مضى شهر رمضان وما كأنه كان . وشهد على المسئ بالإساءة وعلى المحسن بالإحسان ، وحصل كل ما قسم له من ربح وخسران ، فيا حسرة المفرط لقد أضاع الزمان ، ويا خيبة المسوف كأنه أخذ من الموت الأمان . هذا شهركم قد انتصب لكم مودعاً وسار مسرعاً فأين البكاء لرحيله ؟ وأين الإستدراك لقليله ؟ وأين الإقتداء بفاعل الخير ودليله ؟ فوالله ما كان أطيب زمانه فى صوم وسهر . وما كان أصفى أوقاته من آفات الكدر . وما كان ألذ الإشتغال فيه بالآيات والسور . فاليت من قام بواجباته وسننه ومن إجتهد فى عمارة زمنه ومن الذى أخلص فى سره وعلنه إخوانى وأخواتى : سودت وجوهنا الزلات فمتى تبيض بالطاعات . أكثروا التضرع إلى الله فى هذه السويعات الباقيات وتوسلوا إليه سبحانه ألا يحرمنا من نبينا الشفاعة وأن يجعل التقوى لنا أربح بضاعة ولا يجعلنا فى هذا الشهر من أهل التفريط والإضاعة وأن يؤمنا الخوف والهلع يوم تقوم الساعة برحمته وجوده وكرمه وهو سبحانه أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . شهر الصيام فقد كرمت نزيلا ونويت من بعد المقام رحيلا
نبكيك يا شهر الصيام بأدمع تجرى تحكى فى الخدود ميولا
أسفاً على الأنس الذى عودتنا وصنيع فعل لا يزال جميلا
تبكى المساجد تحسراً وتأسفا إذا عطلت من أنسه تعطيلا
والنار يغلق بابها من أجله إذا أراد رب العــــــــلا تبجيلا
والمارد الشيطان فيه قد غدا عن صائميه مصفدا مغلولا
طوبى لمن صح فيه صيامه ودعا المهيمن بكرة وأصيلا