بعد الغياب/ الجزء المئة وثلاثون
#أنفاس_قطر#
الساعة 9 مساء..
أم صالح اتصلت في ثاني وطلبت منه يجي..
ثاني جاء وهو قلق ومستغرب من اتصال أم صالح..
أول مافتحت له أم صالح الباب سلم وسألها: عسى ماشر يمه؟؟
أم صالح بحزن: فاطمة لها ساعتين قافلة على روحها باب غرفتها وتبكي.. حاولت فيها تطلع أو أهديها بس بدون فايدة
وكل ماسألتها وش فيها: تقول متضايقة شوي ولا قالت لي السبب
أنا اسفة يأمك لو أزعجتك.. بس مالنا غيرك..
ثاني بحزم: أفا عليج يمه.. ولو ماكلمتيني كان زعلت..
ناديها لي لو سمحتي..
ثاني جلس بالصالة..
وبعد خمس دقايق نزلت عليه فاطمة بشكلها المعتاد اللي تعودت تنزل له فيه.. جلابية وشيلة على رأسها.. بس المرة ذي كان وجهها فعلا وارم من البكاء..
جلست بعيد عنه شوي..
ثاني سألها بحزم لطيف: ممكن أعرف ليش تبكين؟؟
فاطمة بنبرة حون عميقة: متضايقة شوي..
ثاني بلطف: مافيه ضيقة بدون سبب..
فاطمة بصدق شفاف لطيف: عشان زواج مها الليلة..
ثاني ابتسم: وإذا صديقتج تزوجت المفروض تفرحين لها..
فاطمة دموعها بدت تتساقط بغزارة صامتة: ماعاد لي حد غير مها.. منيرة عقب ماتزوجت لهت بسالم.. وابوي راح.. وأمي لاهية في حزنها عني.. الوحيدة اللي كانت حاسة فيني هي مها..والحين بتلهى في متعب وتنساني..
ثاني ابتسم وهو يحس بحنان عميق يجتاحه ناحية طفولتها وبراءتها وعذوبتها...
قام من مكانه وجلس جنبها.. وحضنها بحنان
حطت رأسها على صدرة وبكت وبكت وطلعت اللي في خاطرها كله..
عقب ثاني قال لها وهو يمسح على رأسها من فوق شيلتها: لو الناس كلهم راحوا وإلا انشغلوا.. أنا لأاخر يوم في عمري لج ومعج..
لكن فاجأته فاطمة بالسؤال وهي ترفع رأسها عن صدره: تحبني ياثاني؟؟
ثاني ابتسم: وليش تسألين هالسؤال في هذا الوقت بالذات..
فاطمة وهي تتماسك من بكاها وتسألها بجدية: لأنك بداية تزوجتني تحدي.. ثم كملت معاي شفقة..
ثاني وقف بغضب.. وفاطمة انتفضت من ردة فعله
ثاني بحزم: أنا ما أسوي شيء أنا ماني مقتنع فيه..
وما أسمح لج تشككين في مشاعري أو تقللين من قيمتها..
فاطمة بابتسامة حنونة: انت كل شيء عندك خناق حتى المشاعر..
ثاني رجع يجلس مكانه وغضبه يتبخر وهو يتأمل في عيونها بحب عميق: ممكن أسمح لج تشكين في أي شيء إلا في حبي لج..
فاطمة تبتسم وترد عليه بعمق مماثل: وأنا والله العظيم أحبك.. ثاني.. أحبك
*****************
زفة مها..
مها بطبيعتها الغير تقليدية.. سوت شيء غير تقليدي بالمرة..
أولا فستانها كان لونه ذهبي.. هذا شيء اعتيادي.. ولكن غير الاعتيادي أنه جعلت المصمم يصنعه على طريقة خطوط جلد النمر.. خطوط ذهبية فاتحة وذهبية غامقة أقرب للبرونز..
وكانت أفكار العرس والفستان من تصميم المصممة المبتدئة أنفاس قطر.. اللي حبت مها تعطيها فرصة للتعبير عن أفكارها المجنونة..
كان الفستان ماسك على الصدر بدون حمالات.. أو بمعنى أصح له حمالة واحدة هي ذيل النمر اللي كان منكوس.. كان رأسه يبدأ من أعلى الورك.. ليرتفع بشكل مائل حتى الصدر.. وتخرج جزء من أقدامه على حافة ديكولتيه الفستان ويلتف ذيله على ناحية واحد من العنق لينتهي الذيل في منتصف الظهر
والنمر كانت خطوطه ذهبي فاتح وغامق وتحديده بالبني الفاتح..والفستان منفوخ من أسفل الورك..
الفستان كان تحفة على جسم مها اللي فعلا صار ملفوف ومثير باقتدار..
الفستان كان بدون طرحة.. فقط رُبط رأس مها بعصابة مربوطة على الجبين رُبطت من الجنب ليتدلى طرفيها غير المشذبين على الصدر العاري..
نفس العصابة بنفس الطريقة رُبطت على عضدها اليمين.. وعلى معصمها اليسار..
لم تتحنا ولكنها وضعت على كفيها ويديها بطريقة عشوائية تاتو صُمم خصيصا لها عبارة عن نمور باللونين الذهبي والبني الفاتح..
المسكة ورود صبغت باللون الذهبي وتتدلى منها شرائط وسلاسل برونزية..
المكياج طبعا كان برونزي وذهبي.. غريب جدا لعروس لكن مبهر ومختلف..
البنات كلهم كانت فساتينهم عبارة عن حرير جلد النمر..دانة ومزنة وغالية والجازي ومنيرة واختها سارة وخوات متعب.. حتى فاطمة كان فستانها خالص بس طبعا ماحضرت
كل وحدة منهم كان لها حرية تصميم فستانها وفق أي موديل تبيه.. لكن كلهم حرير جلد النمر..
ديزاين القاعة والتزيين والطاولات صُمم وفقا لأجواء الأدغال الاستوائية مع غلبة طاغية لألوان جلد النمر..
الساعة 10..
بدأت موسيقي الزفة اللي كانت عبارة عن أصوات العصافير الاستوائية.. تلاها زئير أسود.. ثم موسيقى الطبول الاستوائية.. غالبية المعازيم استهجنوا الموسيقى.. لكنهم ماقدروا ينكرون استغرابهم لاختلافها..
انفتحت البوابة عشان تدخل العروس الغريبة بطلتها الأغرب والمثيرة لأبعد حد..
لتصل لكوشتها اللي تميزت بغرابتها بحضور ألوان جلد النمر وتدرجات الذهبي..
بعد حوالي ساعة.. وصل متعب اللي كان معه سعود..
مها العروس الجريئة اللي كانت تبتسم وتسولف
أول ماسمعت موسيقى زفة العريس..
صابتها حالة رعشة غير طبيعية..ورعب وتوتر وخوف كاسح
متعب وسعود خطفوا الانظار بطولهم.. وعرضهم..
أول ماوصل متعب كان محتاس مو عارف وش يسوي.. همس له سعود: وش قلت لك..
ارتبك متعب من شكلها اللي كان أكثر أكثر من مثير لكنه تماسك وحب رأسها.. ووقف جنبها..
سعود حب راسها وهمس في أذنها بغضب مكتوم: الله يهداش وش ذا التفسخ كله..
مها ذابت من الخجل والتوتر.. لكن متعب اللي سمعه همس له بعيارة: وأنت وش دخلك.. ياشين اللقافة.. مرتي ولابسة لي.. ماعاد لك شغل فيها..
مها ماتت في ثيابها من الحرج (لحول ليتني سترت الفستان شوي... وبعدين محيميد الكذاب يقول لي ان متعب ماضعف.. حرام شكله كان عايش مجاعة )
سعود طلع.. ومتعب قعد شوي وعقبه طلع هو وعروسه للفندق..
وهم في السيارة اللي كان يسوقها محمد اللي سلم على مها عند السيارة..
مها همست لمتعب بخجل: أنا أسفة لو كان فستاني ماعجبك..
متعب وهو يشد على يدها ويقول بوله هامس: مهوب عجبني وبس.. إلا ذوبني ودوخني.. واللي عجبني أكثر ودوخني أكثر وأكثر الصاروخ اللي لابس الفستان..
*********************
جواهر حضرت عرس مها.. باركت لها ورجعت بسرعة
لأنها عارفة إنه عبدالله بيرجع الليلة..
والليلة ليلة خاصة جدا عندها...
عبدالله وصل البيت نص الليل الساعة 12 بالضبط..
مع دقات الساعة الأثني عشر كان يصعد درجات السلم..
مر نوف وعزوز أول..
عزوز كان نايم..
ونوف كانت متمددة على سريرها تقرأ في كتاب استعداد للنوم..
سلم عليها بحنانه وشوقه الفياض وانسحب لغرفته..
وهو متوجه لغرفته كان يشعر بترقب غير طبيعي
ترقب هو مو عارف سببه
ترقب لذيذ عذب شهي بهي..
ودقات قلبه تعلن تمردها على تماسكه المعتاد..
وقف على باب غرفته.. شد قامته..
تنهد بعمق..
وفتح الباب بيد غصبا عنه كانت ترتعش..
دخل..
مالقى حد.. استغرب..
طل في سرير ماجد لقاه نايم..
باسه بحنان ورقة وهو في سريره..
التفت يبي يشوف وين جواهر..
لقاه واقفة وراه..
عبدالله شهق بعذوبة..
وهو يفتح عيونه ويسكرها..
كأن عيونه عاجزة عن احتمال بهاء طلتها المذهلة..
عاجزة عن احتمال وطأة الذكرى واثارتها..
وهو يطيل التحديق في البهاء الأخضر الموجع..
مبهرة واسطورية مثل ماكانت قبل سنة
لكنها الليلة أقرب من روحه وأكثر إثارة وشفافية ووجع..
بفستانها الأخضر الاستثنائي المصنوع لليالي استثنائية فقط..
هذه المرة كان شعرها الأسود الطويل حر في استرساله على كتفيها يعانق مشاعر عبدالله وولعه..
وأمامها كان عبدالله يقف بملابس السفر..
كما هو على الدوام وسامته الموجعة
حضوره الطاغي..
عبق رجولته المؤلم حتى النخاع..
اقترب منها بوله كاسح وشوق هادر..
مسك يديها..
همست له بعذوبتها المصفاة: الحمدلله على سلامتك..حبيبي
همس لها: الله يسلمك.. اشتقت لج
ردت همسه بهمس مشابه: مو قد شوقي ياقلبي..
ابتعد عنها شوي وهو يملأ عينه منها مرة ثانية ثم اقترب ويقول بهمس رجولي خاص في إذنها: المرة هذي أحلى ألف مرة من اللي فاتت..
وفي كل مرة أنتي في عيني أحلى وأحلى..
مهما كبرتي... أو تغيرتي.. بنظل سوا.. وأنتي في عيني الأحلى والأعذب والأجمل
آسرتي الأبدية وأسطورتي الخالدة اللي انخلقت عشاني وانخلقت أنا عشانها..
جواهر رفعت رأسها له وهي تمسح حاجبه بطرف أصبعها..
عبدالله مسك أصبعها وطبع على طرفها قبلة عميقة مشتاقة..
مسكها وهو يجلس على السرير
ثم جلسها في حضنه..
وهي تهمس في أذنه وهي تحتضن عنقه بحب خرافي هادر كاسح عميق:
أحبك عبدالله..
عبدالله قرب وجهها منه
وهو يطبع قبلة عميقة دافئة شفافة على شفتيها العذبتين
أودعها خالص مشاعره الأسطورية:
وأنا أحبج ياجواهر..
#أنفاس_قطر#
تمت بحمد الله أيام بعد الغياب ولياليه
دعاء ختم المجلس
"سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا انت، أستغفرك وأتوب إليك"
انتهينا
كنت أخطط لقول الكثير من الكلام..
ولكن كل الكلام تبخر.. تبخر..
حزينة لفراقكم حتى النخاع.. حتى الثمالة.. حتى أعمق أعماق روحي..
فمابيننا تجاوز العلاقة بين كاتبة ومتابعات
علاقة ود إنساني متسع وصداقة نادرة..
أعلم أن كثير منكم سيكون له كثيرا من التعليقات
"وليه ماجبتي على فلان أو فلان؟؟
وليه مازوجتي فلان وفلان؟؟
أو ليش موتي فلان؟؟"
ولكن لا أجد ردا سوى أن بعد الغياب انتهت هكذا
لا يُمكن أن يُزاد عليها حرفا لأنها أنهت نفسها بنفسها
وصنعت أحداثها بنفسها
ورضى الناس غاية لاتُدرك
حينما كتبت بعد الغياب..كتبتها كقارئة أرادت الرد على كثير من ممارسات الكاتبات اللاتي أغاظوني كقارئة
التأخر في تنزيل الأجزاء.. سوء الكتابة.. السطحية في معالجة المشاعر... الانحلال الأخلاقي
يستحيل أن أقول أني قدمت ما يتجاوز أي أحد..
فأنا مازلت قارئة كما أنا
ولكني حاولت أن أقدم شيء مختلف..
قد أكون فشلت ولكن عذري أني حاولت بأمانة وصدق
وسامحوني على أي تقصير
فهكذا هو العمل الإنساني.. نقصه أكثر من كماله
مرت علي أيام كثيرة كدت أتوقف عن التنزيل بسبب الضغط العنيف
للكثير من الظروف التي كان من أبسطها أني كنت أحيانا أكمل الاجزاء قبل انزالها بدقائق
لم أشتكي يوما من هذا
لأن حقكم علي أن أكمل لكم الرواية التي أنتم صنعتم بهائها
لأن جميلكم الذي طوقتم به عنقي أكبر من أي شيء ومن كل شيء
مررت بالكثير من الظروف الأسرية والصحية والدراسية
كنتم أنتم أهم من كل شيء..
وها نحن انتهينا
ورسينا على بر السلامة
وأنا آن لي أن انسحب..
رجائي فقط أن تكملوا صنع الروابط حتى يكتمل بهاء ابنتنا جميعا
(بعد الغياب)
بداخلي الكثير من الكلمات والمشاعر المضطربة
ولكني عاجزة عن التعبير
والحزن فعلا يخنق روحي
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
وأوصيكم بتقوى الله والاعتصام بحبله المتين
مع السلامة أيتها النابضات بين جوانحي..
مع السلامة يا أميراتي
مع السلامة ياحماماتي المحلقات في فضاء روحي
مع السلامة
أنفاسكم
أنفاس قطر
..
.