بعد الغياب/ الجزء المئة وأربعة وعشرون
#أنفاس_قطر#
بعد حوالي 3 ساعات..
في بيت أبو صالح..
فاطمة وأمها كانوا منتهين من القلق..
كانوا يدقون على أبو صالح وموبايله مقفول..
المستشفى عطوا ثاني أغراضه كلها
وحطوه في الثلاجة استعدادا لدفنه ثاني يوم الصبح
خذ موبايله وقفله..
وأتصل في رياجيل خوات أبو صالح وخوات أم صالح اللي كان خذ ارقام بعضهم يوم عشاء الملكة..
عشان يبلغون زوجاتهم.. ويروحون لفاطمة وأمها يبلغونهم ويهدونهم..
ثاني كره أنه هو اللي يبلغهم أو يشوف لحظة انهيارهم..
لكنه في نفس الوقت حس إنهم مسؤوليته وانه من مسؤوليته أنه يطمن قلوبهم ويهديهم..
ثاني توجه لبيت أبو صالح..
كان متوقع إنه بيلاقي الناس عندهم..
لكنه مالقى حد.. خوات أبو صالح وأم صالح كلهم كانوا متحطمين.. وماكان حد منهم يبي يكون في وجه المدفع لما فاطمة وأمها يعرفون بالخبر..
ثاني اتصل بزوج أكبر وحدة في خوات أبو صالح وهو اللي بلغه إن زوجته منهارة من الخبر وموب مستعدة انها هي اللي تبلغ فاطمة وأم صالح
ثاني سمى بسم الله الرحمن الرحيم.. تنهد بعمق
وفتح باب الصالة ودخل وهو حاس إن داخله يذوب حزن وتوتر..
لقى أم صالح وفاطمة قاعدين في الصالة متوترين
أول ما انفتح الباب نطوا يحسبونه أبو صالح..
أول ماشافوا وجه ثاني المتغير
ما احتاجوا حد يقول لهم إن وراه مصيبة
فاطمة نطت لثاني وهي تقول بصوت مخنوق مكتوم مرعوب من القادم ومن المجهول: ثاني وين أبوي؟؟ وين أبوي؟؟
ثاني بصوت مطمئن: "قل يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية.. فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"
أبشركم بحسن خاتمته..
أم صالح رجعت تجلس وهي تقول بهدوء وإيمان كبير: إنما الصبر عند الصدمة الأولى
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
اللهم أجرنا في مصيبتنا وتجاوز عنه واخلفه خيرا منا..
ثاني كانت عينه على فاطمة ينتظر ردة فعلها بتوتر وقلق وحزن
فاطمة سكتت دقايق مثل تمثال سُحبت منه الروح..
مخلوق جامد لا تبدو عليه أي بوادر للحياة
ثم توسعت عيونها وهي تصرخ برعب موجع مر هادر:
يـــــــــــبــــــــــــــــــــــه..
يـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــ ـــــــه
يــــــــــــــــــــــــــــــــــــبــــــــــــ ـــــــــــــــــــــه
وين رحت وخليتني يبه..
وين رحت وخليتني؟؟؟
ورفعت يديها لوجهها تبي تلطمه..
لكن ثاني تحرك بسرعة وكتف ايديها وهو يقول بحزم:
إلا اللطم والعويل.. إلا اللطم والعويل..
ابكي بس لا تلطمين ولا تعولين..
فاطمة رفست ورفست وهي تصارخ:
خلني.. مالك شغل فيني..
خلني.. أنا أكرهك.. اكرهك
اطلع من بيتنا.. اطلع..
فكني.. فكني..
أكرهك.. أكرهك
فكني..فكني
وثاني مستمر بتكتيفها
وأمها تطالعها بدموعها الصامتة وهي تكرر جملة واحدة
" إنّا لله وإنّا إليه راجعون"
فاطمة بدت تهدأ وصراخها يتحول لرجاءات موجعة:
تكفى ثاني هدني.. خلاص..
تكفى.. هدني
ثاني هدها ولفها ناحيته
فاطمة رمت نفسها على صدره وهي تبكي بكاء خافت موجع..
ثاني سحبها وجلسها على الكنبة وهو حاضنها وهي حاضنته من خصره بقوة.. وهو يهمس لها بحنان وحزن: ابكي.. وعبري عن حزنج.. بس أوعديني لا تلطمين ولا تعولين عليه.. أطلبي له الرحمة.. هذا اللي هو يبيه منكم
ولا تحاتين شيء أنتي وأمي .. أنتو في ذمتي أنا
وأنا مكان أبوج.. لا تشيلين هم الدنيا وأنا راسي يشم الهوا..
فاطمة شددت احتضانها لخصره وهي تبكي أكثر..
وثاني يحضنها بقوة أكبر وحنان أكبر وأكبر..
*********************
خلصت أيام العزاء الثلاثة
وأصبحنا بعد وفاة أبو صالح بأسبوع
خلال أيام العزاء بيت أبو صالح مافضا من الناس.. مها ومنيرة ماتركوا فاطمة دقيقة وحدة حتى كانوا ينامون عندها..
منيرة رجعت لبيتها بعد أيام العزاء.. بس مها بعدها تنام عندها لحد الحين.. وحتى خالاتها وعماتها وبناتهم بعدهم ينامون عندهم لحد الحين
ماكانوا حابين يتركونهم للهواجس والأحزان..
الكل جاء وعزا..
حتى جواهر اللي كانت بعدها نفاس..
جات خلال أيام العزاء الثلاثة..
وحضورها وكلامها المطمئن كان له تأثيره البالغ على فاطمة
لأن مافيه حد ذاق الفقد والوجع مثل جواهر
وصبرت على كل شيء مرت فيه..
ثاني ماشافته من عقب أول يوم..
ثاني هو اللي قام بعزاء الرجال كامل كأنه هو فعلا ولد ابوصالح..
لكنه بعدها ماظهر في بيت أبوصالح ولا حتى اتصل..
كان يسأل عنهم عائشة اللي كانت تطمنه انهم متصبرين ومحتسبين مصيبتهم عند الله سبحانه..
بعد أسبوع..
ثاني اتصل على فاطمة..
وطلب منها تجيه في المقلط..
فاطمة في داخلها كانت ماخذها على خاطرها شوي
إنه له أسبوع لا سأل ولا طل..
فاطمة دخلت بتردد للمقلط بعبايتها وشيلتها..
ثاني كان قاعد على الكنبة..
لما شافها دخلت.. وقف..
مضت لحظات وكل واحد منهم يسبر ملامح الثاني..
فاطمة حست بألم غير مفهوم.. وهي تشوف لحيته نامية وغير مشذبة.. وشكله باين عليه التعب..
وهو حس بألم أكبر وهو يشوف وجهها المرهق بآثار البكاء والسهر الطويل عليه..
ما احتاجوا يتكلمون او يتعاتبون..
ثاني فتح ذراعيه لها وهي استجابت لدعوته.. ورمت نفسها على صدره
حضنها بحنان وهي بدت دموعها تنسكب بصمت..
فلتها بالراحة وهو يطالع في وجهها
مسح دموعها بكفوفه بكل حنان
وهمس لها: أشلونج حبيبتي؟؟
"حبيبتي!"
(يا الله.. ما أعذب ذا الكلمة من بين شفايفه)
ردت عليه بوجع: الحمدلله على كل حال..
ثاني بحنان: أمي أشلونها؟؟
فاطمة حست بالتأثر يجتاحها وهو يقول أمي فردت بنفس تأثرها: الله يخليها لي.. زينة الحمدلله..
ثاني بهدوء: يخليها لنا كلنا..
ثم كمل بحنان مخلوط بالحزم: فاطمة أي شيء تحتاجونه.. أنتي وإلا الوالدة تطلبونه مني أنا... لو دريت أنكم طلبتم أي شيء حتى لو كان بسيط من غيري بأزعل..
وأعتقد أنج شفتي إن زعلي شين..
فاطمة بابتسامة دامعة: شفته.. الله يكفينا شره..
ثاني تأثر من ابتسامتها العذبة رفع سبابته ولمس فيها شفايفها
ثم قبل سبابته برقة..
فاطمة انتفضت بعنف وتراجعت..
لكن ثاني تراجع
وانسحب للخارج..
**********************
بعد أقل من شهر...
زواج سعود ودانة باقي عليه أيام بس..
دانة أنهت كل تجهيزها..
واختارت فستانها..
لكنها متوترة جدا..
وسعود مازال محجوز في المعسكر..
فاطمة بدأت بالتأقلم على غياب والدها
ولكن الحزن يظل بالقلب
كانت تبي تترك الجامعة وتعتذر عن الفصل الحالي
لكن ثاني رفض..
وهي ماتقدر تعصي ثاني..
وخصوصا إن مشاعرها ناحية أبوها وطاعتها له
تحولت بشكل عنيف لثاني اللي أصبح رب أسرتهم بالمعنى الكامل
كان يزورهم بشكل دائم.. ويجيب أغراض البيت..
لكنه مايحب يختلي بفاطمة أو يجلس معها بروحهم
كان يفضل إن أم صالح تكون متواجدة طول الوقت..
ينتظر إن أم صالح تفك الحداد عشان يحدد موعد جديد للعرس
وطبعا قرر إن أم صالح تنتقل للسكن في بيته بعد زواجه من فاطمة..
سارة حرم الأستاذ حمد بن راشد.. تحدد موعد عرسهم في الإجازة الصيفية
ومازال حمد يمارس سلطته ورقابته عليها في الشغل
لكنها ماعادت تضايقها بقدر ما تحسسها بحبه وغيرته عليها..
البقية مازال الحال على ماهو عليه بالنسبة للكل
الحوامل كلهم صحتهم تمام بين وحم نورة واستقرار وضع منيرة وقرب موعد ولادة دلال..
عبدالله وجواهر
عبدالله من قد ماهو يعد للاربعين تخلص... نسى عدد الأيام ودخلت الأيام في بعضها عنده مع انشغاله بعياله وبيته وشركته ومسؤوليات البنك...
الصبح بدري..
اليوم جواهر تخلص الأربعين..
أمس راحت الصالون رتبت قصة شعرها بس بدون ماتقصره أبدا
حفاظا على رغبة عبدالله أنه يكون طويل
وخلصت كل شغلها في الصالون أمس
وعبدالله اللي كان مشغول جدا اليومين اللي فاتو في مؤتمر للبنك ما انتبه لغيابها.. وهي كانت مبسوطة عشان تفاجئه..
وهي قاعدة تغير لماجد.. رن موبايلها
جواهر بود: هلا والله بأم حمودي..
نجلاء بنفس الود: يحيج ويبقيج... عندج حد؟؟
جواهر بابتسامة: داقة الساعة 8 الصبح تقولين عندج حد.. لا ماعندي حد انا ومجود بس..
نجلاء بمرح: زين درب درب.. انا عند الباب..
جواهر مستغربة من موعد زيارة نجلاء لكنها قالت بترحيب صادق: تفضلي البيت بيتج..
شوي الا نجلاء داخلة بأكياس كثيرة.. وساحبة لها سيدة هندية مليانة شوي وراها...
جواهر قامت وسلمت وهمست لنجلاء: من هذي اللي أنت جايبتها؟؟
نجلاء ضحكت: معقولة ماتعرفين زبيدة؟؟
جواهر ضحكت: والله أعرف زبيدة شغالتي القديمة اللي عند بيت عبدالعزيز الحين..
نجلاء بعيارة: بلاج مسبهه كالعادة.. حد مايعرف زبيدة؟؟
هذي شهرتها في الدوحة... مثل شهرة بريتني سبيرز في أمريكا..
نجلاء أشرت لزبيدة التي كانت شايلة شنطة سوداء في يدها: تعالي زبيدة هذي عروستنا..
زبيدة ابتسمت وهي تطالع جواهر باعجاب: ماشاء الله.. هلو واجد واجد.. سيم سيم كمر..
جواهر وهي تضحك: نجلاء انتي وش أنتي مهببة.. وش عروسته بعد؟؟
نجلاء وهي تضحك: انتي الواحد لو يوكنج على روحج مامنج فرج...
يوم زواجج لولا بنتج نوف والا كان فشلتينا في عبدالله
والحين في تطلوعج لولاي والا كان فشلتينا في عبدالله بعد..
جواهر تضحك: والله اني خلصت شغلي كله والبارح توني جيت من الصالون..
نجلاء بمرح: خلصي علينا مدي رجولج وايديج خلي زبيدة تشتغل..
جواهر بصدمة: حناء؟؟ تدرين ما أواطنه..
نجلاء بابتسامة: موب لازم تواطينه.. بس بتحنين غصبا عنج...
انتي عارفة عشان أطلع زبيدة من محلها وأجيبها عندج كم دافعة لها.؟؟.. تبين تخسريني على الفاضي
جواهر بابتسامة رغم غيظها من نجلاء: والله ماحد قال لج تدقين الصدر وتصرفين من رأسج كني أصغر عيالج..
نجلاء بود: جيجي حبيبتي.. عمري في حياتي ماشفتج بحناء..
وبعدين عبدالله حرام 8 شهور في العراق انلعن في المعتقل
رجع ولدتي عليه على طول..
يعني فوق 9 شهور المسكين محروم.. حسسيه انج محتفلة فيه..
جواهر كحت بحرج: انتي ماتخلين سوالفج البطالية.. وش دخلج بيني وبين عبدالله.؟؟..
زبيدة بنفاذ صبر: سنو مسكلة.. انا يبي كلاص هينا.. ئسان يرجء مهل..
نجلاء بمرح: مافيه مشكلة عمتي زبيدة يالله ابدي..
جواهر غصبا عنها مدت رجولها عشان تبدأ فيهم زبيدة ونجلاء تقول لها: لا تحاتين أنا قاعدة عندج وبأشوف مجودي لين ينشف الحناء وتغسلينه...
جواهر تبتسم: زين والأكياس وش فيهم.. لا تكونين جبتي لي بعد فستان أخضر نفس نوف...
نجلاء بخبث: لا أنا جايبة أشياء ثانية..
**********************
الحنا نشف وجواهر غسلته.. لونه مابعد غمق..
لكنه كان آيه على لون ونعومة بشرة جواهر المخملية..
نجلاء طبعا أصرت أنها تحنيها حناء عروس..
السيقان لحد تحت الركبة بشوي
واليدين لحد تحت الكوع بشوي
مع أسوارة حنا على العضد..
جواهر بدت ترتب مكانها واغراضها وأغراض ماجد
وترجعهم لغرفتها هي والخدامات..
عبدالله اتصل وقال انه مايقدر يرجع على الغداء.. لأن فعاليات المؤتمر مستمرة في الفندق.. وماعنده وقت يرجع للبيت
فهو بيرتاح شوي في غرفته اللي هو حاجزها في نفس الفندق عشان يكون قريب من المؤتمر.. خصوصا أن اليوم اليوم الختامي..
نوف وعبدالعزيز على الغداء مع أمهم..
نوف بمرح: واو مامي.. يجنن الحناء عليج..
عزوز بابتسامة: ماشاء الله عروس يمه..
جواهر ماتت من الحرج من عيالها وحبت تغير السالفة: عزوز شأخبار درووس السواقة؟؟
عزوز بهدوء: خلاص يمه الأسبوع هذا بأخلص
الأسبوع الجاي بأسوي التراي في المرور والرخصة إن شاء الله.. وأول مشوار في سيارتي أنتي ومجود وبس .. (ورص على كلمة بس وهو يطالع نوف بابتسامة)
نوف وهي تضحك: ليه بايعة عمري أركب مع دريول درجة ثانية..
عزوز يضحك: زين نشوف لاجيتي ترجيني أوديج مكان.. وانا أعطيج أشكل..
نوف بمرح: أمانة أمانة عطني أشكل معتبر لاجيت وترجيتك.. لأني مستحيل أترجاك إلا إذا كان صابني شي في مخي..
#أنفاس_قطر#