مفارقات
أ.د. صلاح الدين سلطان
المستشار الشرعي للمجلس الأعلى
للشئون الإسلامية - مملكة البحرين
عضو المجالس الفقهية فى أوربا وأمريكا والهند
مفارقات بين
رمضـان وشـوال (1)
إنني أسرُّ من القلب عندما أجد المسلمين في رمضان مقبلين على الرحمن، يملأون المساجد، ويمدون الموائد، ويكثرون البر، وأحزن عندما أراهم قد تراجعوا في شوال استجابة لأهواء النفس، ودعوات الشيطان، فاختلط الألم بالأمل، وعادتي أن أبحث عن الحل والعمل. ففي رمضان نرى إقبال عدد كبير على الصلوات في المساجد خاصة في صلاة الفجر، حتى إن بعض المساجد تكون مثل صلاة الجمعة، وفي التراويح يسارع الرجال والنساء إلى بيوت الله يلوذون بها في الليل أملا في مغفرة ذنوب الليل والنهار بل طوال العام. وفي شوال تعود المساجد الملأى خاوية تشكو إلى الله هجر المسلمين لها، وتخلو الصفوف في الفجر والعشاء من هؤلاء الزوار في رمضان، وكأنني أشعر أن المساجد تهتف فينا "أريد أن أكون سفينتكم إلى رضا ربكم والجنة، أريد أن أراكم وتضمكم أجنحتي وتظللكم مآذني وقبابي، أريد أن تعودوا إليّ فقد اشتقت إلى إقبالكم وركوعكم وسجودكم كي أشهد لكم في يوم يأتي بغتة في رمضان أو شوال أو شعبان أو ...". والحل أن نجاهد أنفسنا كي نستجيب لنداء الله "حي على الصلاة" وأن يأخذ المسلم قراره بألا ينقطع عن الصلاة إلا لعذر قاهر، لينتقل نقلة نوعية من زيارة المساجد إلى عمارتها، فإن ضعف عن ذلك فليصاحب أحد العُمَّار للمساجد ويسأله أن يتعاهده بالتذكير أو المرور عليه أو انتظاره في المسجد والسؤال عنه حتى يكون مثله من عُمَّار بيت الله، والشاعر يقول: تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح
في رمضان تكثر البرامج الدعوية في المساجد من الدروس والمحاضرات والخواطر والفتاوى، وحفظ وتجويد القرآن، وعكوف على قراءة الورد القرآني وبرامج تلفزيونية في القنوات الإسلامية وشبه الإسلامية لكبار العلماء والدعاة والقراء والمفتين. وفي شوال تندر البرامج الدينية سواء في المساجد أو القنوات التلفزيونية أو الجرائد والمجلات اليومية والأسبوعية، ويحدث جفاف في المادة العلمية التي تحيي النفوس الشاردة، والعقول الراكدة. والحل أن يُصرَّ الدعاة والأئمة على الاستمرار في برامج مخففة متنوعة حاملين شعار: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات:55)، لكي يزيلوا ما يقوم به الشيطان: (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) (الكهف:63)، فتحيا القلوب بأنوار العلم والتذكير بالدار الآخرة. فإلى ثوابت الإيمان في رمضان وطول العام، حتى نحظى برضا الرحمن