عرض مشاركة واحدة
  #57  
قديم 08-22-2010, 12:38 PM
 
بعد الغياب/ الجزء السابع والخمسون

#أنفاس_قطر#


جواهر كانت مستغرقة في النوم
تحتضن تحت رأسها مخدة عبدالله المغلفة بغترته...

عبدالله المجنون الثائر الغاضب المحترق غيرة وغضب

يقتحم الغرفة بصوت مدوي وهو يصفق الباب بعنف وراه وهو يغلقه..

جواهر فزعت من الصوت
وكانت على وشك أنها تفتح عينها في نفس اللحظة اللي حست بملمس أصابع نارية تمسك عضدها العاري بعنف..
وتنتزعها من فراشها بقسوة
وصوته العميق الغاضب الثائر يصرخ بعمق وحشي: عطيني موبايلج بسرعة..

عبدالله ما انتبه لمكان نوم جواهر المتغير ومخدتها الحمراء المخططة.. لأن الغضب كان معميه..

في الوقت اللي جواهر كانت تحس بحرج شديد ومو قادرة تحط عينها بعينه..

وهي تدعو ربها وتتمنى أن عبدالله ما ينتبه هي أشلون كانت نايمة..



لكن دعواتها ما اُستجيبت.. وعبدالله انتبه..


ومع انتباهته المفاجئة: فلت يدها كأنما لسعته نار محرقة.. وتراجع بحدة..
وهو يشوف إن جواهر كانت نايمه على مخدته وغترته..

حس بألم حاد شديد العذوبة والجمال يغزو مشاعره.. يخترق قلبه كرمح سعادة مسنون.. ينسف مشاعره الثائرة في فضاءات من البهجة المتلاحقة

في الوقت اللي جواهر كانت تتمنى الأرض تنشق وتبلعها..
كانت تفرك إيديها بتوتر حاد قاتل.. وخجل أكثر حدة وقسوة..
وهي تشعر بنفسها كطفل قُبض عليه بالجرم المشهود.. طفل على وشك البكاء خجلا وألما عجز قلبه الصغير عن احتماله..

هل سبق لك أن مررت بلحظة شعرت فيها أنه لفرط تدفق مشاعرك وانفعالك.. تفضل أن تعتصم بالصمت
حتى لا تخونك مشاعرك وكلماتك وانفعالك؟؟
لأن كلمات الدنيا كلها بكل اللغات وكل القواميس لن تكفي للتعبير حتى عن جزء بسيط مما تشعر به..

هكذا كان عبدالله وجواهر..


جواهر لبست روبها وقررت تطلع من الغرفة..

عبدالله كان واقف في نفس مكانه كتمثال عظيم سُلبت منه الحياة ولكن لم تُسلب منه العظمة..
بصوت شديد العمق: جواهر وين بتروحين؟؟

جواهر وهي معطية ظهرها لعبدالله مو قادرة تطالعه من خجلها، بصوت خافت: عبدالله أنا محرجة بمافيه الكفاية.. خليني أطلع لا تحرجني زيادة..

جواهر طلعت..


في الوقت اللي عبدالله رجع يجلس على السرير مكان ماكانت جواهر نايمة، وهو يمسح مكانها بوجع حنون..

ومشاعر كثيفة تجتاحه بعنف.. مشاعر هو عاجز عن احتمالها أو تخيلها أو استيعابها..
مشاعر تهديه لاول مرة الفرحة بعد طول حرمان.. وهو من تعودت روحه على الحرمان الموجع


*****************



أذان الفجر أذن
عبدالله بعده قاعد في غرفته على نفس جلسته..
جواهر مارجعت..

والمشاعر العاتية تغتال عبدالله وتجرفه في دوامات عنيفة من الانفعالات العميقه..

عبدالله راح لغرفة عزوز يصحيه للصلاة..
ومر على نوف اللي كانت بتجن من الفرحة لشوفته..
ومالقى جواهر في غرفة أي واحد منهم..!!!

عبدالله وعزوز رجعوا من الصلاة.. كل واحد منهم راح لغرفته..

عبدالله كان يتمنى بوجع قاتل أنه يشوف جواهر
وفعلا لقاها في الغرفة تصلي..

في الوقت اللي جواهر كانت جات للغرفة عشان سجادتها وثوب صلاتها
وكانت تبي تصلي وتطلع قبل يجي عبدالله..
لأنها ماتبي تواجهه وهي متوترة من الاحراج بهذه الطريقة..
وهي حاسة بتيار مشاعر قوي يضغط عليها لدرجة الانهيار.. ولّده بعنف وشدة عاتية عودة عبدالله اللي أضناها الشوق له

جواهر سلمت من صلاتها.. وهي بتموت من الحرج أن عبدالله وصل قبل هي تطلع..

شالت سجادتها وثوب الصلاة معاها وجات تبي تطلع..

عبدالله مسك يدها بحزم حنون: جواهر وين بتروحين؟؟

جواهر وعينها في الأرض: بأروح لغرفة الضيوف الكبيرة بأنام هناك..

عبدالله بعمق آسر: وممكن أعرف السبب؟؟

جواهر بحرج: أنت عارف السبب..

عبدالله شد جواهر من يدها: تعالي.. خلينا نتكلم شوي..

جواهر غصبا عنها لقت نفسها تنجر لجلسة التلفزيون..
وعبدالله يجلسها بالقوة على الكنبة..
في الوقت اللي هو جلس على الكرسي اللي مقابلها

وقال بصوت عميق جدا: لهالدرجة تشوفين مشاعرج تجاهي شيء مخجل ومحرج لدرجة أنج تتهربين من مجرد النظر في عيني..؟؟؟
طالعيني جواهر..

جواهر اللي ماحبت عبدالله يحسها ضعيفة لذا الدرجة، رفعت عينها بتردد
لتغرق نظراتها الخجولة التائهة في نظرات عبدالله العميقة الوالهة..

عبدالله بذات العمق: أنا مازلت أنتظر جواب لسؤالي..

جواهر بصوت خافت: ماعندي جواب..

عبدالله برقة حازمة: ماعندج جواب الحين.. أو ماعندج جواب بالمرة؟؟

جواهر بخجل هادئ: عبدالله أنت أذكى من أنك تنتظر جواب على شيء أنت شفته بعينك..

عبدالله حس بإنفعالات حادة مثل بركان يلقي عبر فوهات روحه حمما متزايدة من السعادة الصافية اللي غمرت أحاسيسه المرهقة..

أحس كأنه كان مثل مسافر مبحر في لجة عميقة لا تنتهي من المحيطات المتصلة ...
مسافر وحيد على مركبه الموحش في رحلة مضنية استغرقت سنوات وسنوات
طالت رحلته القاسية بدون أن يلقى ميناء يرسو عليه..
فإذا به يفاجئ بأجمل موانئ الدنيا يبزغ فجأة أمام عينيه ويفتح ذراعيه له.. بعد أن يأس من النجاة.. واستعد لاستقبال الموت..

عبدالله قام من مكانه، وجلس جنبها وألف انفعال يهزه بكل عنفوان..
مسك يدها بحنان فياض/حنان يشبهه هو فقط..
وطبع في باطن كفها قبلة عميقة جدا.. أودعها كل لهفته ووجعه وشوقه وهو يقول بأمل موجع: يعني أصدق اللي شافته عيني؟؟

جواهر كل خلية في جسدها كانت ترتعش بعنف وانفعالاتها تجتاحها بلا هوادة، ويدها التي تعطرت بأنفاس عبدالله يرجعها لتعود للاستكانة بوداعة في كفه
كطفل رضيع عاد لاحضان أمه بعد طول غياب: صدق اللي أكثر منه بعد.. اللي أكثر بكثير


******************


دانة لها يومين مانامت
صارت خلاص على وشك الانهيار..

القلق ينهشها مثل ذئب مسعور.. يستمتع بطعم لحمها.. كل ما ينهش.. كل ما يحس بإزدياد السعار عنده.. فيعود للنهش الموجع دون رحمة..

صاح موبايلها، لقطته بكل لهفة الارض المؤلمة
كان رقم سعودي غريب عليها، لكنه ردت بسرعة ولهفة: سعود

على الطرف الآخر جاها صوت سعود المرهق: دانة..

دانة لما سمعت صوته.. خلاص انهارت القوة اللي كانت متسلحة فيها اليومين اللي فاتو.. وانخرطت في بكاء حاد..

سعود بحنان حمله لها صوته المتعب: حبيبتي ليش تبكين؟؟

دانة من بين شهقاتها: سعود تكفى طمني عليك.. وعلى محمد وخالد..

سعود بهدوء: كلنا بخير..

دانة بصوتها الباكي: ماني بمصدقتك أحلف لي..

سعود بهدوء متعب بالفعل: والله العظيم كلنا بخير.. اشلونش وأشلون أمي وخواتي؟؟

دانة وهي تحاول تتماسك: كلنا طيبين.. مانبي إلا شوفتكم..

سعود بهدوء: قريب ان شاء الله.. انا اتصلت ابي اطمنش وهذا تلفون رجال لازم ارجعه له..

دانة بلهفة: وتلفونك ليش مسكر على طول..

سعود: مافيه شحن، اول ما اشحنه باتصل لش..

سعود سوا اتصالاته بوزارة الصحة القطرية.. ومستشفى حمد عشان يرسلون طيارة طبية تشيل محمد وربعه...

لكن وضع سالم اللي كان في غيبوبة و كان مصاب بكسور متعددة وارتجاج حاد بالمخ منعهم لخطر الحركة عليه..

في الوقت اللي أصر محمد وخالد وجبر اللي رجعوا لوعيهم الكامل.. أنه ماحد منهم يتحرك من المستشفى لحد مايرجع سالم معهم..

سعود بعد ماشد حيله خذ شاحن من الممرضين وشحن تلفونه
وقرر يتصل في عمه.. وعم سالم.. وابو جبر.. عشان يبلغهم عن عيالهم اللي أكيد أنهم بيجنون عليهم الحين..



ابو علي كان خلاص قرب يستخف من القلق على سالم.. اللي تلفونه يعطي مغلق على طول..

في الوقت اللي منيرة جننته تسأل عن رجعة سالم عشان يطلقها..

قال لها ابوها عشان يسكتها: إن سالم بيطول شوي في السعودية.. واول مايجي بيطلقها..

أبو علي كان قاعد في مجلسه، القلق بيقتله..
وهو يحاول للمرة المليون يدق على موبايل سالم المغلق...

رن تلفونه، رد بهم: هلا..

صوت هادئ على الطرف الآخر: صبحك الله بالخير يابو علي..

ابو علي بقلق: صباحك أخير..

سعود بتوتر أخفاه تحت قناع هدوءه: أنا سعود بن سعيد الـ .. عرفتني طال عمرك؟؟

أبوعلي حس بمثل الطعنة في قلبه: بلى عرفتك مهوب انت اللي أخوك محمد رفيق سالم..
سالم وش فيه؟؟ هو كان متخاوي هو ويا أخوك للنعيرية؟؟ أدري أنه صار عليهم شيء..
قل لي بس سالم حي وإلا لا..؟؟
تكفى يا ولدي لا تفجعني..

#أنفاس_قطر#

__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!