استراحة الخيرات الرمضانية (24)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
سيدنا محمد خاتم الانبياء والمرسلين وبعد :
ها هو رمضان يهل علينا ويظلنا بظله فيا سعد من خرج منه فائزا
غانما ويا تعس من ضيعه واتخذه للتسلية والمسلسلات والسهر
والترويح عن النفس ... رمضان عندنا هو صيام وقيام وصلة
ارحام ، رمضان عندنا هو رحمة بالمسكين وانفاق باليمين
واحساس بكل المسلمين... هذه استراحتنا في رمضان اية
وخاطرة ومشاركة ...
وقفة مع اية
لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ
فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ
يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
سورة البقرة الاية 272
هنا يؤكد رب العالمين علينا مرتين : عندما ننفق ننفق لانفسنا فالله تعالى لن يناله شيء الا التقوى والانفاق لا يكون الا لوجه الله ، ثم عندما ننفق فان الله تعهد باعادة خيره لنا وفي ذلك اقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما نقص مال من صدقة. اللهم اجعلنا من المنفقين في سبيلك ، اللهم اجعلنا من المنفقين في السراء والضراء ، واجعل شمالنا لا تدري بما انفقت يميننا في سبيلك. لكل يوم خاطرة
في هذه الدنيا احب امي وابي ، احب ابني وزوجتي ، احب اخوتي وزملائي ، احب اخوتي المسلمين والمجاهدين في كل مكان: لكل هؤلاء دعوة في ظهر الغيب بارك الله بكم وتقبل منكم عملكم وجعلكم مخلصين لوجهه الكريم... على رفوف مكتبتي
الكتاب : رياحيين القلوب
دار النشر : نور المكتبات والبشائر الاسلامية
الوصف : من نحبهم في 127 صفحة من القطع الصغير
اكرمنا الله في هذه الحياة بنعم عظيمة لا تعد ولا تحصى لتكون راحة لقلوبنا وسعادة لنفوسنا تزرع البهجة والسرور وتثير المحبة وانشراح الصدور، ومن اجل هذه النعم بعد نعمة الايمان ما يحيط بنا من اهل وابناء وخلان هم ريياحين القلوب وفلذات الاكباد وسلوان الكروب والاحزان. المسلمون في المانيا
الخوف.. والانزعاج.. وانعدام الثقة.. تلك هي ردود الفعل التي انتشرت بين المسلمين في الأيام التالية للتفجيرات في الولايات المتحدة الأمريكية. وتلك هي الكلمات التي كانت تتحدّث بها إحدى الطالبات المتحجبات عن تجربتها الشخصية بتوازن وهدوء، أمام زملائها الألمان غير المسلمين في لقاء نظمه عدد من الطلبة المسلمين من جنسيات وكليات مختلفة في جامعة بون في ألمانيا، ودعوا فيه إلى الحوار حول أوضاع المسلمين في المجتمع الألماني. قبل هذا اللقاء بيوم واحد، كانت رابطة الطلاب المسلمين في جامعة كولونيا -القريبة من مدينة بون- قد نظمت محاضرة مشابهة لمناقشة آثار ما حدث يوم 11-9 -2001م على حياة المسلمين في ألمانيا. وتأتي هذه المحاضرات كحلقة في سلسلة من النشاطات المختلفة التي يقوم بها حاليًا بعض المسلمين الناشطين في ميادين الحوار مع فئات مختلفة من المجتمع الألماني؛ لمخاطبة الناس وتوعيتهم بحقيقة الدين الإسلامي وواقع المسلمين وقضاياهم؛ فإلى جانب ما انتشر من مخاوف، ومن مشاعر عدم الارتياح إزاء المسلمين منذ التفجيرات، يلاحظ ظهور رغبة كبيرة داخل المجتمعات الغربية لمعرفة المزيد عن الإسلام والمسلمين. تحاول وسائل الإعلام تغطية رغبة الجمهور في معرفة المزيد
عن المسلمين بتقديم عدد كبير من المقالات حول الإسلام
والعالم الإسلامي، لكن يبقى معظم هذه المقالات سطحيا
وبمضمون يشوّه صورة الإسلام والمسلمين غالبا. كما يشكل
مصدر إضرار بهم، دون أن يساهم في نشر مفاهيم وتصوّرات
أفضل عنهم.
ويزيد من حجم التشويه الضجة الإعلامية التي تثار بشأن بعض المنظمات الإسلامية، مثل (الخلافة الإسلامية) التركية التي تم إغلاق مقراتها مؤخرا في ألمانيا وحظر نشاطها. ومن جهة أخرى، يلاحظ أنه رغم الاستعانة "بخبراء غير مسلمين" للكلام عن قضايا المسلمين ولتفسير ما يحدث في العالم الإسلامي أو التعليق عليه، فقد ازداد الاهتمام بتقديم وجهة نظر المسلمين أيضًا، والاستعانة بالمسلمين المقيمين في ألمانيا لإبراز قضاياهم ومواقفهم!!. وتسعى وسائل الإعلام للتمييز بين من يطلق عليهم وصف
"مسلمين معتدلين" من جهة، ووصف "مسلمين أصوليين"
أو "متطرفين" أو "ذوي القابلية لممارسة العنف" من جهة
أخرى. وهذا ما ينعكس في الموقف الحالي لدى المسؤولين
السياسيين في ألمانيا؛ إذ يؤكدون من جانبهم أن دين الإسلام
ذاته جدير بالاحترام، وأن الحرب ضد الإرهاب ليست حربًا ضد
الإسلام!
من ناحية أخرى، يتمسك الإعلام الألماني بحبل واحد فيما يتعلق بتقديم الأخبار حول "الحرب ضد الإرهاب" والضربات التي تشنها الولايات المتحدة على أفغانستان. فهو يتبنى-دون تمحيص أو نقد- تقديم العرض والتفسير الرسمي الأمريكي لمجرى الأحداث، بما في ذلك استخدام مصطلحات وتعابير خطيرة دون تمييز، مثل "الحرب ضد الإرهاب"، وتقديم مفاهيم مشوهة متضمنة لمعانٍ عدوانية، مثل وصف المسلمين بـ"جنود الرب"، أو الحديث عن ضرورة "الدفاع عن الحضارة الغربية"، أو تعبير "النائمين"؛ بمعنى الأفراد الذين لا يلفتون الأنظار إليهم ولكن سبق إعدادهم للقيام فجأة بعمل إرهابي. وهكذا يؤدي استخدام هذه التعابير بصورة مستمرة -مع ضعف
عرض حقيقة الأحداث الجارية، وتبني وجهة نظر إعلامية
ضمن نسق واتجاه معين- إلى ترسيخ مشاعر الخوف والخطر
وعدم الشعور بالأمن حيال المسلمين. وهذا ما يؤدي بالضرورة
أيضًا إلى نشر نوع من الكراهية والارتباك في العلاقات معهم.
ويفاقم الخطر ويزيد مشاعر الخوف تجاه المسلمين المقيمين في ألمانيا أيضا أسلوب تعامل أجهزة الأمن الألمانية مع موضوع "الإرهاب". وقد اتضح ذلك مثلاً في اللقاء الخريفي للمخابرات الألمانية الذي عقد في بداية نوفمبر 2001 تحت عنوان: "تحديات الإرهاب الإسلامي للمجتمع الدولي"؛ إذ أكّد رئيس المخابرات الألمانية الاتحادية "كاونديا" وغيره أن احتمال "أن يشن إرهابيون إسلاميون في ألمانيا ضربة عدوانية" على الدولة وارد وقريب جداً. وفي هذا الإطار، ناقش الخبراء من أجهزة الأمن والاستخبارات
مواضيع، مثل: منظمة القاعدة، وعدد نشطائها، ومدى انتشار
خلايا إرهابية إسلامية في ألمانيا. ثم طُرح السؤال حول إمكانية
حدوث ردود فعل عنيفة من قِبل أتباع بن لادن داخل ألمانيا،
في حالة اعتقاله أو اغتياله.
هذا التأكيد -أن ألمانيا يمكن أن تكون هدفاً لضربات إرهابية
"إسلامية"- لا يرتكز إلى براهين محددة؛ وإنما يعتمد على
تكهّنات وتخمينات. بينما لا يستطيع "الخبراء" الجواب عن
أسئلة محددة، مثل: عدد الإرهابيين الموجودين على الأراضي
الألمانية، أو الأماكن التي يمكن أن تتعرض لضربات إرهابية،
وما الذي يمكن أن يسببها. بل تؤكد أجهزة الأمن في مناسبات
عديدة أنه من الصعب جداً -بل إنها غير قادرة إطلاقا- على
تسليط الضوء على التنظيمات أو المجموعات الإسلامية داخل
ألمانيا؛ وهو ما يعني عدم وجود "أدلة" على ذلك.
ويعاني المسلمون حالياً أكثر من سواهم عجز أجهزة الأمن الألمانية عن تقدير الأمور التي تتعلق بالمسلمين بصورة قويمة، إضافة إلى طريقة عمل الخبراء ورجال الأمن المبنية على تخمينات وتعليمات من أجهزة الأمن الأمريكي. فمن ناحية تشكل الإجراءات الأمنية غير المتوازنة ضد العديد من المسلمين -مثل "التحقيقات الجماعية المنظمة" التي لجأت إليها السلطات لمحاربة ما تسميه "هيكلية الإرهاب" داخل ألمانيا- انتهاكات واضحة غير مسبوقة للحقوق الشخصية والمدنية الراسخة في الدستور الألماني. ومن ناحية أخرى، فإن عملية تشديد السياسة الداخلية والأمنية الألمانية في إقرار إجراءات وقوانين جديدة لمكافحة الإرهاب تشكل إضرارا كبيرا بحياة العرب والمسلمين في هذه الدولة، وتضعهم في موقف حرج. ونتيجة لما سبق، يقع حاليًا العديد من الأبرياء في شراك شبكة
المحققين دون تهمة واضحة، وقد صرح المجلس الأعلى
للمسلمين في ألمانيا بأن العديد من العائلات المسلمة قد
توجهت إليهم بشكاوى حول اقتحام بيوتهم في الليل واعتقال
بعضهم لعدة أيام دون سبب، أو دون ذكر أي تهم ثابتة ضدهم.
وتشكل هذه الممارسات سابقة في تاريخ الإجراءات الأمنية
الألمانية.
كذلك يدين المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أسلوب التحقيق الجماعي المنظم ومعاييره؛ لأنه يؤدي إلى إيقاع ظلم بالمسلمين والعرب خصيصا. وحسب اتفاق توصل إليه وزراء داخلية الولايات الألمانية في اجتماع لهم، كان هذا هو الأسلوب المعتمد للبحث عن "إرهابيين إسلاميين" على الأراضي الألمانية، أو كما صرحت وزارة الداخلية الألمانية في برلين، هو أسلوب يتبع بهدف العثور على من أطلق عليهم "النائمون". ولكنّ السؤال المهمّ هنا هو: من يشكل (الآن) هدفا للتحقيقات؟
وكيف باتت تشمل بالضرورة أناسا أبرياء؟ ففي مدينة
"دارم شتادت" الألمانية مثلا، قام مركز الشرطة الجنائية لولاية
"هِسن" بالطلب إلى جميع الجامعات بتزويده بكل المعلومات
المتوفرة عن الطلاب الذين يدرسون أي مواد فنية أو علمية،
وعن تحديد أصولهم من البلدان الإسلامية.
وتكرر ذلك في جامعات أخرى، حيث ركّزت عملية التحقيق على
طلاب عرب أو مسلمين، ومن تتراوح أعمارهم بين 19-
40 عاما، فأصبح هؤلاء الطلاب يشعرون بوطأة هذه الإجراءات
عليهم. وحسب تصريح مجلس الطلبة في جامعة برلين مثلاً،
فإن الطلاب العرب أو ذوي الملامح العربية أصبحوا يشكون من
عدم الحصول على عمل إلى جانب الدراسة، ويشعرون بالتمييز
ضدهم، ويفتقدون الإحساس بالأمن.
ولذلك يعارض بعض مجالس الطلاب إجراءات السلطات، وتحذّر
الجامعات من المشاركة في "العمليات القائمة على دوافع
عنصرية"، كتلك التي تقوم بها مراكز الشرطة والاستخبارات.
ويفسر أستاذ الحقوق في جامعة "دارم شتادت" -روفيسور "بودليش"- هذه الإجراءات بأنها محاولة من جانب الدولة لإثبات أنها "قادرة على التصرف في جو فوضوي". لكن هذه المحاولة لتهدئة الأجواء باللجوء إلى التحقيق الجماعي تؤدي -كما يقول- إلى اتهام جماعي للأجانب. ومن الملاحظ أن الطلاب المسلمين يشعرون بالحيرة حيال هذه
الإجراءات، وهم يعبرون عن مخاوفهم بصورة تظهر أيضًا عدم
قدرتهم على التصرف؛ فكثير منهم مقيم في ألمانيا بنية الدراسة
فقط، ولا يريد سوى الحصول على الشهادة الجامعية، فلا يعرف
شيئا عن "حقوقه" في البلد المضيف .
على صعيد آخر، تتعقد حياة المسلمين في ألمانيا بسبب مشاريع القوانين الجديدة التي قدمها وزير الداخلية الألماني "أوتو شيلي" بعد الضربات على الولايات المتحدة وأقرتها الحكومة، وحولتها إلى المجلس النيابي للمناقشة والتصويت النهائي عليها. وتذكر الحكومة هدفين ترغب في تحقيقهما من خلال "قوانين مكافحة الإرهاب العالمي"، وهما: منع دخول "مجرمين إرهابيين إلى ألمانيا"، واكتشاف من يوجد من "متطرفين مقيمين داخل ألمانيا وقمع نشاطاتهم". ومن هذه القوانين: قام المسؤولون بتشديد قانون الجمعيات؛ بحيث ألغيت فيه
الميزات المخصصة في الأصل لأتباع الديانات المختلفة.
يُذكر أن هؤلاء كانت لديهم حقوق أوسع، تحمي جمعياتهم
وتحترم ضرورة وجودها، وتضمن عدم إلغائها بقرار إداري.
وتفسر الحكومة هذا التعديل -من خلال الإشارة- إلى أنه
يستهدف منع "الأصوليين ذوي الدوافع الدينية" من التحريض
لارتكاب جرائم ما، أو التخطيط لهجمات إرهابية تحت "ستار
" الجمعيات الدينية. ولا تستنكف السلطات المسؤولة عن أن
تصرّح بوضوح أن هذا التغيير يستهدف بالذات "التجمعات
الأصولية-الإسلامية" التي لا تعارض استخدام القوة ضد
أصحاب آراء أخرى لفرض اعتقاداتها على الناس.
قامت أجهزة التشريع الألمانية بتغيير قانون العقوبات، بحيث
تبيح من خلاله ملاحقة عمليات إرهابية ارتُكبت خارج الدولة.
والجدير بالذكر، أن القوانين قبل هذا التعديل كانت تعاقب فقط
على تأسيس جمعيات إجرامية أو إرهابية لها تنظيم داخل حدود
ألمانيا. أما بعد التعديل القانوني الجديد، فإنه يمكن أيضًا
ملاحقة من يقيم في ألمانيا ويدعم بطريقة ما حركة تعتبر
إرهابية في دولة أخرى.
توسيع صلاحيات "هيئة حماية الدستور" (المخابرات الاتحادية) ومنحها صلاحيات غير عادية، مثل: حق جمع معلومات من المصارف المالية، وشركات الاتصال، وشركات الطيران؛ بغرض مراقبة أشخاص أو نشاطات إرهابية. يسعى المسؤولون الألمان إلى تغيير قوانين اللجوء والأجانب،
بحيث يمكن معها منع الأشخاص الذين يرتكبون "نشاطات
إرهابية أو شاملة للعنف" أو يشجعونها من الحصول -
بعد إقرار القوانين الجديدة- على تأشيرات دخول أو إقامة. وهنا
يكفي لمنع دخول هؤلاء إلى ألمانيا ثبوت رغبة الشخص في
إحداث خلل في النظام الديمقراطي الحر أو تعريض الأمن
الداخلي للخطر.
كما أن ثبوت هذه الاتهامات على الأجانب المقيمين في ألمانيا
يمكّن من "ترحيلهم" إلى دولة أخرى، وإلغاء تأشيرات إقامتهم.
وتمرّ هذه التعديلات القانونية الجديدة حاليا على القنوات
التشريعية تمهيداً لإقرارها بشكل رسمي، وهو أمر شبه مؤكّد.
فالاعتراضات عليها داخل نطاق الأحزاب التي تريد "مزيدا من
التشديد" أوسع من تلك التي تعترض عليها بسبب الخوف من
مساسها بالحقوق الشخصية للمواطن الألماني.
ولا بد من متابعة "الكيفية التطبيقية" لتلك القوانين المتشددة؛
لبحث أثرها الفعلي على حياة المسلمين في ألمانيا. والأسئلة
المطروحة عديدة؛ إذ ما هو مضمون المصطلحات المستخدمة
في هذه القوانين بالتحديد، ومن سيتولى تفسيرها؟ هل ستقوم
السلطات في المستقبل بمنع جمعيات إسلامية على اعتبارها
"حاضناً" لمن تتهمهم المخابرات بالتطرف أو الإرهاب؟
أو هل تكون الملاحقة بسبب وجود بعض الأعضاء الذين
يتبنون، وينشرون آراء معادية لفكرة الديمقراطية الغربية؟
وهل ستغلق بعض المساجد مثلاً بسبب دعوة الإمام أو أحد
المصلين للجهاد ضد أعداء الإسلام على أساس كونها
"تجمعات أصولية إسلامية لا تمانع من استخدام القوة لفرض
اعتقاداتها"؟ وما هي المقاييس التي سوف تعتمد عليها
السلطات في تحديد "الحركات الإرهابية" في دول أخرى، والتي
يمنع القانون الألماني دعمها؟ وبالمقابل ما هي الحركات
المشروعة التي يُسمح بمساعدتها؟ كل هذه الأسئلة وأمثالها
يبقى مفتوحا ويفرض ضرورة متابعة احتمالات تفعيلها في
المستقبل.
ونظرا إلى ذلك يقوم حاليًا عدد من الجهات والمؤسسات بالاعتراض على بعض هذه القوانين الجديدة وإدانتها. ولو كان وزير الداخلية الألماني نفسه المحامي المتحمس الذي كان في الماضي يدافع عن "إرهابيين ألمان" لا يزال على حماسه ودفاعه عن الحقوق الشخصية؛ فمن المؤكد أنه كان سيعترض على الإجراءات بنفس العبارات التي استخدمها في شبابه عندما كان يعلّق مثلا على عمليات "التنصت" على هواتف المتهمين من قبل أجهزة الأمن قائلاً: "إن هذه الطريقة تعني إفلاس الدولة الدستورية، وإن الضمانات القانونية تُنتهك بشكل منتظم". والآن تتبنى جمعيات مختلفة الآراء والتنبيهات نفسها، وتوجهها إلى الحكومة؛ فنجد أن جمعيات الدفاع عن الحقوق المدنية تتهم وزير الداخلية بأنه يستغل الضربات الإرهابية كمبرر لتكوين دولة "تسلط شامل"، وتنصح بالتعامل المنهجي الصحيح مع موضوع مكافحة الإرهاب. وتتشكل المعارضة للقوانين الأمنية من جهات عديدة مثل: رجال قانون، ومنظمات حقوق الإنسان، وفنانين ومفكرين، حتى إنه صدر لاحقاً بيان مشترك من قِبل اثنتي عشرة منظمة للحقوق المدنية تحذر فيه من "عملية انتهاك حرمات الدولة الدستورية". ونجد في وزارة العدل مؤيداً لهذه الفكرة؛ حيث تقول -في تقويم لها-: "إن مشروع القانون الجديد يشكل خطراً على الدستور الألماني". والجدير بالذكر أيضا أن منظمة العفو الدولية أصدرت تقريرًا
حول أثر الضربات الإرهابية ضد الولايات المتحدة على وضع
حقوق الإنسان في العالم، انتقدت فيه الإجراءات التي لجأت
إليها دول عديدة، ومن بينها الدول الأوروبية لمكافحة الإرهاب.
واعتبرت المنظمة أن هذه الإجراءات من شأنها أن تؤدي إلى
تهديد الحقوق المدنية والسياسية والحدّ منها؛ وحذرت في
التقرير نفسه أيضًا من الاعتداءات على العرب والمسلمين
وإدانتها.
تشكل هذه القوانين والإجراءات خطرًا وضررًا كبيرين بالنسبة
للمسلمين المقيمين في ألمانيا وفي دول أوروبية أخرى، خاصةً
مع اعتبار أن أجهزة الدعاية الأمريكية تمكنت من فرض
منظورها وتفسيرها للأحداث على عقول كثير من الناس؛
فلا يوجد من الأصل تشكيك في أن الجهة الوحيدة المسؤولة
عن تدبير وتنفيذ العمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة هي
منظمة "القاعدة" وأتباعها "الإسلاميون". وأصبحت مكافحة
الإرهاب تعني تلقائيا مراقبة وملاحقة "إرهابيين أو متطرفين
إسلاميين".
ونظراً إلى الانطلاق من مزاعم اختلقها المحققون الأمريكيون حول تورط طلاب عرب في ألمانيا في التخطيط للتفجيرات الأمريكية- يتّضح أنه يمكن استخدام السعي إلى اكتشاف "خلايا إرهابية متطرفة" ذريعةً لتبرير عمليات استخبارية، مثل التنصت على البيوت والهواتف واعتقال المشتبه فيهم، بما يشكل تهديدًا مباشرًا لحريات المسلمين وحقوقهم وخصوصياتهم. ومن جانب آخر، فإن الاتهامات -التي توجه إلى المسلمين
والتحذير المتكرر من "الأصوليين" أو "المتطرفين" المنتشرين
في صفوفهم- تعكر الأجواء داخل المجتمع؛ لأنها تعزز التحيّز
ضد المسلمين وتسبّب عنصرية تنشر الاضطراب في التعايش
السلمي بين أتباع الديانات المختلفة. وبذلك يتحول الأبرياء إلى
ضحايا تحت شعار "الحرب ضد الإرهاب".
لكن رغم كل هذه السلبيات فإنه يوجد أيضًا تطور إيجابي يلمسه المسلمون في الغرب وفي ألمانيا تحديداً، وهو أن أغلبية عامة السكان تحاول الامتناع عن اتخاذ موقف معادٍ للإسلام، كما تبدي اهتمامًا متزايدًا بهذا الدين الحنيف وبأتباعه. ويحاول العديد من الناس الاتصال بالمسلمين والتعبير عن التضامن إزاءهم، ويسعون إلى تعزيز الحوار والتفاهم معهم، وهو ما يتعامل معه كثير من الطلبة المسلمين ونشطائهم الذين يمثلون في الوقت الحالي -أي الجيل الجديـد- الذين يمكن لهم أن يُحسنوا التعامل مع التحديات الجديدة. فهم يقدمون أنفسهم كجزء من المجتمع، ويخاطبون الناس على هذا الأساس؛ فيكسبون ثقتهم، ويفتحون باب التعاون لإيجاد حلول مشتركة لمستقبل التعايش السلمي في ألمانيا. المصدر : اسلام اون لاين