بعد الغياب/ الجزء السادس والتسعون
#أنفاس_قطر#
دانة قربت من مزنة وطلت معها من الشباك
حست أن قلبها بيوقف
بل قلبها توقف وعشرات المشاعر الصاخبة تعتصره بعنف
وهي تشوف الفيكسار الذهبي اللي كان يوقف في حوش بيتهم..
دانة تسمرت عند الشباك وعيونها تتركز على حركة سواق السيارة..
دانة حست بشعور عذب مر لذيذ جارح وهي تشوفه بعد مرور كل هذا الوقت..
أكثر شيء حز بخاطرها وآلمها لأبعد حد أنه كان نحفان شوي.. بين طوله أكثر مع نحافته الجديدة..
ثوبه الأبيض المنساب باستقامة على جسده ماقدر يخبي هذي النحافة..
سعود كان واقف عند سيارته بعد ماسكرها
كان اول شيء سواه أنه رفع عينه لشباك غرفة دانة غصبا عنه..
الشباك شباك عاكس
في النهار لا يظهر مافي الداخل
ولكن في الليل تظهر الخيالات من خلفه
جات عينه في عينها..
هو ماشاف عيونها لكن دانة شافته بوضوح
حست نظرته الحزينة مثل طعنة غائرة في صدرها
استغربت.. عمر سعود مارفع عينه..
لكنها تذكرت الدفتر..
وحست بخجل عارم يجتاحها وهي تتراجع بعنف في الوقت اللي شفايفه كانت تهمس بشيء.. هذا كله حصل في أجزاء من الثانية..
في الوقت اللي سعود لما رفع عينه
لمح الخيال الملاصق للشباك..
حس بالم عذب..دافئ
مازالت على نفس عادتها اللي ذكرتها في دفترها
همس: اشتقت لش حبيبتي.. والله ميت من شوقي لش..ميت
لكنه شاف الخيال وهو يختفي بسرعة..
حس بعذابه يتجدد
خذ نفس عميق
ودخل لمجلس عمه..
**********************
سالم كان متمدد شوي.. بعد مارجع من المسجد من صلاة المغرب..
من بعد ماتحسنت صحته.. مافوت صلاة في المسجد.. عنده عامل في المجلس الخارجي يوديه ويجيبه.. للمسجد الملاصق للبيت..
صار يقدر يتحرك في كامل البيت بروحه.. ومايحتاج أي مساعدة داخله.. صار يحفظ مكان كل شيء بدقة..
شغله ماعاد قدر يروح له.. وكّل مدير شركته بالتصرف..
بس كان فيه أشياء يستشيرونه فيه عن طريق التلفون..
بشكل عام ماعاد طلع من البيت إلا نادرا..
وبالتالي منيرة ماتطلع من البيت إلا معاه..
لكن ربعه محمد وجبر وخالد وخصوصا محمد كانوا تقريبا يمرون عليه عقب صلاة العشاء غالبية الأيام..
بينما طول اليوم يكون هو ومنيرة بس..
نهائي ماخطر بباله أنه يطلب من منيرة أنها توديه فوق
عقب اللي صار المرة الأخيرة..
كل مايتذكر الأيام اللي كانت ماتتكلم فيها وحالته وهو يرتجي حرف من شفايفها.. يحرّم حتى يذكر لها الطابق العلوي مجرد ذكر..
لكن هذا لا يمنع أنه هو شخصيا صار يحفظ الطريق فوق
ويطلع بنفسه كل يوم..
سمع صوت خطوات منيرة تدخل.. دخلت ساكتة تظنه نايم
سالم بحنان: هلا حبيبتي من وين جاية؟؟
منيرة كان نفسها تميل عليه وتقبل رأسه لكنها توجهت للتسريحة وهي تقول بعذوبة: كنت في المطبخ.. أقول للخدامة وش تجهز
عشان ربعك إذا جاءوا بعد العشاء..
سالم بنفس الحنان: الله لا يحرمني منس.. دايمة مبيضة وجهي..
منيرة وهي واقفة قدام التسريحة وتمشط شعرها وتقول برقة: وجهك دايما ابيض حبيبي..
سالم قعد على حيله وسألها : شتسوين؟؟
منيرة بنبرة اعتيادية: أمشط شعري.. تسبحت وأنت في المسجد.. ومابعد مشطته..
سالم وقف بثقة وتوجه للتسريحة بخطوات واثقة..
منيرة توترت.. سالم من بعد ماصار يدل في البيت ومايحتاج مساعدة.. وهو مايحبها تقرب منه..
يحب يكلمها وهم بينهم مسافة معينة..
سالم وصلها .. حدد مكانها بالضبط من صوت أنفاسها اللي بدأ بالتعالي..
وقف وراها بالضبط بهدوء
رأسها يصل لذقنه..
حط يديه على أكتافها
وهي بدأت بالارتعاش
وأنفاسها بالاضطراب..
وهي تشوف وجه سالم في المرايه..
وملامح وجهه اللي حملت تعبير غامض
سالم بعمق: وشفيس منيرة؟؟ خايفة مني؟؟
منيرة بصوت واطي متوتر: لا طبعا..
سالم بنفس العمق: زين ليش تتنافضين كذا؟؟
منيرة سكتت من الرهبة والخجل..
في الوقت اللي سالم رفع يديه عن أكتافها لشعرها المفكوك وهو يلمه بكفوفه بحنان
ويطبع على شعرها الغافي بين يديه قبلات حانية..
منيرة بدأ قلبها يدق بعنف غير طبيعي..
وهي ماتعرف خطوة سالم القادمة..
لكن سالم مثل ماحضر فجأة.. انسحب فجأة
وهو يفلت شعرها
ويخرج من الغرفة كلها
ومن البيت كامل للمجلس الخارجي..
منيرة لشدة انفعالها جلست على كرسي التسريحة
وانفعالها أكبر منها
ورجولها ماتقدر تشيلها
ماتعودت على هذي اللمسات من سالم
في الوقت اللي سالم
كان يغلبه انفعال أكبر
وحس أنه كان على وشك التهور
لولا أنه قهر نفسه بعنف.. وبقسوة
وقرر يطلع من البيت كامل
سالم حاسس أنه ماعاد قادر يستحمل أكثر من كذا حرمانه من منيرة
عشان كذا كان يفكر يسافر كم يوم
يرتاح شوي من الضغط النفسي اللي يحسه بقرب منيرة
وخصوصا أنه خلاص يشعر بقرب انهياره..
الانهيار اللي بيحرمه من متعة مرته الأولى وهو يتمتع بالنظر إلى وجه منيرة ...
******************
سعود قاعد في مجلس عمه..
هو اتصل في عمه أول ماوصل عشان يسلم عليه ويقول له أنه بيمره
عمه حلف عليه يتغدى عنده بكرة.. ويمر عليه عقب المغرب..
عمه سلم عليه بترحيب وحنان ودفء رغم أنه عاتب عليه عشان طلاقه لدانة
لكن أبو خالد كان يعز سعود بالذات أكثر حتى من خالد
ويصعب عليه إنه يجفاه أو يقسى عليه
والزواج مهما كان قسمة ونصيب
خالد سلم على سعود سلام بارد
وقعد على جنب.. وهو يبي يمسك على سعود كلمة
عشان يفضي حرته فيه..
أبوخالد يسأل سعود بود: أشلون كانت أوضاعك في لبنان؟؟
عسى كنت مرتاح؟؟
أنا خبري بلبنان في أواخر السبعينات قبل الحرب الأهلية.. رحت لها أنا وأم خالد عقب ماتزوجنا بكم شهر..
خالد هو اللي رد قبل سعود وهو يقول ببرود: زين يبه أنك ماوديت أمي لبنان ذا الأيام..
وإلا كان رجعتها لنا مطلقة..
سعود اللي فهم قصد خالد من النغزة سكت وماقال شيء
في الوقت اللي أبو خالد ألتفت عليه بحدة وقال: أعتقد أني ما سألتك يا أسود الوجه..
خالد رد بنفس البرود: يبه أنا بس خايف عليك يجيك الحالة اللي لبنان تجيبها للرياجيل المتزوجين.. وتخليهم يطلقون نسوانهم بدون سبب..
سعود اللي خلاص مو قادر يسكت.. قال ببروده الشهير المثير: هذا أنت قلتها: نسوانهم.. يعني أنت مالك شغل..
إذا أنت تزوجت لا تودي مرتك هناك...
ولا تخلي أخيها يجيبها وراك وأنت ماعندك خبر في شيء..!!!
خالد فهم نغزة سعود.. وكان بيرد لولا ان أبو خالد مسك يده بقوة وهو يقول : أذكروا الله ياعيال.. أذكروا الله
سعود قال بهدوء حازم: لا إله إلا الله
وأنا أصلا أستاذن
ربعي منتظريني في مجلسي ومحمد عندهم بأروح لهم..
رخصوا لي..
أبو خالد بود: وهو يسلم على سعود: لا تنسى غداك بكرة عندي
سعود قال بنفس الود:إن شاء الله.. وأنت وخالد لا تنسون بعد بكرة مسوي عشاء في الفورسيزونز عشان ترقيتي..
ولازم تكون معي قدام الرياجيل
أبو خالد بود كبير: إن شاء الله يا أبيك.. إن شاء الله
سعود طلع وركب سيارته..
عينه غصبا عنه اتجهت مباشرة لشباك دانة
كانت ستاير الشيفون منزلة
ولمح خيال يروح ويجي
ووخزات الألم في قلب سعود تتعمق..ببعد غائر
حرك سيارته في الوقت اللي وصلته رنة مسج..
قبل مايفتح المسج
حس بطعنة لا شبيه لها في عذوبتها
في وحشيتها
في انفعالها
وهو يشوف اسم دانة يتصدر المسج
#أنفاس_قطر#
.
.
.