عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 09-03-2010, 06:18 PM
 
الرد على ما قاله الشيخ أبو إسحاق الحويني عن الداعية عمرو خالد

الجزء الخامس من الرد على ما قاله الشيخ أبو إسحاق الحويني عن الداعية عمرو خالد


الخطأ السادس : نقل الكلام مشوهاً .

@ يقول الشيخ أنه لما كان في دولة الإمارات سمع الأستاذ عمرو خالد في محاضرة له دعا فيها الممثلين لتقديم القيم الفنية في أعمالهم السينمائية والدرامية فقال :


هوه بس قاعد في وسط الفنانين والفنانات يقول : انتو تفضلوا زي مانتو بس تقدمولنا القيم بنت بتحب ولد ، فتقوم البنت دي تحب ولد تاني بدون علم الأولاني ، وتقولك أنا كده مبخونش ، ده البنت بتقول ، هوه لما ذكر المثال ده لم يتعرض له ، قال يعني إيه مثلا هما بيقولوا كده لكن إحنا عايزين الوفاء قيمة أخري ، طب الوفاء بين ولد وبنت كيف يكون ؟ .



وأقول - وأكرر ما سبق قوله - الشيخ في كلامه لم يعتمد على الأسلوب العلمي في نقل الأخبار ، وهذا من المستغرب عليه ، وهو من ذوي السهم النافذ في الإسناد .. وبعيدا عن ذلك ..

أقول : لقد استمعت إلى المحاضرة المشار إليها ، وما أستطيع قوله أن الشيخ - غفر الله له - قد نقل الكلام مشوهاً ، فالأستاذ عمرو خالد حينما ذكر مثال البنت والولد إنما كان يقصد السخرية من الفن القائم الآن ، وكان هذا واضحاً جداً في أسلوبه ؛ خاصة أن الأستاذ عمرو خالد من المتشددين في مسألة العلاقات العاطفية .. ولقد سمعته أكثر من مرة في محاضراته يستنكر هذا النوع من العلاقات لأنه - على حد تعبيره – غير شرعي ولا ينتج عنه زواج في أغلب الأحيان ، فكيف ينسب له بعد ذلك هذا الكلام ؟؟



الفن الذي ندعوا إليه



والأستاذ إنما قصد بقوله ( عايزين فن نابع من بيئتنا ) أن يكون الفن هادف ومحترم ونابع من ثقافتنا الإسلامية وهذا أمر ليس بجديد في ديننا ، إذْ أن الحضارة الإسلامية في عصور الخلافة الراشدة والأموية والعباسية والعثمانية كانت قائمة على الفنون مثل فنون الأدب والشعر والعمارة والنحت والغناء الهادف ..

وقد اتسم الفنان المسلم بأسلوب منفرد عن بقية فناني العالم .. وهو ما جعل الفن الإسلامي فناً منفرداً متميزاً ، غير مقلدٍ ، ولا معتمدٍ على فنون من بيئات أخرى ..

والأستاذ عمرو خالد حينما دعي الفنانين عموما إلى مواصلة العطاء الفني ، فإنه أراد بذلك ألا تكون الساحة الفنية خالية من الملتزمين والملتزمات ، فإن الفن قائم شئنا أم أبينا ، ومن الذكاء أن تكون فيه نماذج تكون نواة للتغيير والإصلاح ، لأن التغيير لن يأتي من الخارج وإنما سيأتي من الداخل ، ( وهذا من فقه ما عمت به البلوى ) ..

والفنان الملتزم يعطي قيمة القدوة لدى المشاهد المسلم ..

والمسلسلات الدينية مليئة بنماذج من فنانين ملتزمين قدموا معنى القدوة الحقيقية ، وبسبب هؤلاء وغيرهم أصبحت هناك صحوة إسلامية في مجالات عديدة ، ومن أمثلة الأعمال الفنية الجادة والهادفة والتي كان ولازال لها تأثير على الكبير والصغير مسلسل " عياش " الذي جُسدت فيه شخصية المجاهد البطل المهندس يحيي عياش رحمه الله .. ومسلسل " عزازيل " الذي قدمته قناة فور شباب(1) وكان المسلسل يناقش وسائل الشيطان في التفريق بين الناس وكيفية إغوائهم وكيفية رد كيده ..

كما أن الفن الإسلامي لم يقتصر على المسلسلات وفقط بل تطرق إلى الأفلام أيضا ومنها فيلم " عمر المختار " الذي جسد فيه شخصية المجاهد المناضل عمر المختار رحمه الله ورغم قِدم هذا الفيلم إلا وأنه مازال له تأثيره على الناس ، خاصة الذي لم يعرفوا من هو عمر المختار إلا من هذا الفيلم .. ولا أنسى فيلم " عماد عقل " الذي جسدت فيه شخصية المجاهد الفلسطيني عماد عقل رحمه الله .. وفيلم " الرسالة " الذي قُدمت فيه سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم... وغير هذه الأعمال الكثير والكثير ..



فالمقصد من كل هذا ألا نترك الساحة الفنية خالية للعاهرات ثم ندعو الله أن يغير الفساد القائم في قنوات الإعلام ولكن الأجدى أن نزرع نماذج تكون نواة للإصلاح تقدم فناً إسلامياً هادفاً لا يقتصر على الجانب الديني والروحاني وفقط ، بل يمتد إلي مناقشة القضايا الاجتماعية والأُسرية بسمت الإسلام ، وأحسب أن هذا ما تقدمه الآن قناة " العفاسي " (2) في المشاكل الاجتماعية التي تعرضها من الحين إلى الآخر على هيئة مشاهد تمثيلية تختم بحلول من القرآن أو السنة النبوية ، بالإضافة إلى الأعمال الإنشادية الجميلة التي تعرضها .



حكم التمثيل

إذا قلنا أن التمثيل هو : تقليد أو حكاية لشخصيات ذات أحداث وقعت ، أو أحداث متخيّلة في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، وهو أسلوب للتثقيف والترفيه ، هل سيكون حينها التمثيل حلال أم حرام ؟!

يقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

القيام بالتمثيليات اختلف فيه علماء عصرنا ، فمنهم من يقول : أنه لا يجوز القيام بالتمثيليات إطلاقاً وعللوا قولهم هذا بأن التمثيلية كذب ، لأن الرجل الذي يقوم بدور فلان مثلاً ليس هو فلاناً وحينئذٍ يكون كاذباً في دعواه لأن الكذب ما كان خلاف الحقيقة.

وقال بعض أهل العلم : إنه لا بأس بالتمثيليات ، وأنه ليس فيها الكذب ، وذلك لأن الكذب هو الإخبار بخلاف الحقيقة والواقع ، وهذا الرجل ممثل ، وهو لا يقول : إنني فلان نفسه ، ولكنه يقول : أنا أمثل فلاناً ، أي أفعل فعلاً يشبه فعل فلان ، وهذا واقع وحقيقة ، والحاضرون يعلمون كلهم أنه هذا هو المراد بالتمثيلية بخلاف من جاء إليك في بيتك ودق الباب وقال أنه فلان وهو يكذب ، هذا هو الكذب ، أما رجل يقوم بدور إنسان آخر ، فإنه لم يكذب وليس يدعي أنه هو نفسه ، فبناء على هذا لا يكون في المسألة كذب .

ولكن إذا اشتملت التمثيلية على شيء محرم كأن يستلزم تنقص ذوي الفضل فإنها لا تجوز ، وعلى هذا فأرى أن الصحابة رضي الله عنهم لا يمثلون ولا سيما الخلفاء الراشدون منهم.

كذلك إذ تضمنت شيئاً محرماً كما لو قام فيها الرجل بدور المرأة أو المرأة بدور الرجل ، لأن هذا من باب التشبه ، وقد لعن النبي عليه الصلاة والسلام المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.

كذلك إذا اشتملت على محاكاة البهائم والحيوان فإن هذا لم يرد في القرآن والسنة إلا في مقام الذَّم قال الله عز وجل : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [الأعراف: 176] .

فالمقام هنا مقام ذم ، وقال تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا } [الجمعة: 5] هذا مقام ذم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه "فإذا اشتملت التمثيلية على محرم صارت حراماً من هذا الوجه لا لأنها كذب.



ضوابط التمثيل

وكما اتضح لكم من كلام فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثمين أن التمثيل مباح غير أنه يشترط فيه عدة ضوابط حتى لا يخرج الحكم عليه من الإباحة إلى الكراهة أو يتعداها إلى الحرمة ومن هذه الشروط والضوابط الآتي :



أولاً : ضوابط خاصة بالمضمون كأن يكون الموضوع الذي يدور حوله التمثيل صحيحاً لا يزيف التاريخ ولا يقلب الحقائق ، ولا يدعو إلى الرذيلة ، ولا يحرم حلالاً أو يحل حراماً .. كل ذلك لا بد أن يكون في هذا المضمون الذي يقوم به الطلاب أو غيرهم.



ثانياً : ضوابط خاصة بطريقة طريقة الأداء ؛ فقد يكون المضمون صحيحاً ولكن طريقة الأداء تخرجه من الإباحة إلى الحرمة ، كأن تقوم بالأداء امرأة " متبرجة " ، أو تكون المشاهد مثيرة للغرائز ، حتى لو كان السياق يقول : إن هذه المشاهد تحدث بين الرجل وزوجته ؛ فهذه أشياء لا يجوز أن يراها أحد أو يطلع عليها عامة الناس ، أو يكون في التمثيل ما يدعو إلى الحث على العنف ، أو يخالف ثابتاً من ثوابت الشرع ، أو يدعو إلى شيء يخالف تقاليدنا وأعرافنا المستقرة المستمدة من الشرع .



ثالثاً : ضوابط خاصة بالإنتاج ؛ حيث يكون هناك إسراف وبذخ في الإنفاق على التمثيل بكافة صوره في الوقت الذي لا يجد الناس فيه القوت ، ولا ما يكفي ضرورات معيشتهم أو حاجياتها .



رابعاً : ضابط خاص بالمُشاهد : وهو ألا تصرفه هذه المشاهدة عن القيام بواجباته سواء حق الله تعالى أو حق نفسه أو أهله أو مجتمعه.

وهذا هو الفن الذي يدعو إليه عمرو خالد وإخوانه من الدعاة والعلماء .

تابع الجزء السادس من الرد على الشيخ أبو إسحاق الحويني
__________________
عاهدت أحبتي ما دمت حيا....
اني على وفائهم سأبقى....
ولو باعتنا الليالي دهورا....
فحبي لهم في الله يرقى....
اجوب لهم ذكريات اخاء....
وما مثل اخائهم يوما سألقى....