عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 09-09-2010, 01:48 AM
 


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

..

الدرس السادس والأربعون

من روائع القصص

سحرة فرعون




عندما أرسل الله نبيه موسى عليه السلام واخيه هارون عليه السلام إلى فرعون ما كان منه إلا انه استمر على كفره ، وأخذ يهدد نبي الله موسى عليه السلام ويتوعده بالسجن ‏والتعذيب والأذى ، ثم دعا وزيره هامان واستشاره في أمر موسى وما دعاه إليه وما رأى منه ‏فقال له : إن اتبعته فيما دعاك له تصير تعبد بعد أن كنت تعُبد ، وزين له باطله وما هو عليه من ‏طغيان وتكبر ، فخرج فرعون إلى قومه ووصف موسى عليه السلام بالساحر وانه يريد أن ‏يخرجكم من دياركم ، ثم دعا جماعته واستشارهم في امر موسى عليه السلام وما رأى ‏منه ، فأشاروا عليه أن يجمع السحرة ليبطلوا على زعمهم ما جاء به موسى لانهم ظنوا أن ما ‏جاء به من الآيات هو من قبيل السحر ، وقال الملأ من قوم فرعون أرسل في المدائن حاشرين ‏يأتوك بكل ساحر عليم ففعل فرعون ما طلبوا منه وذهب يجمع من كان ببلاده بمصر من ‏السحرة وكنت بلاد مصر في ذلك الزمان مملوءة سحرة متمكنين في سحرهم حتى اجتمع له ‏خلق كثير من السحرة وجم غفير منهم فكانوا سبعين سبعين ساحرًا وقيل أكثر من هذا ‏بكثير ، ولما اجتمعوا عند فرعون طلب منهم فرعون أن يجمعوا قواهم ويوحدوا هدفهم ‏وجهودهم ليبطلوا على زعمه سحر موسى ، وأخذ فرعون يُغريهم بالمال والمنصب وأنه ‏سيجعلهم من خاصته فيما إذا تمكنوا من موسى وغلبوه بسحرهم ‏ .


وكان موعد اللقاء يوم عيد لفرعون يجتمع فيه مع الرعية في وضح النهار من الضحى

‏ وجاء موسى عليه السلام حاملا عصاه في يده ومعه أخوه هارون في الموعد المحدد ، وكان ‏فرعون جالسًا مُستشرفا بأهبة في مجلسه مع أشراف قومه من الامراء والوزراء ومعهم ‏السحرة الذين جلبهم من كل أنحاء بلاد مصر التي كان يحكمها ، فأقبل موسى عليه السلام ‏نحو السحرة وزجرهم عن تعاطي السحر الباطل الذي فيه معارضة لآيات الله وحججه .

وارتعد السحرة من مقالته هذه وفزعوا وقال بعضهم لبعض : ‏ما هذا بقول ساحر ، ولما اصطف السحرة ووقف موسى وهارون عليهما السلام تجاههم ‏قالوا لموسى عليه السلام إما أن تلقي وأما نكون أول من القى ، وكان هذا تهكما بهم ، عند ‏ذلك سحروا عيون الناس وارهبوهم وألقوا حبالهم وعصيهم التي كانت معهم وهم يقولون : ‏بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ، وإذا بهذه الحبال والعصي يخيل للناس الحاضرين أنها حيات ‏وثعابين تتحرك وتسعى

وأمام هذا الموقف المثير المستغرب نظر نبي الله موسى عليه السلام فإذا بهذه الحبال ‏والعصي يخيل إليه أنها حيات تسعى ، فأوجس في داخل نفسه خيفة حيث خاف على الناس ‏أن يفتنوا بسحر السحرة قبل أن يلقي ما في يده ، ولكن الله سبحانه وتعالى ثبته أمام هذا ‏الجمع الزاخر من السحرة

‏ وأمره تعالى أن يلقي عصاه التي كانت في يده ، فلما ألقاها ‏عليه السلام إذا هي تنقلب إلى حية حقيقية عظيمة ذات قوائم وعنق عظيم وشكل هائل ‏مزعج ، بحيث إن الناس الذين كانوا بالقرب منها انحازوا وهربوا سراعًا وتأخروا عن مكانها ، ‏وأقبلت هذه الحية على ما ألقاه السحرة من الحبال والعصي التي خيل للناس الحاضرين ‏أنها حيات تسعى فجعلت تلقفه وتبتلعه واحدًا واحدًا وفي حركة سريعة والناس ينظرون ‏إليها متعجبين لهول ما رأوا وشاهدو أمامهم ، وأما السحرة فإنهم رأوا ما هالهم واطلعوا على ‏امر لم يكن في بالهم ولا يدخل تحت قدرتهم وتحققوا بما عندهم من العلم أن ما فعله ‏موسى عليه السلام ليس بسحر ولا شعوذة وأن ما يدعو إليه ليس زورًا ولا بهتانًا ،وكشف ‏الله تعالى عن قلوبهم غشاوة الغفلة وقذف وخلق في قلوبهم الاهتداء والإيمان ولذلك ءامنوا ‏وخروا له ساجدين وأقروا بوحدانية الله تعالى


‏ ولما رأى فرعون هؤلاء السحرة قد أعلنوا إسلامهم وإيمانهن وأشهروا ذكر موسى وهارون ‏عليهما السلام في الناس على هذه الصفة الجميلة أفزعه ذلك وبهره وأعمى بصيرته ، وكان ‏فيه كيد ومكر وخداع في الصد عن سبيل الله ، فأراد أن يستر هزيمته ويستعيد هيبته فقال ‏مخاطبًا السحرة بمكر وخداع وبحضرة الناس .
‏ ‏
ومع ذلك ثبت السحرة على الإيمان والإسلام ولم يبالوا بوعيد فرعون وتهديداته بل واجهواه ‏بكل جرأة رافضين تسلطه وهيمنته ، وآثروا الحق الذي جاء به موسى وهارون عليهما السلام على فرعون ‏وجبروته ، وآثروا الحياة الآخرة الباقية ودار النعيم الدائم على الدنيا الفانية الزائلة .‏

ونفذ فرعون الطاغية وعيده وتهديده فصلب هؤلاء السحرة الذين آمنوا برب العالمين وتابوا ‏وقطع أيديهم وأرجلهم وقتلهم ليروي غليله الحاقد دون أن يستطيع ثنيهم عن الإيمان ‏والإسلام ، فماتوا شهداء أبرار قد نالوا الدرجات العلى رضوان الله عليهم أجمعين ، فقد كانوا ‏أول الأمر سحرة فجارًا ثم صاروا بعد قتلهم ظلما شهداء بررة ، والله تعالى يعطي الفضل من ‏يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .‏



اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين
الثابتين على الحق يارب العالمين
اللهم آمين يارب العالمين

تحية طيبة
وإلى لقاء

__________________
الذين ماتوا من أجل ألا يموتوا لهم .. عصافير الصباح مدى

إلى شهداء الحرية والكرامة في كل بقعه من أرض الوطن العربي

قلب وليد ستكونين دوما بالقلب ولن تغيبي



إذا تم اكتشاف نقل موضوع دون ذكر كلمة منقول
سيتم انذار صاحبه وإن كررها سيوقف

قبل نقل أية معلومة دينية يُرجى التأكد من صحتها
وذِكر مصدرها
ويُرجى عند اضافة الآيات القرآنية ذِكر أرقامها وأسماء السور ، وتحري الصحيح في الأحاديث النبوية الشريفة
جزاكم الله كل خير

المنتدى أمانة في أيديكم
فلنترقِ سويا بمنتدانا الغالي
رد مع اقتباس