لائق في الحفل.. وثالثا ان يوم كهذا من الطبيعي ان اتوتر فيه وانا ارى كل الانظار الموجهة لي..
هز عماد كتفيه وقال: تجهيزاتك يمكنك انهائها حتى بعد الحفل..وبالنسبة لك.. فأنت فاتنة بدون مساحيق تجميل فكيف بها..وستبهرين الجميع بجمالك وخصوصا انا.. اما عن الانظار الموجهة لك.. فستكون موجهة لي انا ايضا..
ارتسمت على شفتيها ابتسامة خجلة بعض الشيء وقالت:اتظن انك وجدت حلا لتوتري هكذا؟..
قال بثقة: بكل تأكيد..
ابتسمت بمرح وقالت: اجل فلابد ان تجد الحل لجميع المشكلات ..يا سيادة المدير ..
قال عماد في هدوء: دعي عنك المشكلات والمدير.. وتذكري اني خطيبك الآن..
قالت بمرح: ومن قال اني قد نسيت..
قال عماد مبتسما: سأعطيك ترقية استثنائية لو اخبرتني ما يبرهن على حبك لي اذا..
ضحكت ليلى وقالت: ما هذا الاستغلال؟.. خطأي اني قد وافقت على الزواج من رئيسي في العمل..
- انا انتظر..
- وستنتظر طويلا..
ضحك قائلا: يالك من قاسية.. الا تشفقين علي قبل يوم واحد من حفل خطوبتنا.. وتخبريني بمشاعرك..
هزت كتفيها وقالت: ولم افعل وانت تعرفها..
- يالك من فتاة..
قالت مبتسمة: حسنا ولكن كلمة واحدة فقط..
- وانا موافق..
صمتت قليلا ومن ثم قالت بهمس: اشعر بالنعاس..
- ليلى.. كفى مزاحا..
قالت مبتسمة: اليس الشعور بالنعاس هو مشاعر ايضا؟..
قال بسخرية: دعي هذا النوع من المشاعر لك..
- فليكن ولكن اهدئ اولا..
صمت قليلا ومن ثم قال: لقد هدأت.. تحدثي الآن يا ايتها الجميلة..
التقطت نفسا عميقا ومن ثم قالت بخجل: حسنا انا اشعر بالشوق اليك الآن بالفعل..
قال بخبث: هذا فقط ما تريدين قوله؟.. الا تريدين قول شيء آخر؟..
قالت بخبث بدورها: لا.. لا شيء.. وماذا عنك؟..
قال مبتسما بحنان: لدي الكثير من الحديث لأتحدث اليك فيه.. ولكن سأتركه للغد..
واردف بهدوء: والآن سأتركك لتنامي.. فأشعر ان صوتك متعب حقا..
- اخبرتك اني اشعر بالنعاس ولكنك لا تصدق..
- حسنا الى اللقاء اذا يا خطيبتي العزيزة..
- الى اللقاء يا سيادة المدير..
ابتسم عماد وهو يغلق الهاتف .. وشرد تفكيره بعيدا وهو يلقي بجسده على الفراش.. وظهرت صورة ليلى امام عينيه.. وسمع صوتها يعود ليدوي في اذنيه..وارتسمت ابتسامة حانية وهو يغلق عينيه قائلا : متى يأتي الغد يا ليلى؟..
وعاد عقله وقلبه ليسبحا بعيدا مع ليلى...
***********
مخطوبة...
الفتاة الوحيدة التي استطاعت اخراجي مما اعانيه من برود في المشاعر بعد ما حدث قبل ثماني سنوات..الفتاة الوحيدة التي اثارت اعجابي .. الفتاة الوحيدة التي امتلكت مشاعري كلها ..الفتاة الوحيدة التي احببتها بصدق وعاطفة ..بعد ان فقدت مايا ..الفتاة الوحيدة التي كنت مستعدا للارتباط بها مهما حدث..تكون في النهاية مخطوبة..
لماذا؟..لماذا علي ان اعاني فقدان من احب مرتين؟.. لماذا علي بعد ان فقدت مايا الى الابد اعاني من استحالة زواجي بوعد مرة اخرى؟..لماذا؟..الا يحق لي ان احيا في سعادة؟.. اليس من حقي ان اتزوج من احب لأحقق حلم حياتي؟.. لماذا يحدث لي كل هذا؟..لماذا؟..
لقد احببتها بصدق.. ومنحتها مشاعري كلها.. اقسم على هذا .. لقد كنت ارى الامل في عينيها كلما نظرت اليها .. كانت تمنحني دائما الامل بأن حلمي سيتحقق ذات يوم وسأتزوجها.. ولكن...
سحقا.. سحقا لكل شيء.. في كل مرة امنح قلبي لفتاة ما.. اراها تبتعد تاركة اياي.. واجد نفسي وحيدا بعد ان فقدتها..في كل مرة يحدث هذا.. لقد تركتني مايا من قبل.. وهاهي ذي وعد تفعل المثل.. هل علي ان اشعر بنفس الالم والمرارة مرتين في حياتي؟..
تطلع طارق الى الهاتف الذي توقف عن الرنين منذ دقائق وقال بألم: وعد ارجوك توقفي عن الاتصال بي.. انت لا تعلمين انك تقتليني بهذا.. وتجعليني اتألم قبل ان تتألمي انت نفسك..
ربما انا لا استحق ان احيا في سعادة كالآخرين.. ربما كانت السعادة حلما مستحيلا لا يمكنني تحقيقه ابدا.. او ربما احققه في العالم الآخر فقط.. ولكني.. اتمنى شيئا واحدا فقط الآن..اتمنى ان...
ارتسمت ابتسامة ساخرة بغتة على شفتيه وقال: لقد تمنيت هذا من قبل يا طارق.. ولكن لا تحلم كثيرا بالحصول على كل ما تريد.. فأحلامك لا تتحقق ابدا.. بل تنتهي بفقدانها الى الابد.. حتى لو كانت امنيتك هي.. الموت...
***********
تطلع والد وعد الى هشام الذي يقف امامه في الردهة وقال بدهشة: هشام .. ما الذي جاء بك الى هنا؟..
قال هشام بهدوء شديد: جئت حتى اوقف ما يحصل..
- ما الذي تعنيه؟..
قال هشام دون مقدمات: انا ارقض الزواج بوعد..
اتسعت عينا والد وعد وقال: ماذا؟..
قال هشام وهو يهز كتفيه: انت ووالدي فقط اتخذتما هذا القرار .. دون ان تسألاني انا او وعد..ولهذا فمن حقي ان ارفض هذا الزواج الذي لا نقبل به كلانا..
عقد والد وعد حاجبيه ومن ثم قال: ولكن والدك يقول انك انت من لمح مرارا وتكرارابانك ترغب في الزواج من ابنتي ..
عقد هشام ساعديه امام صدره ومن ثم قال: ابي فهم تلميحي بشكل خاطئ.. لقد لمحت له بأني ارغب في الزواج.. ولكن ليس من وعد..
تطلع له والد وعد بنظرة حازمة ومن ثم قال: وماذا عن والدك؟..
- لقد تفاهمت معه في هذا الامر.. واخبرته ان وعد لا تعتبرني اكثر من اخ لها..ولهذا فأنا قد جئت الى هنا حتى انهي هذا الامر معك..
واردف برجاء: ارجوك يا عمي.. عليك ان تقدر مشاعر وعد..ان زواجها بي قد يألمها ولن يسعدها مطلقا..
تطلع له والد وعد بنظرة غامضة ومن ثم قال: اذا هكذا هو الامر..
واردف وشبح ابتسامة يرتسم على شفتيه:انت لمحت للزواج من ابنتي بالفعل.. ولكن وعد قد رفضت هذا الزواج لانها تعتبرك اخ لها.. اليس كذلك؟..
تطلع له هشام بدهشة ومن ثم قال وهو يزفر بحدة: بلى ..هذا ما حدث..
ارتسمت في هذه المرة ابتسامة على شفتي والد وعد وقال: غريب منك ان تسعى لرفض هذا الزواج اذا..
تنهد هشام وقال بشرود: لا يهمني شيء.. سوى ان ارى وعد سعيدة..
قال والد وعد بهدوء: انت تعلم اني اعتبرك انت وفرح منذ ان كنتما صغارا ابنائي.. ولهذا فأنا اوافق على أي قرار اتخذته انت ووعد..لانكما ابناي وسعادتكما تهمني قبل أي شيء.. وقد كنت سأتحدث مع والدك في هذا الموضوع.. لولا قدومك الى هنا..
تنهد هشام بارتياح ومن ثم قال: اذا فأنت ترفض هذا الزواج ايضا..
- أي قرار يسبب لك او لوعد الحزن والالم ارفضه بشدة..
قال هشام بتردد: واين هي وعد الآن؟..
اشار والد وعد الى الطابق الاعلى ومن ثم قال: انها لم تهبط من غرفتها منذ ان علمت بالامر..
قال هشام متسائلا وهو يشيح بنظراته: هل يمكنني ان اراها واتحدث اليها؟.. فربما اذا علمت ان الموضوع قد انتهى.. تخرج من عزلتها هذه..
استدار عنه والد وعد وقال وهو يغادر المكان: يمكنك هذا..
ابتسم هشام وقال بسعادة: اشكرك يا عمي على ثقتك هذه ..
التفت له والد وعد وقال مبتسما: انت ابني يا هشام.. الم تدرك هذا بعد؟..
التمعت نظرة السعادة في عيني هشام.. واسرع يصعد السلالم متوجها الى غرفة وعد..وما ان وقف امام بابها.. حتى ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه وهو يطرق الباب قائلا: وعد.. ايتها البلهاء افتحي الباب..انا هشام..
رفعت وعد رأسها بحدة عن الفراش.. وقالت بدهشة: هشام..
اسرعت تمسح دموعها وقالت بصوت لم تخف منه رنة البكاء بعد: ماذا تريد يا هشام؟..
ثال مبتسما: سأقول ان فتحت الباب فقط..
سمع صوتها من خلف الباب يأتيه مبحوحا وهي تقول: لم تتغير ابدا يا هشام.. لا تزال قادراعلى اقناعي ..
ووجدها تفتح الباب بهدوء ومن ثم تقول : والآن ماذا تريد؟..
تتطلع هشام الى وجهها في حنان ومن ثم قال: وعد..
رفعت رأسها اليه وتطلعت اليه في رجاء ..منتظرة ان يخبرها عن محاولته في انهاء امر الزواج هذا.. وان كانت قد نجح في ذلك ام لا...
**********