08-07-2010, 06:19 PM
|
|
*الجزء التاسع والثلاثون*
(ما الذي سيفعله؟)
سمعت ذلك الشاب يقول باصرار: انت فقط اطلب من احدى المدعوات القدوم الى هنا وستأكد لك هذا..
قال حارس الامن بشك: ومن هي ؟..
- الآنسة وعد عادل.. ابنة خال العريس..
تسارعت نبضات قلب وعد في تلك اللحظة.. اذا فهو طارق بالفعل.. انا لا احلم.. انه هنا.. وقد جاء من اجلي.. لم يخلف بوعده او يتراجع..لقد جاء.. اخيرا...
واسرعت تقول للاشخاص اللذين يقفون امامها: من فضلكم .. ارغب بالمرور..
في نفس اللحظة كان حارس الامن يقول: سأفعل وسأرى ان كنت صادق فيما تقوله..
( لا داعي لذلك يا ايها الحارس..)
التفت الحارس الى وعد ناطقة العبارة السابقة.. والتي كانت قد استطاعت المرور من بين الجمع للتو.. وقال: ماذا تعنين يا آنسة؟..
قالت وعد وقد ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها ونظرة السعادة واضحة في عينيها وهي تلتفت الى طارق: انا هي وعد عادل..
-حسنا وما رأيك فيما يقوله هذا الشاب؟..
اومأت براسها وقالت: انه من اقاربنا بالفعل..
صمت حارس الامن للحظات ومن ثم قال: ما دام الامر كذلك.. فيمكنك الدخول يا سيد..
ابتسم طارق وقال: الم اقل لك منذ البداية انني من اقاربهم بالفعل؟..ولكنك تفضل الطرق المعقدة..
ومن ثم التفت الى وعد ليقول: هيا بنا يا وعد..
تطلعت له وعد بنظرة لهفة وفرح وقالت بهمس: لقد جئت..
اسرع طارق يقول للجمع الموجود بالمكان: لقد انتهت المشكلة يا سادة.. يمكنكم المغادرة..
ومن ثم جذب وعد من معصمها معه وقال بحنان: لم اكن استطيع ان اخلف بوعدي لك.. لقد وعدتك ان آتي من اجلك.. وها انذا هنا..
قالت وعد بحيرة: ولكن الاستاذ احمد قال انك اخبرتهم بعدم حضورك..
التفت لها وقال: لقد كنت افكر في عدم القدوم بالفعل.. ولكن لم استطع ان افوت علي فرصة ان اراك للمرة الاخيرة..
قالت وعد بدهشة: ماذا تقول؟.. لا يوجد مرة اخيرة يا طارق..
- ماذا تعنين؟..
دلفا في تلك اللحظة الى الصالة الرئيسي.. فجذبت معصمهامن كفه وعقدت ساعديها امام صدرها لتقول: لو اجبت على احدى مكالماتي.. او على الاقل قرأت احدى رسائلي القصيرة .. لفهمت ماذا اعني..
سمعت وعد بغتة صوت فرح يأتيها من الخلف وهي تقول بحنق: كيف تذهبين وتتركيني؟..
قالت وعد مبتسمة: المعذرة.. لقد نسيت انك كنت معي..
قالت فرح متسائلة: ماذا حدث؟..
لم يهتم طارق بسماع ما دار بينهما من حديث..بل االتقط هاتفه في سرعة.. وقام بفتحه ليجد اربع رسائل لم يقرأها وكلها من وعد..واخذ يقرأ الرسلة الالى في لهفة والتي كانت تقول (لماذا لا تجيب يا طارق؟.. لم اكن اعلم بالامر.. اقسم لك.. لقد حدث كل شيء دون ان اكون على علم به.. صدقني انا لا ارغب بالزواج من ابن عمي..لا ارغب بذلك.. ارجوك اجب)..
تطلع لوعد لبرهة والتي كانت تتحدث الى فرح..وواصل قراءته للرسالة الثانية..(طارق لقد انتهى كل شيء تقريبا .. ابن عمي غير موافق على الزواج بي ايضا بهذه الطريقة ومادمت غير قابلة لهذا الزواج.. وسوف يقوم باقناع الجميع بالتراجع عن هذا القرار )..ردد طارق في نفسه قائلا: تقريبا فقط..الم ينتهي الامر نهائيا يا وعد؟.. ولكن علي ان لا استعجل الامور.. وانتظر حتى النهاية..
وفتح الرسالة الثالثة والتي كانت تقول ( طارق.. لقد انتهى الامر.. لقد الغي هذا الزواج بأكمله..وانا حرة نفسي منذ الآن.. فقط اجب على مكالماتي حتى لا نحيا كلانا في هذا الالم)..
ارتسمت ابتسامة مليئة بالسعادة على شفتي طارق.. وهمس قائلا بفرحة: واخيرا .. واخيرا انتهى هذا الكابوس.. واخيرا يا وعد..
كاد ان يردد هتافه بصوت عالي ولكن تمالك مشاعره.. واسرع يفتح الرسالة الاخيرة..وكانت هذه هي كلماتها ..( لقد قلتها لي مرارا يا طارق.. وطلبت مني قولها مرات عديدة.. وكنت دائما اتهرب.. ولكن لم يعد هنالك مبرر لاخفاء هذا الامر اكثر.. لو اردت اعترافا مني يا طارق .. فها انذا اعترف لك.. بأني احبك.. لن اكون لسواك يا طارق.. لن اكون.. لانك حلم حياتي)..
ردد طارق بخفوت: حلم حياتها..
وسرعان ما تذكر عبارة احمد له حين قال: مهما حدث .. فلا تستسلم بسهولة.. وتترك حلمك يضيع من بين يديك..لا تتخلى عنه وتهرب .. بل واجه الواقع وقاتل من اجل تحقيقه.. لانه ..حلم حياتك..
وابتسم طارق مغمغما وهو يعود للواقع ويتطلع الى وعد بسرور ممزوج بالحب متحدثا الى نفسه: اجل يا وعد.. لن اهرب مرة اخرى.. بل سأواجه هذا الواقع.. وسأقاتل من اجل تحقيق حلمي.. لانه حلم حياتي بأكمله..
والتفتت له وعد في تلك اللحظة عندما انتبهت بأنه يتطلع اليها وقالت بحيرة: ما الامر؟..
صمت ولم يجبها.. واكتفى بأن يرسم على شفتيه ابتسامة حانية..في حين قالت فرح في تلك اللحظة هامسة لوعد بخبث: لم اكن اعلم من قبل ان زملائك بالصحيفة بمثل هذه الوسامة..
قالت وعد في ضيق: كفي عن هذا..
لكزتها فرح بمرفقها وقالت بمرح: استطيع ان اقسم انك معجبة به.. بل وربما اكثر من ذلك.. وهو ايضا يبادلك تلك المشاعر.. انظري اليه كيف يتطلع اليك..
اختلست وعد نظرة الى طارق ومن ثم قالت: ليس هناك شيء مما قلته..
قالت فرح وهي تغمز بعينها لها: ان كان الامر كذلك.. فعرفيه علي اذا..
قالت وعد في غيرة واضحة:فرح.. ماذا تقولين؟.. هل جننت؟..
ضحكت فرح بمرح وقالت: لقد كشفت نفسك بنفسك يا فتاة.. انا لم اجلب شيئا من عندي.. ها انتذا تغضبين لاني اردت التعرف عليه فقط..
قالت وعد مكابرة:اني اتحدث عنك.. فمن الجنون ان تطلبي ان اعرفك على شاب ما..
غمزت فرح بعينيها مرة اخرى وقالت: انا اعلم ما تعنينه.. والآن سأترككما لوحدكما.. عن اذنك..
ما ان ابتعدت فرح قليلا عنهم.. حتى فوجئت وعد بطارق يميل حوها ليهمس في اذنها قائلا: وانا ايضا احبك..
خفق قلبها في قوة.. وتصاعدت دماء الخجل الى وجنتيها لتلتفت لطارق وتقول بارتباك: ماذا تعني؟..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي طارق.. وامسك الهاتف بقبضته ليضعه امامها ويقول: هذا..
ادركت ما يعنيه على الفور..فاطرقت برأسها في خجل..وهي تشعر بدقات قلبها المتسارعة.. وازدردت لعابها بارتباك.. فقال طارق بابتسامة حانية: ليتني لم اجب على مكالماتك منذ زمن اذا..
اشاحت بوجهها عنه لتخفي ارتباكها ومن ثم قالت: لقد كنت قلقة عليك لأنك لم تجب على مكالماتي الليلة الماضية .. لهذا فقد ارسلت تلك الرسالة الاخيرة لعلها تذيب اصرارك على عدم الاجابة علي.. ولكنك.. لم تفعل..
تنهد طارق بحرارة ومن ثم قال: لو تعلمين يا وعد.. اني قضيت بالامس اسوأ ايام حياتي.. لقد رفضت الاجابة على الجميع ولم آبه بالنظر الى الهاتف حتى.. لهذا لم انتبه الى أي من رسائلك.. لقد كنت على حافة الانهيار يا وعد.. ولقد شعرت اني افقدك الى الابد.. بقرار تزويجك هذا.. كنت اعلم انه لا شأن لك بالامر.. ولكن.. قلت ما قلته لك بالامس حتى ارى ما ستفعلينه.. هل ستوافقين على هذا الزواج.. ام ستسعين لرفضه وانهائه؟..
واردف وهو يتطلع اليها بحب: ولقد فعلت ما كنت اتمناه لقد رفضت هذا الزواج وانهيته.. من اجلي..
هزت وعد رأسها وقالت: الفضل يعود لابن عمي.. لقد ساعدني بحق في انهاء هذا الزواج.. وربما لولا مساعدته هذه لما استطعت اقناع عمي بالتراجع عن قراره..
عقد طارق حاجبيه وقال بشك: ولكني سمعت من والدك ان ابن عمك هو من لمح للزواج بك.. فلماذا اذا يسعى لانهاء هذا الزواج..
تطلعت له وعد بصمت.. لا تستطيع ان تخبره انه قد فعل هذا لانه يحبها.. ويتمنى رؤيتها سعيدة.. لا تستطيع ان تخبره انه قد ضحى بحلمه بالزواج منها عندما انهى امر هذا الزواج.. وكل هذا من اجلها..لا يمكنها ان تخبره بذلك حتى لا تزيد من ضيقه وخصوصا بعد كل ما حدث..
واسرعت تقول مديرة دفة الحديث: الن تأتي للمباركة لابن خالي يا طارق؟.. هيا فسأعرفك عليه..
قالتها وادارت له ظهرها وهي تهم بالابتعاد عنه ولكن امسك طارق بمعصمها بغتة ليوقفها.. وقال بابتسامة غامضة: لا.. هناك امر اكثر اهمية يجب علي ان افعله..
التفتت له وتطلعت اليه بحيرة فأردف: ولن اجد افضل من هذا الوقت لكي افعله..
قالت بغرابة: وما الذي تود ان تفعله؟..
اتسعت ابتسامته الغانضة وهو يقول: خذيني الى والدك اولا.. وبعدها ستعرفين كل شيء..
توترت اطراف وعد وقالت بتردد: طارق.. انت لا تفكر في ان...
اومأ برأسه وقال مبتسما: دقيقة الملاحظة كما عهدتك يا وعد.. اجل انا افكر في ان اعيد طلبي على والدك من جديد..
ازدردت لعابها وتمتمت قائلة: ولكن الا ترى ان المكان غير مناسب لهذا..
- بل هو كذلك.. لقد خسرتك مرة يا وعد.. ولا اريد ان اخسرك مرة اخرى..
اطرقت برأسها في خجل وقالت: كما تشاء..
امسك بكفها وقال بحب: اذا خذيني اليه..
سارت الى جواره وهي تصحبه الى والدها قائلة: اتعلم.. لقد ادهشتني بما فعلته حتى تستطيع الدخول الى الحفل دون بطاقة دعوة..
قال مبتسما: انسيتي انني صحفي ويمكنني بسهولة ايجاد أي طريقة للدخول الى أي مكان..
تطلعت اليها وقالت: أأنت واثق من نفسك الى هذه الدرجة؟..
هز كتفيه وقال: انا لم آخذ لقب افضل صحفي بالجريدة عبثا..
ابتسمت وعد وقالت بمرح: ولو لم احضر اليك الى حيث حارس الآمن وقمت بالتأكيد على ما قلته..ماذا كنت ستفعل؟ ..
قال مفكرا: كنت سأتصل بك.. او سأجد حيلة اخرى لأدخل الىالحفل..وصدقيني لن اعدم الوسيلة.. اهم شيء كان لدي في تلك اللحظة ان اراك ولو لمرة اخيرة..
توقفت بغتة عن السير .. مما دعا طارق الى الالتفات لها وهو يقول متسائلا: ماذا هناك؟.. لماذا توقفت؟..
هربت بنظراتها حتى لا يلحظ توترهاوقالت: انه هناك.. يمكنك الذهاب اليه لوحدك..
تطلع طارق حوله بحثا عن والد وعد وقال عندما رآه: حسنا وما الذي يخيفك لو جئت معي؟..
حاولت السيطرة على ارتجافة اناملها وهي تقول: طارق ارجوك.. اذهب اليه وحدك.. وسأنتظرك هنا..
ضغط على كفها بحنان وقال: بل سنذهب معا..
التفتت له ووجدت نفسها تنظر الى عينيه بامعان.. وكأنها تريد قراءة ما يجوب بداخله.. لم ترى برودا هذه المرة.. لم ترى حزما او صلابة.. كل ما رأته في تلك اللحظة كان دفئا وحبا وحنانا.. شعرت بأن عيناه تحتويها بداخلهما.. وان لمسة كفه تبثها الامان الذي تنشده.. ووجدت نفسها تقول بشرود: اجل .. سنذهب معا..
ابتسم وسار الى جوارها حتى وصل الى حيث والدها وهنا قال: اهلا يا سيد عادل..
التفت والد وعد اليه وقد غمرته الدهشة عندما شاهدطارق في هذا الحفل.. ولكن دهشته خفتت تدريجيا عندما رأى وعد الى جواره.. فأدرك حينها ان وعد هي من دعت طارق بنفسها الى هذا الحفل.. وابتسم بحنان ابوي وهو يحدث نفسه قائلا: يبدوا انه يعني لها الكثير هي ايضا.. اشعر بالندم لاني حطمت تلك السعادة التي اراها في عينيها الآن وهي معه في المرة السابقة..
وقال متحدثا الى طارق: اهلا استاذ طارق.. كيف حالك؟..
قال طارق وهو يمد يده لمصافحته: بخير.. ومبارك حفل الخطبة هذا..
قال والد وعد بلهجة ذات مغزى: أشكرك..واتمنى ان ابارك انا لك عما قريب..
فهم طارق ووعد ما يرمي اليه والد هذه الاخيرة.. فارتسمت ابتسامة على شفتي طارق.. بينما توردت وجنتي وعد وهي تحاول ان تهرب بنظراتها بعيدا لتستقر على أي شيء..وقال الاول: يبدوا ان هذا سيكون قريبا اذا حدث ما اتمناه باذنه تعالى ..
واردف بصوت حاول ان يجعله حازما قدر المستطاع: سيد عادل.. اني اكرر مطلبي.. واطلب الزواج من وعد.. فما هو رأيك؟..
صمت والد وعد لدقيقة كاملة بدت لطارق ووعد وكأنها ساعة كاملة.. وتوترت وعد وهي تنتظر قرار والدها بترقب ولهفة..في حين لم يستطع طارق اخفاء توتره وهو ينقل بصره بين وعد ووالدها بين الحين والآخر.. واخيرا تحدث هذا الاخير قائلا: لقد اخفيتي عني يا وعد اعجابك بشاب ما.. واخفيتي عني انه يود الارتباط بك ايضا..
اسرعت وعد تقول بلهجة قلقة ومضطربة: لم اكن اعلم شيئا عن امر الارتباط هذا يا والدي.. لقد جاء طارق بنفسه اليك يومها دون ان اعلم بهذا الامر..
قال والدها وهو يرمقها بنظرة حازمة : انا لم انهي كلامي بعد.. لقد كنت دائما المدللة في المنزل.. تفعلين كل ما يحلو لك.. لهذا...
بتر عبارته ونقل بصره بين طارق ووعد قبل ان يردف بابتسامة: لهذا لن استطيع الا الموافقة على طلبك يا طارق.. وانا ارى كل هذه السعادة في عيني ابنتي..
تطلعت وعد الى والدها في عدم تصديق ومن ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة.. وكادت ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان مال والدها نحوها وقال : طبعا هذا ليس قبل موافقة العروس نفسها.. هه.. ما رأيك يا وعد؟.. هل تقبلين بالزواج من طارق؟..
ازدردت وعد لعابها.. وظلت صامتة وهي تشعر بالحروف تهرب من على لسانها.. وان كانت تشعر بقلبها يكاد يرقص فرحا بعد موافقة والدها.. والاقتراب من تحقيق حلمها.. وسمعت والدها يقول في تلك اللحظة: احيانا يكون الصمت علامة للموافقة.. ولكن احيانا اخرى ربما يكون للرفض.. والا ما رأيك يا طارق؟..
قال طارق بابتسامة واسعة: انا معك في هذا..
اتسعت عينا وعد.. ماذا يقولون؟.. أي رفض هذا بعد ان لم يعد على تحقيق احلامي سوى خطوة واحدة؟.. كيف ارفض وانا ارى اني على وشك لارتباط بمن احب وبمن تمنيت؟ .. كيف ارفض وفارس احلامي الذي حلمت به منذ صغري يطلبني للزواج .. كيف؟..
واسرعت تقول: لا لست ارفض..
ضحك والدها قائلا: اذا فهذا معناه انك توافقين..
تنبهت للتو على الموقف الذي وضعها فيه والدها..وارتبكت بشدة.. والتفتت الى طارق لتراه يضحك بدوره .. فقالت بحنق: كفا عن الضحك..
قال طارق بمرح: وان لم افعل..
قالت بعصبية: بل ستفعل والا ...
- والا ماذا؟..
وجدت نفسها تقول بدلال: سأرفض الزواج بك..
قال بابتسامة واسعة: لن تستطيعي..
قالت في سرعة: بل استطيع..
همس قائلا: بل لن تفعلي.. لانك تبادليني مشاعري..
قالت مبتسمة: هل تراهن؟..
اومأ برأسه وهو يرسم على شفتيه ابتسامة سعيدة.. فقالت وعد مردفة بمرح: كسبت الرهان اذا..
ومن مسافة بعيدة بعض الشيء.. تطلع اليهما ذلك الشاب وقال وهو يتنهد بحرارة: يبدوا ان املي في ان تكوني لي يا وعد.. قد انتهى تماما..ولكن حسبي الآن ان ارى هذه السعادة في عينيك.. وهذه الابتسامة على شفتيك..واتمنى من كل قلبي.. ان تعيشي في سعادة .. مع من اخترتيه بنفسك.. اما انا.. فيبدوا اني سأبدأ مشوارا لحياة جديدة منذ هذه اللحظة ...
*********
(لماذا كل هذا الضيق الذي اراه على وجهك؟)
قالها عماد وهو يتطلع الى ليلى بابتسامة هادئة واردف قائلا: الا يفترض ان تبتسمي لان الناس من حولك يتطلعون اليك في هذا الحفل؟..
قالت ليلى بغتة: لماذا كنت مهتما بها؟..
- من تعنين؟..
قالت بحدة: وعد ..وهل يوجد سواها؟..
قال وشبح ابتسامة على شفتيه: وهل هذا ما يضايقك؟..
قالت ليلى وهي تلتفت عنه: الم تكن الفتاةالتي تريد ان تتزوجها لاعجابك بها؟..
امسك بذقنها وادرا وجهها اليه ليقول برقة: انت قلتيها بنفسك.. مجرد اعجاب ولا شيء آخر.. وها انذا ارتبط بالفتاة التي لم ولن احب سواها..
تطلعت اليه وقالت : ولكنك كنت مهتما بها كثيرا..
قال في هدوء: لانها ابنة عمتي.. وكنت سأهتم بفرح او هشام بالقدر ذاته..
واردف بابتسامة: ثم لم اكن اعلم من قبل انك غيورة الى هذه الدرجة..
- لست كذلك.. كل ما في الامر انك كنت تود الارتباط بهذه الفتاة .. لهذا فأنا...
قاطعها عماد قائلا: لهذا انت تخشين ان تشغل تفكيري وانسى خطيبتي الموجودة الى جواري..اليس كذلك؟..
مطت شفتيها دون ان تجيب فقال وهو يميل نحوها قليلا ويمسك بكفها: كيف تفكرين في امر كهذا هذا وقد تأخرت من اجلك؟..
رفعت حاجبيها في عدم فهم وقالت: تأخرت من اجلي انا؟..
اومأ برأسه ايجابيا..وقال وهو يضع احدى كفيه في جيبي سترته: اجل.. فلقد قمت بشراء شيء ما لأجلك.. ولكني كنت مستعجلا في مغادرة المنزل لهذا فقد نسيته هناك.. وفي اللحظة التي كنا قد اقتربنا فيها من صالة الحفل.. تذكرت اني قد نسيته.. وجعلت هشام يعود الطريق بأكمله من اجل هذا الشيء..
اتسعت عيناها بدهشة ومن ثم قالت بحنان: هل فعلت هذا حقا؟..
اومأ برأسه ايجابيا.. فالتفتت عنه وتوردت وجنتاها بحمرة الخجل قبل ان تقول: حسنا وما هو ذلك الشيء الذي كلفك مشقة العودة من اجله؟..
اخرج كفه من جيبه ببطء ومن ثم قال وهو يرفعها لتكون في مواجهتها: هذا..
وفرد راحته لتتدلى تلك السلسلة الذهبية التي اخذت تتلألأ على اضواء القاعة القوية.. وتدلى في نهايتها ذلك القلب الذهبي.. وتطلعت ليلى الى السلسلة في دهشة .. قبل ان تلتفت الى عماد وتقول: هذا لي؟..
أومأ برأسه بابتسامة واسعة وقال: لقد اخترته بنفسي..واتمنى ان يعجبك..
قالت بامتنان: بكل تأكيد.. انه رائع .. اشكرك..
ولاحظت في تلك اللحظة ان هناك كلمة محفورة على سطح ذلك القلب.. فالتقطته قائلة: دعني اره للحظة..
وهنا استطاعت ان تقرأ ما كان محفورا عليه.. لقد كانت كلمة واحدة فقط..(احبك).. ولكنها تغلغت في مشاعرها واثرت في نفسها اشد التأثير..ووجدت اصابعها ترتجف بالرغم منها وهي تطلع الى القلادة..والتفت اليها عماد ليقول بقلق: ليلى .. ماذا بك؟..لماذا ترتجفين؟..
التفتت له لتقول بصوت متقطع من شدة التأثر: اشكرك يا عماد..
ارتفع حاجباه بحنان وغمغم في همس: اتبكين يا ليلى؟..
شعرت لتوها بالدموع التي ترقرقت في عينيها فأسرعت تمسحهابأناملها قبل ان تسيل على وجنتيها.. وقالت بعد برهة من الصمت: لا.. انها دموع الفرح.. فلم يسبق لأحد ان اهتم بي على هذا النحو..
تطلع اليها وقال وفي عينيه نظرة حنان وحب: ليلى سأكون كل شيء لك في هذا العالم.. انا زوجك.. وسأبقى الى ابد الدهر احيطك بحبي وحناني..انت حبيبتي وزوجتي يا ليلى.. كيف لا تتوقعين ان اكون مهتما بك..
قالت ليلى وهي تطلع الى عماد بفرح: اشكرك يا عماد.. لو تعلم كم خففت عني كلماتك هذه..
قال في وهو يلتفت عنها ويتطلع الى جهة ما: ثم يا عزيزتي الجميع مهتم بك.. وليس انا وحدي.. لقد حضرت والدتك الى هذا الحفل.. وكذلك والدك..
قالت ليلى في سرعة: ابي هنا.. لقد ارسلت له بطاقة دعوة ولكن ظننت انه لن يحضر..
قال عماد مبتسما: عزيزتي الجميع مهتم بك.. الجميع..
تطلعت الى حيث يقف والدها ورأته يبتسم لها بحنان وسعادة.. فقالت مبتسمة: معك حق..
ومن ثم قالت وهي تلتفت الى عماد: يبدوا انه كان مهتم بي طوال الوقت ولم انتبه.. كنت دائما اتمناه الى جواري.. واشعر انه قد قصر في حقي عندما انفصل عن والدتي وترك المنزل.. ولكنه كان يتابع اخباري..لقد قال لي ذات مرة عندما جاء لزيارتنا ان كان العمل الجديد جيد او لا.. وانا لم انتبه اني لم اخبره أي شيء عن العمل.. الا بعد فترة.. ان والداي مهتمان بي .. وليس كما كنت اظن..
قال عماد موافقا: الم اقل لك..
- ان هذا اليوم هو اسعد ايام حياتي حقا..
قال عمادا بحب: وانا كذلك يا ليلى..
سمعا بغتة صوت والدة عماد وهي تتقدم منهما قائلة: عماد..
التفت لها عماد بتساؤل.. فأردفت قائلة بابسامة: هيا انهض انت وعروسك.. فسترتديان خانما الخطوبة الآن..
التفت عماد الى ليلى التي تطلعت اليه ..فابتسم بهدوء وهو ينهض واقفا.. ووقفت ليلى بدورها..وهنا منحت والدة عماد كل منهما علية على شكل وردة حمراء.. وضع في كلتيهما خاتم الخطوبة..
ومن بعيد ابتسمت وعد وقالت في سرعة: طارق اسرع سيرتديان خاتم الخطوبة..
تقدم طارق الى حيث تقف وقال مبتسما: ولم انت مستعجلة هكذا؟.. سترتدين واحدا قريبا..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرهابحنق: مضحك جدا..
ومن ثم اردفت وهي تتطلع الى عماد الذي امسك بكف ليلى اليمنى ليلبسها الخاتم وقالت: اليس رائعا؟..
قال طارق مبتسما: من عماد؟..
مطت شفتيها قائلة: اجل عماد.. اليس رائعا؟..
قال وهو يومئ برأسه: معك حق..انه رائع بالفعل..
قالت بضيق: طارق لا تمثل علي دور الغير الفاهم لأي شيء.. انت تعلم اني اقصد الخاتم..
قال طارق وهو يلتفت لها: انه رائع .. ولكن صدقيني سترتدين ما هو اروع منه في حفل خطبتك..
قالت مبتسمة: اهذا وعد؟..
قال بتأكيد: اجل .. حتى وان كان هذا على حساب نفسي..
- سيكون على حساب ميزانيتك ايضا..
تطلع اليها طارق بحنان وقال: صدقيني يا وعد.. انا لم اعد اريد أي شيء في هذا العالم سواك.. لا تهمني كل كنوز العالم لو كنت سأحصل عليها من دونك..
التفتت وعد عنه ومن ثم قالت وهي تتطلع الى ما امامها بشرود: صدقني يا طارق.. لقد كنت حلما يراودني منذ الطفولة.. لقد حلمت بك كثيرا.. ان التقي بذلك الرجل الذي يمنحني حبه وحنانه.. ان التقي بذلك الرجل الذي يحميني من أي خطر..ان التقي بالرجل الذي يخفق قلبي لأجله..
وابتسمت وهي تلتفت الى طارق قائلة: ويبدوا ان الحلم قد اصبح حقيقة اخيرا...
**********
تنهد هشام بحرارة وهو يتطلع الى ماحوله.. ومن ثم قال بابتسامة شاحبة: حسنا..انها بداية حياتي الجديدة للبحث عن حب حقيقي هذه المرة..
ووضع كفيه في جيبي سترته واردف بشرود: ولكن .. هل سيكون حقيقيا هذه المرة حقا؟..
وما ان انهى عبارته حتى لامست انامله هاتفه المحمول الموجود بجيب السترة.. فأخرجه من جيبه وتتطلع اليه لبرهة قبل ان يقول: ستكون البداية منذ هذه اللحظة..وان لم افعل هذا الآن فأظن اني لن افعله ابدا..
تطلع الى ساعة معصمه التي اعلنت الحادية العاشرة تقريبا وهو لا يزال يجلس في حفل الخطوبة وقال: لا اظن انها نائمة الآن..
وابتسم بسخرية مستطردا: وحتى لو كانت كذلك.. لا بأس من ايقاظها من احلامها..
قالها واسرع يتصل بغادة.. واستمع الى الرنين المتواصل وهو يترقب اجابتها.. وعلى الطرف الآخر.. كانت غادة جالسة تتصفح احد الكتب بملل حين ارتفع صوت رنين هاتفها.. والتقطته من جوارها ومن ثم شعرت بالحيرة من هذا الرقم المجهول..وقالت متسائلة: هل اجيب ام لا؟..
تطلعت الى ساعة يدها ومن ثم قالت: لا اظن ان احدهم سيتصل بي في هذا الوقت الا اذا كان امرا مهما..
واجابت قائلة: الو .. من المتحدث؟..
جاءها صوت هشام قائلا: مر زمن طويل.. اليس كذلك؟ ..
ارتفع حاجباها بدهشة كبيرة بعد ان تعرفت على صوته.. وادهشها معرفته برقم هاتفها المحمول..ولكنها لم تلبث ان سيطرت على دهشتها..وقالت وهي تصطنع عدم معرفتها به: من المتحدث؟..
قال مبتسما: الم تعرفيني بعد يا آنسة؟..
قالت ببرود: من تريد يا سيد؟..
قال بسخرية: فارس..
ارتسمت بالرغم منها ابتسامة على شفتيها وقالت مكابرة: لا يوجد لدينا احد بهذا الاسم..
قال مبتسما: كيف لا وقد منحني هو هذا الرقم لأتصل به..
قالت بدهشة: هو من اعطاك هذا الرقم؟؟..
ضحك بسخرية وقال: اذا فهناك من يوجد بهذا الاسم حقا..
بهتت لوهلة ومن ثم قالت بحنق: ماذا تريد؟..ومن اين حصلت على رقم هاتفي؟..
قال بهدوء: لا يصعب علي ان اجد رقم هاتف من اصطدمت بسيارتي ذات يوم..
ومع انها كانت تشعر ببعض السعادة لاتصاله بها.. واهتمامه بايجاد رقم هاتفها.. الا انها لم تكن تريد ان تواصل هذا الامر مع هشام والذي لا تعرف نهايته.. انها حتى لا تعرف هشام بشكل جيد.. لا تعرف عنه الا القليل جدا.. ولهذا لا تريد ان تتبسط في الحديث معه ويجب ان تضع حدودا لها للتعامل معه..
وقالت وهي تصطنع الضيق: لم تخبرني بعد بما تريده..
قال مبتسما: الم تشتاقي لي ولسماع سخافاتي؟..
قالت ببرود: ومن يشتاق لسماع السخافات؟..
قال بثقة: انت.. وخصوصا اذا كانت مني..
قالت بحدة: يبدوا انك واثق من نفسك اكثر من اللازم.. ارجوك لا تتصل بي مرة اخرى.. لقد ظننت ان امرا مهما وراء اتصالك ولكن يبدوا انك لا تفكر الا في التسلية..
قال بغتة بجدية: اهذا ما تريدينه؟..
بوغتت بجديته وقالت متسائلة: ماذا تعني؟..
اردف وكأنه لم يسمعها: ان لا اتصل بك ابدا..
لم تعرف بم تجيبه .. ان عقلها يرفض ان تحادث شابا دون سبب ما.. ولكن مشاعرها تتمسك به وتتمنى ان يتصل بها.. لا تعلم لم هذا الشاب بالذات الذي انشغل تفكيرها به.. ولكن ... عليها ان تنهي هذا المر بأية وسيلة ..
وعاد هشام يكرر سؤاله: اترغبين في ان لا اتصل بك مرة اخرى حقا؟..
ازدردت لعابها في توتر ومن ثم قالت في سرعة وكأنها تخشى ان تتراجع: اجل..
تحولت جديته الى سخرية وقال: لن افعل اذا .. ما دام هذا ما تريدينه..
اتسعت عيناها وقالت في حدة: اتتعمد استفزازي؟..
قال مبتسما: ان اردت الحقيقة.. اجل..
عقدت حاجبيها بضيق ومن ثم قالت وهي تحاول السيطرة على اعصابها: سأغلق الخط الآن.. الى اللقاء..
قال وهو يضغط على حروف كلماته: هل استفزتك كلماتي بهذه السرعة يا آنسة غادة؟..
قالت بحنق: انها محض سخافات لا اكثر وانا لا يهمني ان...
بترت عبارتها بغتة..وانتبهت لهذا الامر للتو.. لقد نطق باسمها .. كيف عرفه؟ ..وقفز السؤال من ذهنها الى لسانها لتقول بغرابة: كيف عرفت اسمي؟..
عرف هشام انه اصاب الهدف ومنعها من اغلاق الهاتف.. وقال مبتسما: في الحقيقة .. لقد اجريت اتصالات عديدة عنك عن طريق رجالي و...
قاطعته بعصبية: واجهزة التصنت وكاميرات المراقبة.. اليس كذلك؟..
قال بدهشة مصطنعة: ما ادراك؟.. هل كنت تعملين معنا ولا اعلم؟..
قالت متسائلة بانفعال: اخبرني الآن من اين عرفت اسمي؟..
- سأقول ولكن بدون انفعال او غضب..
- حسنا.. قل ما لديك..
بلل هشام شفته بلسانه ومن ثم قال: في الحقيقة لقد جمعت بعض المعلومات عنك عن طريق رقم سيارتك..
قالت متسائلة بغضب: ماذا تقول؟..كيف سمحت لنفسك بأن تجمع المعلومات عني؟..
قال مبتسما: الم تقولي انك لن تغضبي؟.. ولكن سأخبرك بالسبب .. لقد اردت ان اعرف عنك المزيد ما دمت ترفضين ان تخبريني أي شيء عنك..
تملكها الاضطراب بغتة وخفت غضبها.. ووجدت نفسها تتسائل قائلة: ولماذا اردت ان تعرف المزيد عني؟..
قال بسخرية: لاني اردت ان اعرف هوية الفتاة التي صدمت سيارتي ..
قالت بحنق: هل تهمك سيارتك الى هذه الدرجة؟..
قال بابتسامة: بأكثر مما تتصورين..
قالت غادة وهي تمط شفتيها: اخبرني.. هل انت معتاد على التحدث باسلوب السخرية هذا دائما؟..
- تقريبا.. لم تسألين؟..
- لاني ضجرت منك ومن سخريتك..
اتسعت ابتسامته وهو يقول: حسنا سأنهي المكالمة اذا ما دمت قد اثرت غضبك بما يكفي لهذا اليوم..
- سخيف..
قال بهدوء: لا بأس سأقبل الاهانة مرة اخرى.. ليس لأجلك بل من اجل فارس..
ابتسمت وقالت: انت لا تعرفه حتى..
قال بثقة: سأعرفه ذات يوم.. لا تتعجلي الامور.. والآن الى اللقاء..
اغلق هشام الخط.. وشعر ببعض الارتياح.. ان غادة لا ترفضه كليا.. بل انها ترفض ان تكون لها صلة بشاب لا تعرفه جيداكما يبدوا.. انه يشعر بأنها معجبة به بالفعل.. ولهذا سيحاول ايجاد أي فرصة قادمة لمحادثتها.. لعلها تقبل به في حياتها...
******** |