الغياب/ الجزء المئة
#أنفاس_قطر#
عبدالعزيز الكبير خلص بسرعة الإجابات اللي تعب من تكرارها لكل معارف عبدالله اللي ما ينتهون..
رجع لبيت أخته..
وهو قريب من شارع البيت..
سمع صرخة جمدت الدم في عروقه..
صرخة خلعت قلبه من مكانه بكل الرعب والهلع
كانت
صرخة عزوز..
عبدالعزيز صار يركض بدون إحساس..
لحد ماوصل للمنظر اللي فجعه..
كان فيه واحد ولد لابس تريننغ رياضة وبيده عصا بيسبول
وعبدالعزيز كان مرمي على الأرض
ورافع العصا يبي يهوي فيها على رأس عبدالعزيز
الولد صار له زمان مراقب عزوز.. وصار يعرف مواعيد طلعاته وخرجاته..
وشارع بيت عبدالله ماكان فيه غير بيت عبدالله الضخم..
عشان كذا غالبا ماحد يمر فيه إلا لو كان يبي بيت عبدالله..
ومن بعد اختفاء عبدالله وزوار عبدالله الكثار قلوا او بمعنى أصح انقطعوا مرتجين عودة عبدالله بالسلامة..
فالولد بعد شهور من التخطيط.. قرر أن ينفذ عمليته اليوم
يضرب عزوز.. يكسر له عظم أو عظمين.. يفتح له راسه..
لكن القتل ماخطر بباله..
وقرر أنه ينتظره على لفة بيتهم بعد رجعته من صلاة العشاء
وهو متخبي.. أول مايشوفه يستغل عنصر المفاجأة ويضربه على رجله...
وإذا وقع على الأرض يكمل عليه..
لكنه ماعمل حساب العناية الألهية.. اللي خلت خاله موجود معه الليلة..
عبدالعزيز بكل سرعته ركض ناحيتهم.. الولد كان كل تركيزه مع عزوز.. فما أنتبه للي جاه من وراه وكتفه بكل قوة وانتزع العصا من يده ورماها على الأرض..
عبدالعزيز صرخ على عزوز اللي كان مرمي على الأرض ويئن من ألم رجله : أتصل على الشرطة بسرعة..
عزوز بهدوء وألم: مافيه داعي ياخالي..
عبدالعزيز بغضب هادر: شنو مافيه داعي.. لو أني ماجيت كان قتلك.. هذا شروع في قتل..
الولد اللي بدأ يبكي: والله ياعمي أني ماكنت أبي أقتله.. بس كنت أبي أضربه..
عبدالعزيز بنفس لهجة الغضب الحادة: شنو تضربه؟!!.. جايب معك ذا العصا كلها وتقول أنك ماتبي تقتله..!!
عزوز وهو يقعد على حيله.. بس ماوقف على رجله.. اللي يبدو أنها مكسورة. ويقول بنفس هدوءه المتألم: خلاص خالي تكفى: هذا زميلي في المدرسة.. والسنة هذي أخر سنة عنده والامتحانات ماباقي عليها شيء..
خلاص كان بيننا خلاف.. وهذا احنا تصافينا
عبدالعزيز اللي مازال ماسك الولد من وراه ويقول بنفس غضبه: شنو خلاف؟؟ وتصافينا؟؟ شغل عصابات ذا موب طلاب مدارس.. أقول لك اتصل على الشرطة بسرعة..
عزوز كان شاغله الأول ديمه.. مايبي السالفة توصل الشرطة يجي اسمها في السالفة، قال لخاله برجاء حاد: تكفى ياخالي..تكفى.. إذا لأمي غلا عندك أنك تفكه.. هذا أنت عرفته.. وباعطيك اسمه بالكامل.. ولو صار لي شيء تقدر تطلعه..
مافيه داعي تسوي لي أنا وياه شوشرة وشرطة.. واحنا خلاص على وجه امتحانات انا وياه..
عبدالعزيز مع أنه كان مفول فك الولد ..
لكنه لفه ناحيته وعطاه كفين بأقوى ماعنده وهو يقول بحدة: هذي تربية لك كان أبوك مارباك.. ووالله ثم والله اللي ما حلفت به باطل.. أنك لو تعرضت لعبدالعزيز مرة ثانية وإلا حتى لمست شعرة منه
أنه مايصير لك طيب.. وتتمنى أن أبوك ماجابك..
الولد بخوف: إن شاء الله إن شاء الله..
وراح يركض لسيارته اللي كانت واقفة في الزاوية..
عبدالعزيز الكبير وطى على عزوز بقلق هادر وهو يقول: وش حاس فيه..؟؟
عزوز وهو يتجلد: الظاهر أنه رجلي مكسورة
عبدالعزيز بغضب: يعني كسر رجلك.. وخليتيني أهده..
عزوز برجاء: تكفى ياخالي ماتجيب سيرته.. قل للناس كلهم أني عثرت وأحنا في الطريق وانكسرت رجلي...
عبدالعزيز بقلق حاد: عزوز الولد ذا وشو ماسك عليك مخليك خايف كذا..؟؟
عزوز بثقة وهو يتألم: والله العظيم ياخالي أني ماسويت شيء أخاف منه..
بس فيه شيء أحب أني أحتفظ فيه لنفسي لأنه فيه سمعة ناس..
تكفى ياخالي ما تسألني أكثر.. وكان لي معزة عندك.. تسوي مثل ما أبي..
وأنا أحلف لك برب الكعبة أني والله ماسويت شيء غلط..
عبدالعزيز هدأ وألم حاد يخنق روحه على عزوز وعلى جواهر اللي مو ناقصة ألم وتوجع
عبدالعزيز أتصل بمحي الدين يطلع لهم برا البيت.. عشان يودي عزوز المستشفى..
وأتصل بجواهر يقول لها أنه هو وعبدالعزيز مشتهين يطلعون يسهرون برا.. وبيرجعون عليهم متاخر شوي..
وأتصل في مدرس عبدالعزيز اللي كان على وصول أنه مايجي..
*********************
سالم ومحمد جالسين في مقهى من المقاهي اللي على خور دبي...
الجو كان رطب وحر شوي.. لكن هذا مايمنع أن نسمات الخور الخاصة الرقيقة كانت تهب عليهم..
سالم محلق في أجوائه الخاصة.. وعلى شفتيه ابتسامة من زمان ماشافها محمد..
وبعثت في قلب محمد الحنون سعادة بالغة..
محمد بعيارة: اللي ماخذ عقلك يتهنأ به..
سالم بابتسامته الدافئة وهو يحاول يدقق في وجه محمد اللي ماكان يشوف إلا خياله بدون وضوح: ماحد ماخذ عقلي
بس جلستنا هنا.. ذكرتني بأيام مضت..
محمد بابتسامة: بس ليت الجو مثل أخر جينا هنا
أخر مرة جينا السنة اللي فاتت شهر 2 كان الجو خيال..
سالم بود: ولا يهمك نرجع هنا شهر 11 وإلا 12.. الجو حلو بعد..
محمد وهو يفاتح سالم في موضوع شاغله من الصبح وماعاد قادر يكتم: سالم أنت عيونك توجعك؟؟
سالم بهدوء: لا .. ليش تقول كذا؟؟
محمد بقلق: من الصبح وأنا شايفك شوي تفتحتهم لأقصى حد.. وشوي تصرهم.. واليوم بعد مارضيت أني أدخل معك للدكتور..
سالم اللي حاس بمشاعر محمد الأخوية الدافئة ماقدر يكتم على محمد أكثر: محمد قلت القمصان والألوان يوم أنك لابس تيشرت أحمر..
محمد وهو يضحك: الله يفضحك نتابع الموضـ ............
محمد قطع كلامه ونط من كرسيه واللي على الخور كلهم يسمعون صراخه: أنت شايفني؟؟ شايفني؟؟؟؟
أنت تشوف؟؟ أنت تشوف؟؟
سالم وهو يقول بسعادة: فضحتنا.. قصر حسك.. أشوف طشاش.. يالله أني شايف لون التيشرت.. بس أحمر ما ينتخبأ لو لون ثاني يمكن ماكان عرفته..
محمد انتزع سالم من كرسيه وهو يحضنه بعنف والعبرة خانقته: مبروك ياسالم مبروك.. المهم أنك بديت تشوف.. وإن شاء الله ربي مهوب مخيبك..
وعقب كمل محمد بابتسامة : إلا من متى وانت تشوف يالخاين؟؟
سالم بود: توني يوم صحيت الصبح.. ومابغيت أقول لك لين أتاكد من الدكتور.. بس أنا ما أبي حد يدري يامحمد ولا حد..
*******************
الساعة صارت وحدة بعد نص الليل..
وعبدالعزيز وعزوز مارجعوا بعد
جواهر جننتهم اتصالات وهم يقولون أنهم بيرجعون
اللي طمنها أن الاثنين كلموها.. بس تأخيرهم شغل قلبها..
و نورة انشغل بالها كثير وحست أعصابها تحترق لأنه عبدالعزيز بطبعه ينام بدري عشان يصحى لصلاة التهجد..
وماتعود يسهر كذا.. حست أنه فيه شيء غير طبيعي..
بعد دقايق عبدالعزيز أرسل مسج لنورة: ألبسي عباتج أنا وعزوز داخلين الحين.. وبنمشي..
نورة نطت تلبس عباتها وهي تقول: كاهم واصلين
جواهر ونوف نطوا بعد.. لأنهم كلهم كانوا حاسين بقلق عارم..
دخل عبدالعزيز وهو يسند عزوز.. اللي كان يسحب رجله المجبسة..
جواهر شافت المنظر قدامها حست أنها ماتقدر تمشي ورجولها ما تشيلها فرجعت تجلس على الكنبة وجسدها منهار.. وأعصابها فالتة منها
نوف نطت عندهم وعبرتها بحلقها وهي تقول: عزوز وش فيك..؟؟
عزوز بلهجة هادئة: مجرد كسر بسيط ، عثرت وأنا طالع من المسجد..
عبدالعزيز قرر يلتزم الصمت، ويخلي عزوز يقول اللي يبيه
عزوز وعبدالعزيز توجهوا ناحية جواهر اللي كانت صامتة مانطقت بكلمة
عزوز جلس جنب أمه.. وباس رأسها وهو يقول: والله أني طيب يمه..
جواهر حضنته بعنف وهو تقول بحنان مؤلم متألم: الله يخليك لي يمه.. يا أمك قلبي ماعاد مستحمل خلاص.. حافظ على نفسك لو مو عشانك.. عشاني ياقلبي عشاني..
عزوز شال يدها وقبلها بحب واحترام: إن شاء الله يمه إن شاء الله..
********************
ثاني يوم..
في دبي.. سالم يصحا من النوم .. كان خايف يفتح عيونه.. بل مرعوب.. يلاقي ان الأضواء اللي شافها أمس كانت مجرد حلم
وأنه لو فتح عينه بيلاقي نفس الظلام اللي هو شايفه الحين وعينه مسكرة..
أكثر من نص ساعة وهو صاحي وعيونه مسكرة..
وهو يناجي ربه بعمق ويدعوه بوجع بألم بإيمان كبير.. أنه مايرده خائب عن بابه..
أنه مايحرمه من هذا الضوء
حتى لو مارجع له بصره كامل.. هو شاكر فضل ربه اللي من عليه برؤية هذا الضوء.. بعد ماخنق الظلام روحه..
هو مكتفي بهذا الضوء.. ومايطلب أكثر..
بسم الله الرحمن الرحيم.. بسم الله الرحمن الرحيم
وفتح عينه..
سالم نط عن سريره بعنف فجأة..
وفرحة عميقة تغتاله لأبعد حد..
فرحة لا يمكن التعبير عنها أو وصفها
فرحة خيالية محلقة..
فرحة عجز قلبه وأعصابه عن احتماله..
فرحة بحجم شهور القهر والحزن واليأس اللي هو عاشها وانذبح في كل يوم منها ألف مرة
ألتفت على محمد اللي كان نايم على سريره جنب سرير سالم..
وهو يهزه بعنف.. محمد نط جالس: بسم الله الرحمن الرحيم... عسى ماشر ياسالم؟؟
سالم حضنه بعنف أخوي وهو يقول بفرح عميق: اللهم لك الحمد والشكر.. اللهم لك الحمد والشكر..
محمد بقلق فرح وهو مو فاهم وش السالفة: سالم وش فيك؟؟
سالم بود وفرح وسعادة: محمد أنت من متى طلعت لك عارض؟؟ أخبرك حالقها على الأخر..
بس تدري.. حلو عليك.. مخليك رزة.. مع أنك في صوب والرزة في صوب..
محمد ماقدر يتكلم وهو حاس أنه لو تكلم اكيد بيبكي..
وهو يشوف سالم اللي كان يطالعه بتحديد وتركيز كأنه يبي يشوف كل شيء فاته في ملامح محمد خلال الشهور اللي فاتت..
يشوف عيونه اللي تلمع ببريق مبهر بعد شهور من انطفاء بريقها الحنون
محمد ظل صامت وهو يقول في نفسه (ألف شكر وحمد لك يارب.. اللهم لك الحمد والشكر)
سالم عقبها نط..
وفتح البلكونة وهو يبي يشوف الدنيا كلها
يبي يلتهم الكون بعيونه..
والكلمة اللي ماتغيب عن لسانه: اللهم لك الحمد والشكر..
محمد لحقه ووقفوا جنب بعض يطالعون العالم.. وانفعالهم أكبر من كل تعبير..
#أنفاس_قطر#