09-10-2010, 09:57 PM
|
|
صائم في سجن غزة في رائعتها للأطفال (صائم في سجن عكا) كتبت المبدعة روضة فرخ الهدهد حكاية الشيخ فرحان السعدي الحاج القسامي الثمانيني الذي حكم عليه الانجليز بالإعدام شنقا دون رحمة و لا أعذار مخففة لكبر سنه و بياض شعره و انحناء ظهره فلاقى وجه ربه جل و على صائما ليفرح بفطره و جهاده في جنات عدن هم الخالدون على درب الصيام و الجهاد، يجمعون بين الحسنات و الحسنيين من أول الصحابة البدريين الى جامع المصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي استشهد و هو صائم و قد بشر في منامه بالإفطار عند ربه هي أمة لم تكسر عزيمتها شهوات البطن و النفس و لا ظلم البشر و لا سطوة الجلاد هي دروس حية في أن الصيام و الجهاد قرناء، فمن يصبر عن حظ نفسه سيصبر مع أمر ربه و سيسهل عليه تبديل الأولى بالآخرة هو ذاته سجن عكا الذي خرجت منه جنازة الشهداء الثلاثة محمد جمجوم و فؤاد حجازي و عطا الزير فانصبت لعنات الشعب و ثورتهم على المندوب السامي و ربعه هي عكا نفسها قاهرة نابليون التي كسرته في أول هزيمة عربية له على أسوارها تتسع النفس عندما يكون عدوك سجانك و تصبح الجنبات الضيقة ملاعب واسعة و تأبى النفس أن تستكين أو تلين و شعارها سياسة أمير السجناء ابن تيمية" مايصنع أعدائي بي؟!! أنا جنتي وبستاني في صدري أنّى رحت، فهي معي لا تفارقني، أناحبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، المحبوس من حبسقلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه" يكون التاريخ مشرقا في قتال الأعداء، يصبح الجهاد فريضة و القتلى شهداء و التحرير غاية الأمنيات، و لكن كيف نكتب تاريخ الإخوة عندما يصبحون أعداء؟ كيف يتصرف السجين عندما تصبح الزنزانة بحجم مدينة و السجان أبوه و أخوه و ابن عمه؟ يراه يحاول خنقه برا و بحرا و جوا و تحت الأرض يراه يطعنه في ظهره و يساومه على جرحه و يهدم النفق فوق رأسه فلا يفهم كيف صار الدم ماءا؟!! تخرج الجثث من عتمة الأنفاق و مع ابتسامة الشهادة بقايا تعجب و استياء تنظر في عيون العرب قائلة: كنت أغفر لو أنني مت.. ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ لمأكن غازيا, لم أكن اتسلل قرب مضاربهم أو احوم وراء النجوم لم أمد يدالثمار الكروم أرض بستانهم لم أطأ لم يصح قاتلي بي: انتبه! كان يمشيمعي ثم صافحني ثم سار قليلا ولكنه في الغصون أختبأ! فجأة: ثقبتنيقشعريرة بين ضلعين.. واهتز قلبي -كفقاعة- وانفثأ وتحاملت, حتى احتملت علىساعدي فرأيت: ابن عمي الزنيم واقفا يتشفى بوجه لئيم ليست غزة عكا و لا سجنها، هي مدينة حولها العرب الى سجن كبير كل من فيها و ما فيها مذنب، من أول الطفل الى الشيخ الجليل سجن مفتوح و لكن أبوابه كلها مغلقة بأقفال الاخوة الغليظة!!! من ليس منا خائنا عميلا يكتفي بعجز القاعدين و يتناقل بفرح و اعتزاز صور أمير الغزيين يفطر مع الفقراء و الأيتام في مكان لا يشبه البيت، سقفه مفتوح للسماء و أرضه حصير، و أيديهم منصوبة للدعاء، فهل نالنا من احتسابهم شيء و نحن نفطر ما بين برد المكيف و هواء المروحة على ما لذ و طاب و أتخم؟ لا عتب على الخائن صاحب الوجه المعروف و العمالة القديمة و النذالة الممتدة و لكن ماذا عن ذنب الساكتين؟ أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟ سنفطر بعد تسع و عشرين أو ثلاثين و لكن ماذا عن الصائمين في سجن غزة؟ متى يفطرون و متى يُفك أسارهم؟ د.ديمة طارق طهبوب
|