بعد الغياب/ الجزء السابع والثمانون
#أنفاس_قطر#
دانة حست قلبها طاح برجولها.. ونبضات قلبها كطبول الحرب المجنونة
أشلون عرف سعود إنها هنا...
ماخططت أنه اللقاء يكون كذا.. جية سعود وهو معصب كذا بتخرب كل مخططاتها..
الحين أشلون بتفهمه سبب جيتها وراه هنا..
أكيد الحين معصب بجنون.. وماراح يسمح لها تشرح أو تتكلم..
مع كذا دانة خذت نفس عميق.. وهي مقررة إنها تحاول تسيطر على الامور..
فتحت الباب وهي بنقابها وبالطوها الأبيض اللي تلبسه على العباية المسكرة عشان تشوف وين سعود..
عشان تتفاجأ
بسعود
واقف قدامها..
سعود رغم قوة شخصيته.. إلا أن دانة بالذات.. كانت من تقلب كيانه فوق تحت.. وتخرجه خارج حدود أي سيطرة على تفكيره ومشاعره..وكأنه شخص آخر..
دانة نط قلبها من مكانه وهي تشوفه واقف بحزم غاضب ببنطلونه الجينز الأزرق الباهت..
البلوفر الصوفي الكحلي بخطوطه السماوية وفتحته المثلثة اللي يبرز خلالها مثلثي جيب القميص السماوي الداخلي المفتوح
في أناقة على الطريقة البريطانية الارستقراطية العتيدة
شعره القصير المرتب دائما.. عارضه الخفيف المحدد باستقامة كاستقامة المسطرة..
شكله الانيق الرايق كان أبعد مايكون عن تصرفه وغضبه الناري وجنونه..
سعود دفها من صدرها لداخل الغرفة اللي هي طلعت منها وقفل الباب وراه..
سعود بغضب مدمر كاسح: وصلت بش المواصيل أنش تطلعين من الدوحة من غير ما أدري..
ومن غير أذني
كأني طرطور.. ولا لي حكم عليش..
لولا أني وعدتش أني ما أمد يدي عليش مرة ثانية..
وإلا والله العظيم اللي رفع السما بدون عمد.. كان شفتي شيء عمرش في حياتش كلها ماشفتيه..
دانة بتوتر ورجاء: سعود خلني أشرح لك.. ماراح تفهم أسبابي وأنت معصب كذا..
سعود مسك عضود دانة وهو يهزها بعنف
وغضبه يتزايد لدرجة أنه ماعاد يشوف شيء قدامه: وش أفهم؟؟ وش أفهم..؟؟
أنش تبين تقهريني وتهينني..؟؟؟
ماكفاش أنش مشيتي شورش علي في الدوحة.. ورحتي للشغل هناك وأنا ماني براضي...
جايه وراي هنا عشان توريني أنش تمشين شورش في كل مكان...
أنتي مافي وجهش حيا.. ولاعندش ذرة احترام للرجّال اللي اسمه رجّالش..
ماراح أقول مافي قلبش ذرة حب.. لأن هذا شيء أنا غسلت يدي منه وأنا في الدوحة
لكني كنت أظن أن الاحترام مستمر بيننا.. وانش محافظة على احترامي كزوج لش..
دانة كانت تستمتع لرشاش الكلمات القاتل المنساب من بين شفتي سعود.. وكل كلمة تذبحها ألف مرة (والله أنك فاهم غلط ياسعود.. عطني فرصة أشرح لك.. تكفى.. بس فرصة)
سعود كان مستمر بكلامه المنثال بذات الغضب الأعمى اللي حركه في داخله خليط مدمر من المشاعر..
الغيرة الهادرة.. والقهر المر.. وإحساس الحب الضائع.. والاحساس بالاهانة المزعومة:
لكن اليوم هنا أنتي كشفتي لي أنه حتى احترامش لي معدوم بعد ما أثبتي لي في الدوحة أنه حبش لي معدوم..
زواج بدون حب واحترام.. مستحيل يستمر..
سعود بنفس الغضب المدمر المر:
أنتي طالق يادانة
استمتعي بشغلش اللي أنتي بديتيه على احترامش لي
واستمتعي بقلبش اللي أنتي استخسرتيه فيني..
وبما أنش خلاص وصلتي للي تبينه.. ترجعين للدوحة الليلة فورا وبدون نقاش
وحساب خالد بيكون معي لما أرجع الدوحة..
سعود قال كلمته أو سوى جريمته وطلع..
هو يترك قلبه ينزف وراه طوفان دم
وروحه تغادره مع كلمة (أنتي طالق)..
سعود خرج وهو جسد بدون روح بكل معنى الكلمة..
بينما دانة تتحول لمخلوق هلامي بلا كيان.. لا جسد.. ولا روح
******************
سالم قطع الصمت بتساؤل: منيرة.. الجامعة مهيب بدت؟؟
منيرة بتردد: بلى بدت..
سالم باستغراب: وانتي ليش ماداوامتي للحين؟؟
منيرة سحبت نفس عميق وقالت بهدوء: لأني انسحبت من الفصل الدراسي الحالي..
سالم نط واقف وهو يهتف بغضب: وليش انسحبتي؟؟
منيرة بلعت ريقها: ماأبي أدرس الفصل هذا.. أبي أريح شوي.. تعبت من الدراسة..
سالم بألم: تعبتي من الدراسة وإلا عشان تقعدين مع الأعمى؟؟
منيرة بألم حاد: حبيبي تكفى لا تقول كذا..
سالم رجع يجلس على الكنبة اللي كان جالس عليها وهو يقول بهدوء مغلف بنبرة حزن غامرة: إذا حبيبس مثل ماتقولين.. تروحين تداومين في جامعتس..
لأول مرة يكون متقبل قولتها له حبيبي.. منيرة قامت من مكانها وجلست عند رجوله على الأرض
وحطت رأسها على فخذه وهي تقول بحنان: خلاص حبيبي
الانسحاب صديقتي قدمته من زمان.. ووافقوا عليه خلاص..
بارجع الفصل الجاي.. مهوب رايح شيء علي..
سالم مسح على شعرها بحنان: أنا آسف حبيبتي.. آسف.. لخبطت حياتس.. ودراستس.. حتى الآسف مايعبر عن اللي أبي أقوله..
لأول مرة يقول حبيبتي.. وهو قاصدها وبهذي الرقة والحنان
لأول مرة!!!!
حست منيرة بألم دافئ عذب جميل يغزو قلبها اللي أثقله الهجران والصد..
سالم خلاص تعب من صدها والقسوة عليها.. بينما قلبه يذوب فيها وعليها..
منيرة رفعت رأسها من فخذ سالم.. وقفت على ركبها..
قربت من سالم..
وطبعت قبلة عذبة ناعمة على ذقنه.. أودعتها كل مشاعرها المتدفقة بعنف
أنفاسها الدافئة القريبة وملمس شفايفها الناعمة على بشرته..
وتّر سالم بشدة.. ومشاعرة الرجولية العنيفة اللي تعب من كبتها ترتفع للحد الأقصى..
لكنه قال لمنيرة بصوت حنون ومتعب وهو يبعدها برقة عنه: منيرة تكفين.. تكفين.. لا تعيدينها..
أنا تعبان من قربس ومن لهفتي.. ومافيني أي قوة أقاومس..
منيرة برقة وخجل: وليش سالم تبي تحرمني منك.. وتحرم نفسك مني؟؟
سالم بألم: لأنس عندي شيء يتجاوز الجسد بمراحل..
في كل مرة حلمت فيها فيس.. كان استمتاعي بشوفة لمعة عيونس وارتعاش شفايفس هو متعتي الأكبر..
أي علاقة بيننا في وضعي الحالي.. بيكون اعتمادها على تنفيس شهوة جسدية عمرها ماكانت حلمي معس..
أنا عندي أمل كبير في الله سبحانه أنه يشفيني.. محمد بعث تقاريري لعدة بلدان.. وأنتظر رد بإمكانية علاج حالتي..
انتظري علي.. عشان أقدر أحقق حلمي معس مثل ما تمنيته طول عمري
أنا فعلا خلاص كل مقاومتي انهارت.. فأنتي ساعديني على نفسي..
منيرة ردت بخجل وصدق: إن شاء الله حبيبي.. أوعدك
رغم أن بداخلها ذات مشاعر سالم..
لوعة هادرة..
وشوق قاتل مكبوت..
********************
دانة قاعدة جنب خالد في التكسي اللي بيرجعهم للفندق..
دانة تعتصم بصمت مر..
دانة قررت أنها لن تبكي
ولن تطلق أسر دمعة واحدة حتى..
لأنها تعلم أنها لو سمحت لنفسها بالبكاء ستنهار انهيارا تاما نهائيا.. انهيارا لا تراجع بعده ولاعودة..
حزنها كان أكبر من البكاء .. أكبر من الألم..
أكبر من من الحزن ذاته..
أكبر من أي شعور يمكن تخيله لامتدادات الألم والوجع والجرح والوحدة وانسكاب الروح
كانت مجروحة بعمق.. مطعونة في عمق روحها النبيلة
مذبوحة من أقصاها إلى أقصاها
(وهنت عليك ياسعود؟؟!!
هانت عليك دانة؟!!
وهان عليك تقولها؟؟!!
هان عليك تقطع كل اللي بيننا
بكلمة..
هان عليك تذبحني
وتستمتع بشوفة دمي يسيل مع روحي قدامك)
خالد بقلق: دانة حبيبتي.. وش فيش؟؟ من طلعتنا من المستوصف وأنتي ساكتة بشكل يخوف...
دانة في جملة واحدة قاطعة حادة كنصل سكين مشحوذ: سعود طلقني..
**********************
الوقت بعد صلاة العشاء في بيت عبدالله..
جواهر وعيالها قاعدين مع بعض في الصالة اللي تحت في تجمعهم المسائي قبل العشاء..
جواهر بحنان : نوف..عبدالعزيز.. عندي لكم خبر..
عبدالعزيز بود: خير يمه؟؟
في الوقت اللي نوف رفعت عيونها المطفية لأمها بصمت..
نوف من بعد اختفاء أبوها.. ولمعة عيونها المرحة بهتت..
أحاسيسها مشوشة.. والناظر لها يحس كأنه في شيء فاقدته وهي قاعدة تدور له..
جواهر برقة وحب: بعد حوالي سبع شهور ونصف بيكون عندكم أخ أو أخت صغار..
عبدالعزيز قام بثقة وقبل رأس أمه ويدها وهو يقول بفرح: الله يتممه يمه.. وأخيرا بيكون عندنا طفل في البيت.. حالنا حال العالم..
في الوقت اللي نوف نطت وحضنت أمها بعنف.. وهي تبكي بهستيرية: سميه عبدالله يمه.. سميه عبدالله تكفين..
جواهر برعب قاتل وهي تحضن نوف: بسم الله على عبدالله.. لا تفاولين على أبوج.. أبوج بيرجع وهو اللي بيسميه..
(عندنا في عاداتنا.. ما يسمى الولد باسم أبوه إلا لو كان هذا الولد قد ولد بعد وفاة والده)
نوف مستمرة في بكاءها الهستيري: آه يبه.. آه.. وينك؟؟ لو أنت صدق عايش... وينك؟؟ وينك؟؟ وينك؟؟
جواهر وهي تشدد من احتضانها لنوف: هدي حبيبتي هدي.. أبوج بيرجع.. صدقيني بيرجع..
وهو لو يدري انج قاعدة تسوين في نفسج كذا بيزعل عليج.. وانتي عارفة..
عبدالعزيز كان معتصم بالصمت.. في الوقت اللي عبرة حادة تخنق روحه الشفافة..
***********************
بعد حوالي 5 أيام على طلاق سعود ودانة..
سعود ما أتصل إطلاقا بالدوحة خلال هذه الفترة.. رغم أنه كان يتصل خلال الفترة السابقة بشكل يومي بأمه ومحمد وخواته
ولكنه ما أتصل أطلاقا بدانة ولامرة عشان كذا ماعرف بسفرها..
أما خلال الأيام الخمسة الماضية فهو ما أتصل مطلقا بأي حد من أهله في الدوحة
ظنا منه أن دانة أكيد رجعت للدوحة..
والجميع أكيد عرف بخبر الطلاق..
وهو نفسيته في الحضيض ومو مستعد يسمع أي كلمة عتب أو لوم من أي أحد..
لأن ماحد منهم حاس بالنار الحارقة المستعرة في جوفه..
وعشان ماينشغل بالهم عليه من عدم اتصاله بعث مسج لمحمد أنه عنده في المعسكر شغل يمنعه من الاتصال..
كان يبي صدمتهم الأولى بخبرالطلاق تخف.. وعقب هو يتصل فيهم..
سعود كان راجع من المعسكر بعد ماخلص مناوبته للسكن
كان يخلع جزمته عند الباب..
ويسمع بوضوح أصوات الشباب يسولفون في الصالة..
عبدالرحمن بمرح: نايف أنت وش عندك في المستوصف؟؟ صاير تداوم هناك أكثر من دوامك في المعسكر..
نايف بعيارة: خلعت ضروسي كلها.. على أمل أنها تحن علي وتعالجني..لكنها حتى نظرة ماعطتني..
لا وأزيدك من الشعر بيت.. اليوم عطتني كف محترم..
نايف وهو يحط يده على خده: جعل خدي فداها.. بس ليتها تحن علي..
ونايف يتكلم ما أنتبه لقدوم الأعصار اللي أقتلعه من الكرسي اللي هو كان قاعد عليه..
ويرفعه عالي ويلصقه في الطوفة..
#أنفاس_قطر#