أولاً : الرد على ما قاله الشيخ وجدي غنيم .
كعادتي الأسبوعية – على الأقل – أمُر علي مواقع الدعاة لأتعرف علي أخبارهم وأستمع إلي جديد محاضراتهم ؛ وبحكم حبي للشيخ الداعية وجدي غنيم(1) أُصدر موقعه من المواقع المفضلة عندي لأستمع إلى جديدها أسبوعياً ، وفي إحدى زياراتي لموقعه الشخصي عَثُرت على مقطع له بعنوان " لماذا همكم إسقاط الناس ".
وكان هذا المقطع رداً على سؤال أتاه حول الداعية عمرو خالد تصدره العنوان السابق ؛ ويظهر والله أعلم أن لغة السؤال الذي وصل علي إيميل الداعية وجدي غنيم كانت حادة ولاذعة ؛ فأزعجت الشيخ وجدي غنيم وجعلته يخرج عن شعوره إلى حد ما ..!.
وكان مما قاله الشيخ وجدي غنيم في رده علي السائل الفقرات الآتية :
الفقرة الأولى : قال مستنكراً عليه عنوان رسالته فقال :
(( ليه يا أخي الكلمات دي " لماذا همكم إسقاط الناس " ؛ هل إحنا همنا إسقاط الناس يا أخي ولا بنوضح حق ، محنا لو موضحناش حق حتيجوا علينا وحتقولولنا إنتوا المشايخ وإنتوا اللي عاملين نفسكم علماء ساكتون عن الحق والساكت عن الحق شيطان أخرس ..!! ؛ إيه الحل بقه أنا عاوز أفهم يعني ، إن أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر مش عاجبكم ، وإن سكتنا مش عاجبكم !! ))
قلت سبحان الله : يا شيخنا الجليل إن ما انتقدته من كلام للأستاذ عمرو خالد سمعه لا أقول الآلاف بل الملايين من جمهوره ولم يلاحظوا عليه شيئاً ، ولم يستدرك عليه ما انتقدته إلا محترفو قص المقاطع وإخراجها من مضمونها ليقع فيها مشايخنا وعلماؤنا فيردوا عليها – كما وقعت أنت في إحدى هذه المقاطع ورددت عليها وجعلتها من طوام عمرو خالد وهو منها بريء – واستدراك السائل عليك نابع من شيئين :
1- أن ردك المتتالي على أمثال هذه المقاطع يُحدث بلبلة عند الناس وخاصة أنك اتخذت نهجاً في الرد علي الداعية عمرو خالد فيه تهكم شديد ، بالإضافة إلي أنك لا تستوثق من صحة هذه المقاطع – كما سأبين لك وللسادة القراء لاحقا - .
2- أنك تتجاهل بالفعل كل ما يقوم به عمرو خالد من مشاريع خَيِرة وتختزلها في بعض سقطاته وهفواته التي لا تخلو من محاضرة أو درس لأي داعية إلا إذا ادعى لنفسه العصمة ، وكأن السائل يستنكر عليك عدم إنصافك له وكأن الداعية عمرو خالد أصبح في نظرك كله مساوئ وليس له حسنة واحدة تذكر !!.
وهاتين النقطتين كافيتين أن تجعل نقدك " هدام " وليس نقداً " بنّاء " لذا أرسل إليك الأخ رسالته قائلاً وهو في عجب وحيرة : لماذا همكم إسقاط الناس ؟
الفقرة الثانية : قال الشيخ مستنكرا قول السائل إنكم تتغاضون عن حسنات عمرو خالد وتأثيره على الشباب .
(( يا أخي العبرة مش بالتأثير ، يا أخي العبرة بالحق هوه بيقول حق ولا بيقول باطل .؟؟
منا لو طلعت أقول زيه كده " النبي بيقول النساء ناقصات عقل ودين " كان بيهزر يا ستات ..!! طب ما الستات كلها حتحبني ..!! لكن أبقه كده الأخ وجدي وصل إلي قطاع كبير من النساء ، والنساء كلها بدأت تحب الأخ وجدي !!.)) .
وكما تلاحظون أن الشيخ وجدي للمرة الثانية يختزل تأثير عمرو خالد وإقبال الناس عليه بسبب تعليقه علي حديث النساء ناقصات عقل ودين بأن " النبي كان بيهزر " ؛ ناهيك على أن الشيخ نقل الكلام مشوهاً ، فالجملة السابقة لم يقولها الأستاذ عمرو خالد من باب الجزم بل قالها من باب السؤال وهذا نص تعليق الأستاذ عمرو خالد على حديث " النساء ناقصات عقل ودين ":
" خلوا بالكم النساء ناقصات عقل ودين إمتى النبي قال الحديث ده ؟! يوم العيد الصبح وهو خارجمن صلاة العيد أول ما قابل الستات اللي طالعين من صلاة العيد ... بالله عليكم ! يوم العيد الصبح ! والستات حضروا صلاة العيد مش ماحضروش ! حضروا صلاة العيد .. النبي الحكيم الرحيم أول ما يقابل الستات يقول لهم أنتم ناقصات عقل ودين ؟! في يوم عيد اللي هو يوم الفرحة ..!!! أنا عاوز أقولكم إن الموضوع مش ماشي .. يوم العيد اللي هوه يوم الفرحة ، والستات طلعوا وجزاهم الله خيرا حضروا صلاة العيد .. والنبي الحكمة والرحمة يقابلهم ويقول لهم انتوا ناقصات عقل ودين !!!! مش ممكن يكون المفهوم ده ، مش يمكن كان بيهزر معاهم ؟؟ على فكرة أحد العلماء أو كتير من العلماء قالوا كده : لعله كان يداعب النساء !! واتّاخِدت واتلوت !! وبقى كل واحد عايز يشتم واحدة ست يقول لها إنتي ناقصة عقل ودينوالمعنى مكنش كده " انتهى
إذا يتضح للكل من كلام الداعية عمرو خالد أنه لم ينكر الحديث الصحيح وإنما أنكر استخدام الحديث بطريقة التقليل من شأن النساء وقال ما قاله بعض أهل العلم(1) وهو : " لعل مقصد النبي من قوله للنساء إنكن ناقصات عقل ودين ، صباح يوم العيد من باب مزاحه صلي الله عليه وسلم معهن ، وقد حدث مثل هذا مع المرأة العجوز التي قال لها ممازحاً : لا يدخل الجنة عجوز .
وفي حلقة أخرى كانت بعنوان " فتح مكة " ضمن برنامج " على خطى الحبيب " قد وضح الداعية عمرو خالد معنى آخر للحديث يقول به أغلب أهل العلم في عصرنا الحديث ؛ ففي هذه قال الداعية عمرو خالد معلقاً على تقدير النبي صلي الله عليه وسلم للسيدة عائشة وائتمانه إياها على بعض أسراره الحربية قائلاً :
إيه ده .. النبي استأمن وحده ست على سر حربي!!! آه .. ؛ مقلش للرجال وقال لإمرأة ..!!! يبقى نظرة النبي للمرأة شكلها إيه ؟؟ يبقى لو الناس اللي فاهمه حديث ناقصات عقل ودين إنها مخها تعبان بعد الكلام ده يقول لأ مستحيل .. وإلا يبقى تناقض ..!! .. يبقى ناقصات عقل ودين متعنيش كده ؛ وإنما تعني أن ده كان يوم عيد والنبي كان يداعب النساء وبيهزر معاهم ومكنش يقصد هذا المفهوم ؛ وإذا كان يقصد فمقصده مش ناقصات عقل ودين إنك مخك تعبان إنما يقصد أن العاطفة بتغلب شوية ، وناقصات دين أنها تمر بأيام تنقطع فيها عن العبادة ، أي أن النقص في الكّم وليس في الكيف " . انتهى
إذاً وبعد التوضيح الثاني للداعية عمرو خالد نقول أنه لم يبتدع في الدين جديداً ليس منه ، وإنما حاول مجتهداً توصيل الفهم الصحيح لحديث يُساء استخدامه في عصرنا المرير فإن أصاب فله أجران ؛ وإن أخطأ فله أجر واحد .
أما أن يختزل الشيخ وجدي غنيم نجاح الأستاذ عمرو خالد وبلوغ صيته الآفاق لمجرد أنه قال عن حديث : " النساء ناقصات عقل ودين " أن النبي كان بيهزر معاهم ؛ فهذا لا يمتُ للإنصاف بشيء ..!!
ثالثا : قال الشيخ مستنكرا على السائل استشهاده بنجاح برنامج صناع الحياة قائلاً :
(( وبعدين بتقولي " يكفيه صناع الحياة " ..!!! ؛ صناع الحياة دا إيه يا أخي اللي الإعلان بتاعها قطعته في البحرين لما شفته جوه الجامع لأن كان فيه واحده مُدرسة اسمها معلمة الأجيال ، شعرها باين ، وفتحة سدرها باينه ، ومن تحت الركبة باين ؛ هوه ده صناع الحياة يا أخي ، الله لا يبارك ليكم في صناع الحياة إن لم تصنعوها على الإسلام ، وأنا قلت الكلام ده وردت عليه الأخت المسئولة هنا من البحرين وقلت لها الكلام ده في التليفون ، فقالت لي جزاك الله كل خير وأنا والله مكنت واخده بالي من هذا الأمر عموما شكر الله لك يا أخ وجدي وحنبقه ناخد بالنا من الموضوع ده )).
وأظن أنه يتضح للقارئ اللبيب عدم موضوعية وإنصاف الشيخ وجدي غنيم في حديثه عن البرنامج ؛ فالشيخ هنا أيضا وللمرة الثالثة يختزل نجاح البرنامج ، وتأثيره الذي شاهده الكل – لا أقول بعواطف جياشة ملأت قلوب مستمعيه – بل بحركة واسعة النطاق وسط القرى والمدن والمحافظات بل والبلدان والدول ؛ لجمع الملابس للفقراء ، ومحو أمية البسطاء ، وزراعة أسطح المنازل وتجميل الشوارع والأحياء ، بالإضافة إلي حملات الإقلاع عن التدخين ومؤخراً حملة العلاج من الإدمان ، إلى آخر هذه المشاريع والحملات ..
كل هذا اختزله الشيخ في صورة وجدها معلقة في مسجد وزعم مبالغاً بأن داخل هذه الصورة :
واحده مُدرسة اسمها معلمة الأجيال ، شعرها باين ، وفتحة صدرها باينه ، ومن تحت الركبة باين
وقد قلتُ أن الشيخ زعم هذا مبالغاً لأنه لا يعقل أبداً أن مُدرسة سوف تعلم الناس كتاب الله وسنة نبيه سوف تصور نفسها بهذه الإغراءات ؛ بل والأدهى والأَمَرُ أنه قال أن هذه الصورة كانت داخل مسجد ..!! .
وهل كل من كان في المسجد عميان ولم يشاهدوا هذه الصورة !!.
لكن رداً على عموم ما قاله هو أقول :
الأستاذ عمرو خالد بريء من هذه الفرية التي ألصقها به ؛ فهو يدعو العاملين في أنشطته إلي الالتزام بتعاليم الإسلام قبل غيرهم ؛ ناهيك أن الأستاذ عمرو خالد الآن بعيد تمام البعد عمّا يحدث داخل جمعيات صناع الحياة ، فما هو إلا مؤسس لفكرة أخذها الناس وطبقوها وليس هو المسئول المباشر عن عمل كل فرد من أفرادها ، وحتى إن كان هو المسئول عنها فمن الطبيعي أنه يتبرأ من كل خلل يخالف دين الله ، وأخطاء الأفراد – مهما كبرت – لا تجعنا نحكم على المشروع ككل بأنه سيئ ، ولكن – بالطبع - ندين الخطأ ونتبرأ منه .
والحمد لله أن الأخت المسئولة عن صناع الحياة بالبحرين اعتذرت للشيخ ووعدته بتدارك الأمر ، فلا أدري علام التشهير بشيء تم التراجع عنه وإلصاقه بمن هو برئ منه ؟!!
يتبع الجزء الثاني من الرد بإذن الله