مشاركة: ملفات شخصية محترقة بالعلن
كنت طفلاً صغيراً..وكانت تبكي...
منذ يومي رقم 1 في الحياة وانا أحمل في عيني طعم الحزن, كان طعماً لايستساغ ولكن كنت قد تعودت عليه, فاعتبرت بأنه طعم الحياة, كنت طفلاً.
كان يوماً بارداً من ايام شتاء قاسي ..استيقضت مبكراً ولا أظن اني أستيقضت أبكر وانشط من ذلك اليوم, وجدت أمي قد جهزت الافطار وجهزت ملابسي الجديدة وحقيبة مدرستي الجديده التي لم تحوي الا الاقلام والدفاتر و فطوري, كان يومي الأول في المدرسة ..ذلك العالم الذي كنت اتمنى ان ادخله انا وابن جاري الذي في سني "حمد", في الليله السابقه كنت اتحدث معه, كنت اقول :سوف ندخل المدرسة يا حمد,, اكيد بيحطونا في فصل واحد عشان احنا جيران,, قال ضاحكاً: "توك بزر" ...لم اعي ما قاله انا وهو في نفس العمر ...الفرق هو انه يكبرني حجماً بالنسبة لمن هم في سني كنت اعد الانحل والاضعف, لم اكترث لكلامه..كنت اتذكر كلام امي..سأدخل وسأكون الأول..
حملت حقيبتي التي تكبرني حجماً ...تبسمت أمي , حضنتني ...وأضنها لاول مره تجدني بين ذراعيها...لا أعلم ربما الحقيبة اضافت حيزاً لذلك الجسم النحيل,
كنت طفلاً
عدت لأمي وحقيبة مدرستي كما كانت ... اقلام ..دفاتر...فطوري,,,
بحثت امي في الحقيبة جيداً..قالت ..اين كتبك..؟
قلت لها حزيناً.. ليس لدي كتب!
قالت لماذا؟
كان ابي صامتاً..
قلت : المدير يقول انني لست مستعد ..يجب ان اكبر ...في السنة القادمة..
فهمت امي مالم استطع فهمه...
بدأت عيناها تتلألأ...ابتسمتُ و قلت لها لاعليك يا أمي سوف اكبر غداً..سأنام مبكرا واكبر...
رأيتها...تبسمتْ ... وكانت تبكي ... وكنت طفلاً.
لازمني هذا الجسد النحيل ...كان رفاق ابي يسألوه ..ماشاء الله كم عمر ابنك؟
كان يقول 10 سنوات...وكنت اسمع ردودهم التي مازلت اذكرها ..فكان لها وقع كبير,
كانوا يقولون...اعتقدنا بأنه اصغر من ذلك.. اهو يعاني من شيء؟
كان جسدي يقشعر لبرودة اعينهم ونظراتهم...وكنت طفلاً
في احد الليالي .. المرض يشتد ... لم اعد اقوى على الكلام او الحركه ...كنت شبحاً يرتدي شبة جسد...ارجتف وكأن عاصفة تعصف بذاك الجسد...اتذكر حينها ابي وامي واخوتي ...نجلس أمام التلفاز نتسامر ...يحين موعد النوم..يتوجة ابي الى التلفاز ...يدير التحكم ويطفئه...كنت ارى التلفاز بعد ان كان مدويا يعرض اجمل الصور والالوان..يتحول الي قطعه فضية لا معنى لها..وأقول في نفسي...ذهب التلفاز ويعود غدا!...كنت اظن اني في تلك الليله سوف اذهب واعود غداً..سأعود بجسد اقوى واحلام اكبر وسيأتي اهلي واخوتي ليشاهدوا جديدي بعد العوده!
مازالت الحمى تشتد..كانت أمي تنظر الى وانا شارد العينين ... وتدعوا الله ...تضع يدها على جبيني...
قلت لها ببقايا صوتي : ماما .. سأذهب وأعود غداً...لاتقلقي .
رأيت عينيها تتلألأ...ضمتني ...وسمعت نشيجاً كجلاميد الصخر على قلبي...
فقلت لا تقلقلي لن أذهب سأبقى مريضاً ولن أذهب ...نظرت الي وعينها قد غطتها حبات الؤلؤ ...عرفت حينها ان الؤلؤ مخلوق من عين هذه المرأة...أمي,
أبتسمتُ لها لعينيها ...تبسمت ...وكانت تبكي ...وكنت طفلاً.
*************
اختي نسمه
استسمحك عذراً ..فقد بكيت بصمتٍ وانا أقرأ أحرفكِ التي أجزم أنها دموع قلب خرجت فتشكلت أحرف.
فما استطعت أن أسطير على حزني ...ولم أشعر بنفسي إلا وأنا اغرس اصابعي على لوحة مفاتيح جهازي...لأعترف بشيء من الماضي...
نسمة..
ليت الزمان يعود...
لنمسح تلك التي اسميتُها لآلئ ..ماسات ....ما عدت اذكر ...
تحية من القلب ...
ابوهايل
__________________ °عيون العرب° °ملتقى العالم العربي° |