بعد الغياب/ الجزء المئة وثمانية عشر
#أنفاس_قطر#
دانة كانت قاعدة في المقلط حاسة إنها مو قادرة تمسك أعصابها من هول المفاجأة
(مرت سعود للمرة الثانية!!
معقولة!!
معقولة!!)
ما انتبهت إن خالد طلع من عندها عقب ما تلقى اتصال..
كانت جالسة على الكرسي بعد ماخلعت نقابها.. باقي عليها شيلتها وعبايتها..
دخل سعود عليها
ما انتبهت..
كانت سارحة في عوالمها..
سعود حس بتيار هادر يجتاحه بعنف..
ظل واقف متخشب دقايق مايدري عن حسابها
دقايق غير محسوبة من عمر الزمن
دقايق خاصة كخصوصية مشاعرهم المشبعة بالشجن المؤلم
دقايق حفرت في قلبه الوجع والفرحة
وهو يتأمل دانة الصامتة السرحانة..
حس بالالم يجتاحه بقسوة وهو يشوف وجهها اللي كان باين عليه آثار التعب والبكاء الطويل..
قرب منها بشويش..
لم تنتبه بعد..
أعادها لعالم الواقع الجميل ملمس يدين دافئتين على عضديها
يدان أنهكها الألم والوجع واستنزفاها اشتياقا للمساتهما
شعرت بالخجل والارتباك والتوتر والانفعال يغزو قلبها بمرارة
وسعود ينهضها بقوة وحنان
والعين تعانق العين بوجع ساحر
والرمش يحكي حكاية السهد واليأس وليالي السهر للرمش
وارتعاشة الجفن تشتكي حسرة البعد والقهر والشوق الهادر
دانة أنزلت رأسها بخجل وهي مصعوقة: كيف دخل سعود..؟؟
لم يسمح لها سعود أن تحرمه من عناق عينيها التي اشتاق بعنف لحنانهما ودفئهما وسحرهما..
رفع رأسها إليه..
وهو ينزل شيلتها على كتفيها
و يدخل كفيه في خصل شعرها
ويمسك برأسها من ناحيتي صدغيها
ويقرب وجهها منه..
دانة انتفضت بوجل.. وهي تشعر بأنفاسه الحارة على وجهها
ووجل أكبر حينما شعرت بهذه الانفاس تخترقها
وسعود يلصق شفتيه بشفتيها في عناق طويل مشتاق..
حاولت دانة أن تخلص نفسها رغم أنها كانت أكثر اشتياقا له
ولكن خجلها الحاد خنقها..
لم يفلتها سعود حتى شعر أنه أروى الحد الأدنى من غليله..وشوقه.. ووجعه
حينها تركها بصمت..
وعاد من حيث أتى..
لتنهار دانة جالسة على نفس الكرسي
الذي كانت تجلس عليه قبل دخول سعود العاصف المثير الموجع الناعم عليها..
******************
بعدها بدقائق في مجلس أبو خالد
سعود احتاج دقائق حتى استطاع التماسك من ثقل الأحاسيس
التي دغدغت قلبه المتيم ودانة بين ذراعيه..
وشفتيها ترتعش بين شفتيه..
ألتفت على عمه وهو يقول باحترام: بكرة محمد بيحط مهر دانة في حسابها.. وذا المرة بأعوض دانة وبأسوي لها عرس كبير..
بأدور أقرب حجز وبأحجز..
يعني عقب شهر بالكثير..
خلها تتجهز بسرعة..
وكل شيء صار موجود جاهز بالسوق...
وفعلا طلع سعود من بيت عمه
حجز لموعد عرسه
بعد شهر بالضبط
ثاني يوم خروجه من الحجز العسكري
***************
في المساء
في غرفة دانة..
دانة صامتة.. صمت المحلقين..
على شفايفها ابتسامة ناعمة صافية.. وهي متمددة نصف تمدد على سريرها..
مزنة تبتسم: ياحرم حضرة النقيب.. عطينا وجه..
صار لي ساعة أسحب الكلام منش
خالد يقول إن سعود طلب يشوفش
وش قال لش؟؟
دانة تبتسم وتقول بنبرة حالمة وهي تلمس شفايفها: ولا شيء..
مزنة تضحك: البنت استخفت.. أشلون ولا شيء.. يعني شافش وبس..؟؟
دانة بنفس النبرة الحالمة وهي سرحانة: وبس..
في نفس الوقت
في مجلس سعود
سعود مسوي عشاء لملكته..
الشباب متجمعين عنده... بعد ماراحوا الرياجيل اللي كانوا عنده...
دخل عليهم متعب مثل الاعصار المرح وهو بلبسه العسكري: تعشيتوا؟؟ وإلا خالي جيّد؟؟
محمد بمرح: لا والله خالك مهوب جيّد الليلة.. تعشينا.. أنت تأخرت واجد...
متعب بمرح: توني خلصت زامي الحين.. جايكم قبل أبدل..
سلم على الكل.. وحضن سعود بشدة وهو يبارك له ويهمس له: رديت حبيبة القلب.. مابغيت..
متعب وسعود أصدقاء مقربين.. بينهم فرق سنة وحدة.. سعود الأكبر..
متعب ملازم ثاني بس في الدفاع المدني..
والدورة اللي توه رجع منها اللي كانت في استراليا
كانت في فن إدارة الأزمات..
تدربوا بكثافة على التعامل مع الكوارث الطبيعية..
اقتحام الحرائق.. الغوص .. والقفز بالمظلات على المناطق السكنية
وهذا النوع من القفز يعتبر أخطر أنواع القفز كما هو معروف
لأن القفز بالمظلات يكون النزول على أرض خالية.. صحراء سهل أو حتى بحر
بينما النزول على المباني.. يكون خطير جدا
لأن المظلي مهما كان درجة تحكمه بنفسه
لا يستطيع التحكم بحركة الرياح التي قد تصدمه بالمباني لتتحطم عظامه من هذا الاصتدام..
سعود ومتعب تقريبا نفس الطول.. لكن متعب أعرض شوي..
قبل كان أعرض بكثير لكنه استغل وجوده في استراليا لعمل ريجيم قاسي..
مثل مها.. اللي استغلت غيابه لعمل ريجيم قاسي..
سعود رد على متعب وهو حاضنه بهمس: مابغينا..
وقعدوا جنب بعض.. يسولفون
وعقب الشباب بدوا يلعبون بيلوت..
متعب ومحمد ضد خالد وجبر
وسعود قعد في الزاوية البعيدة مع أفكاره
ودانة على الطرف الثاني غارقة في أفكارها لوحدها
بعد ماتعبت مزنة منها..
وقامت لغرفتها عشان تحضر لحصصها بكرة..
رنة مسج.. فتحته بدون اهتمام
شهقت ونطت قاعدة على حيلها من تمددها
" لو اتصلت
تردين علي؟؟"
وصله الرد في ثواني
"لا.."
سعود ابتسم وهو يتكي على المساند ويطالع الشباب
اللي كانوا صوتهم طالع من خلافاتهم حول البيلوت
وكتب..
"بس أنا بأتصل
مشتاق..
مشتاق..
مشتاق لصوتك
إذا قلبك يطاوعك تسفهيني
براحتك"
دانة توترت ونطت واقفة
كانت تبي تكتب له: لا تتصل
كانت غير مستعدة للمواجهة
وخصوصا عقب اللي صار اليوم عقب الملكة
واللي رفع درجة خجلها منه
صحيح إنها كانت زوجته ورجعت زوجته.. والخجل هذا يمكن يكون غير منطقي
بس غصبا عنها
احساس الخجل يلفها بشدة
لكنها فوجئت بموبايلها يرن
وقلبها ينط من مكانه
واسم سعود يلمع على الشاشة
ماكانت تبي ترد
الخجل يجتاحها بعنف
لكنها تشجعت وردت
لأنها شافت بنفسها إن ترددها في التعبير عن مشاعرها
ضيع منها سعود المرة الأولى
وهي مستحيل تسمح أنه يضيع منها مرة ثانية
بتردد وخجل: ألو..
سعود بنبرة شديدة الدفء: اشتقت لش..ميت من شوقي
والله حتى مليون كلمة اشتقت لش ماتعبر حتى عن واحد من مليون من شوقي
صمت على الطرف الثاني.. فقط صوت أنفاسها السريعة المتلاحقة..
سعود بنفس الدفء: صوت النفس اللي ذوبني يقول أنه فيه حد على الخط بس هو مابعد تعطف علينا وسمعنا صوته..
مافيه رد.. بس الأنفاس يتزايد تسارعها..
سعود بحنان: دانة..
دانة بخجل: لبيه..
سعود بوله: يالبيه أنا.. ومن أقصاي لبيه..
دانة بتذوب من خجلها..
ثمان شهور عايشة في قحط عاطفي.. وعقبه الفيضان هذا.. مو قادرة تستحمل.. هي أصلا تستحي.. والحين وجهها ورم من الخجل..
دانة بخجل كبير: هذا أنا رديت عليك.. ممكن أسكر خلاص..
سعود بعذوبة: ليه أنتي تعتبرين الكلمتين اللي قلتيهم كلام؟؟
الشباب ألتفتوا على سعود وبدوا يقطون نغزات..
متعب: سعيّد من أنت تكلم يالمغازلجي؟؟ القعدة ذي مالي بها.. قعدة مغازل بجدارة..
سعود بصوت عالي.. ودانة بعدها معه على الخط: وش سعيّد ذي يامتيعب الدب.. 15 سنة ماحد قالها لي؟؟
احشمني قدام أغير رأيي في الموعد اللي عقب شهرين ونص وأخليه عقب سنة..
متعب بخوف مصطنع مرح: لا تكفى خلاص حرمت يالشيخ ياعمي سعود...
وذا المرة نط خالد وقال بمرح: وأنت سكر ذا الاتصال اللي ما ادري وشو قايل.. قدام أغير رأيي في الموعد اللي عقب شهر وأحطه عقب سنتين..
سعود ابتسم: والله حتى البزارين طلع لهم لسان..
محمد يبتسم: والله البزارين هم اللي زوجوك اليوم.. حط أبو هادي على يمناك..
دانة كانت تسمع النقاش وتبتسم بخجل.. تبي تسكر.. بس تبي سعود لين يسكر من خاطره..
خالد طرأ عليه شي..
رن على دانة لقى معها خط ثاني..
ابتسم وأرسل لها مسج..
"فضحتينا أنتي ورجّالش
ماعندكم صبر
كلها شهر وتصيرين في بيته
واهذروا على كيفكم"
دانة فتحت المسج وهي تنطر سعود لين يخلص خناقه مع الشباب.. اللي كل واحد يستلمه شوي..
دانة حمر وجهها من الحرج من خالد..
الشباب رجعوا يلعبون دور ثاني
وسعود رجع يكلم دانة..
دانة بارتباك: ماعليه سعود اسمح لي.. خالد أرسل لي مسج يقول سكري..
سعود رفع صوته: خويلد.. على شحم..
خالد يضحك: ليه.. عسى ماشر؟؟ (مع أنه فاهم!!)
سعود ببرود: أنت عارف.. ولاعاد تدخل في اللي مايخصك..
سعود بنبرته الدافية رجع يوجه كلامه لدانه بصوت واطي: باسكر الحين بس بارجع أتصل قبل أنام.. بتتنيني وإلا لا؟؟
دانة سكتت..
سعود ابتسم: معناها بأتصل
في الليل متأخر شوي..
الشباب تأخروا في السهرة عند سعود
خصوصا لما عرفوا أنه معاقب
وبينحجز شهر ماراح يطلع فيهم من المعسكر إلا قبل عرسه بيوم
الدانة غفت وهي تنتظر اتصال سعود
لأنها لها يومين مانامت
من لما اتصلت في تهاني وقالت لها خلي سعد يجيب المملك
أولا كانت طول الليل صامتة
ثم بدت تبكي من لما طلع النهار لحد موعد الملكة
سعود في غرفته
توضأ وصلى
ثم تمدد وخذ موبايله ودق
انتفضت دانة وهي تسمع رنين الموبايل يمزق سكونها
بصوت نعسان: ألو
سعود بحنان: نمتي؟؟
دانة بخجل: شوي.. غطيت وأنا أنتظرك
سعود بوله: أسف حبيبتي.. بس كان لازم أسمع صوتش لو شوي..
أنا عقب صلاة الصبح لازم أسلم نفسي في المعسكر عندي حجز عسكري شهر.. حتى موبايلي بيأخذونه مني..
دانة برعب: ليه؟؟
سعود برقة: خلاص مهوب مهم.. أنا كان عادي عندي انحجز 10 سنين بس ما تروحين مني حبيبتي..
عقب كمل بحزم عذب: ترا موعد العرس عقب شهر بالضبط.. جهزي اللي تبين بسرعة..وبكرة محمد بيحط المهر في حسابش..
وعقب همس بنبرة خاصة عميقة: وذا المرة لازم تلبسين فستان أبيض مثل أي عروس.. يمكن الله راد انه احنا نتفرق عشان أرجع أعوضش عن المرة اللي فاتت
دانة بخجل قاتل: سعود الله يهداك شنو فستان ومهر.. مهري اللي فات والله ماانصرف منه شيء.. وفستان ماله داعي..
سعود بغضب: شنو ذا الكلام يادانة.. هذا عقد جديد بمهر جديد.. والمهر اللي فات خلاص..
وعقب كمل بهمس: والفستان حق لش تلبسينه وحق لي أشوفه حبيبتي..
دانة بهمس: إن شاء الله سعود..
سعود بحب ومرح: ومافيه حبيبي يعني؟؟
دانة بخجل: إذا شفتك عقب شهر قلتها لك وجه لوجه..
سعود بعمق: يا متى بيخلص الشهر بس.. بأعده بالدقايق والثواني...
#أنفاس_قطر#