عرض مشاركة واحدة
  #55  
قديم 08-21-2010, 03:23 PM
 
بعد الغياب/ الجزء الخامس والخمسون

#أنفاس_قطر#



سعود رمي موبايله على السرير
ونط يفتح أدراج التسريحة بسرعة وتوتر وجنون..
كأنه أصيب بما يشبه ماس كهربائي ينفض جسده بأقسى درجات الرعشة..

دانة اللي ارتعبت من شكل سعود اللي تغير 180 درجة
نطت وهي تسأل سعود بقلق: سعود انت ايش تدور؟؟ ومحمد بعيد الشر فيه شيء؟؟

سعود المتوتر والقلق والحزين واللي ضايع في انفعالاته: أدور جوازي.. وين راح؟؟ بأروح الحسا الحين..

دانة مثل اللي انضربت على رأسها صاحت برعب وهي تطيح على الأرض: خالد مع محمد.. العيال فيهم شيء سعود..؟؟ تكفى يا سعود علمني..

سعود طلع جوازه ورجع مكان مادانة طايحة على الارض ووقفها بقوة ..
وركز في عيونها مباشرة وايديه على أكتافها.. وهو يقول بتوتر وجدية: العيال إن شاء الله أنهم بخير..

اسمعيني يا دانة عدل.. أمي وخواتي أمانة في رقبتش لين نرجع..
عمرنا ماخليناهم انا محمد بروحهم.. لازم حد منا موجود..
والحين حتى خالد اللي كان ممكن أوصيه عليهم مهوب موجود..

أبي أحس أني وراي رجال في البيت لا تشغلين بالي عليكم
(سعود كان يتكلم في الوقت اللي عشرات الانفعالات تخطف دانة ووجهها وقلبها)

تكفين.. أمي لا تدري بشيء: أنا في الزام.. ومحمد عجبه الوضع في النعيرية وبيقعد يومين..

وعقب التفت سعود على موبايل دانة المحطوط على التسريحة
خذه ودقه شوي وعقب قال بنفس لهجته الجادة المليانة توتر: أنا سيفت رقم سواقنا سيد علي عندش، والحين أنا باعطيه فلوس وأنا طالع

أي شيء تبونه وصوه عليه.. هو رجال كبير وله سنين عندنا، أنا بأوصيه يقفل بيبان البيت الخارجية من برا.. قبل ينام.. ويفتحها الصبح

بس انتي تاكدي أنش قفلتي كل البيبان من داخل كل ليلة..

دانة برعب: سعود لا تخوفني عليكم.. وش السالفة؟؟ أنتم مطولين..؟؟

سعود باستعجال: إن شاء الله ماحنا بمطولين.. بس انا للحين ما اعرف الوضع هناك.. و هذي مجرد تنبيهات عادية..

وعقب طلع سعود بطاقة فيزا من محفظته وقال بجدية: خذي يا دانة، ولا تخلين شيء يقصركم لين اجي، بارسل لش رقمها السري مسج الحين..

دانة رجعت البطاقة وهي تقول بألم جارح: الخير واجد يا سعود
انت ليش تسوي كذا.. كانكم بتغيبون سنة
حرام عليك اللي تسويه فيني.. موتت قلبي والله العظيم

سعود بلهجة حزن وهو يفتح يد دانة ويسكر على البطاقة فيها: دانة تكفين ماعندي وقت للكلام..
مثل ماقلت لش.. انا تارك وراي رجال في البيت
خلي بالش من نفسش وامي وخواتي..
وما ابي حد يعرف عن أي شيء لحد ما اتصل فيش..

بعدها حب رأسها وطلع، وهو على الباب
قالت له دانة بحزن بلهفة بوجع: لا إله إلا الله..

سعود بحزن: محمد رسول الله..


****************


ماجد رجع أخته لبيتها..
وطلب يتكلم مع أم جاسم شوي..

أم جاسم لبست برقعها وجلالها، وقالت لنجلاء: خليه يتفضل..

كانت أم جاسم محرجة جدا ، كانت متوقعة إن ماجد يبي يعاتبها
وهي ما تقدر تلومه، مافيه رجال حر يرضى الضيم على أخته..

ماجد دخل وسلم، وقعد على الكرسي المقابل لام جاسم..
في الوقت اللي نجلاء انسحبت تشوف زوجها وولدها النايمين..

ماجد باحترام: أم جاسم طال عمر غاليج، وش تقولين فيني؟؟

أم جاسم بحرج: والنعم والسبعة أنعام.. ليت كل الرياجيل مثلك..

ماجد بنفس النبرة الجدية: يعني لو خطبت عندكم.. تزوجوني؟؟

أم جاسم باستغراب: بس ياولدي أنا ماعندي إلا بنتين كلهم متزوجات..

ماجد بلهجة خاصة: وبنت أخوج أحمد...

أم جاسم كحت: إذا أنت جاي تسوي ذا الحركة عشان أختك، ترى دلال ما تستاهل كذا.. دلال تستاهل رجّال شاريها..

ماجد بثقة: وانا شاري..
يعني يا أم جاسم.. أنا الرجّال العزابي اللي ماني بشاري
وجاسم الرجّال المعرس اللي يحب زوجته وعندهم ولد هو اللي شاري..

وربي اللي خلقني يا ام جاسم، أنه من مدح نجلاء لبنت أخوج أني نفسي انفتحت لها.. وتمنيتها صدق تصير مرتي..
إلا لو أنتي شايفتني ماني بكفو نسبكم..

أم جاسم باستنكار: إلا كفو ونص.. ودلال وين تلاقي مثلك..
بس يا ولدي عشان تكون على بينة، البنت لها 6 سنين متزوجة ماجابت عيال..
وماحد يدري العيب فيها أو في رجلها الله يرحمه..

ماجد بجدية: نجلاء قالت لي.. وانا قلت لج إني شاري..
أسألي البنت، لو وافقت علي.. مهرها في نفس اليوم عندكم.. وموعد العرس براحتكم..

أم جاسم بجدية: الموافقة إن شاء الله إنها بتوافق..
بس العرس على طول تتملكها وتأخذها لبيتك..
لأني أصلا ما أصريت أزوجها جاسم إلا لاني خايفة عليها من القعدة بروحها..
وإذا إن شاء الله كتب لكم نصيب مع بعض.. عرفت ليش أنا خايفة عليها كذا..

ماجد بتوتر(لحول وش ذا البلشة.. ما أسرع) : زين يا أم ماجد اللي تشوفونه..

نادي لي ولا عليج أمر على جاسم أتكلم معه بشكل رسمي


***************


نوف وعبدالعزيز ما ناموا إلا بعد ما اتصلوا في أبوهم عشرين اتصال..
عبدالله طمنهم عنه بس ماقدر يقول لهم كم يوم بيقعد..

في الوقت اللي جواهر كانت بتموت تبي تسمع صوته..
تبي تتأكد إن نبرة الحزن اللي غرقت أخر كلماته لها قبل يطلع واللي ذبحتها من الوريد للوريد تغيرت..

بتموت تبي تطمن عنه.. تشوف وضعه أشلون..

كانت على اعصابها وهي عارفة انه بيسوق هالمسافة كلها ووضعه النفسي على الحال اللي هو طلع بها..
ارتاحت شوي.. لما أكدت لها نوف إنه وصل بالسلامة..

جواهر متمددة على سريرها.. والنوم مجافيها..

الحزن يغزو قلبها من كل ناحية، ماتوقعت إن الوضع بينها وبين عبدالله ممكن يوصل لهذا الحال من التأزم وبعد ايام بس من زواجهم..

(لو كان حد قال لي قبل 5 ايام.. انه أنتي وعبدالله بيصير بينكم خلاف بيخليه يطلع من البيت، كان قلت: أبركها من ساعة، فكة منه ومن وجهه..

أشلون الحين حاسة كأن روحي فارغة وجرداء كصحراء قاحلة مثل الغرفة بدون حسه.. وصوته ورائحته..)

جواهر قامت من السرير، على الشماعة باقي غترة لعبدالله معلقة مابعد انغسلت..

خذتها جواهر بحنان.. ورجعت للسرير، لكن للناحية الي كان عبدالله ينام عليها، فرشت الغترة على مخدته، وحطت رأسها عليها...

خذت نفس عميق جدا من أعمق أعماق روحها وماضيها ومراهقتها وشبابها.. والباقي من عمرها..


وبكت..


***************


عبدالله على شاطئ الخور..
يجلس مقابل الشاليه على الشاطئ مباشرة..
الجو شديد الرودة.. يحمل نسائم بدايات يناير الصقيعية..

أشبه مايكون في جلسته بـ(مارس) رمز الحرب عند الرومان..

مارس الأسطورة.. محرك الحروب.. وآسر الحسناوات

يجلس على مقعده يبث شكواه الأسطورية للبحر، عل شقيقه اليوناني بوسايدون رمز البحر يرسل حورياته لانتزاع الحزن من قلبه..

عبدالله كان أسطورة حقيقية بوسامة أسطورية.. رماها حظها العاثر في حبائل أنثى أسطورية بحسن أسطوري..

وحينما تتواجه الأسطورتان ..
يحضر حزن أسطوري بنفس مستواهما.. بنفس عمقهما.. بنفس يأسهما..

عبدالله يجلس بلبس خفيف دون أن يخطر بباله انه يرجع للداخل لارتداء جاكيت يصد عن جسده العاري لسعات البرد القارصة..

(البرد سكن قلبي.. وش فيها لو سكن جلدي بعد!!!)

(تعبت ياعبدالله والله تعبت.. والله وجابت رأسك جواهر..
آه ياجواهر على قسوتك..
لهالدرجة قلبك أسود..
ماسمعتي: ارحموا عزيز قوم ذل..
هذا أنا وانتي..
حبك داس على كرامتي..
وأنتي تطاولتي على رجولتي..
والشرخ بيننا اتسع
ومسامحتك لي اصبحت حلم بعيد المنال
بعد الجنون اللي أنا سويته)


***************


الوقت قرب صلاة الفجر
سعود قرب من الأحساء
دانة نهائي ماتركته
تقريبا كانت تكلمه طول الطريق
وهو عشان كذا
ركب سماعة البلوتوث في أذنه
عشان يقدر يكلمها وينتبه للطريق..

سعود حاس بضيق نفسي غير طبيعي..حاس بثقل في روحه المرهقة من الخوف والقلق والفزع
يتصل على جوال محمد اللي يعطيه مغلق.. ومع كل اتصال لا رد عليه.. تزداد حالة سعود سوء على سوء
والرعب والقلق أتلفوا أعصابه اللي أصبحت مثل شعرة رفيعة على حد سكين مشحوذة بحدة..

رغم أن الفرق بينه وبين محمد 3 سنوات بس.. لكنه يحس أن محمد ليس مجرد أخوه.. لكن ولده.. مثل ما يحس إن الجازي ومها بناته..

وصل مستشفى الملك فهد بالأحساء.. وقف سيارته مايدري حتى وين وقفها..

ونط يركض بدون إحساس للطوارئ..
بعد ماقفل تلفونه اللي كان اصلا شحنه خالص..
مايبي دانة توتره لين يتأكد من وضع الشباب أشلون..

أول مادخل مع باب الطوارئ..

شاف محمد قاعد على الكراسي دافن وجهه بين إيديه..
وثيابه غرقانه دم..

وقتها سعود ماقدر يكمل..


انهار


وطاح على ركبه على بلاط المستشفى البارد..


#أنفاس_قطر#
__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!