يتبع
وقت صلاة العيد :
قال ابن قيم الجوزية: وكان صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة عيد الفطر ويعجل الأضحى ، وكان ابن عمر مع شدة إتباعه للسنة لا يخرج حتى تطلع الشمس .(زاد الميعاد-1-)
وقال صديق حسن خان: وقتها بعد ارتفاع الشمس قيد الرمح الى الزوال وقد وقع الإجماع على ما أفادته الأحاديث وان كانت بمثلها الحجة ، واما أخر وقتها فزوال الشمس .(الموعظة الحسنة43).
تنبيه: إذا لم يعلم يوم العيد إلا في وقت متأخر صليت صلاة العيد من الغد، فقد ثبت أن الصحابة رضى الله عنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا يغدوا الى مصلاهم .(النسائى-3\180).
. هل لها أذان أو إقامة :
عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة .(مسلم887).
16. صــفة صــلاة العيـــــد:
أولاً :- هي ركعتان لرواية عمر رضى الله عنه: صلاة السفر ركعتان وصلاة الضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم .(أحم
\7 وسنده صحيح).
ثانياً :- تبدأ الركعة الأولى- كسائر الصلوات- بتكبيرة الإحرام ثم يكبر فيها سبع تكبيرات ومن الركعة الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال. عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمسـاً سوى تكبيرتي الركوع .(أبو داود بسند صحيح).
ثالثاً :- لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه مع تكبيرات العيد .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : وكونه روى عن عمر وابنه - يعني رفع اليدين مع التكبيرات - لا يجعله سنة ولا سيما أن رواية عمر وابنه ها هنا لا تصح. ا. هـ.
رابعاً :- لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر معين بين تكبيرات العيد ولكن ثبت عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال عن صلاة العيد: بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل وثناء على الله.( البيهقي3\29 بسند جيد ).
خامساً :- إذا أتم التكبير أخذ في القراءة بفاتحة الكتاب ثم يقرأ بعدها ( ق ) في إحدى الركعتين، ومن الأخرى ( اقتربت الساعة وانشقت القمر ). ( مسلم).
ومن فاته صلاة الجماعة يصلي ركعتين وبذلك قال أهل العلم.
17. الخطبة بعد الصلاة :
والسنة في خطبة العيد أن تكون بعد الصلاة، فعن ابن عباس قال: شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة . ( البخاري ومسلم).
وخطبة العيد كسائر الخطب تفتتح بالحمد والثناء على الله جلّ جلاله ، قال الامام ابن القيم في زاد المعاد في هدي خير العباد : " وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ، ولم يُحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير ، وإنما روى ابن ماجه في سننه عن سعد القرظ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر التكبير بين أضعاف الخطبة ، ويكثر التكبير في خطبتي العيدين وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به ... " ( 447-448/1)
قلت : الحديث الذي ذكره الامام ابن القيم عن سعد القرظ مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلح أن يكون حجة لأحد لأنه ضعيف . والحديث أخرجه ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن عبدالرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن : حدثني أبي عن أبيه عن جده به .
قال المحدث الألباني – رحمه الله وطيب ثراه - : " قلت : وهذا سند ضعيف ؛ عبدالرحمن بن سعد ضعيف ، وأبوه وجده لا يُعرف حالهم " الارواء 647 ، وقد ضعّفه رحمه الله في ضعيف ابن ماجه .
ولم يصح في السنة أن خطبة العيد خطبتان يفصل بينهما بجلسة . والوارد في ذلك حديث ضعيف جدا رواه البزار في مسنده عن شيخه عبدالله بن شبيب بسنده عن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة. وعبدالله بن شبيب قال البخـــــــــاري فيه : " منكر الحديث " . فتبقى خطبة العيد واحدة على الأصل .
18. التخيير بحضور الخطبة :
حضور الخطبة ليس واجباً كالصلاة لما ورد عن عبد الله بن السائب قال : شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال ( إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس وأحب أن يذهب فليذهب ). (سنن لأبي داود 1155 ، مستدرك الحاكم 1093 ،النسائى3\185 وإسناده صحيح).
19. التجمل في العيد :
التجمل بلبس أحسن الثياب ونحوه : فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس يوم العيد بردة حمراء " قال الهيثمي في المجمع : " رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقـــــــات " وقال الألباني في الصحيحة 1279 : " اسناده جيد ، رجاله كلهم ثقات معروفون غير سعد ين الصلت وهو البجلي مولاهم ، ترجمه ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وهو في( ثقات ابن حبان ) " السلســـــــــلة الصحيحة ج3 ص 274 بتصرف يسير.
ويضاف إلى ذلك قول عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : " يا رسول الله ، ابتع هذه تتجمل بها في العيدين والوفد " متفق عليه . فدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهورا . المغني (257 / 3)
وعن جابر رضي الله عنهما كما في صحيح ابن خزيمة قال : " كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبّة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة "
قال مالك : سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد . ( أحكام العيدين لهشام آل برغش ص 17 ) .
وصح عن ابن عمر أنه كان يتطيب يوم الفطر ( أحكام العيدين للفريابي ص 83
20 . التهنئة بالعيد :
قال ابن تيمية رحمه الله: أما التهنئة يوم العيد بقول بعضهم لبعض اذا لقيه بصلاة العيد تقبل الله منا ومنكم وأحال الله عليك ونحو ذلك فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ... الى أن قال الإمام أحمد فليس سنة مأموراً بها ولا هو أيضاً مما نهى عنه فمن فعله فله قدوة ومن تركه فله قدوة والله أعلم . ( الحاوى للفتاوى 1\81).
قال الحافظ بن حجر باسناد حسن عن جبير ابن نفير قال: كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ( تقبل الله منا ومنك). (فتح الباري2\447).
وأما قول عامة الناس بعضهم لبعض غير ذلك فهو مردود غير مقبول.
منــكـــــرات العيـــــــــــــــــد
اعلم أخي المسلم أن السرور الذي يحصل في الأعياد قد جعل كثيراً من الناس ينسون أو يتناسون أمور دينهم وأحكام عقيدتهم فتراهم يرتكبون المعاصي ويفعلون المنكرات فمن بعض هذه المنكرات :-
1- التشبه بالكفار في الملابس واستماع المعازف فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من تشبه بقوم فهو منهم). حديث صحيح
2- التزين بحلق اللحية ، وحلق اللحى حرام في دين الله سبحانه باجماع علماء الأمة من السلف.
3- مصافحة النساء الأجنبيات وهو محرم لقوله عليه الصلاة والسلام: لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من يمس امرأة لا تحل له. (مسلم). 4
- الدخول على النساء لقوله صلى الله عليه وسلم : اياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: الحمو الموت .
(البخاري ومسلم). والحمو جمع أحماء: أقرباء الزوج كالأب والأخ والعم وغيرهم. 5- تبرج النساء وخروجهن الى الأسواق والى صلاة العيد متبرجات ، والتبرج حرام بالإجماع.
6- تخصيص زيارة القبور يوم العيـــــد.
7- الإسراف والتبذير في المؤكولات وغيرها بدون أية مصلحة فقد قال الله تعالى: ( ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) . الأنفال 14.
8- عدم تعاطف الأغنياء مع الفقراء والمساكين يوم العيد خاصة . فيتمتع أبناء الأغنياء باللبس والأكل أمام أبناء الفقراء ، مع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.(البخاري).
9- فعل البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان بدعوى التقرب الى الله وهي كثيرة وحتى لا تخرج الرسالة عن مقصودها نذكر واحدا منها ، حيث ينسب بعض الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث موضوعة مثل: من أحيا ليلة الفطر والأضحى لم يمت قلبه يوم يموت القلوب ، وهذا حديث موضوع وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليتبؤ قائله مقعده من النار اذا كان عالما بكذبه .
هذا ونسأل الله تعالى أن يوفق جميع المسلمين لإظهار شعائر الله ونبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن يجمع شملهم تحت راية التوحيد ، وأن يخلص أعمالنا لوجهه الكريم انه هو السميع العليم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين.