بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. الدرس الثالث و الأربعون في رحاب آية " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم " هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة و غيرهم إلى التوبة و الإنابة و إخبار بأن الله تبارك و تعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها و رجع عنها و إن كانت مهما كانت و إن كثرت و كانت مثل زبد البحر .
قوله : " إن الله يغفر الذنوب جميعا " الآية ، لما نهاهم عن القنوط أخبرهم بما يدفع ذلك و يرفعه و يجعل الرخاء مكان القنوط .
روى الطبراني من طريق الشعبي عن بشير بن شكل أنه قال : سمعت ابن مسعود يقول : إن أعظم آية في كتاب الله :" الله لا إله إلا هو الحي القيوم ".
و إن أجمع آية في القرآن بخير و شر : " إن الله يأمر بالعدل و الإحسان ".
و إن أكثر آية في القرآن فرحا في سورة الزمر: " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ".
و إن أشد آية في كتاب الله تفويضا : " و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب " . ابن كثير
و أعلم أن هذه الآية أرجأ آية في كتاب الله سبحانه لاشتمالها على أعظم بشارة ، فإنه أولا : أضاف العباد إلى نفسه لقصد تشريفهم و مزيد تبشيرهم .
ثم وصفهم بالاسراف في المعاصي و الاستكثار من الذنوب ، فالنهي عن القنوط للمذنبين غير المسرفين من باب أولى ، و بفحوى الخطاب .
ثم جاء بما لا يبقى بعده شك و لا يتخالج القلب عند سماعه ظن فقال : " إن الله يغفر الذنوب " فـالألف و اللام قد صيرت الجمع الذي دخلت عليه للجنس الذي يستلزم استغراق أفراده ، [ فهو في قوة : إن الله يغفر كل ذنب كائنا ما كان ] ، إلا ما أخرجه النص القرآني و هو الشرك :" إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ".
ثم لم يكتف بما أخبر عباده به من مغفر كل ذنب ، بل أكد ذلك بقوله : " جميعا " فيا لها من بشارة ترتاح لها قلوب المؤمنين المحسنين ظنهم بربهم الصادقين في رجائه الخالعين لثياب القنوط الرافضين لسوء الظن بمن لا يتعاظمه ذنب و لا يبخل بمغفرته و رحمته على عباده المتوجهين إليه في طلب العفو ، الملتجئين به في مغفرة ذنوبهم و ما أحسن ما علل سبحانه هذا الكلام قائلا إنه هو الغفور الرحيم ، أي : كثير المغفرة و الرحمة عظيمهما بليغهما واسعهما ، فمن أبى هذا الفضل العظيم و العطاء ، و ظن أن تقنيط عباد الله و تيئيسهم من رحمته أولى بهم مما بشرهم الله به ، فقد ركب أعظم الشطط و غلط أكبر الغلط ، فإن التبشير و عدم التقنيط الذي جاءت به مواعيد الله في كتابه العزيز الذي سلكه رسوله صلى الله عليه و سلم كما صح عنه من قوله : " يسروا و لا تعسروا، و بشروا و لا تنفروا " من تفسير الشوكاني.
تنبيه :
لا تعارض بين هذه الآية و بين قوله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء " و ذلك أن كل ذنب كائنا ما كان ما عدا الشرك بالله مغفور لمن شاء الله أن يغفر له.
من فقه الآية :
أولا : سعة رحمة الله عز و جل و عظيم لطفه .
ثانيا : قبول الله التوبة من جميع الذنوب .
ثالثا : تحريم القنوط من رحمة الله .
رابعا : إثبات الغفور و الرحيم اسمين لله عز و جل . اللهم تُب علينا يارب العالمين حتى نتوب واجعلنا من عبادك التوابين المتطهرين المستغفرين بالأسحار اللهم آمين يارب العالمين تحية طيبة وإلى لقاء
__________________ الذين ماتوا من أجل ألا يموتوا لهم .. عصافير الصباح مدى
إلى شهداء الحرية والكرامة في كل بقعه من أرض الوطن العربي
قلب وليد ستكونين دوما بالقلب ولن تغيبي إذا تم اكتشاف نقل موضوع دون ذكر كلمة منقول سيتم انذار صاحبه وإن كررها سيوقف قبل نقل أية معلومة دينية يُرجى التأكد من صحتها وذِكر مصدرها ويُرجى عند اضافة الآيات القرآنية ذِكر أرقامها وأسماء السور ، وتحري الصحيح في الأحاديث النبوية الشريفة جزاكم الله كل خير المنتدى أمانة في أيديكم فلنترقِ سويا بمنتدانا الغالي |