بعد الغياب/ الجزء المئة وثمانية
#أنفاس_قطر#
عزوز برعب: وأشلون قدرت تستحمل؟؟
عبدالله بإيمان عميق جدا: إن الله مع الصابرين..
كنت أقضي الوقت في الصلاة والدعاء وقراءة اللي أني حافظه من القرآن.. ومساعدة المعتقلين اللي تدهورت حالتهم الصحية بسبب سوء وضع المعتقل وتعرضهم للاضطرابات الجوية بشكل مباشر..
عبدالعزيز باستفسار مر: وأشلون طلعت زين..
عبدالله بهدوء وعيونه تسرح: مع بداية شهر 8 تسربت أخبار معتقل "الجدر" للاعلام..
وصلت أخبارنا لمجلس النواب..
وجات زارت السجن لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب.. وثاروا جدا على وضعه..
وإنه هل من المعقول إنه يكون فيه معتقل مثل هذا؟!!
بعد كم أسبوع "الجدر" اتسكر..
واحنا توزعنا على المعتقلات الثانية.. ورحت أنا لسجن "المعقل"
وقتها قدرت أتصل على فاضل.. وطلبت منه مايبلغ حد لحد مايجيني..
طلبت منه يجيب جواز سفري.. ثم اتصلت على ثاني عشان يرسل لي فلوس لأني ماكان معي أي فلوس ولا اثباتات..
وعطيته رقم فاضل عشان يبعث الفلوس له..
رغم أن فاضل اللي والله عمري كله ما أقدر أرد جميله.. كان مصر إنه هو اللي يعطيني فلوس.. بس أنا أصريت أطلب من ثاني..
تفاجأت بفاضل جايني ثاني يوم وخالي ثاني معه.. اللي ما أعرف متى لحق يحجز ويجي.. وكانوا جايبين جواز سفري معهم..
ما تتخيلون سعادتي لما شفت وجه ثاني..
يالله وش كثر اشتقت له..
واشتقت لكم واشتقت للدوحة..
خذت كم يوم لين خلصنا.. وافرجوا عني
وبعدين حجزنا أنا وثاني على عمّان في الأردن..
أنا كنت مصمم أسوي فحوص طبية شاملة قبل أرجع للدوحة..
لأني مروا علي مرضى أشكال ألوان الله يشفيهم ويفك ضيقتهم..
قعدت في عمّان أسبوع ونص.. لحد ما تاكدت أني سليم تماما.. وجيتكم أنا وثاني من عمّان للدوحة
نوف وقتها ماستحملت رمت نفسها في حضن أبوها وبدت تبكي..
ودموع جواهر بدت تنزل بصمت..وألم مر قاس يتجذر في أعماقها وهي تتخيل كل الألم والعذاب اللي عاناه عبدالله خلال الشهور اللي فاتت..
بينما عزوز عبرته خانقته وحابسها.. وعبدالعزيز كان متأثر جدا ومتماسك كعادته..
عبدالله حضن نوف بحنان وهو يمسح على شعرها
ويقول بحنان أبوي صافي: قولي الحمدلله يا بنتي على كل حال
ناس كثير ماتوا قدام عيني.. وذقت الحسرة عليهم ألف مرة..
يالله ماأقسى الإنسان على أخيه الإنسان..!!
الله يفرج عنهم ضائقتهم.. ويتمم عليهم نعمة الأمن والأمان..
أنا أشهد أنه فيهم رجّال ومن ظهور رجّال.. الله يكشف غمتهم
ويحرر بلدهم..
****************
حوالي الساعة 11 ليلا
سالم مار على بيت عمه أبو علي..
عشان يأخذ منيرة اللي كانت سهرانة عند أهلها..
منيرة طلعت لسالم في سيارته..
أول ماركبت: مساء الخير يابو مبارك..
سالم يبتسم وهو يحرك بسيارته: مهوب حرام نسمي ولدنا مبارك.. يتعقد من أسماء الشيبان من أولها..
منيرة تبتسم: مالك لوا... وش تبينا نسميه يعني مهند وإلا لؤي؟؟
سالم يضحك: يازينه لؤي بن سالم خوش اسم.. شامي على بدوي.. سلطة عجيبة..
منيرة برقة: على طاري المواليد.. ترخص لي بكرة.. أبي أزور دكتورتي جايبة ولد..
سالم باستفسار: مع من بتروحين... مع رقية وسبيكة أكيد؟؟
منيرة ضحكت: فيه غيرهم يعني.. خاطري أعرف حاط دوبكم دوبهم ليه..
سالم يضحك: أغار منهم حبيبتي.. من أشوفس ماسكة التلفون والضحكة شاقة.. أدري أنس تكلمين وحدة منهم..
منيرة بمرح: الزبدة مرخوصة وإلا لا ياقلبي؟؟
سالم بود: مرخوصة.. بس لا تتأخرين
*****************
الساعة 11 وربع...
عبدالعزيز يدخل بيته...
ويطلع للصالة اللي فوق.. اللي نورة كانت تنتظره فيها
نورة كانت قاعدة على أعصابها... أول ماشافته نطت: عزوز وأشفيك تأخرت.. وكل ما أدق عليك تقول لي بعد شوي... ولا ريحت قلبي...
عبدالعزيز ابتسم ابتسامة مرهقة: ياذي عزوز... غيري بدلي يابنت الحلال.. مافيه عبدالعزيز وإلا ابو منصور من هنا وإلا هناك...
نورة ابتسمت ابتسامتها المعتادة: مافيه تتهرب من السؤال... وماعندي غير عزوز ياعزوزي..
عبدالعزيز بنبرة حزن واضح: كنت عند جواهر..
نورة نط قلبها في حلقها: جواهر فيها شيء؟؟؟
عبدالعزيز باستنكار: بسم الله عليها... ليش تقولين كذا؟؟
نورة بقلق: ماشفت وجهك وأنت تقولها...
عبدالعزيز وهو يدخل غرفته ويحط غترته على السرير ويجلس جنبها: عبدالله يانورة.. هو سبب ضيقتي..
نورة جلست جنبه وهي تقول: ليه عسى ماشر... وش فيه أبو عبدالعزيز؟؟
عبدالعزيز بحزن عميق: تدرين إنه كان في المعتقل كل هذي الشهور.. وشاف اللي ماينشاف... الله إن شاء الله يجازيه الخير ويجبره على قد ماصبر...
نوف بمساندة عميقة: ياحرام والله إنه مايستاهل... أنا بصراحة عزيته من كثر منت تعزه...
عبدالعزيز بمودة: والله أنه يستاهل من يعزه ويقدره ويحترمه..
نورة وقفت وهي تلبس روبها: زين تعشيت؟؟
عبدالعزيز بهدوء: كلينا فطاير وشربنا كرك وعصير عند جواهر لحد ما انفقعت خلاص...
نورة بحب: فيه العافيه... أنا بأنزل أجيب لي عصير ليمون.. مشتهيته.... تشرب معي؟؟
**************
ثاني يوم
بعد صلاة العصر مباشرة
مها وفاطمة ومنيرة اتفقوا يروحون يزورون جواهر في المستشفى
عشان يلحقون يرجعون قبل المغرب..
محمد وصّل مها لبيت منيرة..
وبعدين فاطمة جات لهم مع شغالتهم وسواقهم.. وراحوا كلهم للمستشفى على سيارة فاطمة..
والاتفاق إنهم كلهم يرجعون لبيت فاطمة.. يسولفون ويتعشون عندها وعقب مها يجيها سعود.. ومنيرة يجيها سالم هناك.. ويرجعونهم..
وصلوا مستشفى النساء والولادة حدود الساعة 4 وربع
اشتروا لهم أكبر سلة شيكولت لمولود ولد لقوها في محل لاريسا اللي تحت..
لأنهم كانوا متقاطين فيها ثلاثتهم والكرت باسمهم الثلاثة فكانوا يبون شيء راهي.. على قولتهم..
فاطمة وهي تضحك: شوفوا أنا باكتب حرم سويلم وحرم متيعب والآنسة فاطمة.. عشان يكون كرت معبر عن واقع الحال...
مها بعيارة: عشان أفلع لش ذا الوجه اللي أنتي رازته..
فاطمة تبتسم: أنا أبي أعرف وش حارج في ذي الويه.. لاني حاطة مكياج ولا مبينة شعري.. بس حلوة.. وش أسوي بجمالي؟؟ أحرق روحي يعني؟!!
منيرة بعيارة: ياشين الثقة.. الثقة عليس مثل السرج على البقرة...
فاطمة تضحك بصوت واطي وهم متوجهين للمصاعد: أنا وش مصبرني عليج أنتي وياها ما أدري.. كله تنغزوني
مها بعيارة: المحبة الله يكفيش شرها..
فاطمة : وع منكم ومن المحبة اللي من وراكم يالشيف..
مها وهي تضحك بصوت واطي وهم داخلين المصعد: والله مافيه شيفة غيرش يالعانس..
فاطمة تمسك قلبها وتقول بلهجة حزن مصطنعة: آه جيتي عالقرح اللي قوا ئلبي..
المصعد ماكان فيه حد غير البنات الثلاث..
مها ومنيرة كالعادة عليهم نقاباتهم..
وفاطمة كانت لابسة عباية مسكرة سادة وشيلة فيها تطريز ناعم مشدودة عدل على راسها..
وطبعا الثلاث بدون أي مكياج ولاحتى ماسكرا..
المصعد كان على وشك أنه يتسكر.. لولا أن يد وقفت في طريق الباب ومنعته يتسكر..
كانت يد رجّال.. مسكت الباب بثقة وبان في معصم صاحبها ساعته وكبك الكم اللي كانت كلها من الألماس وفي قمة الفخامة والذوق..
دخل صاحب الكم ليمتلئ المصعد بحضوره وطوله ورائحة عطره الفخمة كان عطر (شيخ) مخلوط برائحة دهن عود فاخر..
ماكان وسيم.. ولكنه كان جذاب وأنيق بطريقة غير معقولة..
يبدو كما لو كان فيه سحر خاص به..
ثقته الواضحة بنفسه تحيط به كغلالة رجولة مشبعة بالألق..
كان في المصعد ومع ذلك كان يلبس نظارته الشمسية السوداء اللي ما تدل وين عيونه ونظراته تروح..
واقف بثقة كأنه يقف في أملاكه الخاصة..
منيرة تهمس للثنتين بصوت واطي جدا ما يسمعه غيرهم بعد سنوات من التعود مع بعض بهذه الطريقة في الحصص والمحاضرات والأماكن العامة: نعنبو هذا جاي مستشفى وإلا رايح عرس.. بيصرع المرضى بريحة عطره..
مها بنفس الصوت: لا وعطر شيخ بعد.. شكله متسبح فيه..
منيرة بنفس الصوت: وأنتي وش عرفس؟؟
مها: عطر سعود أشمه وهو طالع وهو داخل... تدرون أول مرة أشوف واحد ينافس سعود في الكشخة...
فاطمة كانت الوحيدة التي لم تعلق.. لأنها حست أنه كما لو كان يراقبها من خلف نظاراته..
رغم أنه في الحقيقة ماكان يطالع ناحيتها ولا حتى اهتم فيهم..
فاطمة بدون ماتعرف السبب حست كأن المصعد تضيق جدرانه عليها حتى كادت تختنق.. وإنها بتفطس من الحرارة اللي اجتاحت جسدها بعنف..
حست إنها تغرق عرق.. وتمنت لو تأخذ طرف شيلتها وتغطي وجهها فيها.. بس خافت تسوي كذا يعرف إنه عشانه..
يعني موب أول مرة تصدف أنهم يركبون المصعد مع شاب... هذا وش فيه مختلف؟!!
حست أنها فعلا مو قادرة تنتفس وكأن وجوده يسحب كل الأكسجين من غرفة الحديد المربعة الضيقة..
ماصدقت إنهم يوصلون الطابق الخامس حتى تنط تطلع وتأخذ نفس عميق
منيرة بقلق: فاطمة وش فيس؟؟
فاطمة بنبرة متوترة: يمه.. ماشفتيه أشلون يطالع؟؟
مها بعيارة: أنا شفتش أنتي تخزينه والمسكين يتصدد من الاحراج.. باقي تعطينه الرقم..
فاطمة بتوتر: حرام عليج مها..أنا؟؟
مها بقلق: توتي.. أمزح معش.. يعني أنتي ما تعرفيني.. وش معنى خذتيها بحساسية ذا المرة..
فاطمة بنبرة متوترة: خلاص بنات هذا إحنا وصلنا غرفة دكتورة جواهر خلنا ندخل..
مها ومنيرة هزوا اكتافهم وهم يتبادلون النظرات..
دقوا الباب لأنهم كانوا اتصلوا في جواهر وبلغوها بجيتهم
فاطمة وهي تدخل.. طاحت عينها على صاحب النظارات الغامض واقف قريب منهم..
كأنه كان يلاحقهم (صدق مايستحي)..
**********************
الجازي تدخل بيت عمها هادي..
لأنها عندها بعد شوي مدرسة هي وغالية اللي ثنتينهم 3 ثانوي ذا السنة وشادين حيلهم بزيادة..
أم سعود نزلت الجازي وقالت لها: بأروح للجمعية.. أشتري أغراض وعقب بأرجع أتقهوى مع أم خالد لين تخلصين..
الجازي داخلة محملة بملفاتها..
وطلعت فوق لغرفة غالية
وهي خلاص واصلة لفوق شافت خالد طالع من غرفته..
الجازي عادي كملت طريقها تبي تروح لغرفة غالية
وخالد مابعد انتبه وكان طالع
ولو أنه انتبه قبل.. كان رجع لغرفته وقفل على نفسه لحد ماتروح
بس هي خلاص شافته وشافها.. مايبي يحسسها إنه هربان منها...
اللي ماحد يعرفه إنه عاشقنا المتيم كان عارف إنه الجازي وغالية عندهم مدرسة هذا الوقت عشان كذا كان دايما يهرب قبل ماتجي الجازي
ومايرجع إلا لما يدري إنها راحت..
ماكان يبي يشوفها بعد أخر موقف صار بينهم لما استنجدت فيه من محمد.. مرت شهور على ذاك الموقف..
والنار في قلبه تتأجج..
وكان عارف إنه لو شافها معناها نار جديدة تُضاف للنار الحالية.. وهو ماعاد متحمل..
الجازي شافته جاي ناحيتها يبي ينزل مع أنه ماكان يطالع ناحيتها أبد...
وهو يتمنى أنه تروح في حالها وتخليه يروح في حاله..
بس الجازي ببراءتها وقفت وقالت: خويلد.. وينك زمان ماحد شافك؟؟
خالد كح (لحول وش تبي فيني هذي) خالد وقف وبينهم مسافة وهو يحاول مايطالع ناحيته: والله مشاغل... تخرج.. وتوني اشتغلت..
الجازي ببراءة حقيقية: صدق سوري.. ماقلت لك مبروك.. والله منت بهين ياخويلد.. عقبالنا يارب..
خالد حس إن الجو حر وكان وده يهف على روحه شوي.. رد بتوتر: الله يبارك فيش.. وقلنا لش قبل خالد لو سمحتي..
الجازي بعذوبة مرحة: صدق إني غبية.. يعني معطت شعري على سبتها قصدي كشتي المحترقة.. المفروض ما أنسى.. زين أسفين ياخالد..
وعقب كملت بلهجة اعتيادية: يالله رخصنا.. عندنا مدرسة..
خالد ماصدق إنها تروح.. كان ضايق حده.. ومايدري وش يسوي.. يطلع.. وإلا يرجع..
هو أصلا كان طالع عشان مايقابلها وهذا هو قابلها.. يعني ماعاد للطلعة فايدة..
خالد اللي تعب من الكبت والحسرة والقهر قرر يروح لدانة في غرفتها.. يسولف معها شوي
#أنفاس_قطر#